أوضحت سمية بنخلدون، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، أن المنتدى يركز في عمله المستقبلي على إيلاء أهمية قصوى للبحوث والدراسات المختصة، وصياغة رؤية للعمل النسوي بصفة عامة، وتقوية النسيج الجمعوي وتأهيل مراكز الاستماع والإرشاد الأسري، وتوسيع شبكة النسيج والعلاقات العامة، وإغناء بنك المشاريع. وبسطت سمية بنخلدون، التي أعيد انتخابها رئيسة للمنتدى في الجمع العام الوطني الأخير، استراتيجية عمل المنتدى وبعض منجزاته منذ تأسيسه سنة 2002 من خلال الحوار التالي: ما هي بطاقة تعريف منتدى الزهراء للمرأة المغربية ضمن مشهد جمعوي نسائي مغربي غني؟ منذ تأسيس منتدى الزهراء للمرأة المغربية سنة 2002 تم تحديد الرؤية والرسالة الواضحة وأمكن أن نقول باختصار: إن منتدى الزهراء للمرأة المغربية هو هيئة نسائية مركزية مستقلة ذات طابع حقوقي ثقافي تنموي تشتغل على قضايا المرأة والأسرة انطلاقا من القيم الأصيلة للمجتمع المغربي وتنفتح على التجارب النسائية العالمية، مستفيدة من إيجابياتها، وتتعاون مع جمعيات نسائية ذات أهداف مشتركة من أجل تحقيق شعار: امرأة مكرمة، أسرة متماسكة، وتنمية أصيلة. وقرر المنتدى منذ تأسيسه أن يجعل من التخطيط والبرمجة وسيلة من وسائل العمل لذلك استدعى مجموعة من الخبراء في التخطيط الاستراتيجي لتأطير أعضاء مكتبه الإداري. بعد تنظيم جمعكم العام الثاني في يوليوز الماضي، ما هو تقييمكم لأداء هيئتكم خلال مدة عملكم المنصرمة؟ المنتدى في المرحلة الماضية كان في مرحلة التأسيس، إذ أن سنة ونصف الأولى مضت في تحقيق الوجود القانوني وتوفير فضاء العمل. هذا بالإضافة إلى أننا استطعنا بحمد الله تحقيق بعض الأهداف التي سطرناها ونذكر منها: تكوين نسيج جمعوي قوي. وإنشاء مركز الزهراء لتأهيل الجمعيات النسائية. وإيجاد بنك للمشاريع النسائية يتم تصريفها عبر الجمعيات المنخرطة في النسيج. ثم البحث عن مصادر تمويل المشاريع المذكورة والقيام بدراسات ميدانية. وإيجاد بحوث علمية حول الأسرة واستثمار نتائج هذه الدراسات والبحوث برفع توصيات للهيئات المسؤولة باعتمادها، وإصدار سلسلة الزهراء (وهي مجموعة من المنشورات حول هذه البحوث الميدانية والدراسات التي يقوم بها المنتدى). وسطرنا خطوات مصاحبة لما تم ذكره، وتتجلى في تنظيم أنشطة إشعاعية ومواكبة للأحداث الوطنية والدولية ذات العلاقة بالمرأة والأسرة، وتقوية التواصل مع مختلف الهيئات بما فيها وسائل الإعلام. ولم نقتصر على الجانب الأكاديمي، بل نعتمد المقاربة الميدانية وتبين من خلال دراسة أنجزتها إحدى جمعيات النسيج (جمعية كرامة بطنجة) أن 70 في المائة من حالات العنف الأسري ناتجة عن تعاطي المخدرات والتدخين، وقدمنا نموذجا للدراسة للجهات المعنية من وزارة العدل وغيرها بغية مقاربة شمولية لمشاكل الأسرة المغربية. وبخصوص ما تم تحقيقه ضمن ما سطره المنتدى من أهداف، استطعنا تكوين نسيج جمعوي ضم في بدايته 20 جمعية ليصل الآن إلى 30 جمعية. وتمكنا من الحصول على بعض التمويلات الطفيفة لمشروع مركز الزهراء لتأهيل الجمعيات النسائية، واعتمدنا على إمكاناتنا الذاتية في تنظيم ثلاث دورات تكوينية وطنية ودورتين تكوينيتين جهويتين: وتمحورت الدورات الوطنية حول الدعم المؤسساتي للجمعيات، ودور الجمعيات في تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة، وتأهيل مراكز الاستماع. وفي مجال الدراسات والبحوث لم نبلغ بعد المستوى المطلوب. أما سلسلة الزهراء فلا يزال حلما نتمنى تحقيقه. ما موقع منتدى الزهراء من بعض الأحداث الهامة التي عرفها المغرب من قبيل: إصدار مدونة الأسرة والأحداث الإجرامية ل 16 ماي 2003 ودوليا في قضية الحجاب بفرنسا؟ بخصوص مدونة الأسرة، فمباشرة بعد الخطاب الملكي خلال افتتاح الدورة التشريعية لأكتوبر 2003 والإعلان عن الخطوط العريضة لهذا القانون سارعنا إلى تنظيم ندوة حول موضوع مدونة الأسرة في 30 أكتوبر 2003, وتم تسجيل المنتدى كأول هيئة نسائية تنظم نشاطا في الموضوع بعد افتتاح الدورة التشريعية، وحاولنا خلال هذه الندوة أن نحضر مختلف التخصصات لملامسة هذا الموضوع من كل جوانبه. هذا إلى جانب إصدارنا لبيان يثمن المبادرة، خاصة وأنها حاولت النهوض بأوضاع المرأة والأسرة عموما مع استحضار الهوية الإسلامية. وأشير إلى أن المنتدى كان مساهما في النقاش الدائر حول تعديل ما كان يسمى بمدونة الأحوال الشخصية وبلورة ما سمي بمدونة الأسرة، إذ عقدنا لقاءات مع رئيس اللجنة الاستشارية الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية