من بينها "المينورسو" في الصحراء.. دعوات لإنهاء عمليات حفظ السلام "الفاشلة" لتقليل الهدر المالي    مجموعة "أكديتال" تتصدر معاملات البورصة متقدمة على "التجاري وفا بنك" و"اتصالات المغرب"    أمطار الخير تُعيد الحياة لفلاحة الشمال وسدوده!    إقبال خاص على المنتجات المحلية في شهر رمضان    استمرار تعليق الرحلات البحرية بميناء طنجة المدينة    طنجة..تنظيم حفل إفطار جماعي لفائدة أطفال سجناء وسجناء سابقين    تزنيت.. توقيف سائق متهور بتهمة الاستعراض في الشارع العام وتعريض السلامة المرورية للخطر    عدد ضحايا الهجرة إلى سبتة سباحة يرتفع إلى 9 حالات    لسعات النحل تودي بحياة طفل بضواحي الحسيمة    رحيل مخرج "وادي الذئاب" "دموع الورد".. نهاية أسطورة الدراما التركية    المجلس العلمي الأعلى يحدد قيمة زكاة الفطر لعام 1446 ه في المغرب    تأجيل جلسة الاستماع للناصيري في ملف "إسكوبار الصحراء" ودفاعه يعلمن تفاؤله ببراءته    مبارزة كروية بين الأستاذ والتلميذ..من يحسمها الزاكي أم الركراكي؟    بشرى لفلاحي جهة الشرق.. سدود حوض ملوية تستقبل حمولات مائية مهمة    الإمارات تستثمر ب1.4 تريليون دولار بأمريكا    النقابات تنتظر مآل الحوار بعد إعفاء السحيمي .. والوزارة تطمئن الشغيلة    اختيار 15 حرفة للمشاركة في النسخة الثالثة من برنامج "الكنوز الحرفية المغربية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إفران تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    "غزة منا ونحن منها".. وقفات بمدن مغربية تنديدا باستئناف الإبادة الإسرائيلية    تنظيم منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والإعلام بسيدي إفني    ارتفاع أعداد المعتمرين بنسبة 31 بالمائة    المجلس العلمي الأعلى يعلن عن مقدار زكاة الفطر نقدا لعام 1446ه/2025م    أبحاث جديدة تفسر سبب صعوبة تذكر الذكريات الأولى للأطفال    الأفضلية لكرواتيا وألمانيا والدنمارك وتعادل قاتل لإسبانيا في دوري الأمم الأوروبية    بريطانيا.. شرطة مكافحة الإرهاب بلندن تفتح تحقيقا بشأن حريق تسبب في إغلاق مطار هيثرو    زكاة الفطر في المغرب.. قيمتها وشروط ومواعيد إخراجها    تصفيات كأس العالم 2026.. المنتخب الليبي يضيع فرصة تصدر مجموعته بعد اكتفائه بالتعادل مع ضيفه الأنغولي    عمر نجيب يكتب: القومية الاقتصادية والحماية التجارية الصارمة معالم نظام عالمي جديد..    السلامي: الفوز على فلسطين منحنا دفعة معنوية قبل مواجهة كوريا الجنوبية    المغرب ضد النيجر في تصفيات كأس العالم 2026.. أين ومتى تشاهد المباراة؟    بنك أفريقيا ينفي وجود نزاع قانوني مع مجموعة مارِيتا    المجلس العلمي الأعلى يرفع قيمة الزكاة في المغرب    المدارس الخاصة.. 2.5% فقط تتبنى تدريس الأمازيغية    الصيام بين الفوائد الصحية والمخاطر    أسعار الذهب تستقر عند أعلى مستوى    الركراكي في مواجهة الزاكي لمواصلة سلسلة الانتصارات وحصد العلامة الكاملة    لقجع وبرادة مطلوبان في البرلمان للوقوف على تحضيرات مونديال 2030    محاكمة الفريق الطبي لمارادونا .. شهادات صادمة عن "الإهمال القاتل"    قيس سعيّد يقيل رئيس الحكومة    منظمة الصحة العالمية تدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة السل    صحة الصائم الجيدة رهينة بالتوازن في الأكل و النوم و شيء من الرياضة..    