عرفت الدورة الأولى للقمة الصينية الإفريقية للمقاولين، التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي بمراكش، "نجاحا كبيرا ومشاركة نوعية واستثمارات واعدة في الأفق"، حسب وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، وتميزت القمة بمشاركة حوالي 400 شخصية من مستوى عال، من ضمنهم عدة وزراء أفارقة، ومسؤولين عن صناديق الاستثمار العمومي بالصين وأزيد من 120 شخصا من كبار المستثمرين الصينيين يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية. وشكلت هذه القمة مناسبة لوضع، في إطار مخطط المغرب للتسريع الصناعي، استراتيجية خاصة باستقطاب الاستثمارات الصناعية الصينية بالمغرب، والالتقاء بالمسؤولين عن المجموعة الصناعية الصينية حيث تم دراسة إمكانية الاستثمار بالمملكة. واستعرض وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي احفيظ العلمي، الإمكانيات التي تتوفر عليها المملكة، لاسيما النظم الإيكولوجية القطاعية التي هي في طور الاستعمال في مختلف القطاعات، والتي تقدم فرصا مهمة للاستثمار، فضلا عن الآليات المحفزة والمبتكرة، والموقع الجغرافي القريب من الأسواق المستهدفة من قبل المنعشين الصينيين، والتنافسية اللوجيستيكية للمملكة، التي تعتبر ثاني دولة افريقية على مستوى البنيات التحتية. وأوضح البلاغ، أن مختلف اللقاءات رسمت آفاقا جد واعدة واستثمارات مهمة ستتم بلورتها مستقبلا، على الخصوص في قطاع صناعة الأجزاء والتجهيزات الخاصة بالسيارات لمواكبة مشاريع شركة رونو وبوجو-سيتروين، والاستجابة لحاجيات المعامل المتواجدة بشبه الجزيرة الإيبيرية وبأوربا، وقطاع مواد البناء، فضلا عن ما يتعلق بالصناعة الخاصة بالطاقات المتجددة. مشيرا إلى أن من بين الاستثمارات المنتظرة، إحداث بالمغرب معمل لإنتاج التجهيزات المرتبطة بمعالجة النفايات لتلبية الطلب المتصاعد في هذا المجال بالمملكة على مستوى القارة وبأوروبا. وحسب المنظمين، مكنت القمة الصينية الإفريقية للمقاولين، من ربح الرهان بتوفير أرضية مواتية بالنسبة للشبكات رفيعة المستوى وتحديد فرص الأعمال، وتمكين المقاولات المشاركة للولوج الى المعلومات الإستراتيجية، كما مكنت المواضيع التي تم تناولها خلال الجلسات العامة من تقييم السياسات والبيئة العملية والقطاعات التي هي محط اهتمام المقاولات الصينية والإفريقية. وأكد الوزير العلمي في كلمة له خلال الجلسة الختامية لأشغال هذه القمة، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "بعد يومين من التبادل والتقاسم والنقاش، كان هناك إجماع على أن تنظيم هذه الأرضية للشراكة كان ملائما بشكل كبير، وهذا شجعنا في قرارنا بالاستمرار في هذه القمة وتنظيم دورتها الثانية، التي سيحتضنها المغرب". وارتكزت أشغال هذا الملتقى حول سبعة جلسات تناولت رهانات تطوير الشراكة الاقتصادية الافريقية الصينية من زوايا جد مهمة. وتميزت الجلسة الأولى "إفريقيا – الصين. النموذج الجديد" بتقييم الأثر المستقبلي للمقاربة الصينيةالجديدة التي تعتمد على الشراكات ذات الربح المتبادل والمسؤولة، تربط 65 دولة ، و4.4 مليار شخص، وأثر هذه الدينامية الجديدة على الشراكات الصينية الإفريقية، فضلا عن سبل النهوض بالشراكات في القطاع الخاص، مع الرفع من مستوى المزايا المتبادلة. أما الجلسة الثانية التي تناولت موضوع "الصناعة التحويلية.. من