شباب العالم العربي، تعدُّهم وزارة خارجية أمريكا، "قادتها المستقبليين" اللذين يجب أن تربحهم قبل أن ينخرطوا في الجيوش المناهضة للأمركة"، هذا ما علقت به افتتاحية صحيفة "إندين إكسبريس" الهندية على موقعها الإلكتروني.... والكلام جاء بمناسبة تغطيات وتقارير تناولتها منابر صحفية الأسبوع الماضي داخل أمريكا وخارجها حول المبادرة الجديدة للإدارة الأمريكية على مستوى الإعلام الموجه إلى العالم العربي والإسلامي لتحسين صورتها المتدهورة. هذه المرة تقتطع إدارة بوش أربعة مليون دولار من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين لتطلق مشروع مجلة أمريكية ناطقة بالعربية وموجهة من واشنطن إلى الشباب العربي والمسلم في دول المغرب العربي والشرق الأوسط. والمجلة، وهي تصدر عددها الشهري الثاني عن الموسيقى العربية، بعنوان عريض"Hi": الموسيقى العربية تغزو الغرب"، متوافرة في الأكشاك المغربية ومعها باقي دول المغرب العربي والشرق الأوسط. وهي تستهدف فئة الشباب بين سن ال18 و35. صحيفة الواشنطن بوست من جانبها أوردت تصريحات صريحة وواضحة لكريستوفر روس، المنسق الخاص للدبلوماسية العامة في الخارجية الأمريكية، عن نوع قادة "العرب المستقبليين" كما تتصورهم أمريكا. يقول روس للصحيفة: " جيد أن ندخلهم في حوار، وأفكارهم مازالت لم تكتمل حول قضايا سواء كبرت أو صغرت"..." هذا شكل طويل الأمد لبناء علاقة مع أناس سيكونون قادة العالم العربي في المستقبل". المبادرة هي في اعتقاد الإدارة الأمريكية تدخل في إطار الجهود المبدولة من طرف أجهزتها في الخارجية الأمريكية لتحسين ما شاب ولازال يشوب صورة أمريكا عند العرب والمسلمين. لكن في مقابل ذلك يرى المحللون أن أمريكا دائما تخطأ الهدف و الوسيلة. فأمريكا تنسى أن سياساتها المتحاملة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي هي بيت القصيد في تداعي صورتها، ولن يكفيها ملء الأرض مجلات وصحف وقنوات صوتية وبصرية وعنكبية للتغطية على الصورة الحقيقية للموقف الأمريكي الرسمي. افتتاحية "إندين إكسبرس" تؤكد أن "نجاح "هاي" كوسيلة للدعاية هي في حكم الشك"، وقرنت هذا التعليق بحديثها عن الحروب الدعائية الأمريكية خلال الحرب الباردة، حينما تلقى الهنود والسوفيات على حد السواء سيلا من المواد الصحفية الأدبية بخسة الثمن المدعومة أمريكيا. وأكدت الافتتاحية أن العرب مقبلون على هذا النوع من المبادرات. وتسائلت الصحيفة "هل تدفع هذه المبادرة إلى جعلهم يرددون القولة الفرنسية المشهورة: كلنا أمريكيون؟" . وزادت الصحيفة في تعاليقها موضحة أن "نواب كولن باول استحوذ عليهم مشروعهم الحالي لهزم مناهضة الأمركة (anti-americanism) لحد أنهم نسوا مشروعا آخر خطى خطا واسعة ألا وهو العولمة". ومضت تقول: "مضت الأيام التي كان الجهل عن أمريكا مصدره نقص التعرض للمعلومة. أما اليوم، ومع ثورةالمعلومات، فمنتوجها الثقافي سهل ولُوجه في المتروهات كما في الأديرة. إن أولئك الذين يعارضون أمريكا، لأسباب وجيهة ولاحاجة للدفاع عنها، يفعلون ذلك لأنهم مغرقون بالمعلومة... إن "هاي" وبإبعادها السياسة (واستهداف الشباب العربي بالموسيقى والفن الرقمي والهيب هوب وموسيقى الروك...) ستدخل العالم العربي في مخاوف جمة وتصورات خاطئة تغدي مناهضة الأمركة". موقع إسلام أون لاين على صفحتها الصادرة بالإنجليزية والمهتمة بشكل كبير بشؤون العرب وقضايا المسلمين في أمريكا نشر تعاليق الجالية العربية بأمريكا والمهتمين الإعلاميين العرب إزاء إصدار مجلة "هاي"، وأجمع الجميع من خلال تلك التصريحات أن أمريكا توجهت إلى المشكل الخطأ لتجميل صورتها المعتمة عن طريق سلسلة نشرات وبرامج إذاعية، رغم أن المشكل يكمن في الازدواجية التي تطبع سياستها الخارجية. محمد نووي، وهو مصري المولد يدرس الصحافة بكلية "ستاونهيل" بولاية ماستشوستس ومؤلف كتاب عن قناة الجزيرة، صرح لإسلام أون لاين أن " المشكل مع الشباب العربي ليس هو كيف يفهم الثقافة الأمريكية وأسلوب الحياة الأمريكية. وأضاف أن الشباب العربي "يشاهد الأفلام الأمريكية ويلبس الجينز ويقف في الصفوف أمام السفارات الأمريكية لينال تأشيرة الدخول إلى الولاياتالمتحدة. فالمشكل الآن، يقول نووي، هو كيف تدرك الولاياتالمتحدة السياسة الخارجية، ولن يتغير ذلك إلا بالعمل على أرض الواقع في العراق و"إسرائيل"". عبدالرحمان الهزتازي