من حقوق تاريخية وطبيعية إلى حقوق مستمدة من الشرعية الدولية، ومن قرار دولي إلى آخر ومن مشروع تسوية إلى آخر ومن خارطة الطريق إلى خطة شارون ... من فلسطين كل فلسطين، إلى فلسطين الضفة والقطاع، إلى محمية في غزة. ليس مرامنا من هذا القول محاسبة مرحلة ورجال مرحلة حصادها سيطرة فلسطينية غامضة ومبهمة على قطاع غزة،بل التأكيد بان الانسحاب الإسرائيلي من غزة ليس نصرا مؤزرا للفصائل وهزيمة نكراء للإسرائيليين كما يقول البعض. فإسرائيل لم تخرج من غزة تحت وقع ضربات المقاومة بل لحسابات تخدم الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية ، وبالتالي لا داع لإيهام النفس وإيهام الشعب بأننا حققنا مبتغانا وأن النخبة السياسية -سلطة ومعارضة - حققت نصرا، نعم نحن مقبلون على مرحلة مختلفة إلا أنها مرحلة خطيرة راهنا وغامضة مستقبلا. من منطلق التحليل الواقعي - الواقعية العلمية الموضوعية وليس الواقعية القدرية فالواقعية قد تكون مدخلا لتجديد الثورة والفكر الثوري وقد توظف لتبرير الاستبداد والتسليم بالأمر الواقع - يمكن القول بأن خطة شارون بكل محاذيرها وغموضها هي في طريق صيرورتها واقعا بعد مدة قصيرة ،فما العمل ؟كنا معها او ضدها، ما العمل ؟ مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هناك فرقا بين أن يكون الفلسطينيون جميعا ضد الخطة أو مع الخطة وبين أن ينقسموا البعض مع الخطة وآخرون ضدها ولكل منهم استراتيجيته الخاصة للتعامل مع الخطة؟. ما هي آفاق المستقبل -المستقبل القريب والمستقبل البعيد -للقضية الوطنية بشكل عام بعد تنفيذ الخطة؟. استشراف مستقبل القضية الوطنية ما بعد تطبيق خطة شارون أمر يكتنفه كثير من المحاذير.لأنه في الاستشراف لا بد من التمييز ما بين استشراف مستقبل ظاهرة ما من طرف مراقب خارجي وهنا يقتصر دوره على الاستشراف أو التنبؤ بما ستؤول إليه الظاهرة دون أن يكون معنيا بالتأثير على سيرورة أو صيرورة الظاهرة،وبين استشراف الظاهرة من داخلها ،بمعنى أن يكون المستشرف معنيا بالتأثير على سيرورة وصيرورة الظاهرة ،وهنا يتداخل مفهوم الاستشراف مع التخطيط الاستراتيجي . أيضا يرتبط نجاح أو فشل استشراف المستقبل على عنصرين أساسيين:الأول توفر معطيات صحيحة وكافية عن الحاضر والماضي فكما أن الحاضر هو مستقبل الماضي فهو أيضا ماضي المستقبل ،والثاني :تحديد العوامل الأساسية المؤثرة بالظاهرة :محلية أو إقليمية او دولية ،وربط الاستشراف بما يطرأ على هذه العوامل او المحددات ،ومن المعلوم أن غالبية معطيات خطة شارون هي بيد شارون ،فهو العقل المفكر للخطة والكاتب لنصوصها والمكلف بتنفيذها ...وهذا ما يجعل عملية التحليل والتنبؤ صعبة بعض الشيء.ولكننا سنحلل الخطة من رؤية استشرافية ما دامت لم تصل لمرحلة التنفيذ. أولا: ملابسات وأسباب طرح شارون لخطته لا بد من الإشارة بداية بأن خطة شارون حتى اللحظة ليست تصورا لحل تُجمع عليه مختلف الأطراف ، بل خطة شخصية لشارون بداية قبل أن تتحول إلى خطة رسمية إسرائيلية وما بين المرحلتين جرت مفاوضات ومساومات إسرائيلية داخلية وإسرائيلية أمريكية وإسرائيلية فلسطينية غير مباشرة غيرت بعض ملامحها..