ونحن على أبواب تخليد اليوم العالمي للمرأة، تجتهد الهيئات الرسمية وجمعيات المجتمع المدني بمختلف تلاوينها في إثارة الأسئلة السنوية الحارقة حول وضعية المرأة المغربية، كما يتم على هامش هذا اليوم تنظيم العديد من التظاهرات وتكريم وتوزيع الورود على بعض الموظفات والعاملات.. ومن جانبها، تجتهد بعض وسائل الإعلام في إعطاء دفة التحرير لصحفيات يتحولن إلى رئيسات تحرير ليوم واحد فقط.. وقد نشرت إحدى المجلات في غلافها لهذا الأسبوع موضوعا حول 60 امرأة يحركن المغرب، وحقيقة لا يمكن لنا إلا الإفتخار بهذه الثلة من النساء اللواتي نافسن الرجال في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لكن بالمقابل علينا ألا ننس ملايين النساء اللواتي يحركن المغرب العميق ومع الأسف لا يجدن لهن مكانا على غلاف الجرائد والمجلات. فخلال هذا الأسبوع الذي ودعناه زرت مع صديق لي معرضا للمنتوجات المحلية منظم في إطار مهرجان اللوز بمدينة تافراوت، وهي مناسبة للقاء مجموعة من الفعاليات النشيطة في مجال الاقتصاد الاجتماعي. ومن ضمن التعاونيات التي أثارت انتباهي تعاونية "تلات الخير" التي أكدت لي المسؤولة عليها بأن نساء هذه التعاونية بدأن من لاشيء، حيث أن ثقافتهن وبيئتهن لم تسمح لهن بالتكلم حتى مع الغرباء قبل تأسيس التعاونية والآن أصبح لهن مدخول مالي بفضل بيع منتوجات يدوية جميلة أبدعن في إخراجها إلى الوجود، زيادة على تسويق زيت أركان بنوعيه الغدائي والتجميلي، فجميع مراحل الإنتاج تمر في التعاونية، وبعدها تأتي مرحلة البيع في المعارض والتعريف بالمنتوج والبحث عن الزبناء. نموذج آخر وفي إطار مختلف، حيث لا يمكن أن تمر مناسبة اليوم العالمي للمرأة دون التكلم عن السيدة بهية بنت هاشم قطبي الفيلالية، العالمة المعمرة التي قضت حياتها في طلب العلم والتدريس، وهي واحدة من عالمات الظل التي تعمل في صمت وتخرج على يديها طيلة عقود علماء وعالمات من داخل المغرب وخارجه. نموذج أخير لربات البيوت، فإلى عهد قريب بطاقتهن الوطنية "شرفتهن" بمهنة "بدون"، بالرغم من أن ربات البيوت حطمن الرقم القياسي في عدد المهن داخل البيت، فربة البيت تقوم بدور الزوجة والأم والمعلمة والطبيبة والطباخة والمنظفة والسائقة وأمينة المال و.. هؤلاء النسوة يحق للمغرب الافتخار بهن وتقديمهن كنماذج مشرقة للمرأة المغربية، وهي نماذج قابلة للتسويق وتمثيل المغرب بعيدا عن الصور النمطية المشوهة التي ألصقت بنساء المغرب. فلم يعد مسموحا لنا مشاهدة بعض المناظر البئيسة، والتي تحط من كرامة المرأة، فمشهد المرأة التي تحمل الحطب فوق ظهرها بينما زوجها يلعب "الضاما" وينتشي بدخان "السبسي"، هو مشهد نشاز من الواجب استئصاله. مؤاخذة أخيرة أوجهها لنفسي، لأنني أتحمل أيضا جزء كبيرا من المسؤولية، حيث لم أفكر في الكتابة حول وضعية نساء وطني إلا تزامنا مع عيدهن العالمي، وهذا تقصير لابد من الإعتراف به.