يبلغ عدد المصابين بداء الروماتويد المفصلي في المغرب 1 في المائة، حسب دراسة أنجزتها الجمعية المغربية لمحاربة المرض أي أن 240 ألف شخص إلى 350 ألف شخص مصاب بهذا الداء من بينهم 53 ألفا و700 حالة يخضعون للعلاج، 30 في المائة لدى الأطباء العامين، و59 في المائة لدى أخصائيي الروماتيزم، و11 في المائة لدى أخصائيين آخرين. وقدمت هذه الإحصائيات في لقاء تكويني عقدته الثلاثاء الماضي «الجمعية المغربية للصحافة الطبية» بعنوان «داء المفاصل: الروماتويد المفصلي ثقل إنساني وسوسيو اقتصادي» بالدار البيضاء. ويتم تصنيف جميع الأمراض التي تصيب العظام والمفاصل: التهاب المفاصل، آلام أسفل الظهر، هشاشة العظام.. في خانة «أمراض المفاصل»، لكن الروماتويد المفصلي، الذي ينتمي إلى هذه الفئة من الأمراض يبقى الأكثر شيوعا. ويعد من بين العوامل التي تسبب الإعاقة الجسدية والآلام طويلة الأمد، غير أنه يبقى غير معروف لدى عامة الناس والمسؤولين، مما يتناقض والتقدم الحاصل في مجال التكفل الطبي. وأكدت الدكتورة فدوى علالي، أستاذة جامعية في مستشفى العياشي بسلا متخصصة في طب المفاصل والروماتيزم، أن المرض يبدأ في المغرب ابتداء من 25 سنة، مقابل 35 إلى 55 سنة على الصعيد العالمي. وأضافت علالي أن أغلب الحالات المصابة من النساء، إذ توجد 8 نسوة من بين 10 أشخاص مصابين. وقالت علالي إن عجز الكثير من المرضى في المغرب عن شراء الأدوية يقف حجر عثرة أمام المجهودات التي يقوم بها المسؤولون، إذ إن أكثر من ثلثهم لا يتناولون آخر الأدوية التي تستعمل في العالم والتي أبانت عن فاعليتها في مقاومة المرض من خلال اختفاء كل الأعراض ووقف سيطرته، خاصة أن التهاون في أخذه يعني الإعاقة الكلية في المراحل الأخيرة للمرض، حيث إنها تصل إلى 100 في المائة. وأفادت دراسة أن أغلبية المرضى يستفيدون من المسكنات فقط، أما العلاج المعمق لوقف التطور الأساوي للروماتويد فلا يتم اللجوء إليه إلا نادرا، وهذا مهما كانت مرحلة المرض. ويعتبر ارتفاع ثمن دواء الروماتويد المفصلي سببا مباشرا في عدم تعميمه، إذ إن الدواءين اللذين يوجدان بالصيدليات المغربية يصل ثمن أحدهما إلى 60 ألف درهم، في حين يصل ثمن الآخر إلى 250 ألف درهم في السنة الواحدة، ويزداد الأمر تعقيدا، تؤكد العلالي، «مع عدم تعميم التغطية الصحية، وحتى بالنسبة إلى الذين تشملهم فإنهم يؤدون نسبة 30 في المائة بالنسبة إلى الضمان الاجتماعي». وطالبت علالي الجهات الوصية بتعميم التغطية الصحية للمرض، باعتباره مرضا مزمنا، والرفع من نسبة الاستفادة إلى 100 في المائة، إذ إن نسبة 30 في المائة التي يؤديها المرضى تبقى عائقا أمام استفادتهم من العلاج، حيث إن المرض من بين الأمراض المكلفة إذ إنه يلازم المريض طيلة حياته، وحتى إن انخفضت نسبة 30 في المائة إلى 5 في المائة فستظل كذلك. ويؤكد الدكتور بنونة في نفس السياق إن المرضى مجبرون على أداء 30 في المائة من مصاريف العلاج للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علما أنه تمت مراجعة نسبة تغطية أمراض أخرى مماثلة لتبلغ 98 في المائة». وأبان بحث أجراه مستشفى العياشي على 100 شخص مصاب بالمرض عن أن 60 في المائة يتوقفون عن العمل بعد عامين من إصابتهم، كما أن المرض يتسبب في عدة مشاكل اجتماعية أخرى أهمها أن 19 في المائة من أطفال المرضى المتمدرسين يغادرون المدرسة للمساعدة المادية أو المعنوية لأسرهم، مثل تحمل الأعباء المنزلية بالنسبة للإناث أو للرفع من مداخيلها بالنسبة إلى الذكور وحتى الإناث. واستطاعت دورة 2009 للمؤتمر الدولي ل «روش»، شركة للأدوية والعناية الصحية، المنعقدة ببودابست بهنغاريا تقديم جزيئة جديدة مخصصة لعلاج الروماتويد المفصلي تسمى Tocilizumab. ويعد هذا المنتوج خلاصة بحث طويل وخطوة نحو الأمام في اتجاه التحكم والسيطرة على هذا المرض الذي أثبت صعوبة تحمله وهو من فئة جديدة دوائية تدعى بالمنتجات الإحيائية.ويندرج داء الروماتويد ضمن الأمراض طويلة المدى. وأبانت الدراسات المنجزة في هذا الإطار، أنه يفضي إلى تقليص أمد الحياة من 5 إلى 10 سنوات، مع توقف النشاط المهني في السنة الثالثة بعد ظهور أعراض المرض. علاوة على هذا، فهو يظل أصل تدهور خطير لاستقلالية المرضى المصابين به (توقف عن الدراسة، طلاق..).