اختلالات الحكومة المغربية وشعرة معاوية    تعاون أمني بين المغرب وإسبانيا يوقف عنصر موالي ل"داعش" في قرطبة    طوفان الأقصى: لا أمن بلا سلام    من أجل فلسفة جذرية    الحكومة تستعد لمؤازرة "الكسابة" بعد منع ذبح إناث الأغنام والماعز    فعاليات دينية مغربية في كوبنهاغن    استشهاد 591 فلسطينيا من بينهم 200 طفل وإصابة أكثر من 1042 خلال 72 ساعة    أمسية شعرية وفنية تحتفي باليوم العالمي للشعر في طنجة    ميناء المضيق : ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 28 % مع متم فبراير الماضي    جنوب أفريقيا.. مجموعة الدفاع عن استقلال كيب الغربية تتوجه إلى الولايات المتحدة لمناقشة تقرير المصير    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تظاهرة جماهيرية حاشدة تنديدا بالتدخل الأجنبي في لبنان
نشر في التجديد يوم 09 - 03 - 2005

أعادت تظاهرة بيروت بميدان رياض الصلح أمس الثلاثاء والتي قدر حضورها بالمليون ونصف، موضوع الأزمة اللبنانية إلى نقطة الصفر واستعادت القوى المناهضة للتدخل الأجنبي المبادرة، فالامر لم يكن مجرد موقف داعم لسوريا ومناهض للضغوط الدولية عليها، بل لما كشفه عن عمق الشرخ القائم بين مكونات الساحة البنانية وهشاشة التوازن فيها، لنشهد مقدمات تفكك وانهيار هذا التوازن، وتتأكد المقولة الداعية لاعتبار أن المطلب الأمريكي بنشر الديموقراطية مقدمة لزعزعة الاستقرار وليس لتوطيده، ومدخل لانهيار الأمن وليس لنشره، حيث أخذت بوادر التحاق النموذج اللبناني بسابقيه النموذجين الأفغاني والعراقي تظهر مع اشتداد الضغط الأمريكي، وسيكون على كل من الإدارة الأمريكية والفرنسية أن تراجع جيدا ما قالته عن انتصار الديموقراطية بلبنان، ذلك أن تظاهرة أمس ببيروت والتي فاقت بشكل كبير من حيث كثافة المشاركة الجماهيرية التظاهرة التي سبق أن دعت لها المعارضة.
لقد سارعت التحليلات للتذكير بما أسمته بالانشقاق الكبير الذي مهد للحرب الاهلية في سنة ,1975 لكن المثير هو اختلاف الدواعي والظروف والسياقات بين 1975 و,2005 لكن بعضا من الإشكالات لم تتغير، وأبرزها ملف المقاومة والموقف من إسرائيل ومستقبل الوجود السكاني الفلسطيني بلبنان، فضلا عن السياق العام مرتبط بالمشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير، وموقع سوريا ضمن هذا المشروع، وهي القضايا التي ستكون محددا في مستقبل تدبر الأزمة اللبنانية الحالية.
لم تحمل التظاهرة مفاجأة كبيرة من حيث الجماهيرية، خاصة مع انخراط حزب الله في التعبئة والتنظيم من أجل إنجاحها بهدف التنديد بالقرار- الفتنة 1559 ووفاء وتقديرا لسوريا على إنجازاتها الكبرى في لبنان على حسب النداء الذي وجهه الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، إلا أن توقيتها كان ذا دلالة خاصة، حيث جاء بعد الإعلان الرسمي لسوريا عن الانسحاب من لبنان، وعقد قمة بين الرئيسين لحود وبشار الأسد والتي أقرت الاتفاق على عملية الانسحاب السوري للبقاع في أفق نهاية الشهر الجاري، وما يرتبط بذلك من ترتيبات أمنية وسياسية.، أي أنها شكلت تعبيرا عن التأييد لنتائج القمة وفي الوقت نفسه الرد على ما طرح من السعي لإلغاء معاهدة الأخوة والصداقة المبرمة بين سوريا ولبنان واعتبرها معاهدة وقعت في ظل الاحتلال مما يستوجب إلغائها، وهو موقف كشف أن أفق بعض المعارضة هو الوصول إلى درجة القطيعة مع سوريا، ويؤكد بالتالي التحليلات الذي ذهبت في توقع مشروع اتفاق أيار جديد مثل الذي وقع في 1984 بين إسرائيل ولبنان ثم ألغي فيما بعد.
