دعت أستاذة القانون بثينة القروري الحركات النسائية ذات المرجعية الاسلامية إلى إعادة قراءة النصوص القرآنية باستحضار الواقع، محذرة من التأويل المتطرف لمفهوم المساواة الذي قد لا يراعي الاختلاف بين الجنسين ويجبر المرأة على تقاسم الأدوار مع الرجل، بل باعتماد مفهوم جديد يراعي خصوصية المرأة ودورها في عملية البناء الإنساني. جاء ذلك خلال ندوة نظمها منتدى الزهراء للمرأة المغربية بالمعرض الدولي للكتاب ، الإثنين 15 فبراير 2016 حول موضوع "تطور مفهوم المساواة عبر التاريخ". وأضافت القروري، في مداخلتها، أن الاسلام ركز على مفاهيم الاستخلاف و القوامة في علاقة المرأة بالرجل، موضحة أنهما مفهومين متغيرين، فيما تأسفت القروري عن التركيز في دراسة قضايا المرأة في الاسلام على الفقه الاسلامي الذي لا يشكل سوى انعكاس لمرحلة معينة من تاريخ العالم الاسلامي، ولا يعكس الاسلام و انما يعكس طريقة تدين المسلمين خلال فترة معينة. وقالت عزيزة البقالي، الرئيسة الحالية لمنتدى الزهراء إن هذه الندوة تشكل محطة ثقافية لمواكبة أشغال الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر و الكتاب الذي تستضيفه مدينة الدارالبيضاء خلال الأسبوع الجاري، وسعيا من المنتدى لتسليط الضوء على أهم تطورات مفهوم المساواة من خلال الفكر الاسلامي و عند الحركات النسائية عموما. واعتبرت المتدخلة أن مفهوم المساواة غير موجود في القرآن ولكنه حاضر بمفاهيم دلالية تنص عليه من خلال التركيز على قيمة العدالة في عدد من الآيات القرآنية. واعتبرت منية الطراز الباحثة بمركز الدراسات و البحوث في القضايا النسائية في الاسلام، أن الحديث عن المساواة كمفهوم لازال حيويا وآنيا، لأنه لازال ينضح باشكالات تحتاج بيانا وبحثا ونقاشا عميقا، بالنظر إلى أن هذا المفهوم أصبح يشكل معيارا لقياس مستوى تقدم الدول ويؤخذ بعين الاعتبار في التقارير الدولية، لذلك فالمجتمع الاسلامي ملزم بضرورة المساهمة في إغناء النقاش حول هذا المفهوم. واستعرضت المتدخلة، خلال مداخلتها حول تطور مفهوم المساواة بين الفكر النسائي و المجتمع الغربي، تاريخ ظهور المساواة في الفكر الغربي، حيث ظهرت لصيقة بالمطالبة بحق النساء في التعلم وإقرار الحقوق السياسية للمرأة ، فيما ظهر الحديث عن المساواة في العالم الاسلامي بالحديث عن منع تعدد الزوجات و رفع الوصاية عن المرأة الرشيد. أما عن المساواة وتطور مفهومها في المغرب، فقد اعتبرت الطراز أن أواخر القرن العشرين شهدت صراعات كبيرة، أدت إلى ظهور تيار جديد يبدي استعداده لإعادة قراءة النصوص الدينية المتعلقة بالمرأة و حقوقها، لإقرار حقوق للمرأة تتوافق مع المرجعية اسلامية . وتساءلت الطراز عن ما إذا كان هذا التطور التاريخي لمفهوم المساواة في العالم و العالم العربي والاسلامي على وجه الخصوص نجح في تحقيقه على أرض الواقع وتحويله إلى حقوق فعلية تتمتع بها النساء، داعية إلى فعل اجتماعي يحارب ما وصفته بتجذر لفكر اللامساواتي والذي يمنع تحقيق المساواة حتى بوجود نصوص قانونية تنص عليها. من جهته، ركز الباحث في الحركات الاسلامية بلال التليدي على أن المساواة مفهوم تاريخي لم يكتمل، ولا زال حتى في الدول الغربية موطن نشأته خاصع لتغير ونقاش مستمر، لأنه خاضع لتطور المجتمع و تحولاته. و أشار التليدي خلال ذات الندوة إلى أن التناول الاسلامي لموضوع المرأة انطبع بمنطق الوظائفية، فيما كان مفهوم المساواة دائما منبوذا بالنظر إلى إحالته الغربية. وفي علاقة الاسلاميين بالمساواة، اعتبر التليدي أن هذه العلاقة تغيرت منذ تهيأ الإسلاميون للاندماج السياسي، وبدأ هذا التغير بنفيهم لكل النصوص الشرعية و التراثية التي تحمل مصاحبات سلبية على المرأة، و التأكيد على أن القوامة في الاسلام هي قوامة اشرافية وليست تحكمية. ودعا التليدي الفاعلين في الحركات النسائية إلى إعادة دراسة التجربة الغربية و طريقة تشكل مفهوم المساواة وتطوره، معتبرا أن الشروط الاجتماعية و الاقتصادية لتبني الغرب لمفهوم المساواة يمكن أن توضح عددا من الاشكالات التي لا زال الفاعلون اليوم يتخبطون فيها .