وقدمنا مقترحاتنا حول تعديلات المدونة، وقد أخذ ببعضها وأولها ما يتعلق بالتسمية، إذ تم اعتماد مدونة الأسرة رفضا للنظرة التجزيئية. هذا بالإضافة إلى التعريف بمضامين المدونة عبر مختلف وسائل الإعلام. أما في ما يتعلق بالاعتداءات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء في 16 ماي 2003 فأول ما قام به المنتدى الإسراع إلى عين المكان وزيارة الجرحى في مستشفى ابن رشد وتعزية أسر الضحايا وأصدر بلاغا بالمناسبة، استنكر فيه ما وقع. وسنة بعد ذلك حاولنا المزج بين مناسبة اليوم العالمي للأسرة (15 ماي) ومناسبة ذكرى الأحداث الأليمة (16 ماي) ونظمنا قافلة تضامنية مع أسر الضحايا تحت شعار الأسرة أمان واستقرار، انطلقت من مقر المنتدى بالرباط إلى حديقة الجامعة العربية بالبيضاء، حيث كانت توجد أسر الضحايا، قدمنا لهم هدية رمزية، وعبرنا لهم عن تضامننا معهم. أما في ما يتعلق بنصرة الحجاب بفرنسا فقبل بروز ظاهرة منع الحجاب في المؤسسات التعليمية الفرنسية كان المنتدى يتلقى شكايات من نساء يطلب منهن نزع الحجاب في صورة جواز السفر أو تأشيرة السفر لمجموعة دول، ولذلك نظمنا في 13 مارس 2003 رفقة هيئات أخرى وقفة لمناصرة قضايا المرأة والأسرة في إطار الالتزام بالثوابت الحضارية. وبعد أحداث فرنسا بخصوص منع ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية، دعونا إلى تنظيم وقفة أمام قنصلية فرنسا بالرباط مع مجموعة من الهيئات، وعقدنا لقاء مع السفير الفرنسي بالمغرب، ووجهنا رسالة إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك وقمنا بخطوات من قبيل الاتصال بالبرلمان الفرنسي لتبيان موقفنا من القضية. ما هو مخططكم المستقبلي؟ أشير بداية إلى أننا في الجمع العام الأخير قمنا بتعديل في القانون الأساسي في ما يخص مدة صلاحية المكتب بإقرار أربع سنوات عوض ثلاثة. أما عن مخططنا المستقبلي، فانطلاقا من مجموعة من التوصيات، التي خرج بها الجمع العام، فقد تم التأكيد على إيلاء أهمية قصوى للبحوث والدراسات المختصة وإصدار سلسلة الزهراء، ومن خلال ذلك حاولنا وضع آفاق مستقبلية للمرحلة القادمة، منها صياغة رؤية المنتدى للعمل النسوي بصفة عامة، وتقوية النسيج الجمعوي وتأهيل مراكز الاستماع والإرشاد الأسري، وتوسيع شبكة النسيج والعلاقات العامة، وإغناء بنك المشاريع... وبعد انتخاب المكتب الإداري الجديد حاولنا تسطير برنامج للسنة الدراسية المقبلة بإذن الله. والموضوع، الذي سننظم فيه ندوة وطنية مقبلة هو المرأة الموظفة وتوزعها بين الأدوار، نظرا لما تتخبط فيه شريحة واسعة من النساء. هل يمكن إعطاء القارئ صورة عن علاقة المنتدى بالهيئات الدولية؟ حاول منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن ينجز شراكات مع مجموعة من المنظمات في العالم الإسلامي، منها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وقام بجهود تواصلية أثمرت الاتفاق المبدئي على التعاون والاتفاق على تنظيم ندوات مشتركة. ومن جهة أخرى قام وفد من المنتدى في أبريل الماضي بزيارة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بدولة قطر الشقيقة في إطار خطوة من الخطوات التواصلية، كما قام الوفد بزيارة لمركز محسن جلاوي للدراسات والأبحاث بالشارقة بالإمارات العربية لبحث إمكانية التعاون في مجال الدراسات والأبحاث في موضوع المرأة والأسرة، وهناك تعاون بين المنتدى وجمعية Karamah بواشنطن بالولايات المتحدةالأمريكية (جمعية تهتم بالمرأة المسلمة في العالم) هذه الجمعية، التي كونت لجنة للإشراف على اختيار السيدات المجتهدات في الفقه الإسلامي على المستوى العالمي.وقد تم اختيار رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية لعضوية هذه اللجنة، وهناك خطوات في بداياتها وأخرى ماتزال في مرحلة التفكير. ومن الأمور التي لا يغفلها المنتدى هو الإشارة إلى المرأة والأسرة الفلسطينية والعراقية والمرأة المضطهدة عموما سواء في بياناته أو من خلال مشاركته وتنظيمه لأشكال تعبيرية عن مناصرته لقضايا هذه الفئة. وفي خضم هذا كله لا يمكن أن ننسى قضية وحدتنا الترابية ومأساة النساء المحتجزات في مخيمات تندوف، والمنتدى يدعو دائما إلى فك أسر المحتجزين نساء ورجالا، ولا يترك فرصة مشاركة في منتدى وطني أو دولي إلا وذكر بالموضوع لإيجاد حل شامل للقضية. كلمة أخيرة دعوة إلى جميع الجمعيات المهتمة بالمرأة والأسرة لتضافر الجهود انطلاقا من ثوابتنا الحضارية والاستفادة من إيجابيات التجارب العالمية من أجل تقوية النسيج الأسري.