إذن هي حتى الآن خطة أحادية الجانب من شارون المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة ورفضه الاعتراف بأي حقوق سياسية للشعب الفلسطيني والمؤمن بوهم النصوص التوراتية، وبالتالي يجب التعامل معها بحذر شديد ،فقد عودنا شارون على طرح عشرات التصورات والإدلاء بعديد التصريحات إما لتهدئة الوضع الإسرائيلي الداخلي أو لاستيعاب ردود فعل دولية معارضة لسياسته ضد الفلسطينيين أو ليغطى على مخططات غير معلن عنها . لهذا يمكن فهم غياب علامات الفرحة والحبور على وجوه الفلسطينيين سواء في غزة أو خارجها لفكرة إخلاء مستوطنات وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة ومناطق من شمال الضفة،وهذا عكس ما يفترض أن يكون في الأحوال العادية ،حيث يُعتبر انسحاب قوات الاحتلال من أي شبر من ارض الوطن نصرا للشعب المقاوم.فالخطة أثارت من القلق والخوف عند الفلسطينيين أكثر مما أثارت من الفرح ، فما هو السبب ؟هل الفلسطينيون استمرءوا العيش في ظل الاحتلال ؟أم لأنهم غير قادرين على إدارة شوارع وحواري غزة المدمرة والفقيرة؟أم لخوفهم أن ثمن الخروج من مستوطنات غزة هو التخلي عن كل فلسطين بما فيها القدس وحق عودة اللاجئين ؟.وما هي حقيقة الدور المصري في غزة ؟أهو وصاية جديدة ؟أم جزء من خطة سياسية مصرية رباعية لإحياء مسلسل السلام؟ وهل من الممكن تحويل الانسحاب إلى إنجاز وطني ولو محدودا؟. يبدو أن شارون من خلال تصريحاته وأعضاء حكومته إنما يرمي إلى إرباك الفلسطينيين والعرب ،ويرمي إلى افتعال خلافات فلسطينية داخلية وفلسطينية عربية قبل أن يحدث الانسحاب الكامل-إن حدث أصلا -آملا بأن تَفجر هذه الخلافات سيؤجل إن لم يبطل هذا القدر الهزيل من التنازلات المؤلمة كما يسميها .لا شك أن غزة كانت خنجرا في خاصرة إسرائيل تتمنى التخلي عنها منذ سنوات، إلا أن معطيات اليوم ليس هي قبل عشرة أو عشرين سنة ... . ولكن... فبعيدا عن أوهام تضخيم الذات وبعيدا أيضا عن التهوين من شأن النضال الفلسطيني، يمكن القول إنه لو كان الاحتلال الإسرائيلي مريحا ما فكر الاحتلال بالخروج من غزة على الأقل الآن؟. خطة شارون تطرح تحديات وتساؤلات خطيرة وعميقة أبعد من منطوق نصوصها الغامضة ، تساؤلات تمس أسس المشروع الوطني الفلسطيني حاضرا ومستقبلا، مما يتطلب من كل فعاليات المجتمع الفلسطيني وخصوصا المثقفين والمفكرين من ذوي الاختصاصات المتعددة وقفة عقلانية متأنية لبحث انعكاسات هذه الخطة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني.والمثير للقلق فأن من يستلم ملف غزة هي نفسها نخبة أوسلو المأزومة وهي تديره بعقلية القطاع الخاص المصلحة الاقتصادية لها .