أحاط المشرع المغربي عقود الشغل بمجموعة من الضمانات أوجب احترامها حماية للأجير من التعسف الذي يمكن أن يطاله من مشغله أو العكس، كما منح المشغل حق فصل الأجير في إطار ممارسته التأديبية الممنوحة له قانونا شريطة عدم التعسف في استعمال هذا الحق تحت طائلة المساءلة القانونية. في ملف اليوم نتوقف مع قضية لأحد العمال الذي طاله تعسف مشغله بسبب عمله النقابي، فتم طرده من العمل دون تعويضه. حاول المعني التواصل مع الجهة المشغلة من أجل توقيف قرار الفصل من العمل إلا أن إجراءات الصلح باءت بالفشل فقررت المحكمة البت في هذا الملف..ما هي حيثياته؟ طرد من العمل غير مبرر كان محمد يشتغل لدى شركة أوزون منذ سنة 200 بأجرة شهرية قدرها 3450 درهما إلا أنه فوجئ بتاريخ 2015/4/27 بطرده من العمل من طرف الشركة المشغلة بدون مبرر، وبعد محاولات لفهم أسباب طرده باءت بالفشل، لجأ محمد إلى القضاء من أجل إنصافه وتعويضه على الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه جراء هذا الطرد. التمس محمد في الدعوى التي رفعها ضد شركة أوزون للبيئة والخدمات من المحكمة تعويضه عن العطلة السنوية بمبلغ 7000 درهم، وعن الإخطار بمبلغ 14 ألف درهم، كما التمس تعويضه عن الفصل بمبلغ 180 ألف درهم وعن الضرر بمبلغ 260 ألف درهم بالإضافة إلى تعويضه عن الاقدمية بميلغ 160 الف درهم وعن الأعياد والراحة الأسبوعية بمبلغ 90 الف درهم، وعن أجرة شهر أبريل 2015 بمبلغ 3450 درهم. المشتكي (محمد) التمس أيضا من المحكمة تعويضه عن منحة عيد الأضحى بمبلغ ألفي درهم وعن منحة المردودية بمبلغ 7200 درهم تم تعويضا قدره ب1300 درهم عن منحة رأس السنة الأخير، مع تسليمه شهادة العمل تحت ذائلة غرامة تهديدية قدرها مائتي درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. وفي مذكرة جوابين له، التمس دفاع شركة أوزون للبيئة والخدمات رفض الطلب مبررا ملتمسه بكون المعني (محمد) ارتكب مجموعة من الأخطاء الجسيمة. الإضراب تقدمت شركة أوزون للبيئة والخدمات في دفوعاتها بالمبررات التي جعلتها تتخذ قرار الفصل من العمل في حق "محمد"، ويتعلق الأمر بكون هذا الأخير ارتكب مجموعة من الأخطاء الجسيمة، ذلك أنه خاض إضرابا غير مشروع عن العمل، وقام باحتجاز الشاحنات التي تستخدمها في جمع النفايات. وأبرزت الشركة المعنية أنه عملا بالمادة 63 من مدونة الشغل، يقع على عاتق المشغل عبء إثبات مبرر مقبول. وكان تعليل المحكمة أنه وبالرغم من إدلاء الشركة المدعى عليها بشكاية من أجل التجمهر والإضراب غير المشروع، إلا انها لم تثبت الخطأ المنسوب للمدعي خاصة في غياب ما يفيد متابعته من أجل ذلك، كما أنها لم تدل بما يثبت قيام المدعي بباقي الأخطاء الجسيمة والمتمثلة في تحريض العمال على خوض الإضراب واحتجاز الشاحنات. وفي رد للمدعي، أكد هذا الأخير أن المدعى عليها لم تحترم الشكليات المنصوص عليها في المادتين 457 و472 من مدونة الشغل باعتباره من ضمن أعضاء المكتب النقابي، وأنه استنادا للمادة 472 من مدونة الشغل، فإن الممثلين النقابيين يستفدون من نفس التسهيلات والحماية التي يستفيد منها مندوبو الأجراء بمقتضى قانون الشغل. وبمقتضى المادة 457 من مدونة الشغل، يجب أن يكون كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء أصليا كان أو نائبا موضوع مقرر، يوافق عليه العون المكلف بتفتيشالشغل، إذا كان هذا الإجراء يرمي إلى نقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى اخرى أو من شغل غلى ىخر او غلى توقيفه عن شغله أو فصله عنه. وأثارت المحكمة في تعليلها أن الملف لا يتضمن ما يفيد سلوك المدعىعليها للمسطرة المنصوص عليها في المادتين 472 و457 المذكورتين خاصة وأن المدعي من ضمن أعضاء المكتب النقابي. وعملا بقرار محكمة النقض المنشور بمؤلف محمد بفقير "مدونة الشغل والعمل القضائي المغربي" فإن المشغل ملزم باتباع رأي مفتش