قال عبد العالي حامي الدين إن محمد بن الحسن الوزاني ظلمه التاريخ المغربي مرتين، الأولى حين لم يلق العناية الكافية في الكتابات التي تعرف به مثل المفكرين الآخرين الذين عاصروه أمثال علال الفاسي، والثانية حين صنف ضمن دائرة المفكرين اللبراليين الذين كانت لهم أفكار ليبرالية وهو ليس كذلك. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، خلال محاضرة "الإسلام والدولة في فكر محمد بن الحسن الوزاني"، نظمتها حركة التوحيد والإصلاح يوم الجمعة 22 يناير 2016 بمقرها المركزي بالرباط ، أن مرتكزات الخطاب السياسي والفكري لهذا الرجل كانت تصدر عن ثقافة إسلامية ، وكان لديه منظور فكري متفرد يتوخى قراءة جديدة للتاريخ الإسلامي ، وإثارته لمفاهيم عصرية أثارت جدلا ونقاشا كقضية الديمقراطية ومدى انسجامها مع مفهوم الشورى. وأضاف حامي الدين أن الوزاني بين علاقة الديني بالسياسي ،وموقفه من العلمانية انطلاقا من اعتماده على الكتاب والسنة ،وعلى كتب التاريخ الإسلامي ،وحاول التأسيس لخطاب إسلامي متميز، أثبت فيه بعض المفاهيم السياسية الإسلامية من جهة، وفي نفس الوقت رد على بعض الشبهات التي حاولت أن تنفي عن الدين الإسلامي مهام تدبير الشأن السياسي. و يرى عضو مجلس الشورى في حركة التوحيد والإصلاح والقيادي بحزب العدالة والتنمية أن الوزاني، ينطلق من بناء هذا المشروع بدحض الأطروحة العلمانية ،انطلاقا من قراءة معمقة لوظيفة الإمام في التصور الإسلامي، كما أنه استغل الفرصة ليثبت سخافة نظرية الحق الإلهي، التي تستند على أن الحاكم له تفويض إلهي. وأضاف أن الوزاني، استند على المرحلة النبوية ليستدل على تلازم السلطتين الدينية والدنيوية في التصور الإسلامي لنظام الحكم، وقال " فبالرغم من قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الدعوة الدينية فقد كان في أمته بمثابة السلطان أو الحاكم ، إذ كان يدبر أمور الجماعة كلها سواء في السلم أو الحرب وبعبارة أخرى فهو الذي كان يتولى السياسة العامة فكان فضلا عن كونه صاحب الدعوة ،رئيس الملة وقائدها ". وأوضح القيادي بحزب العدالة والتنمية أن الرجل كان على وعي تام بما انتهى إليه الفكر الغربي من ضرورة الفصل بين الدين عن السياسة ، حيث نبه إلى خطورة تعميم هذه الأطروحة لتشمل الدين الإسلامي وقال "لأن الإسلام يعنى بسياسة الأمة كما يعنى بحياتها الروحية وبقدر ما تعرض المسيحية عن الحياة الدنيا وتنكر القوة والمادة إنكارا تاما ولا تعنى بالسياسة مطلقا، يأمر الإسلام بالعمل بالدنيا والآخرة معا ". وكشق حامي الدين أن الوزاني حذر بعض أهل السنة من استنساخ التجربة الشيعية ، وقال "إنها تشل العقل وتميت الفكر وتعطي الخليفة أو الإمام سلطة لا حد لها، فيعمل ما يشاء وليس لأحد أن يعترض عليه لأن العدل هو ما فعله الإمام وهي أبعد ماتكون عن الديموقراطية الصحيحة ،التي تجعل الحكم للشعب وتزن التصرفات بميزان العقل ،ولا تجعل الخليفة والإمام إلا خادما للشعب ،ويوم لا يخدمهم لا يستحق البقاء في الحكم "،فالخليفة عنده منفذ للقانون الإسلامي وقد ينحرف عن التنفيذ. وتدخل محاضرة حامي الدين "الإسلام والدولة في فكر محمد بن الحسن الوزاني" ضمن سلسلة دروس سبيل الفلاح في سنتها الخامسة ، التي دأبت "حركة التوحيد والإصلاح" على تنظيمها ، للتعريف بمجموعة من أعلام المغرب المعاصرين من أمثال علال الفاسي والمختار السوسي وعبدالله كنون ومحمد بلعربي العلوي، واستأنفت السلسلة مع بداية سنة 2016 بقراءة في كتاب الراحل عبد الله بها "سبيل الإصلاح".