تتعدد أسرار العلاقة التي تربط المنظمات الرياضة بالدولة. لماذا؟ هذا من بين ما أبحث فيه…لكنه ليس موضوع كتابتي لهذه السطور، التي تطغى عليها النفحة القانونية والتقنية أكثر منها السوسيواقتصادية والسياسية.. والمنظمات الرياضية هي كل الهيئات الفاعلة بشكل مباشر في المجال الرياضي كالجمعيات الرياضية والجامعات الرياضية واللجن الأولمبية والعصب الرياضية والشركات الرياضية… لكن في هذا المقال سيتمحور النقاش فقط حول المنظمات "الماكرو رياضية" الثلاثة الأولى في علاقتها بالجهاز الحكومي الوصي وذلك لدورها المحوري في تطوير المنظومة الرياضية المغربية وإلى المكانة والاهتمام الكبيرين التي تحظى بهما هذه المنظمات من طرف الإدارة. للإشارة فان هذه المنظمات الرياضية ينظمها، من الناحية القانونية ظهير الحريات العامة 1958 المنظم للجمعيات. أما على المستوى الرياضي ولخصوصية هذا القطاع، نجد أن هناك نوعا من الازدواجية في الإنتماء بالنسبة لهذه المنظمات، عضويا ومجاليا. بمعنى أنها خاضعة من الناحية القانونية للدولة التي تزاول فيها الأنشطة الرياضية، ومن ناحية أخرى إلى وصاية الاتحادات الرياضية الدولية التي تشرف على النوع الرياضي والتي تعتبر المنظمات الرياضية الوطنية امتدادا طبيعيا لها. وعدم اعتراف الإتحاد الدولي لكرة القدم بشرعية الجامعة المغربية للعبة سنة 2013 وإلغاء جمعها العام بذريعة تدخل بعض أجهزة الدولة فيه كان السبب الرئيسي وراءه هو عدم امتثال الجامعة للتوجيهات… في نونبر 2009 صادق المغرب على قانون 30.09 المنظم للتربية البدنية والرياضية. هذا القانون اعتبره العديد من الباحثين في المجال امتدادا للقانون السابق رقم 06.87المتعلق بالتربية البدنية والرياضية، ومترجما من ناحية أخرى لتوجيهات الرسالة التي وجهها جلالة الملك خلال المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، والتي عقدت في مدينة الصخيرات شهر أكتوبر 2008. الهدف الجوهري من هذا القانون بالنسبة إلي هو التوفيق بين التدابير القانونية للرياضة المغربية مع المستجدات التي تشهدها الرياضة على المستوى الدولي… وفتح المجال الرياضي أمام الفاعلين الإقتصاديين ووضع تصور جديد لمفهوم «الاحتراف»، إضافة إلى تعزيز دور الوزارة كفاعل رئيسي في الحكامة الرياضية … وبما أن وزارة الشباب والرياضة هي الجهاز الحكومي الوصي والمسؤول عن إعداد وتنفيذ السياسة الوطنية في مجال الرياضة فستأخد حصة الأسد من التحليل والنقاش خصوصا في علاقتها بالمنظمات الرياضية، متطرقا بذلك إلى اختصاصاتها ومسؤولياتها في إطار قانون 30.09 للتربية البدنية والرياضية. فبالإضافة إلى اختصاصاتها وأدوارها التقليدية المتمثلة في تقديم الاعاناتالماليةللمنظمات الرياضية ووضعأطرهارهنإشارتهموتمكينهم مناستخدامالمنشآتالتابعةلأملاكالدولةوالجماعاتالترابية. للوزارة اختصاصات قانونية أخرى تؤهلها للعب دور طلائعي في تنمية الرياضة للجميع وتنظيم رياضة المستوى العالي وتعميم القيم الرياضية الأولمبية النبيلة داخل المجتمع. فعلى مستوى الرياضة للجميع، وفي علاقتها بالجمعيات الرياضية، أعطى القانون لوزارة الشباب والرياضة صلاحية المصادقةعلىالأنظمةالأساسية للجمعيات. وما قامت به الأسبوع الماضي بإصدارها للنظام الأساسي النموذجي للجمعيات الرياضية يدخل في هذا السياق وهو تفعيل كذلك للمواد 9 و10 من قانون 30.09 للتربة البدنية والرياضية. بل وذهبت المادة 11 من القانون أبعد من ذلك حينما منحت للوزارة كامل الصلاحية في منح الاعتماد للجمعيات الرياضية من عدمه. وبالنسبة لتنظيم رياضة المستوى العالي، وفي علاقتها بالجامعات الرياضية، منح القانون للوزارة الوصية صلاحيات كبيرة تؤهلها للعب دور كبير في تنظيم الحركة الجامعية، خصوصا أن هذه الأخيرة تعيش ضبابية كبيرة هذه السنوات رغم الإنجازات المشرفة لبعض الأبطال الرياضيين العصاميين. فعندما نعرج