يعتبر التسيير الجماعي تجربة جديدة إلى حد ما في مسار حزب العدالة و التنمية تستحق الوقوف عندها وتتبع تطوراتها. نقف في الحوار التالي مع إحدى هذه التجارب من مدينة أزرو مع رئيس مجلسها البلدي الدكتور محمد بحري، ليصف لنا التحديات التي تواجه المكتب، ويحدثنا عن مشاريعه المستقبلية، وتصوره للعمل على مستوى عدة أصعدة، الثقافي منها والسياحي والرياضي.... بداية نلتمس منكم أن تصفوا لنا الوضعية التي وجدتم عليها بلدية أزرو؟ وضعية الجماعة الحضرية للمدينة على العموم لا تخفى على السكان، وهي في حاجة ماسة إلى تضافر الجهود لتدبير الشأن المحلي وعقلنة التسيير وتجاوز المخلفات. ويكفي أن أذكر لكم أن العجز المالي في الشق الأول من الميزانية بلغ 360 مليون سنتيم عند تسلمنا مهام التسيير. كيف تديرون العمل الجماعي من داخل مكتب مكون من مجموعة من الأحزاب؟ نضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وهذا ما تعاهدنا عليه عند تكوين المكتب ورص صفوف الأغلبية، مع ما يرافق ذلك من عقبات نتجاوزها في يومها، نظرا للتواصل المستمر بين أعضاء المكتب، بغض النظر عن بعض المحاولات من لدن جيوب المقاومة. ولا أدل على ذلك من النقاش الطويل والمثمر الذي عرفته دورة أكتوبر، والتي تمت خلالها المصادقة على ميزانية 2004 والتصويت على مجموعة من النقط تهم الشأن المحلي. جمع النفايات يعرف مجموعة من الصعوبات الحقيقية، وهي ورقة يشهرها في وجهكم خصومكم؟ أود أن أصحح بعض المغالطات، وأؤكد أن المجلس البلدي لم يمتنع ولو لساعة واحدة عن تسخير آلياته وعماله لجمع النفايات، كما زعم مراسل إحدى الجرائد، بل على العكس من ذلك، فكل الآليات المتوفرة هي في خدمة المواطنين. لكن في الحقيقة واجهتنا صعوبات يرجع سببها إلى الحالة الميكانيكية لشاحنات جمع النفايات وإلى عددها غير الكافي، وقد تعذر إصلاحها نظرا للعجز المالي، وسوف نقوم بتغييرات جذرية خلال السنة المالية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن بُعد المطرح البلدي بأداروش مسافة 44 كلم عن المدينة ووعورة المسالك المؤدية إليه، خاصة عند نزول الأمطار تحول دون تمكن شاحنات النفايات من إفراغ حمولتها. ومن أجل حل هذا المشكل، فقد قدم المجلس ملتمسا إلى السلطة الوصية قصد إعادة تشغيل المطرح القديم بتبادوت، الذي لا يفصله عن المدينة سوى 12 كيلومترا ذهابا وإيابا. وللتوضيح، فإن المجلس البلدي يتوفر على دراسات تقنية متكاملة تؤكد صلاحية الاستغلال، واحدة من لدن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والأخرى من لدن المنظمة الأمريكية للتعاون الدولي تؤكدان أنه لا يوجد أدنى تسرب للنفايات إلى الفراشاة المائية، كما أن المطرح يتوفر على حائط سياج، تعهد المكتب المسير بتعليته وتشجير جوانبه والعمل على توفير وسائل حديثة للتخلص من النفايات عن طريق حرقها. ولا يفوتني أن أتقدم بجزيل الشكر للسلطة المحلية، وخاصة للسيد العامل الذي أبدى استعداده التام للتعاون مع المجلس وإيجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل التي تواجهنا. يقوم الموظفون بمجموعة من الوقفات والاحتجاجات، ما رأيكم في مطالبهم؟ اسمحوا لي أن أقول لكم إن الاحتجاج أو حتى الإضراب حق مشروع، عندما يندرج في إطار العمل النقابي الذي يراعي المصلحة العامة، ونحن لا نتفق مع من يحاول تسخير العمل النقابي لمصالح سياسوية. لكن ما حدث، أنه نظرا للعجز الذي أشرت إليه، لم نتمكن من الاستجابة لصرف الترقيات الخاصة لبعض الموظفين، لكن سنعمل على تسويتها خلال ميزانية هذه السنة بحول الله. أما في ما يخص الرواتب الشهرية، فقد تم صرفها في الوقت المحدد لها إلى غاية 31 دجنبر 2003 ما هي أهم انشغالاتكم الحالية والمستقبلية؟ انشغالنا الأساسي وبكل بساطة هو مصلحة المواطنين وتحسين ظروف عيشهم، وتجاوز المشاكل التي تحد من تنمية مدينتهم. وأول ما قمنا به هو تقليص العجز المالي لميزانية التسيير من 360 مليون سنتيم إلى 80 مليون سنتيم في ظرف أقل من ثلاثة أشهر عن طريق ترشيد النفقات، ثانيا سنعمل على إعادة هيكلة الموارد البشرية للجماعة قصد تحسين وتيسير الخدمات المقدمة للمواطنين. وهي عملية ما تزال فصولها مستمرة إلى الآن، ثالثا الاعتناء بالمرافق الأساسية والنظافة والطرقات والإنارة العمومية والمساحات الخضراء. ونفكر كذلك في تنمية اقتصادية واجتماعية عبر خلق منطقة صناعية لجلب الاستثمارات، وللتخفيف من البطالة وتجميع وهيكلة الباعة المتجولين في فضاء يستجيب لشروط التنمية، كما سنعيد الاعتبار للميدان المعماري للحفاظ غلى تناسق المدينة وعلى الخصوصية المعمارية لها. أيضا سندعم المستودع البلدي بالآليات والشاحنات العصرية لجمع النفايات. ماذا عن الميزانية وهل هي كافية؟ حسب المعطيات المتوفرة حاليا، والخاصة بالتسيير خلال السنوات الماضية، تصل ميزانية المجلس البلدي إلى 20 مليون و245 ألف درهم، يبتلع منها الدين 222 ألف و700 درهم سنويا، ويصرف على الموظفين ما يناهز 68 % من نفقات التسيير، كل هذا يؤثر سلبا على ميزانية التجهيز التي تكون غير كافية للقيام بأي مشروع مهم. بالنسبة للتسيير الذي نعتزم القيام به، سيرتكز أساسا على الترشيد والتسديد ورفع المداخيل مع تسخير كافة الطاقات التي تكون المكتب في عملية مفادها البحث عن موارد جديدة. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أنه تم كراء السوق الأسبوعي بمبلغ وصل ولأول مرة 186 مليون سنتيم، عوض السومة الكرائية للسنوات الماضية التي لم تتعد 155 مليون سنتيم في أحسن الحالات. كما سنسعى إلى كراء السوق التجاري وسط المدينة، ونناشد السكان أداء ما بذمتهم من ديون للجماعة حتى نتمكن من حل مشاكلهم. كان هناك مشروع لبناء محطة لتصفية النفايات السائلة، وقد ذكرت إحدى الصحف أن هناك تراجع من طرفكم وبشكل انفرادي عن هذا المشروع لإرضاء أحد أعضاء المكتب، فما ردكم؟ سبق وأن قلت إننا نضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وملف مشروع محطة تصفية النفايات السائلة يعرف سيره العادي لم نكن أبدا ضد هذا المشروع، ونحن مع المحافظة على البيئة ومع نظافة المدينة لأنه بكل بساطة ديننا يحثنا على ذلك. نعم لدينا بعض الملاحظات تهدف إلى تقويم وتصحيح المسار، ومنها أن الموقع الذي حدد لبناء هذه المحطة لا يبعد عن التجمعات السكنية سوى ب500 متر، مع العلم أن المدار الحضري يتسع في الاتجاه نفسه، ولا يخفى على أحد مدى التأثير السلبي الذي سينتج عن ذلك من تلوث في الهواء بالروائح الكريهة وبالبعوض، كما أن نسبة 30% من تكلفة المشروع التي سيتحملها المجلس البلدي، والتي تبلغ قيمتها مليار ونصف مليار سنتيم، ستثقل كاهل الميزانية، فنحن نطالب بدعم لتخفيف العبء الثقيل، كما أخبركم أن الأقساط الشهرية التي سوف يتحملها السكان نعتبرها مرتفعة جدا ونطالب بتخفيضها، بحيث ستتضاعف فاتورة الماء الصالح للشرب تقريبا، هذا كل ما حصل، وليس إرضاء لأي كان كما يدعون. تحملتم مسؤولية النادي الرياضي لأزرو، فما هي رؤيتكم للقطاع الرياضي بالمدينة؟ أود في البداية أن أشكر كل من حضر الجمع العام لانتخاب الرئيس، والذين حملوني مسؤولية هذا الفريق رغم تعدد المسؤولية، وسنعمل ما في وسعنا لنكون في مستوى هذه الثقة وهذه المسؤولية. وأتذكر فترة الثمانينات، عندما كانت المدينة تتوفر على نواد تقريبا في كل الرياضات: ( كرة القدم كرة السلة كرة اليد كرة المضرب ...)، لكن الآن للأسف الشديد، باستثناء العطاء المتميز لنادي ألعاب القوى، فهناك تراجع وانكماش، لكن أملنا كبير في أبناء المنطقة المحبين للرياضة والغيورين على الشباب من خارج المدينة وداخلها في إحياء وإرجاع تلك الأمجاد، ونحن مستعدون لمد يد العون والتشجيع لهم. أما بالنسبة لكرة القدم، فنحن الآن في إطار إعادة هيكلة إدارة النادي، وإصلاح العلاقات بين شتى الأطراف. وأملنا كبير في أن يستعيد فريق آزرو أمجاده. ما هي رؤيتكم للعمل الثقافي داخل المدينة؟ وهل لديكم مخطط لإعادة الاعتبار للثقافة الأمازيغية؟ لاشك أن الثقافة من المكونات الأساسية لحضارتنا الإسلامية، ونحن في قلب الأطلس المتوسط سنبذل كل الجهود حتى تؤدي الثقافة على العموم الدور المنوط بها، كما سنولي الثقافة الأمازيغية المكانة اللائقة بها، أما في ما يخص تصورنا للعمل الثقافي في المدينة، فهناك عدد كبير من الجمعيات التربوية والثقافية، وأعتقد أنه إذا أردنا أن ندفع بالعمل الثقافي إلى الأمام، فلابد أن تكون هناك تنافسية شريفة بين الجمعيات تعتمد على برامج طموحة، وأشير في هذا الصدد أننا عازمون على دعم كل المبادرات الهادفة والجادة، وأؤكد لكم أننا رفعنا من مستوى الدعم المخصص للعمل الثقافي والاجتماعي في ميزانية هذه السنة، وسنعمل على تطويرها في المستقبل بحول الله. هل لديكم مخطط للنهوض بالمجال السياحي للمدينة؟ بالتأكيد وأتمنى أن تتضافر كل الجهود ويتعاون الجميع حتى نحقق هذا الهدف الواعد. فلا يعقل أن نكون على بعد 17 كلومترا من إفران، ولمدينتنا تقريبا الخصوصيات الطبيعية نفسها، ولا تكون مساهمتنا فاعلة في تطوير هذا القطاع الحيوي، الذي يعد السمة الأساسية للجهة التي ننتمي إليها. تفكيرنا يتجه نحو الحفاظ على الخصوصية الطبيعية للمدينة مع تطوير وتأهيل الفضاءات الموجودة، وأذكر على سبيل المثال صخرة أقشمير وجبل بويغيال، وذلك سعيا لاستقطاب الزوار وخلق متنفس لساكنة المدينة. كما أن إنشاء متحف جهوي بمدينتنا سيكون له الأثر العميق في تشجيع هذا القطاع. حاوره: أحمد الأنصاري