، وبما يحقق يبدو أن كل الأطراف الفلسطينية المتعاملة مع الخطة والقابلة بها، تجهل أو تتجاهل عن قصد بأن الخطة لن تكون في نهاية المطاف أحادية الجانب، نعم، شارون كان يقول ذلك حتى يبدو صادقا مع نفسه بعدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض معه، ومقولة شارون هذه كانت ترمي لخلق فتنة داخلية قد تأول في نظره لانبثاق قيادة جديدة تملأ فراغ غياب القيادة الذي تزعمه إسرائيل، أيضا الهدف من الزعم بأنها خطة من طرف واحد هو تمرير الخطة عند الفلسطينيين حيث قبلها البعض منهم تحت مقولة أن إسرائيل ستخرج من غزة بدون ثمن فلماذا نرفض الخطة؟. لا غرو بأن خطة شارون بصيغتها الحالية وكما هو معلن رسميا هي خطة أمنية بالدرجة الأولى وهدفها الأول أمني ولا شك، ولكن عند التنفيذ سيحولها شارون إلى خطة سياسية إستراتيجية، حيث لن ينسحب إلا بعد جلب أطراف فلسطينية تقبل بالتعاطي مع مخططاته ومع الرؤية الأمريكية في المنطقة- وعربية-مصر والأردن وربما دول أخرى- إلى طاولة مفاوضات تحضرها الولاياتالمتحدة كجزء من الرباعية وبشكل مستقل كطرف ضامن وضاغط على الفلسطينيين، هذه المفاوضات التي ستركز ظاهريا على الجوانب الأمنية كضمان حدود دولة إسرائيل ومصير المعابر ومصير الجماعات المسلحة وأسلحتها، ولكنها ستؤول إلى مخطط سياسي متكامل رُسم قبل وصول شارون للسلطة وتحديدا في الأشهر السابقة لنهاية فترة السنوات الخمس التي حددتها اتفاقية أوسلو -مايو .1999 خطورة خطة شارون في نظرنا لا تكمن في ضيق المساحة التي ستفوت للفلسطينيين- قطاع غزة وربما أربع مستوطنات في شمال الضفة-، بل في كونها محاولة لإجهاض المشروع الوطني الفلسطيني -كيانا سياسيا وهوية وطنية- وعلى هذا الأساس فإن الخطة أكثر خطورة وسوءا من خطة خارطة الطريق حتى بالتحفظات الأربعة عشر التي وضعها شارون عليها ، فخطة خارطة الطريق حتى بالصيغة الإسرائيلية كانت تعترف بوجود طرف فلسطيني مفاوض، وكانت ترتب حقوقا والتزامات على كلا الطرفين، وكان لها مرجعية دولية والأهم من ذلك أنه كان يلوح بالأفق دولة فلسطينية ، وكلها أمور مفتَقَدة في خطة شارون الحالية، فهذه الأخيرة تقضي على كل المرجعيات القانونية والسياسية التي كانت تعترف للفلسطينيين بحقوق سياسية، فهي تتجاهل منظمة التحرير والسلطة وبالتالي تتجاهل الحقوق السياسية الوطنية التاريخية ،كما تتجاهل قرارات الشرعية الدولية وبالتالي تتجاهل حقوقنا المستمدة من هذه الشرعية كالحق بدولة حسب قرار 181 وحق العودة حسب قرار 194 وحق تقرير المصير حسب قرارات متعددة للجمعية العامة بالإضافة إلى قرار 242 الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة وغيرها من القرارات التي صدرت خلال سنوات الانتفاضة وتعترف بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة، تجاهل هذه الشرعيات والمرجعيات تجعل من الفلسطينيين شعب بلا تاريخ وبلا هوية سياسية ومن الأرض الفلسطينية ارض متنازع عليها في أفضل الحالات.والأخطر من ذلك أن تجاهل الخطة للشرعية الدولية هو تجاهل لحقيقة الصراع وأصل القضية وهو الاحتلال الإسرائيلي.-مرجعيتها خطاب الرئيس بوش.. خطورة الخطة على المشروع الوطني تكمن أيضا في كونها لا تتحدث بوضوح عن انسحاب من غزة بل من مستوطنات غزة مما يعنى أن إسرائيل قد تحافظ على وجود عسكري في غزة أو مزارع شبعا وبالتالي استمرار مصادر للتوتر- الخطة تتحدث عن إعادة انتشار وعدم وجود عسكري إسرائيلي دائم-، كما انهالا تتحدث عن سيادة فلسطينية على غزة بل عن سيطرة أمنية فلسطينية ومصرية، وفرق كبير بين السيطرة الأمنية والسيادة.