دعا إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، المسلمين إلى تقوى الله، لأن تقوى الله أمان من البلايا وحصن من الرزايا. وقال السديس في خطبة الجمعة الأخيرة، حسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن تاج أعالي الرؤوس ومطلب كبار النفوس ليس في ماديات تزول وتنتهي، ولا في شكليات تضمحل وتنقضي، ولكنه في أمر عظيم يريده الأفراد والمجتمعات، وتتطلع إليه الدول والحكومات وتبنى على قواعده الأمجاد، ذلك هو الأمن. وأوضح أن هدف الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان هو المرام النبيل الذي تنشده المجتمعات البشرية وتتسابق إلى تحقيقه السلطات العالمية بكل إمكاناتها المادية والفكرية، إذ هو قوام الحياة الإنسانية وأساس أمجادها المدنية والحضارية. وبين فضيلته أن الأمن ضد الخوف، يعني الحفاظ على البلاد والعباد في أمور المعاش والمعاد، وذلك بحفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم وأعراضهم وأموالهم، مفيدا أن الله عز وجل امتن بالأمن على عباده، حيث قدم الله الأمن على الرزق لأهميته وضرورته، وإذا اختل الأمن وزعزعت أركانه واخترق سياجه فلا تسأل عما وراء ذلك من الفتن والفساد الكبير. وقال «إن الأمن و الإيمان قرينان متلازمان، وإن أي فعل أو دعوة أو تصرف لزعزعة أمن المجتمع تعد جريمة كبرى وجناية عظمى على الأمة وضربا من ضروب الظلم والبغي والعدوان، وصورة من صور الكيد والفساد والطغيان». وقال الشيخ السديس: «لقد فجع كل ذي دين ومروءة، بالعمل الجبان الإجرامي والفعل التخريبي والتصرف الأرعن الإرهابي الذي حدث أخيرا في مدينة الرياض»، مؤكدا أن هذا التصرف يعد «جريمة شنعاء وفعلة نكراء لا يقرها دين ولا عقل ولا منطق ولا إنسانية، وهو بكل المقاييس أمر محرم وفعل مجرم وتصرف مذموم مقبوح وعمل إرهابي مفضوح وسابقة خطيرة ونازلة شر. وشدد على أن كل عمل تخريبي يستهدف الآمنين ويروع المسلمين الوادعين مخالف لشريعة رب العالمين. وقال: «إذا كان هذا الحكم عاما في كل زمان و مكان، فكيف إذا كان في بلاد الحرمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة ومهد الإسلام وموئل العقيدة وقبلة المسلمين ومحط أنظارهم ومهوى أفئدتهم». وتساءل إمام وخطيب المسجد الحرام كيف إذا كان المستهدفون مسلمين معصومين وأبرياء مواطنين ومقيمين. وقال: «إنه لأمر مؤلم حقا ومؤسف صدقا، فكم من نفوس بريئة أزهقت، وكم من نفوس مؤمنة روعت وكم من أموال وممتلكات أتلفت لم يرحمها هؤلاء المجرمون المخربون طفلا ولا شيخا ولا امرأة، لم يراعوا أي قيم دينية وأخلاقية ولم يبالوا بشرع ولا عقل ولا إنسانية، أين يذهب هؤلاء من قول الله: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، وأين هم من قوله صلى الله عليه و سلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» وأين يذهب هؤلاء من شهادة ألا إله إلا الله إذا جاءت تحاجهم يوم القيامة». ولفت خطيب المسجد الحرام النظر إلى أنه لا بد من حراسة الأمن بكل صوره لا سيما الأمن الفكري أمام الأفكار المنحرفة والتيارات الضالة، سواء في جانب الغلو والعنف والفكر التكفيري، أو التغريبي والعولمي، وهنا يأتي دور البيت والأسرة والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام، حتى يسلم العباد وتأمن البلاد، مطالبا من المغترين بأهوائهم المصرين على أفعالهم أن يفيقوا قبل فوات الأوان. وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ على بن عبد الرحمن الحذيفي من جانبه، المسلمين بتقوى الله حق التقوى وخشيته خشية من يعلم أنه يعلم السر وأخفى. وقال في خطبته، إن الرب جل وعلا أخبر في كتابه أن من الناس قسم صالح مصلح قد رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وصفهم ربهم بأحسن الصفات وأنزلهم رفيع الدرجات، فقال تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما، والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما). وأوضح أن غاية الإسلام هي إصلاح الإنسان بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، مبينا أن إصلاح الأرض بتوحيد الله تعالى وإقامة الحدود وحفظ الدماء والأموال وحياطتها وحراستها وتعزيز الأمر بالمعروف ومحاربة كل منكر وفحشاء مع العناية بعمارة الأرض عمارة تعين الإنسان على مهمته التي خلق لأجلها. وأفاد الخطيب أن الله سبحانه وتعالى أصلح الأرض بإرسال الرسل وإنزال الكتب وباتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام. وقال: إن العجب كل العجب أن هؤلاء المفسدين في الأرض إذا نصحوا وطلب منهم الرجوع إلى الحق والتمسك بالخلق والتوبة إلى الله أصروا على ما هم فيه من الإفساد في الأرض كما قال الله تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) وهذا السلوك علامة فتنة القلب وانتكاسة والعياذ بالله. ووصف الحذيفي حادث التفجير الإجرامي الذي وقع في الرياض يوم الأربعاء الماضي بأنه عمل إجرامي بلغ الغاية في القبح والشناعة يحاربه الإسلام أشد المحاربة. وقال إن هذا العمل الإرهابي البغيض حرب على الإسلام والمسلمين يستهدف الدين والأمن والاستقرار ومقومات حياة المواطنين والمقيمين، وإن هذا العمل عين الفساد والإفساد والغدر، وهؤلاء المفسدون في الأرض عملوا وحققوا ما عجز عنه الشيطان الرجيم وما عجز عنه أعداء الإسلام فهل يرضون لأنفسهم بهذه المنزلة الشريرة. ع.بوضرة