على المادة 31 من القانون نجد أنه فيحالةارتكابالجامعةلخرق من الخروقات الرياضية أو القانونيةتكونللوزارة كامل الصلاحية فيدعوةالقضاء لحلجهازإدارةالجامعةالمعنيةواتخاذ جميع التدابير والإجراءاتاللازمةلمصلحةالنشاطالرياضيالمعني،لاسيماتعيينلجنةمؤقتةتناطبهامأموريةتوليإدارةالجامعةإلىحينانعقادالجمعالعام. ومن أجل أن تمارس الجامعات، التي أصبحت بعضها تعتبر نفسها فوق القانون، صلاحياتها وتتمتع باختصاصاتها القانونية والرياضية يجب عليها احترام المادة 25 القاضية بالحصول على التأهيل والمصادقة من طرف الوزارة الوصية وإشراك ممثل للوزارة بصفة استشارية في مكتبهاالمديري. أما على المستوى الأولمبي، فالعلاقة التي تجمع وزارة الشباب والرياضة باللجنة الوطنيةالأولمبية علاقة غير واضحة من الناحية القانونية، رغم محاولة التوضيح والتأطير من خلال المواد 40، 41، 43 و45 من قانون 30.09. لتبقى هذه اللجنة كقلعة بعيدة كل البعد عن المراقبة وكمنظمة رياضية أكبر من كل تدخل أو منح تأهيل…واكتفى هذا الأخير بضمان "إتفاق" قانوني (المادة 48) في ما يتعلق بإعدادالرياضيينالمشاركينفيالمنافساتوالتظاهراتالرياضية الدولية بتشكيلوتنظيموإدارة الوفدالرياضيالمغربيالمشاركفيهذهالمنافساتوالتظاهرات. وتقريبا نفس الأحكام المذكورة في الفقرات السابقة تجري على العلاقة التي تجمع وزارة الشباب والرياضة بالعصب الرياضية واللجنة الوطنية البارالامبية المغربية و"الشركات الرياضية". وللوزارة، حسب قانون 30.09 للتربية البدنية والرياضية، حضور كبير على مستوى التكوين الرياضي. فبالإضافة للمادة 53 المتعلقة برخص أو شواهد اعتماد إحداثمراكزالتكوينالرياضي. تأكد المادة 64 بشكل واضح على أنه لكل منيريدالقيامبتعليمالتربيةالبدنيةأوتعليمممارسة رياضةأومزاولةالتدريبأوالتكوينأوالتحكيمداخلالمؤسساتأوفيالهواء الطلقأوأنيحمل صفةمدربأوحكم وجب عليه تسلم شهادة أو دبلوم الدولة من الوزارة الوصية. وهذا شيء إيجابي رغم غياب النص التنظيمي المنظم لشروط هذه العملية وفي شق المنشآت والتجهيزات الرياضية، منح قانون 30.09 لوزارة الشباب والرياضة صلاحيات واسعة ومحورية خصوصا في ما يتعلق بإنشائها والمصادقة على تصاميمها أو توسيعها وإصلاحها. وتلعب الوزارة دورا كبيرا كذلك في تمكين الحركة الرياضية من استخدام هذه المنشآت والإستفادة منها. وهذا تعزيز لمكان الوزارة كفاعل رئيسي في المنظومة الرياضية الوطنية. كما لا يفوتني أن أوضح مسألة مهمة متعلقة بالطب الرياضي وشروط السلامة الصحية، فبالإضافة إلى مراقبتها الطبية للرياضيين المشاركين في التظاهرات الرياضية يعطي القانون للوزارة الوصية من خلال المادة 63 من قانون 30.09 الحق في منع كل من لم يحترم الضوابط الطبية، المؤطرة بالمادة 61، من المشاركة في المنافسات والتظاهرات الرياضية، بل ومنع الجامعات الرياضية المسؤولة والمعنيةمنتنظيمتظاهرات رياضية أخرى. واختصاص المراقبة الذي تتمتع به الوزارة الوصية لا يقتصر فقط على ما هو طبي بل يشمل كذلك حتى شروط صحة وسلامة ومؤهلاتالعاملين بالمؤسسات الرياضية الخاصة. بما أن المنظمات الرياضية الوطنية تعتمد بصفة رئيسية على المنحة المقدمة من طرف الوزارة الوصية فان هذه الأخيرة مطالبة بالمزيد من المراقبة على مستوى الحسابات والتقارير المالية، والتتبع على مستوى الاختيارات والتوجهات، والتقنين على مستوى القوانين الجاري بها العمل. وفي أفق تطور نظام الحكامة بين الوزارة الوصية والمنظمات الرياضة الفاعلة أحيلكم على كيفية تدبير العلاقة بين الجماعات المحلية ووزارة الداخلية، حيث أن هناك تميزا حقيقيا في طبيعة العلاقة. ونوعية هذا التميز تنبثق أساسا من كون وجود أوجه تشابه كبيرة بين التنظيم الرياضي والتدبير المحلي بالأخص في الشق المتعلق بسلطة الوصاية التي تحتاج بدورها مزيدا من النقاش.
مراد بنتوك، باحث في مجال التدبير والحكامة الرياضية