أيضا الخطة تتحدث عن فك الارتباط مع الفلسطينيين وليس مع فلسطين أو أرض فلسطينية.وهذا يعني أن غزة ستكون تحت حكم ذاتي فلسطيني وسيطرة أمنية فلسطينية مصرية محدودة، فيما السيادة والأمن العام بيد إسرائيل وهو ما كان في اتفاقية أوسلو حيث استغلت إسرائيل هذا النص وغيره لتبرير إعادة اجتياحها لمناطق السلطة-. يضاف إلى ما سبق غياب أي إشارة لموضوع الدولة، فهل ستسمح إسرائيل للسلطة الفلسطينية بان تقيم دولة ذات سيادة في غزة تكون منطلقا لاستكمال استعادة ما تبقى من غزة والضفة؟. تحدث كثيرون عن الثمن الذي قد يضطر الفلسطينيون لدفعه مقابل إشرافهم على غزة، والثمن هو الضفة الغربيةوالقدس، ولكن يتم تجاهل أن الفلسطينيين لن تكون لهم سيادة على غزة، والحكم الذاتي الذي سيمارسونه على غزة هو كقصور على رمال متحركة، فبالإضافة إلى محدودية سلطتهم - حيث سيشاركهم فيها المصريون- قد تتحول غزة إلى ساحة لمواجهات قد تأخذ أبعادا خطيرة بين الفصائل، فالمناصب المتاحة وخيرات القطاع المحدودة هي دون القدرة الاستيعابية لشباب غزة الذين يتزايدون باستمرار وسيكون الأمر أكثر صعوبة إذا ما توقفت المنظمات عن عملها العسكري وتحولت إلى العمل السياسي، آنذاك ستطالب بنصيبها من المناصب والخيرات التي هي محدودة في غزة. أيضا هناك ما يبرر التخوف من وجود دور أمني وسياسي للمصريين في غزة، فتجربة الغزيين مع الأجهزة الأمنية المصرية قبل 1967 ولاحقا معاناتهم على المعابر وفي المطارات المصرية، تركت انطباعا سلبيا لديهم.إلا أن خطورة أي تواجد مصري في القطاع قبل قيام الدولة قد توظفه إسرائيل للتشكيك بالسيادة الفلسطينية على الأرض، فيتحول الدور المصري إلى دور أمني يخدم الإسرائيليين وسياسي ينتقص من سيادة الفلسطينيين. هذه المحاذير السياسية تجرنا للحديث عن التداعيات القانونية للخطة، مع أنه يصعب الفصل بين السياسة والقانون بشكل عام وفي الحالة الفلسطينية على وجه التحديد. من الواضح أن الانسحاب الإسرائيلي سيقتصر على غزة -وربما تقوم إسرائيل بحركات استعراضية وإعلامية بالتظاهر بتفكيك بعض البؤر الاستيطانية في شمال الضفة سيقاومها المستوطنون بإيعاز من شارون نفسه مما سيؤدي لتأجيل موضوع مستوطنات الضفة بذريعة عدم تعطيل مسيرة الانسحاب من غزة - وفي هذه الحالة ما هي طبيعة العلاقة التي ستربط الضفة المحتلة بالكامل مع غزة الخاضعة لسلطة إدارية وأمنية فلسطينية ومصرية؟ وهل سيكون هناك نظام سياسي في غزة ونظام آخر في الضفة ؟وما هي التداعيات النفسية والسياسية على أهالي الضفة الغربية؟ . فكما ذكرنا فإن تجاوز خطة شارون للمرجعيات الوطنية الفلسطينية والدولية، يطرح تساؤلات حول التكييف القانوني لوضعية قطاع غزة ووضعية الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف.مفردات خطة شارون وتصريحاته وتصريحات المسئولين الإسرائيليين تقفز على حقيقة أن جوهر المشكلة هي الاحتلال ،وبالتالي الخطة لا تتحدث عن انسحاب جيوش احتلال عن أراضي محتلة ،وهذا الغياب لجوهر المشكلة هو الذي يطرح إشكالات قانونية حول مصير غزة والضفة بعد الانسحاب،في الوضع الطبيعي يفترض أنه بعد خروج جيوش الاحتلال تعود الأراضي المحتلة لأصحابها الشرعيين ليمارسوا عليها سيادتهم ويقرروا مصيرهم بأنفسهم،هذا الوضع غائب في الحالة الفلسطينية .