صنع في الصين إلى صنع بإفريقيا"، فشكلت مناسبة لتقييم المكانة التي تحتلها إفريقيا في السياسة الجديدة للصين في إعادة الانتشار، والفرص المتاحة أمام الشريكين (الشغل والنمو والاستثمار) والتحديات والمخاطر وأثر إعادة انتشار الإنتاج الصيني بإفريقيا. وخلال الجلسة الثالثة، التي تطرقت إلى موضوع "السياحة والتكنولوجيات الحديثة للاتصال والعقار والصناعات البيئية.. الإمكانيات المستقبلية"، فقد تمت دراسة الآفاق الجديدة للاستثمار التي تتيحها إفريقيا في قطاعات غير تقليدية من بينها تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والعقار والصناعات المتعلقة بالبيئة، والفرص المتاحة للشركاء بين المقاولات الصينية، التي تتوفر على خبرة وتكنولوجيا، والمقاولات الإفريقية التي لها دراية بطبيعة المنطقة وتتوفر على كفاءات. ومن جهة أخرى، شكل موضوع "بيئة الأعمال بالمغرب" موضوع الجلسة التي خصصت لتسليط الضوء على المؤهلات الاقتصادية للمملكة، إلى جانب المشاريع التنموية والاستثمارات التي يقدمها المغرب في عدة قطاعات واعدة. أما الجلسة التي تناولت موضوع "الاستثمار بإفريقيا.. الشروط الأساسية لشراكات مربحة"، فقد تم من خلالها استعراض أهم تحولات الاقتصاديات الإفريقية ومناخ الأعمال، والعوامل المحورية لشراكات مستدامة ومربحة مع المقاولات الصينية، علاوة على انتظارات المسؤولين الكبار بإفريقيا من نظرائهم الصينيين. وفي الجلسة السادسة حول "الإستراتيجية الاستثمارية للصين بإفريقيا"، تم التأكيد على أن تحول الصين، في غضون سنين، من ورشة العالم، إلى قوة اقتصادية عالمية كبيرة، يدفع إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها الاستثمارية والرهان بقوة على البلدان السائرة في طريق النمو، وعلى الخصوص الإفريقية منها. وتطرقت الجلسة السابعة حول "التعاون من أجل بناء البنيات التحتية الإفريقية" إلى المشاريع الصينية الكبرى لسد الخصاص التي تعاني منه إفريقيا على هذا الصعيد، لاسيما إنجاز عدة مشاريع في أزيد من ثلاثين دولة إفريقية، والإمكانات الجديدة للتعاون بين المقاولات الصينية والإفريقية في ميدان البنيات التحتية، ومدى حجم التمويلات التي تخصصها الصين للبنيات التحتية، ونوعية الشراكات، ونماذج التمويل، والفرص والشروط من أجل تعاون صيني إفريقي حول مشاريع كبرى. وحسب المعطيات الرسمية للصين، فإن الحجم التجاري بين الصين وإفريقيا تجاوز 10 مليارات دولار سنة 2000 ليصل إلى 220 مليار دولار سنة 2014، وينتظر أن يقترب من 300 مليار دولار خلال سنة 2015. وفضلا عن 2500 مقاولة صينية متواجدة بالقارة الإفريقية، عرفت الاستثمارات المباشرة الأجنبية الصينية بإفريقيا نموا سنويا بمعدل يفوق 20 في المائة. وفي متم نهاية سنة 2014، وصلت الاستثمارات المباشرة الأجنبية الصينية إلى 30 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 60 مرة حجم الاستثمارات في سنة 2000، وحسب القطاعات، فإن الاستثمارات المباشرة الأجنبية الصينية همت، خلال سنة 2013، الصناعة التحويلية (15 في المائة)، والصناعة المتعلقة بالبناء (16 في المائة)، والقطاع المالي (20 في المائة) وصناعة التعدين (31 في المائة). تجدر الإشارة إلى أن القارة الإفريقية تعتبر ثاني أكبر سوق في إدارة المشاريع بالخارج بالنسبة للصين (بعد آسيا)، التي تنجز بها ثلث مشاريعها في البناء بالخارج.