يواجه الصحفيون الفلسطينيون والعرب والأجانب العاملون في الأراضي المحتلة مواقف لا تخلو من مشاهد القتل والدماء التي تزخر بها صور آلات تسجيلهم. في هذا السياق، رصد تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، خلال الشهور الأخيرة فقط، 470 انتهاكا صهيونيا بحق الصحفيين، شملت مقتل تسعة منهم، وإصابة أكثر من مائة، واعتقال واحتجاز مثلهم، واستهداف 51 مقرا إعلاميا، وإطلاق النار بشكل متعمد على 45 صحفيا في حوادث متفرقة. وأشار التقرير نفسه إلى أن 48 حالة تم فيها مصادرة معدات وبطاقات للصحفيين، و12 حالة منع فيها الصحفيون من دخول مناطق الأحداث لتغطيتها، وخمس حالات منع أصحابها من السفر إلى الخارج، إضافة إلى ثماني حالات تم فيها دهم وتفتيش بيوت لصحفيين. وقال نائب نقيب الصحفيين، توفيق أبو خوصة في تصريح تحدثت عنه قناة الجزيرة الأسبوع الماضي >إن الانتهاكات الصهيونية بحق الصحفيين الفلسطينيين تأتي في إطار السياسة المبرمجة للاحتلال، والتي تستهدف كل ما هو فلسطيني، إذ لا يعترف الاحتلال بالصحفي الفلسطيني إلا كعدو، وبالتالي فإن دمه مستباح<. وأضاف أبو خوصة قائلا: >إن الاحتلال لا يريد للصوت الفلسطيني أن ينتصر، خاصة بعد النجاحات التي حققها الصحافيون الفلسطينيون في تغطيتهم لأحداث الانتفاضة، حيث تمكنوا من لفت أنظار العالم إليها، عبر نقل صور المعاناة اليومية التي يلقاها الفلسطينيون على أيدي قوات الاحتلال<، مشيدا بدورهم المهم والفاعل >رغم سياسية القمع الصهيونية والعراقيل التي يواجهونها أثناء عملهم<. وروى المصور الصحفي أحمد جاد الله الحاصل على جائزة أفضل صورة صحفية عالمية للأحداث الساخنة عام 2003 للقناة نفسها قصة التقاطه تلك الصورة التي كادت تودي بحياته، قائلا إن قوات الاحتلال أطلقت عليه أثناء تغطيته أحداث اجتياح صهيوني لمخيم جباليا في مارس من العام الماضي، قذيفة دبابة في منطقة كان مسعفون ورجال إنقاذ يعملون فيها، فسقط جريحا واستشهد 14 مدنيا حوله. وأضاف أنه رغم عدم قدرته على الحراك، فإنه شرع يلتقط صور المجزرة مستلقيا على ظهره والدماء تنزف من قدمه، موضحا أنه لم يكن يعلم أن صورته هذه ستفوز بجائزة عالمية >رغم أنها كانت بطعم الموت<. ورغم أن الصحافيين يتمتعون نظريا بحقوق تضمنها الاتفاقيات الدولية، فإن الصهاينة لا يلقون لها بالا، ويستمرون في مخططاتهم البشعة في تقتيل الفلسطينيين. في هذا السياق قال مسؤول العلاقات العامة بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عبد الحليم أبو سمرة إن معظم اعتداءات الاحتلال على الصحفيين كانت متعمدة من أجل عزل الأراضي الفلسطينية عن العالم الخارجي، وتكثيف الاحتلال لعملياته العسكرية بعيدا عن أنظار العالم، لا سيما أن هؤلاء الصحفيين كانوا يرتدون دروعا وشارات تميزهم عن غيرهم. واعتبر أبو سمرة أن هذه الممارسات امتداد للانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي تواصل قوات الاحتلال اقترافها بحق الفلسطينيين، ودعا كافة المؤسسات الصحفية الدولية إلى متابعة ما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون من اعتداءات في الأراضي المحتلة وبذل الجهود للضغط على الحكومة الصهيونية لوقفها. نقاشات وندوات أثارتها المصادقة على القانون المتعلق بالقطاع السمعي البصري قال محمد العربي المساري وزير الاتصال السابق إن >التعددية هاجس رئيس في فلسفة مشروع تحرير الاتصال السمعي البصري<، الذي يتضمن مبادىء مهمة لضبط الأدوات الإعلامية، خصوصا من حيث تكريس الشفافية في توزيع رخص الاستثمار، ووضع قواعد لضبط دفاتر التحملات، وفرض تعليل قرارات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وثمن المساري في الندوة التي احتضنتها قاعة مصطفى الخودي بتعاون مع جميعة اتصال للبحث في الثقافة الإعلامية بداية الأسبوع الماضي العناية الفائقة التي أولاها مشروع القانون لمسألة الأخلاقيات في قطاع الإشهار، خاصة في ما يخص حماية الطفولة، وكذا حرصه على تلافي الاحتكار، والتأكيد على مبدإ حرية الفعل الإعلامي وأولوية الإنتاج الوطني. وشدد في السياق نفسه على الحاجة إلى تدقيق الخطاب بخصوص القطب العمومي، ملاحظا أن منطوق النص يفهم وكأنه >ينطبق حصرا على القناة التلفزية الأولى دون الإذاعة المغربية<. ودعا إلى توضيح وضبط الوضع القانوني لإذاعة ميدي.1 وطالب المساري بتخصيص اعتمادات استثنائية لتأهيل الإمكانيات اللوجستيكية والموارد البشرية لمؤسسات الإعلام العمومي، بما يمكنها من ربح رهان المنافسة الإعلامية المفتوحة. من جانبه انتقد يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، ما وصفه بالمسار التقليدي لإعداد النصوص المتعلقة بإصلاح القطاع الإعلامي، بينما >كان يفترض فتح نقاش واسع بهذا الخصوص<. ودعا في السياق ذاته إلى عدم التسرع في تمرير مشروع القانون، وفتح نقاش وطني واسع تنخرط فيه مختلف الهيئات المعنية بالمشروع الإعلامي الوطني. أما أحمد اخشيشن المدير العام للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري فقد قدم من جانبه عرضا حول الوظائف الموكولة للهيئة في إطار مشروع تحرير القطاع، ابتداء من فحص طلبات الترخيص بولوج حقل الاتصال السمعي البصري، ثم تسليم الرخص في إطار الشروط المنصوص عليها في دفاتر التحملات، وصولا إلى دورها في السهر على احترام الضوابط التي حددها القانون. وبخصوص مكانة القطب العمومي في مشروع التحرير، ذكر اخشيشن بأن الاختيار الاستراتيجي للدولة يتركز على محور الإذاعة والتلفزة المغربية، موضحا أن مهمة الهيئة هي المصادقة على دفاتر التحملات التي ستضعها الحكومة للشركة الوطنية التي ستنشأ قريبا، والتي ستتولى تدبير المؤسسة. وكان المجلس الوزاري الذي انعقد يوم الخميس الموافق للثالث من الشهر الجاري قد صادق على مشروع القانون المتعلق بالقطاع السمعي البصري، واعتبره الكثيرون خطوة هامة تحتاج إلى نقاش عام يقوم بنودها، ويبحث آثارها على المشهد الإعلامي ببلادنا عامة