إسرائيل تريد الخروج من غزة ولكنها ترفض تسليم السيادة للفلسطينيين،وتطالب مصر بأن يكون لها دور في إدارة غزة ،وربما تريد إسرائيل من خلال ذلك إعادة وضع غزة إلى ما كانت عليه قبل .1967 هذا التوجه يتجاهل الإنجازات السياسية التي حققها الشعب الفلسطيني بنضاله طوال أكثر من أربعين عاما والذي توج بقرارات القمم العربية أو قرارات الشرعية الدولية ،كالاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ،وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره بنفسه ،وحقه بإقامة دولة مستقلة الخ. إلا أن ما هو غير مصرح به في خطة شارون أخطر مما هو في منطوق الخطة ،ونقصد الإشكال القانوني حول مصير الضفة الغربية.بداية يجب الإشارة إلى أنه قبل 1967 كان قطاع غزة والضفة كل منهم يعيش وضعية سياسية وقانونية مغايرة للآخر،وبعد الاحتلال الإسرائيلي عملت إسرائيل على خلق حقائق وترتيبات ديمغرافية وقانونية تَحُول دون التواصل بين المنطقتين كرفض فتح المعبر الآمن بين المنطقتين ،كما أنها تعاملت مع الضفة الغربية ليس كأرض محتلة بل كأرض إسرائيلية محررة أو في أفضل الحالات كأرض متنازع عليها ،ومما ساعدها على ذلك قرار الأردن بفك الارتباط مع الضفة عام 1987 - مع أنه فك ارتباط إداري وليس سيادي- واتفاقية الخليل مع السلطة الفلسطينية التي سمحت بنوع من السيادة الإسرائيلية على مناطق في مدينة الخليل ،ومن هنا نلاحظ تكثيف الاستيطان في الضفة بشكل مدروس وممنهج وتسمية الضفة في وسائل الإعلام الإسرائيلية بيهودا والسامرا وهو الاسم اليهودي للضفة ثم بناء جدار الفصل العنصري الذي يقتطع أكثر من نصف مساحة الضفة بالإضافة إلى تدمير مؤسسات السلطة وتعطيل نشاطها بشكل أكثر مما هو حادث في غزة. التصرف السليم الواجب الأخذ به لتعطيل المخطط الشاروني لفصل الضفة عن غزة، والهادف ليكون الانسحاب من غزة آخر الانسحابات، هو أن تتعامل السلطة الوطنية الفلسطينية مع غزة كأرض محررة أو مُدارة فلسطينيا مع استمرار التعامل مع الضفة كأرض محتلة وتستمر السلطة صاحبة القرار وصاحبة الحق في العمل السياسي لتحرير الضفة من الاحتلال حسب قرارات الشرعية الدولية وحسب خطة خارطة الطريق المعتمدة دوليا. نعلم بأن إسرائيل سترفض هذا المنطق بل ستفرض على الفلسطينيين قبل خروجها من غزة شروطا تجعل التواصل بين الضفة وغزة أمرا مستحيلا والنضال ضد الوجود الإسرائيلي في الضفة انطلاقا من غزة أمرا أكثر صعوبة ، وفي هذه الحالة يجب على السلطة أن تنتزع ضمانات دولية قبل أن توافق على شروط شارون للخروج من غزة ،وعلى راس هذه الضمانات تأكيد وحدة الأرض الفلسطينية ،وتأكيد أن الضفة الغربيةوالقدس جزء من الدولة الفلسطينية المأمولة،وفي حالة عدم الحصول على هذه الضمانات على السلطة رفض أي مفاوضات أو اتصالات مع حكومة شارون ولتترك شارون ينسحب من طرف واحد كما يزعم ،وهناك شك كبير بأنه سيفعل ذلك.