نشرة إنذارية.. تساقطات مطرية قوية وأخرى ثلجية وطقس بارد مرتقب من الاثنين إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    النصيري يسجل في الدوري التركي    مركب صيد بالجر يصطاد جثة آدمية بساحل الحسيمة    البطولة: اتحاد طنجة يتعرض للهزيمة الثانية تواليا هذا الموسم بعد خسارته أمام شباب السوالم    عضة بسيطة من كلب أليف "كانيش" تتسبب في وفاة شاب    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    السهلي يتوج بماراطون الدار البيضاء    السمعة العالمية لعام 2024: سويسرا في الصدارة والمغرب يواصل التقدم.. والجزائر ضمن أدنى التصنيفات    قنصلية أمريكية في الداخلة.. واشنطن تبدأ التفعيل بخطوة استراتيجية لتعزيز السيادة المغربية    تساقطات مطرية تبشر بإنطلاقة جيدة للموسم الفلاحي بمنطقة الريف    جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان تخصص للاستماع لخطاب رئيس الجمهورية الفرنسية    الصحة العالمية تحذر: أعراض ارتجاج المخ قد تتأخر في الظهور    في البيان العام للمؤتمر 12 للنقابة الوطنية للتعليم العالي    المحامون يقررون المقاطعة الشاملة لجميع الجلسات إلى غاية تحقيق المطالب ابتداء من يوم الجمعة المقبل    الأسطوانة الذهبية «ليلي طويل» تعود للساحة الفنية بصوت نصر مكري    جمعية عبد المولى الزياتي لإبداعات بلادي تنظم ملتقاها الثقافي التاسع    المغرب يتوج بالبطولة الإفريقية للملاكمة رجال وسيدات    أخبار الساحة    نتانياهو: الهجوم على إيران حقق أهدافه    مقاييس الأمطار خلال 24 ساعة بالمغرب    الدمار الهائل في غزة "يصدم" غوتيريش    تنظيم المهرجان الوطني للتمور من 9 إلى 11 نونبر المقبل    لامين يامال يتعرض لإساءات عنصرية    مجلس النواب يناقش "دعم القدرة الشرائية" و"جودة التكوين المهني"        تقرير رسمي يتوقع جاهزية مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط خلال السنتين القادمتين    تساقطات مطرية بالناظور تبشر بنهاية الجفاف    المومني: مهرجان المسرح الدولي الجامعي منصة مبتكرة للشباب لعرض مواهبهم    افتتاح المعلمة التاريخية "لاكازابلونكيز" بحلة جديدة وبمواصفات عالمية في الدار البيضاء    عبد الوافي لفتيت يشرف على تنصيب الوالي الجديد لجهة الشرق        وزير الفلاحة يطلق الموسم الفلاحي من مكناس مع حزمة تدابير لدعم الفلاحين    نقابة "البيجيدي" تحتج أمام البرلمان ضد غلاء الأسعار    فيلم "عصابات" يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    الشاعر البحريني قاسم حدّاد يفوز بجائزة الأركانة العالميّة للشعر    مقتل أربعة جنود إسرائيليين في جنوب لبنان ولقاء بالدوحة لإحياء مفاوضات الهدنة بغزة    المنتخب السعودي يضطر إلى معاودة التعاقد مع هيرفي رونار    نحو آفاق جديدة لدعم القضية الوطنية.. انطلاق الجولة الدولية للمسيرة الخضراء بالدراجات النارية في دول الخليج    ارتفاع حصيلة الضربات الإسرائيلية على إيران وإدانة واسعة للهجوم..    هذا هو الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل وأميركا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربعة جنود    البواري يطلق عملية الزرع المباشر من إقليم الحاجب    افتتاح معهد البحرين للموسيقى في أصيلة    اختتام فعاليات مهرجان ليكسا للمسرح في دورته الخامسة عشرة بمدينة العرائش    السلطات الإسبانية تحقق في واقعة اعتداء رجل أمن على مواطن مغربي داخل قنصلية مورسيا    وفاة طالب طب بسبب "ضغط المقاطعة" تعيد المطالب بحل عاجل.. وترقب لمخرجات أول لقاء مع الوزير الجديد    5 قتلى وعشرات الجرحى في عملية دهس شمال تل أبيب    لفتيت: أزيد من 12 مليار درهم لإنجاز أوراش تنموية مهيكلة ستجعل جهة فاس مكناس قطبا اقتصاديا وسياحيا رائدا على المستوى الوطني    موثقو إفريقيا يشيدون بنظرائهم المغاربة    آلاف الأشخاص يتظاهرون في لشبونة احتجاجا على عنف الشرطة    تسجيل حالة إصابة جديدة بفيروس "كوفيد-19"    بسبب ضعف الإقبال... سعيدة فكري تغيب عن سهرة لها بأكادير    ارتفاع عدد حالات التسمم الغذائي في "ماكدونالدز" بالولايات المتحدة الأميركية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يفعله شارون في غزة وأين العرب والعالم؟- بقلم ذ.ياسر الزعاترة
نشر في التجديد يوم 25 - 05 - 2004

منذ أسابيع يخوض شارون حرباً شرسة ضد قطاع غزة، بلغت ذروتها باغتيال الشيخ أحمد ياسين ثم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، لكنها لم تتوقف فصولاً بعد ذلك، إذ استمرت على نحو أكثر عنفاً وشمولاً، وهذه المرة بمحاولة القضاء على ما تسميه الدوائر الأمنية الإسرائيلية، البنية التحتية للإرهاب، والذي يعني عناصر المقاومة ووسائلها القتالية ومصادرها المالية ومؤسساتها المساندة.
