أثارت الولاياتالمتحدة ضجة كبيرة حول إدارة منظمة الأممالمتحدة لبرنامج النفط مقابل الغذاء، الذي تم العمل به ما بين عامي 1996و 2003 لتخصيص مبالغ للعراق من مبيعات نفطه لتغطية احتياجات إنسانية تتعلق بتأمين الغذاء والدواء للعراقيين تحت الحصار الأمريكي، وفي محاولة تستهدف الإساءة إلى الأمين العام للأمم المتحدة من جهة، ولإخفاء دور الولاياتالمتحدة ذاتها في وضع العراقيل أمام إدارة البرنامج والعراق، وهو ما جعل البرنامج لا يستجيب بشكل فوري لاحتياجات إنسانية ملحة للعراقيين لا تحتمل المماطلة والتسويف، تم تشكيل لجنة تحقيق للبحث في الاتهامات الأمريكية حول سوء التصرف في موارد البرنامج بالتواطؤ مع نظام صدام حسين، وخصص للجنة 2,2 بالمائة من رصيد المبالغ الخاصة بالبرنامج على إثر اجتياحه واحتلاله من قبل الولاياتالمتحدة للعراق في مارس 2003 وإشرافها المباشر أو بواسطة العملاء المحليين على إنتاج وتسويق النفط العراقي، وكان مطلوبا أن تثبت لجنة التحقيق ولو بشبهة فساد واحدة داخل إدارة البرنامج الأممي لإخفاء مشروعية توقيف البرنامج بعد الاحتلال في حين كان يجب أن يستمر تحت إشراف الولاياتالمتحدة لضمان حقوق العراقيين في نفط بلادهم وهم تحت هيمنة الاحتلال الأجنبي. وقد انتهى تحقيق اللجنة هذا الأسبوع حول البرنامج، الذي بلغت موارده المالية من 1996 إلى 2003 ما قيمته 46 مليار دولار بتوجيه الاتهام إلى المدير التنفيذي السابق بينون سيفان القبرصي الجنسية بأنه استغل موقعه وأسند عقد توريد لمصري يدعى فخري عبد النور يمت بقرابة إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي، الذي يدير شركة تسمى أفريكان ميدل إيست بيتروليوم قيمته580 ألف دولار وتم تحويل هذا المبلغ إلى حساب فريد نادر شقيق ليا زوجة بطرس غالي، ثم قام فريد نادر بإيداع مبلغ 481.741 دولارا نقدا في حسابات سيفان وزوجته بنيويورك، وهكذا اعتبر التقرير أن سيفان جنى بشكل غير قانوني وبالاتفاق مع المصريين فخري عبد النور وفريد نادر على مكاسب مادية شخصية في حدود 150 ألف دولار وهو ما يصر سيفان على رفضه، واتهم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بأنه يضحي به دون مبرر وكتب له أتفهم جيدا الضغوط التي تتعرض لها وهناك من يحاول تدمير سمعتك وكذلك سمعتي، لكن التضحية بي لأغراض سياسية لن ترضي أبدا منتقديك أو تساعدك أنت والمنظمة، ولم يؤكد التقرير تلقي سيفان رشاوي وإنما يعتبره قد تورط في نزاع مصالح وأثار الشكوك حول المبلغ الذي أودع في حسابه وحساب زوجته. إن ما انتهى إليه تقرير اللجنة من احتمال استغلال الرئيس التنفيذي لبرنامج النفط مقابل الغذاء للحصول على حوالي150 ألف دولار من عملية واحدة أسندها لأشخاص لهم صلة به لا تعد شيئا بالنسبة لعقود بلغت قيمتها 46 مليار دولار، وهو ما يعتبر بمثابة محاولة لصرف النظر عن حقيقة ما تم بالنسبة لأموال البرنامج، التي رغم كفايتها النسبية للأغراض المخصصة لها كان آلاف الأطفال العراقيون يموتون بسبب النقص في الغذاء أو الدواء، وهو ما يعني أن التقرير يحجب بفضيحة تافهة فضائح أكبر تم الإصرار على كتمانها لأنها ربما ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها دولة عظمى في حق شعب العراق. ولا يكفي لحجبها الاتهام الموجه للمدير السابق.