ترى الباحثة في مركز الدراسات والبحوث حول قضايا النساء في الاسلام، منية الطراز؛ أن النقاش حول القضايا المتعلقة بالمرأة، يجر وراءه تاريخا من الصدام والصراع، كما أنه لا يزال يغلف بالايديولجيا ويحملها الأفكار المسبقة، وهو ما يؤخر عملية الاصلاح ولا يخدم القضية. وتذهب الطراز إلى أنه لا يمكن الحديث عن واقع المرأة في العصر الحديث دون استحضار السياقات التاريخية التي أفرزت مختلف الخطابات الاصلاحية والتي تجعل من المرأة والأسرة محور قضيتها، حيث لا يمكن إغفال المخاضات الاولى للقضية في اوربا الحديثة بكل تفاصيل التطورات الاجتماعية التي عاشتها والتي لم تكن الا تعبيرا عن حركة فلسفية جعلت من قيم التحرر والمساواة أساسا لها. فقد كان اللقاء مع الاجنبي بداية القرن الماضي أول أسباب انتقال خطاب التحرير النسائي المشحون بالفلسفة الغربية ونظرتها لقضية المرأة الى العالم العربي والاسلامي، حيث حكمت هذه النظرة قناعات نخبة من المثقفين الذين قادتهم صدمتهم إلى اتهام التشريع نفسه بعدم فائدته في صناعة النهضة الجديدة. وترى ىالباحثة في حديثها ل"التجديد" أن هذا كان وراء نشأة بعض الدعاوى التي وجدت من أهم منافذ دعوتها للنهوض البدأ بقضية ىالمرأة. والتي كانت غارقة فعلا في العزلة والاضطهاد. وتؤكد الباحثة المهتمة بقضايا الحركة النسوية؛ أن ما يمكن تسجيله بهذا الصدد هو أن نفس الصراع الذي لازم خطاب الحركة النسائية عندنا استمد اصوله من نضالات المرأة في الغرب وقوبل في الداخل بجبهة مضادة ممانعة، وعنيدة رأت أن التفريط في القيم الاسلامية سيكون مدخلا للاستلاب الكلي، ولكن دون أن يفكر الفريقان بشكل واقعي في مراجعة ما يمكن مراجعته بشكل متان ومسؤول. الطراز التي ترجع إلى بداية هذا السجال تذهب إلى ان دعوات بعض الاسلاميين ومعهم ممثلو المؤسسات التقليدية كانت تبدو أحيانا غير مقبولة عقلا ولا تعبر عن سماحة الشرع ومقاصد التنزيل في كثير من تقريراتها ورؤاها، كما أن التيارات التي تبنت قيم الحداثة في الدفاع عن قضية المرأة كانت متعالية في طرحها ولا تكلف نفسها التبرير العلمي لنزعتها التي تتميز بالاندفاع والارتجال، إلا أنه على الرغم من تطور النقاش فيما بعد لا تزال المناقشة العلمية ومساءلة النصوص الشرعية من قبل الطرفين متطبعة بطبائع المنازعة والصدام، ولم تختمر بما يكفي في الواقع. رؤى ومؤسسات إسلامية ينتقد عدد من المتتبعين اشتغال المراكز والمؤسسات التي تعنى بقضايا المراة والأسرة؛ بسجالات مكرورة ومشاكل مستوردة من بيئات اخرى في الوقت الذي كان بالامكان الانشغال بمعالجة المشاكل الواقعية للمرأة المسلمة في مجتمعها العربي انطلاقا من الحاجة، واقتراح بدائل لها. وفي هذا السياق تنتقد منية الطراز غياب الاهتمام باقتراح مشاريع عملية وتطوير رؤى نظرية من لصالح المؤسسة الاسرية المسلمة. وتضيف الطراز أنه لا يعقل الاكتفاء بمراكز الاستماع ودور العجزة وملاجئ الأمهات العازبات ودور الأيتام من ولادات غير مشروعة والتي تولدت لتستوعب انعكاسات الرؤية الغربية لتحرر المرأة. في القوت الذي نجد هناك رؤى إسلامية لمؤسسات الوساطة بين الزوجين والتي يمكن أن تستقبل الحكام الذين يمثلون الأزواج في حالة الشقاق مثلا، وهناك رؤى واضحة لمراكز الارشاد الأسري ودور الكفالة والرعاية ومؤسسات لتأهيل الازواج لمهمة الزواج، حيث إن الزواج ينطوي على فلسفة عميقة تعتبر الزوجين أمناء على الخلف الذين يحملون بدورهم أمانة الاستخلاف. والخلاصة أن هناك فلسفة إسلامية متكاملة يجب إخراجها نظريا أولا -تضيف المتحدثة- من بطون التفاسير التي يمكن اعتمادها ارضية خاما، كما يمكن اخراجها من خلال عمل جاد ورشيد لا يكتفي بالنصوص التراثية. وترى الباحثة أنه على التصدي للضغوط المتزايدة من قبل المجتمع الدولي على العالم الاسلامي والمغرب ضمنه، والتي اشتدت منذ ابريل 1987،(التصدي لها ) لايعني الاحتماء بما لا ينفع من القيم والرؤى المتجاوزة والتي يجوز في حقها النظر والاجتهاد. وفي سبيل اقتراح خلخلة لهذه السجالات تجد الباحثة في النص القرآني متسعا للاجتهاد والنظر لكونه يحتوي على باب واسع للظنيات، حيث يمكن الاجتهاد في رؤى اخرى لقضايا المرأة التي أصبحت تثار من حين لآخر كقضية الاجهاض وزواج القاصرات وقضية القوامة وغيرها مما يقبل النظر بقدر الامكان لعدم ورود نصوص قطعية فيه، فيما تقترح بخصوص ما يتصف بالقطعية دراسة الجوانب التطبيقية والعمل على تهييء الأرضية المناسبة لإثبات ما فيه من تشريعات. من جهة اخرى تنبه الباحثة في المركز التابع للرابطة المحمدية للعلماء؛ إلى ضرروة الانتباه في هذا الصدد إلى التجربة التي يخطها المغرب والتي تفتح آفاقا واعدة لخدمة المشروع الاصلاحي في قضية المراة والأسرة وفق مقومات الخصوصية. وتدعو المتحدثة الى استثمار السياقات السياسية والفكرية والاجتماعية والدينية التي يعشها المغرب، بشكل يدفع بوضع المراة نحو الاحسن. وتسجل الباحثة بهذا الخصوص عددا من الايجابيات المتحققة في السياق المغربي من بينها ما يتعلق بمدونة الأسرة، بالاضافة الى إصلاح الحقل الديني والذي كان من ثمراته فتح المجال للنساء للمساهمة في تأطير الحقل الديني سواء من خلال إدماجهن في المجالس العلمية أو عبر الواعظات والمرشدات اللواتي تزايد عددهن في السنوات الأخيرة.