يندرج مرض التهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي (Sclérose en plaques) أو أمراض النخاع الشوكي والدماغ في لائحة الأمراض الفريدة، التي لا تهتم بها الصناعة الصيدلية كثيرا، لأن هذا المرض لا يمس إلا فئة قليلة من الناس ولا مردودية من ورائه. ماذا عن هذا المرض في المغرب، حيث يقدر عدد الأشخاص المصابين ب6000 شخص في مقابل 50 ألف بفرنسا؟ علاج ضعيف بالمغرب إن التهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي، مرض عصبي متواتر يمس الشخص الشاب، وخاصة المرأة في سن ما بين 20 و50 سنة. إن حصول التهاب يؤدي إلى تدمير غشاء الأعصاب (المييلين)، كما يقول البروفسور محمد اليحياوي، طبيب الأعصاب بمستشفى الاختصاصات التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا للرباط سلا، ورئيس الجمعية المغربية للأمراض العصبية، التي عقدت يومي 7 و8 ماي 2004 بالدار البيضاء مؤتمرها الوطني الرابع. إذا كان عدد الأشخاص المصابين بهذا المرض في بلدان أوروبا الشمالية، يتراوح ما بين 50 إلى 60 حالة لكل 100 ألف نسمة، فإنه يمكن القول إن عندنا بالمغرب ما بين 3500 و6000 شخص يعانون من هذا المرض، وإن أقل من الربع فقط هم الذين يستفيدون من تغطية علاجية. وللاستدلال، يقول البروفسور اليحياوي، لم نتكفل إلا بمعالجة 100 حالة على مدى عشر سنوات داخل مصلحة طب الأعصاب التابعة لمستشفى الاختصاصات بالرباط. في المؤتمر 56 للأكاديمية الأمريكية للأمراض العصبية، في نهاية أبريل ,2004 تم تأكيد المعطيات الجديدة على المدى البعيد بالنسبة لأهمية علاج مبكر ومكثف عير الأنترفيرون بيتا أ من أجل تقليص تراكم الآفات الحاصلة على مستوى الدماغ لدى المرضى المصابين بالتهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي. هذه المعطيات تمنح تقييما شاملا للآفات على مستوى الدماغ، التي يتم قياسها بواسطة الصور عبر التردد المغناطيسي، كما تبين النتائج الدائمة لهذه الطريقة العلاجية بمعدل 3 مرات في الأسبوع عن طريق حقنة في الجلد. وقد تم تأكيد هذه النتائج أيضا في أبحاث الدكتور دافيد لي من جامعة كولومبيا الأمريكية بفان كوفر، في أبريل .2004 أمل يلوح ومازالت الأبحاث جارية لتقييم إسهام مختلف الجوانب العلاجية الضرورية لمقاومة الآفات التي يتسبب فيها التهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي. وإذا كان توفر الأدوية التي تقلص نسبة عودة المرض، وتمنع حدوث أي خلل في الدماغ، فإن ما يشكل اليوم في المغرب أملا حقيقيا للمرضى، هو إنشاء الجمعية المغربية لمحاربة التهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي، والذي لقي ترحيبا، سواء من لدن المرضى أو مهنيي الصحة، والذي يجب أن يعتبر حدثا كبيرا يجب على السلطات العمومية، وخاصة وزارة الصحة، والمجتمع المدني والصناعة الصيدلية ووسائل الإعلام أن تقدم له دعمها الكامل وغير المشروط. إن إصابة العصب يؤدي مباشرة إلى وقوع عجز عصبي متنوع، حسي وحواسي، مثل حصول حالات الشلل في الأطراف والاضطرابات التناسلية والعضلية وعجز جنسي عند الرجل وبرود جنسي عند المرأة. ويمكن أن تنعكس أيضا في شكل اضطرابات في التوازن أو خلل في الرؤية، وعلى الخصوص في شكل آلاف تعيق النشاط اليومي. إن التهاب المادة البيضاء للجهاز العصبي، يقول البروفسيور بن عمر، مرض مزمن يتطور عبر مراحل الضغط أو السكون، وإلى غاية ظهور آفات نهائية لا تسمح بحدوث أي تحسن. تقدم في التشخيص والعلاج وفي السنوات الأخيرة، استفاد أصحاب هذا المرض من تقدم ملموس على مستوى التشخيص والعلاج. وقد سمحت التكنولوجيا الحديثة للتشخيص، مثل الصورة عبر التردد المغناطيسي والماسح الضوئي بتحديد الآفة (تدمير غشاء العصب) منذ بداية المرض، وبالتالي ضمان علاج آني بكثير من الفعالية. أما الامتياز الثاني، فيتمثل في إمكانية وجود أدوية جديدة معدلة تجدها في الأدوية المعدلة لجهاز المناعة: أنترفيرون، إذ لها تأثير على استقرار المرض، لكنها مكلفة، حيث يبلغ ثمنها 12000 درهم كل شهر لفترة علاج تتراوح ما بين سنتين وأربع سنوات. وهناك نقطة إيجابية بالنسبة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي من حيث تغطيته لهذا المرض. لكن ماذا عن المرضى الآخرين الذين لا تشملهم أية تغطية اجتماعية؟ يبقى الأمل بالنسبة لهؤلاء المرضى أن لا ينسى التأمين الإجباري عن المرض هذه الأمراض الفريدة ضمن لائحة الأمراض القابلة للتعويض. الدكتور أنور الشرقاوي رئيس الجمعية المغربية للإعلام الطبي