من المتوقع أن تكون سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب مارغريت تاتويلر قد غادرت الرباط، بمناسبة انتهاء مدة عملها كسفيرة لواشنطن ببلادنا، لتتولى منصبها الجديد كنائبة لوزير خارجية بلادها، كولن باول مكلفة بشؤون الدبلوماسية العامة، وستنصب جهودها على تحسين صورة أميركا في العالم، وخصوصا لدى العالم العربي والإسلامي، بعد التراجع الكبير الذي سجل في مستوى وطبيعة نظرة العديد من الدول إليها، بسبب مواقفها الانفرادية ونزعتها الهيمنية. وكانت السفيرة الأمريكية تاتويلر قد قدمت أوراق اعتمادها لجلالة الملك محمد السادس في السابع من يوليوز سنة ,2001 وفي أبريل الماضي وقد عينت بشكل مؤقت مؤخرا لدى مكتب إعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية بالعراق قصد الإشراف على برنامج الاتصال. ويعتبر الموقف الأمريكي الأخير من الصحراء المغربية أهم حدث سياسي صادف الأنشطة السياسية للسفيرة الأمريكية ببلادنا، واحتل صدارتها، بحكم طبيعة العلاقات المغربية الأمريكية المتميزة بالتفاهم والتواصل. وفي هذا السياق أشارت تاتويلر أول أمس الأربعاء، خلال ندوة صحافية، كانت بمثابة لقاء توديعي عقدته مع عدد من الصحافيين بمقر إقامتها في الرباط، ردا على الانتقادات التي عبرت عنها وسائل الإعلام المغربية تجاه الموقف الأمريكي من ملف وحدتنا الترابية إلى أن بلادها تساند حلا لقضية الصحراء المغربية، يكون مقبولا من لدن جميع الأطراف، وأن القرار رقم ,1495 الذي صادق عليه مجلس الأمن في 31 يوليوز الماضي بخصوص قضية الصحراء المغربية لا يتضمن أي مقتضى يفرض أي شيء على المغرب، نافية في الوقت نفسه أن تكون واشنطن قد انحازت، من خلال تأييدها للخطة الجديدة الأخيرة التي اقترحها جيمس بيكر، إلى موقف خصوم وحدة المغرب الترابية. وفي محاولة من السيدة تاتويلر تبرير الموقف الأمريكي، وانتقاد الصحافة الوطنية له، ذهبت إلى أنه كان هناك لبس كبير بخصوص الموقف الأمريكي في الصحافة المغربية. مضيفة أنه خلافا لبعض الكتابات في الصحافة المغربية، فإنه لم يتم أبدا التشكيك في الصداقة المغربية الأمريكية و أنجميع المسؤولين الأمريكيين على أعلى مستوى بالإدارة الأمريكية يقدرون هذه الصداقة ويعطونها قيمتها الحقيقية. وفي السياق نفسه، قللت تاتويلر من حجم التأثير السلبي الممكن على طبيعة العلاقة المغربية الأمريكية بسبب الموقف الأمريكي الأخير من الصحراء المغربية. وأمام امتناع السفيرة عن الكشف عن إسم السفير الأمريكي الجديد الذي سيخلفها، احتراما لقواعد السلوك الدبلوماسي، نسبت جريدة الشرق الأوسط لمصادر مغربية قولها إن الإعلان عن إسم السفير الجديد، سيكون بعد الموافقة المبدئية عليه من قبل المغرب، وهو شخصية من خارج السلك الدبلوماسي. وللإشارة فإنه بالرغم من قصر المدة الزمنية التي قضتها تاتويلر كسفيرة لواشنطن بالمغرب، فإنها تميزت بكثافة ملحوظة لأنشطتها السياسية والدبلوماسية وبرامج تطوير العلاقات الثنائية بين المغرب والولاياتالمتحدة. ولعل أهم حدث دولي واجه السفيرة المنتهية فترة عملها، مباشرة بعد تعيينها سفيرة لبلدها بالرباط، هو أحداث 11 شتنبر ,2001 وحادث تفجيرات الدارالبيضاء 16 ماي الماضي، وهو الحدث الذي أدانته من موقعها كسفيرة، إضافة إلى حرب العراق. وكانت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب قد أعلنت في أبريل الماضي عن نيتها في تقديم ما أسمته بمساعدات مادية للجمعيات العاملة في المجتمع المدني، واشترطت للاستفادة منها تقديم الجمعيات الراغبة في ذلك برنامج عملها للسفارة، وكان ذلك الإعلان متزامنا مع إعلان جميع الجمعيات المدنية بالمغرب رفضها العدوان الأمريكي على العراق، مما كان له رد فعل مغربي قوي عبرت عنه مؤسسات المجتمع المدني في بلاغاتها وبياناتها، أدانت فيها تلك المبادرة واعتبرتها من قبيل سعي السفارة الأمريكية إلى امتصاص غضب المجتمع المدني المغربي من الحرب الأمريكية على العراق. وكان من جملة الجمعيات التي أدانت ذلك السلوك، بالإضافة إلى المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والمجموعة الوطنية لمساندة العراق، والمركز المغربي لحقوق الإنسان، وغيرها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي دعت إلى مقاطعة أنشطة السفارة الأمريكية. عبد الرحمان الخالدي