حدث مؤخرا فى إحدى جلسات البحوث الخاصة بدعاوى الكراء أن أجريت بحثا مع إحدى المكتريات بخصوص العلاقة الكرائية، وهي الدعوى التي رفعها صاحب البيت ضد المعنية مطالبا إياها بالإفراغ. كانت السيدة المعنية طيلة الإجراءات المسطرية تنفي أنها هي المكترية، وأن زوجها هو من أبرم عقد الكراء مع مالك المنزل، سألتها عن فترة اكتراء السكن، فأخبرتني بأنها تزوجت منذ أكثر من ست سنوات قبل الرحيل مع زوجها إلى المنزل موضوع الدعوى القضائية، طلبت إبلاغ زوجها للحضور إلى المحكمة إلا أنها أكدت لي رفضه الحضور أمامي، فطلبت منها تمكيني من اسمه الكامل حتى تتمكن المحكمة من استدعائه للحضور، لأفاجأ بأنها لا تعرف الإسم الكامل لزوجها. ذهلت من وقع هذه المفاجأة، كيف لزوجة عاشت لأكثر من سنوات في كنف زوجها ألا تعرف إسمه الكامل؟، أجلت الملف قصد إمهالها لإمداد المحكمة بالإسم الكامل للزوج لطلب حضوره. وبعد خمسة عشر يوما تقدمت المعنية إلى المحكمة مصرحة كون زوجها رفض البوح لها باسمه العائلي، وأنه قال لها "باركا عليك غير سميتي يلا بغيتي تدينا بها للحبس"، فما كان للمحكمة إلى أن قضت بإفراغهما من المنزل المكترى، ولازالت علامات الاستفهام بداخلي، هل يعقل ألا تعرف زوجة الإسم الكامل لزوجها الذي ستعيش معه بقية حياتها؟؟. ومن المواقف الحزينة التي لا زالت عالقة بذهني منذ سنوات خلت، كانت تتعلق بدعوى النفقة رفعتها الزوجة على زوجها المسن. في إحدى الجلسات، ناديت على أحد المدعين، فتقدمت أمامي إمرة متوسطة العمر، ورجل طاعن في السن رفقة أحد أبنائه، موضوع الدعوى يتعلق بطلب النفقة رفعتها الزوجة ضد زوجها منذ فترة قصيرة، استفسرت الزوج عن سبب عدم منح زوجته النفقة فأجابني أن أبناءه هم من قاموا بتزويجها به، من أجل الاهتمام به ولكي تدير شؤونه و أن أبناؤه هم من ينفقون عليهما معا. حاولت أن أجري صلحا بينهما، فالتمس مني الزوج أن أطلب منها الرجوع إلى بيت الزوجية، وأن تتنازل عن الدعوى، فطلبت الزوجة أجلا للتفكير، وبعد مرور خمسة عشر يوما، ناديت على أطراف الدعوى، إلا أني تفاجأ بحضور الأبناء دون أبيهم، مما جعلني أستفسر عن غياب المعني عن جلسة المحكمة، فوضع أحد الأبناء أمامي شهادة وفاة والده، وأخبرني والحزن في عينيه بأن والده توفي مباشرة بعد الجلسة، وهو الموقف الذي أحزنني كثيرا ولحدود الآن لازالت صورة الفقيد رحمة الله عليه عالقة بذهني. قاضي بالمحكمة الابتدائية بالخميسات