الشغل بخصوص العقوبة التي يستحقها مندوب الأجراء أو نائبه، كما أن مخالفة رأيه تجعل الإجراء المتخذ متسما بالتعسف موجبا للتعويض. وتأسيسا على العلل المبسوطة أعلاه-تضيف المحكمة في تعليلها- فإن إنهاء عقد الشغل يبقى غير مبرر ويخول المدعي الحق في الحصول على التعويضات عن إنهاء العقد إضافة إلى تلك الناتجة عن تنفيذه. تعويض عن الضرر ثبت للمحكمة أن المدعي اشتغل لدى المدعى عليها منذ 2004/1/13 إلى غاية 2015/4/27 أي لمدة تعادل 11 سنة، وبأجر شهري قدره 3290 درهما، وبالتالي يتعين اعتماد هذين المعطيين في احتساب التعويضات التالية: عن الإخطار: أنهت المدعى عليها عقد الشغل الرابط بينها وبين المدعي بإرادتها المنفردة ودون ثبوت أي خطإ جسيم في حق الأخير. وبما أن الملف فارغ مما يفيد أن المدعى عليها منحت المدعي مهلة شهرين باعتبار أنه من فئة العمال والمستخدمين، قبل فصله عن العمل، الأمر الذي يجعل هذا الأخير محقا في تعويض عن الإخطار يحدد وفق المادة 51 من مدونة الشغل ومرسوم رقم 469.04.2 الصادر في 2004/12/29 وبالتالي يستوجب الحكم له بمبلغ 6498 درهما. * عن الضرر: و(يقابله الطرد التعسفيفي القانون القديم) حيث ثبت للمحكمة أن المدعي عليها أنهت عقد الشغل الرابط بينها وبين المدعي بشكل تعسفي، مما يخول لهذا الأخير الحصول على تعويض الضرر وفق ما تقرره المادة 1 من مدونة الشغل ويقدر على أساس أجر شهر ونصف من كل عمل أو جزء من السنة على ألا يتعدى سقف 36 شهرا، وبالتالي يستوجب الحكم له بمبلغ 53608,5 درهما. * الفصل (ويقابل الإعفاء في القانون الملغى): المدعي كان مرتبطا مع المدعى عليها بموجب عقد شغل غير محدد المدة، وقضى في الشغل مدة تفوق 6 اشهر وتعادل المدة المذكورة مما يستحق معه تعويضا عن الفصل طبقا للمادتين 52 و53 من نفس المدونة وينوبه مبلغ: 23730,75. * عن أجرة أبريل 2015: ليس في الملف ما يتبث توصل المدعي بأجرته عن ابريل 2015، وينوبه عنها مبلغ 3249,00 درهما. * عن الأقدمية والعطلة السنوية: التمس المدعي الحكم له بالتعويض عن العطلة السنوية والأقدمية، وثبت من أوراق الأداء بكونه كان يتوصل بالتعويضين المذكورين مما يبقى معه الطلب غير مبرر ويتعين رفضه. * عن منحة عيد الأضحى والمردودية ومنحة رأس السنة: من ضمن ملتمسات المدعي الحكم له بمنحة عيد الأضحى والمردودية ومنحة رأس السنة، لكن ليس في الملف ما يفيد بأن المدعى عليها التزمت بأداء المنح المذكور كل سنة لفائدة العمال، وتبعا لذلك يبقى الطلب غير مبرر ويتعين رفضه. وزادت المحكمة في تعليلها أنه يتعين على المدعى عليها تسليم المدعي شهادة العمل طبقا للمادة 72 من مدونة الشغل تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 50 درهما عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. وحيث إنه يتعين شمول الحكم بالنفاذ المعجل بقوة القانون طبقا للفصل 285 من قانون المسطرة المدنية باستثناء التعويض عن الضرر، الفصل وأجل الإخطار باعتبارها ناجمة عن العمل غير المشروع المتمثل في الفصل التعسفي للمدعي. واعتبرت المحكمة أن باقي الطلبات غير مبررة وقررت رفضها. وتطبيقا للفصول 1و3و18و31و32و50و124 ومقتضيات الباب الرابع من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية ولمدونة الشغل، قررت المحكمة الابتدائية بسلا، أداء المدعى عليها شركة أوزون للبيئة والخدمات لفائدة إبراهيم تعويضا إجماليا يقدر ب : - عن الإخطار مبلغ: 6498 درهما - عن الضرر: مبلغ 53608,5 درهما - عن الفصل: مبلغ 23730,75 -عن أجرة أبريل 2015 مبلغ 3249,00 وتسليم المدعي شهادة العمل طبقا للمادة 72 من مدونة الشغل تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 50 درهما عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل باستثناء التعويض عن الضرر، الفصل وأجل الإخطار وتحميل المدعى عليها المصاريف في حدود المحكوم به.