كل من أتيحت له الفرصة لمشاهدة الشريط السينمائي أيام السادات للمخرج المصري محمد خان إلا ويخرج بانطباع يتجلى في كون الدور الذي قام به بطل الشريط أحمد زكي دور محوري، استطاع من خلاله الفنان المصري بأدائه المتميز أن ينبش في أدق تفاصيل الرجل الذي أثيرت حوله زوابع عربية ودولية كثيرة. لقد حاول الفيلم أن يغير من تلك الصورة النمطية التي كونت حول السادات، وأظهر مكامن الضعف والقوة في شخصية عاشت في قلب الأحداث وارتطمت بواقع يغلي بالمتنافضات. وبصفة عامة يمكن القول إن أحمد زكي استطاع أن يخرج السادات من قالبه السياسي ليفجر جانبه الإنساني، والذي ظل متواريا عن الأنظار بفعل إكراهات الواقع السياسي وما أنتجه في تلك الفترة. ولا شك في أن لمسة محمد خان كان لها كبير الأثر في إيصال العمل إلى ذورته الفنية حيث اتضحت عبقريته من خلال التحكم في تحركات العناصر المكونة للمشاهد، والعمل على تسيير الجوقة وفق قالب محبوك يراعي الجانب الجمالي إلى أبعد الحدود، مع التركيز كثيرا على تقنية الفلاش باك. وتجدر الإشارة إلى أن الشريط قد غرق في ترجيح كفة السادات الإنسانية كما اعترت الأحداث السياسية الكثير من الرتوشات ومساحيق التجميل، كما أن المطبخ السياسي للأحداث الكبرى التي صنعت اسم الرئيس أو أطاحت به، سواء تعلق الأمر بحرب أكتوبر أو باتفاقية كامب ديفيد، عرف زيادة في كمية التوابل التي صاغت الشخصية المحورية للسادات وللأحداث وفق نظرة غير محايدة. وإذا كانت للسينما تلك المساحة الإبداعية التي تستلزم حضور الخيال كمكون جمالي من مكونات الفن السابع، فإن من شأن مثل هذه الأعمال المنقولة عن أحداث وفترات تاريخية واقعية أن تزج بأصحاب العمل الفني في مواقف حرجة خصوصا إذا خرج أحد الذين عايشوا هذه الأحداث عن صمتهم، وهو الشيئ الحاصل حول أيام السادات حيث جاءت تصريحات الرئيس السابق للأركان المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي (من خلال سلسلة من الحلقات خص بها قناة الجزيرة وهو أقرب الناس إلى السادات) لتجرده من الصورة التي حاول شريط محمد خان أن يرسخها بشأنه، وأظهرت قوة الصورة التي كونها عنه الشارع العربي من قبل. وبين واقع الحال وجنح الخيال يظل اسم السادات شاردا في التاريخ العربي المعاصر وإن اجتمع محمد خان وأحمد زكي لتلميع الصورة! عراقي العابد فاس