الواقع أن الأطراف الدولية وخاصة فرنسا والولايات المتحدة ستجد صعوبة كبيرة في تفسير التظاهرة الحاشدة لمعارضة المعارضة، على أنها مجرد عملية دعائية مخدومة من قبل الأجهزة الأمنية السورية بلبنان، حيث أن مختلف وسائل الإعلام أبرزت الطابع الشعبي الكثيف، حتى أنها وصفت بالبحر الجماهيري، فمئات الآلاف التي خرجت يوم 8 مارس الجاري استجابة لنداء معارضة المعارضة، وضعت مساعي المعارضة على الصعيد الدولي في مأزق حقيقي، يضع تمثيلتها في محك حرج، كما ينسف الكثير من دعاوى وضع الوجود السوري في خانة الاحتلال، فضلا عن تعميق شقة الخلاف بينها وبين بقية مكونات الساحة اللبنانية الوطنية، بالرغم من اللقاء الذي انعقد بين مسؤولين مقربين من البطريرك الماروني نصر الله صفير ومن زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أول أمس الإثنين، والذي أكد خيار الحوار والتوافق لحل الأزمة، حيث إن التظاهرة وما كشفته عن عمق شعبي للعلاقة مع سوريا من جهة، ومن جهة أخرى توجه المعارضة اللبنانية إلى أوربا من خلال الزيارة التي يقوم بها وفد برلماني لبناني من أحزاب المعارضة لكل من بروكسل للقاء الممثل
الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، وباريس للقاء وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه وزيارة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية في البرلمان الفرنسي فضلا عن لقاء وليد جنبلاط بوزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر، بما يعطي بعدا أكبر لتدويل الأزمة اللبنانية، والاستقواء بالغرب للمطالبة بالانسحاب السوري الكامل، لتعزز ذلك بالخطوات الأمريكية لتقوية الضغط الدولي على سوريا، والذي صرح سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الأبيض أول أمس الإثنين بأن الولايات المتحدة لن تكون راضية عن أنصاف الخطوات.. المجتمع الدولي يقول بجلاء كامل لسوريا، إنهم بحاجة إلى انسحاب كامل وفوري من الأراضي اللبنانية. هذا ما يتوقعه المجتمع الدولي منهم.
قد يكون من السابق لآونه توقع السيناريو الكارثي الذي عاشه لبنان بين 1975 و1990 والذي تحولت معه لبنان وخاصة بيروت إلى مستنقع من اللأمن واللاستقرارن خاصة وأن جزءا من المعارضة ممثلا في حركة التجديد الديمقراطي اعلنت عن اتفاقها مع حزب الله على ضرورة حماية المقاومة والتمسك باتفاق الطائف ورفض التوطين، لكنها تختلف معه بشأن مسألة الوجود السوري في البقاع، وشدد كذلك على الحاجة لإجراء حوار لبناني شامل بشأن مستقبل سلاح حزب الله، وهو تصريح إذ يؤجل المشكلة فإنه يبقيها خاصة عندما سيطرح موضوع نزع سلاح حزب الله، والذي يمثل مطلبا إسرائيليا وأمريكيا بالأساس.
ولقد كانت كلمة الأمين العام السيد حسن نصر الله في التظاهرة الحاشدة تعبيرا عن وعي وطني متقدم يضع أولوية الحفاظ على الأمن والاستقرار والتعايش بين مختلف الشركاء في مقدمة الأولويات ودعوة الجميع للتعقل والحوار وقطع الطريق عن التدخل الأجنبي، فضلا عن تأكيده على الحاجة لحكومة وطنية وربط بقاء أو انسحاب الوجود السوري باتفاق الطائف، مع الرفض الشديد للقرار .1559
على الصعيد الامريكي سيكون لهذه التظاهرة أثرها المباشر على النقاش القائم حول الموقف من حزب الله، والذي تضعه أمريكا ضمن قائمة المنظمات الإرهابية وتسعى للضغط على الدول الاوربية وخاصة فرنسا من أجل تبني نفس الموقف، فقد كان من المفاجئ صدور مقال في مجلة نيوزويك الاخيرة عنون بإرهابيون ديموقراطيون حيث اعتبرت أن وضع حزب الله في نفس خانة القاعدة ستكون له عواقب عكسية، مشيرة إلى أن ذلك كان نفس موقف الحريري، وأن على واشنطن البحث عن أساليب لتشجيع حزب الله الانضمام للمعارضة، وجذبه نحو الحركة الديموقراطية، ومذكرة بتجربة أمريكا مع منظمة التحرير الفلسطينية والتي كانت تعد في السابق إرهابية والآن ينعت زعمائها بأنهم مسؤولون منتخبون شرعيون، ونفس الأمر مع حزب الدعوة بالعراق والذي تورط في تفجيرات ضد أمريكا وزعيمه الآن يقف على رأس المرشحين لرئاسة الوزراء بالعراق لتتساءل فلماذا لا يتم ذلك في لبنان؟، وإذا كانت تظاهرة الأمس ستعزز من حظوظ هذا التوجه، وتكشف عن تنامي الوعي باحتمال التورط في مستنقع جديد إذا لم يقع التفاهم مع القوى الحقيقية في المجتمع، ففي المقابل نجد أن نجاحه سيفرض على الولايات المتحدة مراجعات عميقة
في سياستها الخارجية تجاه العالم العربي والإسلامي عموما والقضية الفلسطينية خصوصا، وهي مراجعة لا توجد مؤشرات دالة على احتمال الانخراط.
بكلمة إن ما يجري بلبنان حاليا يكشف عن بوادر تكرار الحالة العراقية، ويضيف للمأزق العربي الراهن ملفا جديدا بدا مع اغتيال رفيق الحريري وربما سينتهي بمشروع احتلال لسوريا.
مصطفى الخلفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.