في هذا السياق عرف الغزيون ما سبقتهم إليه الضفة الغربية من الأسماء الكبيرة المنتقاة التي عادة ما تطلق على الحملات التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية، مثل عملية السور الواقي في الضفة الغربية التي بدأت في آذار/مارس عام 2002، ثم عملية الطريق الحازم التي تبعتها بعد شهور قليلة، وكما هو حال العمليات الشهيرة ضد المقاومة اللبنانية، مثل عناقيد الغضب وسواها الكثير.
خلال أيام معدودة عاش قطاع غزة ثلاثة من تلك الحملات العسكرية؛ عرفت الأولى باسم البوابة الفولاذية فيما عرفت الثانية باسم العنكبوت الزجاجي، أما الثالثة التي لم تتوقف حتى كتابة هذه السطور فهي "قوس في السحاب" التي تهدف حسب المصادر الإسرائيلية إلى القبض على المطلوبين والقضاء على عمليات تهريب السلاح من مصر إلى قطاع غزة، وتتضمن إلى جانب الأعمال العسكرية حفر نفق مائي بعمق عشرين متر بين حدود رفح والحدود المصرية بعد هدم جميع البيوت الفلسطينية الواقعة في تلك المنطقة، الأمر الذي شكل نكبة رهيبة للعائلات الفلسطينية في تلك المنطقة.
من الضروري الإشارة هنا إلى أن العملية الأولى قد انتهت على نحو درامي بالنسبة لقوات الاحتلال عندما وقعت آلية إسرائيلية في كمين لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس أوقع ستة قتلى توزعت أشلاؤهم في الشوارع وبين أيدي مقاتلي الفصائل. ولم يكد الإسرائيليون يصحون من كابوس الموت والأشلاء في هذه العملية حتى جاءت العملية التالية لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، والتي سقط فيها خمسة جنود قتلى ومثلهم جرحى، الأمر الذي أفقد المحتلون صوابهم، ولتكون عملية قنص ثالثة لكتائب القسام قتلت جنديين أما الكاميرا، كما هو حال العملية الأولى.
في ظل هذا المسلسل الدموي عاش الإسرائيليون أسبوعاً من الجدل الساخن حول قطاع غزة وأوجه الشبه بينه وبين الجنوب اللبناني وبين المقاومة الإسلامية هنا وهناك، الأمر الذي أفرز دعوات محمومة للخروج من غزة توجت بمظاهرة قال اليسار إن المشاركين فيها قد جاوزوا رقم المئتي ألف، فيما قال الآخرون إنهم مائة ألف فقط.
ولعل ما فاقم ردة الفعل الإسرائيلية الشعبية حيال الحدث هو قصة أشلاء الجنود ومعها حجم الخسارة الكبيرة، أما الأهم فهو مجيئها بعد أسبوعين فقط من استفتاء الليكود على خطة الانسحاب من قطاع غزة، والتي فشل فيها شارون وتمكن المستوطنون واليمينيون المتطرفون من فرض إرادتهم على الحزب، ومن ثم على المجتمع الإسرائيلي الذي تؤيد غالبيته الخطة.
هنا يمكن القول إن شارون الذي يبحث عن الزعامة الشعبية والزعامة التاريخية في آن معاً قد أراد تأكيد سطوته على الفلسطينيين من خلال مزيد من القتل، إضافة إلى حشد مزيد من التأييد لخطة الفصل. أما الذي لا يقل أهمية فهو مواصلة ضرب قوى المقاومة حتى لا يخرج من قطاع غزة تحت وطأة ضربات المقاومة، الأمر الذي يستعيد كوابيس الجنوب اللبناني، وحيث انسحب الجيش الإسرائيلي في ظل مزيد من الضربات من طرف حزب الله. والحال أن تكرار السيناريو المذكور ليس بالأمر السهل، إذ أن شارون سيفقد هيبته، تماماً مثلما حصل مع زعيم حزب العمل أثناء الانسحاب من لبنان، إيهود باراك.
