ركز مشاركون في ندوة دولية، أنهت أشغالها أول أمس الأربعاء بمراكش حول قاضي النقض في القرن ,21 على أن التطور السريع للنظم المعلوماتية «يجعل التفكير في المحاكم الإلكترونية مطروحا من الآن»، واضعين اليد على بعض النقائص في هذا المجال لدى دول أعضاء في جمعية المحاكم العليا المشتركة المستعملة للغة الفرنسية، كما أبرز هؤلاء أهمية المسألة البيئية، والاهتمام الذي تحتله ضمن برنامج المنظمات الدولية، سواء على مستوى التحسيس أو التكوين، مشددين على أن انخراط القضاء «ضروري ولازم في إطار المقاربات الجديدة لتناول المسألة البيئية»، وأن «عليه مواجهة المتطلبات الجديدة والمعقدة التي تتطلب تحصين وتعزيز دولة الحق والقانون، والمساهمة الفعلية في تنمية حقوق الفرد... وضمان حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». وفي هذا السياق، أبرز رئيس المجلس الأعلى المغربي للقضاء إدريس الضحاك، خلال الكلمة الختامية للمؤتمر، أهمية استعمال التكنولوجيا الحديثة لتطوير القضاء، موضحا أن من شأنه أن يسهل عملية الولوج إلى المعلومة القضائية، وطارحا موضوعا مهما للنقاش هو ضرورة التفكير في إحداث محاكم إلكترونية. كما تحدث الضحاك عن التمييز في ما يخص مكانة الاتفاقيات الدولية ضمن النظام القانوني الوطني، وذلك بين النظام الأحادي الذي يعتمد مبدأ سمو الاتفاقية الدولية على القانون الوطني، والنظام الثنائي الذي يجعلها على قدم المساواة، كما فتح المجال لسعد مومي، مستشار في المجلس الأعلى، للإجابة على تساؤلات أثيرت حول الصعوبات التي تعترض القاضي بخصوص تفسير الاتفاقيات الدولية. وأشار جان دو جردان، محامي بمحكمة النقض ببلجيكا، إلى أن إدارة الكم الهائل من الطعون المعروضة على محاكم النقض «يقتضي اتخاذ تدابير إجرائية من أجل الحد من مفعوله السلبي، مثل التمثيل الإلزامي للأطراف بواسطة محام، وإحداث غرفة داخل المحكمة للقيام بعملية التقييم الأولي لتمييز القضايا حسب صعوبتها، وقيمتها انطلاقا من الإشكاليات المطروحة، والتمييز بين القضايا التي يجب عرضها على الغرف متنوعة التكوين بالنظر لصعوبتها وقيمتها، والتعليل المبسط والموجز، إذا كانت طبيعة القضية تحتم ذلك، وكذا اعتماد الأدوات اللوجستيكية اللازمة، ومنها الإدارة المعلوماتية بهدف تصريف العدالة بأكبر سرعة ممكنة. ورأى المتحدث نفسه ضرورة نشر القرارات القضائية على الحامل الورقي، أو عن طريق الأنترنت، مساهمة في خلق نوع من التواصل بين الدفاع والمتقاضي والقضاء. ومن جهة أخرى، أبرزت إليزابيت بردوك ما وصفته بقيود تحكم ممارسة الطعن بالنقض، من جملتها وجوب تجاوز المبالغ موضوع الحكم سقفا معينا، وهو ما انتقدته بردوك لكون عدم قابلية هذه الأحكام للطعن بالنقض «يمكن أن يحدث أثرا سلبيا على النظام القانوني»، مضيفة أن الطعن بالنقض لا يمكن البت فيه إلا إذا كان المحكوم عليه قد نفذ الحكم موضوع الطعن... وخلصت المتحدثة إلى أن من شأن مساطر انتقاء الطعون الحد من التأثير السلبي لبعض الطعون الممارسة بشكل غير جدي. وفي إطار المائدة المستديرة المتعلقة بوظيفة قاضي النقض، ألقى المحامي العام لدى المحكمة العليا بدولة البنين نيستور داكو مداخلة حول رقابة المشروعية وضبط القانون، حاول من خلالها مقاربة إشكالية مفهوم الرقابة التي يقوم بها قاضي النقض، والضوابط الأساسية التي تحكم عملية تفسير القاعدة القانونية، مركزا على الخصوص على المنهج التفسيري القائم على القياس والتحليل القائم على مفهوم المخالفة. ولاحظ أن التحديات التي يواجهها قاضي النقض في القرن الحادي والعشرين «تقتضي تفعيل السلطة الإنشائية لقاضي النقض لملاءمة القاعدة القانونية للمعطيات الواقعية المصاحبة لتطور المجتمعات المعاصرة». عبد الغني بلوط