تكفير أهل البدع ليس من عمل الصحابة سئل أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، عن تكفير أهل البدع، وقيل له: هل يكفرون ويقطع بتخليدهم في النار، وأنهم لا تقبل لهم توبة، فإن قوما يزعمون ذلك، ويقولون: من لم يكفرهم فهو كافر؟ فأجاب: اعلم أرشدك الله، أن أول بدعة حدثت في الإسلام، بدعة الخوارج، بتحكيمهم على الله بأنه لا يكون منه فيمن خالفهم إلا تخليدهم في النار، إذ كَفَّرُوا من خالفهم واستحلوا دمه، فسماهم الصحابة وجماعة المسلمين: الخوارج، أي عن سبيل الجماعة وسنة الإسلام، إلا أن الصحابة لم يقطعوا مواريثهم، ولا أَبَانُوا (طلَّقُوا) نساءهم منهم، ولا أبرزوا قبورهم عن قبور المسلمين أي: دُفِنُوا في مقابر المسلمين ولا أحكامهم عن أحكامهم. ثم احتمل على ذلك بعدهم مالك وأهل بلده، والليث بن سعد، والأوزاعي، وابن أبي مسلمة، وغيرهم من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر. فأما من قطع كما ذكرت على الله بأنه لا يقبل توبة مبتدع فقد خرق إجماع المسلمين، ورد على رب العالمين، قال الله تعالى: (غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب). وأما تكفيرهم يعني أهل البدع فهو طريقة إخوانهم الخوارج التي ذكرنا، والله يعصمنا وإياك من مضلات الفتن برحمته. عن كتاب المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي المتوفى سنة 914ه، الجزء الثاني الصفحة 339