بعد أزيد من أربع سنوات من التوتر والجمود في العلاقات المغربية الإسبانية بسبب مواقف الحكومة السابقة برئاسة ماريا أزنار والحزب الشعبي اليميني في عدة ملفات معلقة بين الجانبين، جاءت زيارة رئيس الحكومة الجديد المنتخب خوسي لوريس رودريغيز ساباثيرو يوم السبت 24 أبريل لتفتح نافذة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، كما عبر عن ذلك رئيس الوزراء الإسباني في تصريحاته الصحافية في ختام زيارته القصيرة للمغرب. الزيارة كانت ذات رمزية قوية وشكلت بادرة حسن نية من الحكومة الإسبانية إزاء المغرب بشأن مستقبل العلاقات، وحسن الجوار بين البلدين بعد الغيوم الكثيفة التي خيمت في سماء هذه العلاقات طيلة السنوات الأربع الماضية تحت حكم الحزب الشعبي المتطرف، وقد أعلن رئيس الحكومة الاشتراكية الإسباني أن الوزير الأول المغربي إدريس جطو سيقوم بزيارة لمدريد في منتصف شهر يونيو القادم، كما ستقوم العائلة الملكية الإسبانية بزيارة للمغرب في شهر أكتوبر القادم، ما يعني أن العلاقات بين البلدين مرشحة للتحسن الإيجابي. وتعتبر هذه الزيارة أول زيارة رسمية لبلد أجنبي بعد فوز خوسي لويس ساباثيرو، وحزبه الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 14 مارس الماضي وهزيمة الحزب الشعبي، كما تعتبر الزيارة الثانية لساباثيرو إلى المغرب خلال ثلاث سنوات، بعد الزيارة التي قام بها عام 2002 إثر اندلاع أزمة جزيرةليلى بين الرباطومدريد عندما كان رئيسا للمعارضة الاشتراكية في بلاده، وعبر فيها عن مواقف مخالفة لموقف حكومة أزنار، لذلك فإن هذه الزيارة تعد مكسبا للمغرب من ناحية، وتأكيدا لمواقف الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم من المغرب من ناحية ثانية، كما أن هذه الزيارة تأتي أيضا في سياق الرؤية الجديدة التي تحملها حكومة ساباثيرو للعلاقات الدولية بعيدا عن الوصاية الأمريكية وضمن المحور الأوروبي، والتي بدأتها بالإعلان فور فوز الاشتراكيين في الانتخابات في مارس الماضي عن سحب القوات الإسبانية من العراق، والدعوة إلى إعطاء منظمة الأممالمتحدة دورا أكبر هناك، واعتبار أن الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق كان خطأ. لا يمكن لأي ملاحظ لمسار العلاقات المغربية الإسبانية أن يخطئ التوقيت الذي أتت فيها زيارة زباثيرو للمغرب هذا الأسبوع، والذي يعتبر توقيتا دقيقا ومحطة هامة في مسار هذه العلاقات. فقد جاءت بعد أسابيع فقط من تفجيرات محطة القطارات في مدريد يوم 11 مارس الماضي التي سلطت الأضواء على الجاليات المغربية المقيمة في إسبانيا، ونحو المغرب الذي يوجد على بعد خطوات من الجزيرة الإيبيرية، إذ اعتقلت السلطات الإسبانية حتى الآن 14 مغربيا في إطار التحقيقات الجارية حول التفجيرات. فقد أثارت تلك الأحداث موجة من الاستنكار الداخلي، وأيقظت مخاوف المغاربة الموجودين في التراب الإسباني الذي باتوا يخشون من تكرار حوادثإيل إيخيدو، وعودة العنصرية والكراهية إلى صفوف الشعب الإسباني، وهو ما كان سوف يؤدي إلى انتكاسة قصوى في العلاقات بين البلدين فيما لو كان عمر الحكومة اليمينية السابقة ما زال طويلا، وكان موعد الانتخابات أبعد. وفي هذه النقطة لوحظ أن رئيس الحكومة الإسبانية ألح على ضرورة إيجاد مقاربة مشتركة لظاهرة الهجرة تأخذ بعين الاعتبار التاريخ والجوار المشتركين بين البلدين، وسار في اتجاه القطع في السياسات السابقة المتعلقة بالهجرة، والتي كانت تنهجها حكومة الحزب الشعبي في الماضي، وهذا تحول نوعي. أما المسألة الثانية المرتبطة دائما بتوقيت الزيارة، فهي تتعلق بقضية الصحراء المغربية التي تنتهي يوم 30 أبريل الحالي المهلة التي حددها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لبعثة المينورسو، حسبما ورد في آخر تقرير له في شهر يناير الماضي. وقد أكد رئيس الحكومة الإسبانية في الندوة الصحافية التي عقدها مع الوزير الأول إدريس جطو في الدارالبيضاء في ختام الزيارة على ضرورة دخول أطراف النزاع في حوار سياسي، وهو الموقف نفسه الذي ظل المغرب ينادي به في الآونة الأخيرة سعيا لنزع فتيل التوتر في المنطقة، دون تلقي أي رد إيجابي من الدولة الجزائرية التي ترعى جبهة البوليساريو وتشكل رافدا سياسيا وديبلوماسيا وعسكريا لها. إدريس الكنبوري