ثمة جانب لا يقل أهمية عن ذلك كله، وهو المتعلق بالتعامل مع قضية الانسحاب في ظل استفتاء حزب الليكود ، إلى جانب البحث عن شريك تفاوضي يمكن التعامل معه، ويمكنه بالضرورة ضمان عدم تحول القطاع إلى خاصرة دامية للاحتلال. ولن يحدث ذلك حسب رأيه إلا باستمرار ضرب قوى المقاومة وما يسمى بنيتها التحتية وقادتها، الأمر الذي يسهل عملية توفير شريك فلسطيني على شاكلة محمد دحلان وربما محمود عباس أيضاً.
ولعل ما يدفع باتجاه هذا التحليل هو ما يتعرض له ياسر عرفات من حصار ورفض عربي ودولي تمثل في حديث بعض المسؤولين العرب عنه بوصفه عقبة في طريق السلام، الأمر الذي شجع دوائر فلسطينية على مناكفته من الداخل، حتى من أولئك الذي أعادهم إلى الواجهة بعد إقصاء مقصود مثل قائد الأمن الوقائي السابق في الضفة الغربية جبريل الرجوب.
في هذا السياق يعوّل الإسرائيليون على ضغوط أمريكية على الوضع العربي، إلى جانب التراجع الأوروبي والدولي كما تبدى في بيان الرباعية الدولية، وكل ذلك من أجل التعاطي مع الانسحاب من قطاع غزة كجزء من خطة متكاملة تشمل بعض مناطق الضفة ، إضافة إلى مطالب سياسية وأمنية مهمة مثل "تفكيك البنية التحتية للإرهاب؟
هنا لا يبدو من الممكن وضع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن هدم المنازل في رفح والذي انتصر للفلسطينيين وامتنع الأمريكيون عن التصويت ضده، في سياق مختلف من حيث الدلالة، لأنه في واقع الحال لا يعني أكثر من مجاملة ضرورية، سيما عندما جاء التصويت بعد ساعات من مجزرة إسرائيلية ضد مسيرة سلمية.
للبحث في أسئلة المستقبل بشأن هذه الأهداف الإسرائيلية أو لعلها الآمال الإسرائيلية يمكن القول إنها ستعتمد على جملة من العوامل، لعل أبرزها ما يتصل بالمعركة الأمريكية في العراق، إلى جانب عوامل أخرى من بينها الموقف المصري ومعه ما تبقى من مواقف الدول العربية المهمة على هذا الصعيد فضلاً عن الموقف الدولي وعلى رأسه الأوروبي والروسي.
هناك أيضاً الموقف الفلسطيني الداخلي، وعلى رأسه موقف المحاور الرئيسة داخل حركة فتح، وهي التي تؤثر بالضرورة على مواقف قوى المقاومة التي لا يمكنها الدخول في مشكلة مع السلطة حين تنحاز حركة فتح إلى خياراتها السياسية. وبالطبع فإن ذلك كله يعتمد على قدرة ياسر عرفات على استمرار المناورة والبقاء، الأمر الذي يعتمد بدوره على العوامل السابقة، فيما يبقى احتمال استيعابه هو شخصياً بعد تقديمه التنازلات المطلوبة وارداً ولا يمكن استبعاده، هذا إذا لم يتدخل القدر بإبعاده من خلال الموت الطبيعي.
في هذا السياق يمكن القول إن الموقف برمته يبدو معتمداً إلى حد كبير على العامل الأول ممثلاً فيما يجري في العراق، ذلك أن تعمق الورطة الأمريكية هناك قد يدفع الموقف المصري والعربي المساند إلى التماسك ورفض الاستحقاقات الإسرائيلية الأمريكية، ما قد يهمش الدوائر المشار إليها في فتح والتي يمكنها القبول بأي شيء.
في ظروف كهذه سيكون بالإمكان الحديث عن استمرار المقاومة وصولاً إلى مسار سياسي ومن ثم إنجاز مقبول، أما استمرار التعنت الإسرائيلي فسيفرض مسار المراوحة إلى سنوات جديدة قد تحمل الكثير من المعطيات التي لا تنسجم مع الآمال الإسرائيلية، سيما فيما يتصل بمستقبل القوة الأمريكية الحامية لغطرستها وتجاهلها لكل القيم الدولية.
هناك إذن ما يبشر الفلسطينيين بأن مقاومة العراقيين التي استلهمت مقاومتهم قد قدت قوس حماية لهم في مواجهة الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية، ولتتناغم المقاومتان معاً في سياق إعادة الاعتبار لموقف الأمة في مواجه العدوان السافر عليها. أما استمرار المجازر والتشريد وهدم البيوت فهو القدر الذي لا زال الفلسطينيون يتعاملون معه بالكثير من الصبر والإرادة، فيما يمدون بصرهم نحو أبناء أمتهم على أمل الدعم والإسناد.
ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.