شهر صلة الأرحام، لحظة ألم تعانق لحظة حيرة، شقيقتي التي لا تبعد عني سوى 3 كيلو متر لا أستطيع الوصول إليها وخصوصاً في شهر رمضان".بهذه الكلمات المحملة بالحنان وقف أحمد الجيوسي (22 عاماً) من بلدة جيوس من على شرفة منزله ليخاطب الجدار الفاصل الذي قطع أوصال القرية ومنع أهلها من رؤية بعضهم بعضا. ويضيف احمد كنت أذهب لزيارة شقيقتي بين اللحظة والأخرى، لكن الآن ومنذ أربع شهور لم استطع الوصول إليها. ويتساءل ما ذنب شقيقتي التي لا تبعد عني سوى دقائق أن تحرم من رؤيتي لمجرد وهم تعيشه إسرائيل، هل نحن نستحق هذا العذاب. لم تكن عائلة الجيوسي هي وحدها تعاني من هذا الوضع الصعب، بل لحقت بها المئات من العائلات الفلسطينية التي حرمت من التواصل، وحرمت أيضا من الأرض والأشجار. الحواجز أيضاً أما أبو عمر من مخيم بلاطة شرقي نابلس والذي تزوج من بلدة عزون المجاورة لمدينة قلقيلية فإنه يقول: كل عام نذهب لزيارة عائلة زوجتي بشكل مستمر أما منذ انطلاقة الانتفاضة، ونحن لا نستطيع الوصول إليهم. ويضيف كنا في رمضان نذهب كل أسبوع مرة لزيارتهم، في المقابل هم يأتون لزيارتنا كذلك، حتى أننا كنا نذهب للإفطار عندهم ثم نعود بنفس اليوم، لكن الآن لا نستطيع ذلك. وتساءل: هل صلة الرحم باتت ممنوعة أيضاً؟ نحن نعيش أجواء رمضان المبارك فلماذا نحرم أجره؟. الهاتف والقدم لصلة الرحم وعلى الرغم من كل هذه المعوقات إلا أن المواطن الفلسطيني حاول الاستفادة من كل ما هو متاح لديه، لذلك سار على قدميه عبر الجبال والطرق الوعرة ووصل إلى أهله وعائلته. فالحاجة أم إبراهيم (50 عاما) من قرية طمون شمال شرق نابلس، تقول لدي ابنة تزوجت في نابلس، وأنا أذهب لزيارتها بشكل مستمر كل فترة من الزمن، لكن لا يتاح لي المجال كما كنت في الماضي. وتشرح أم إبراهيم معاناتها اليومية بالقول أركب بسيارة حتى أصل الحاجز الإسرائيلي، ثم أقوم بالمشي على الأقدام مسافة 2 كليو متر في جبال وطريق وعرة، وأواصل المشي حتى أصل إلى نابلس وأرى بنتي. بينما أضطر العديد الآخر ممن لم يستطيعوا الوصول إلى أرحامهم من استخدام الهاتف كوسيلة وحيدة لصلة الرحم، وتقديم التهاني بالمناسبات السعيدة بين الأهل. فالأستاذ عمر محمود من قرية السيلة الحارثية قضاء جنين، والذي يعمل مدرس مادة الرياضيات في إحدى مدارس نابلس، أضطر للسكن فيها بسبب الإغلاق والحواجز، يقول: منذ أربع أعوام وأنا اسكن في نابلس، ولا أستطيع الوصول إلى بيتنا في السيلة الحارثية، لذلك أضطر للحديث مع أبي وأمي عبر الهاتف للاطمئنان عليهم. ويتابع زوجتي هي الأخرى تستخدم نفس الأسلوب حيث إنها تكلم عائلتها وشقيقاتها، وتبادلهم التهاني والأفراح دونما تستطيع الوصول إليهم. ولم تتمكن أسيل محمد المخطوبة إلى أحد الشبان من مدينة الناصرة داخل الخط الأخضر وعائلتها من تلبية دعوة أهل خطيبها على الإفطار في اليوم الأول لرمضان بعد أن حالت الحواجز والسياج الفاصل دون التواصل فيما بينهم، لكنها استعاضت بالهاتف الوسيلة الوحيدة لتقديم التهاني بهذه المناسبة. وتتخوف من تفاقم الأوضاع والحيلولة دون تمكنهم من إتمام مراسم الزواج في الوقت المحدد بسبب إجراءات قوات الاحتلال، وحتى في حال زواجها في الداخل، فهي متخوفة من عدم تمكنها من رؤية أهلها في المستقبل. نابلس: سامر خويرة