أشار متدخلون في ندوة وطنية حول "الأمن العقاري" عقدت بمراكش يوم 29 و30 مايو الجاري أن تنفيذ عدد من المشاريع الوطنية الكبرى تعثر بسبب نزاعات عقارية. وأضافوا أن ذلك يستدعي التفكير بشكل جدي في تدليل صعوبات مساطر التحفيظ العقاري على مستوى التطبيق، وتطوير الآلة القانونية لتسريع البث في الخلافات حول العقار مع ضمان العدالة العقارية، وتعزيز الأمن القانوني والقضائي العقاري، مع العمل على تيسير عملية تداول العقار، لتحقيق التنمية الاقتصادية التي يرجوها المغرب. وأكدوا أن انتقال الملكية عن طريق الإرث له اثر حاسم على عدد من الأراضي القبلة للاستثمار مما يتطلب إيجاد حلول تراعي نظام الإرث الشرعي والأعراف من جهة والتشجيع على الاستثمار من جهة أخرى. ودعا إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، في الجلسة الافتتاحية التي حضرها أكثر من 800 مسؤول ومهتم في مجال القضاء والتحفيظ العقاري إلى تضافر جهود القضاة والعاملين في مجال التحفيظ من أجل المساهمة في سد الثغرات القانونية التي تعاني منها النصوص التشريعية المنظمة للتحفيظ العقاري في المغرب. وأضاف الضحاك في الندوة التي تنظمها محكمة النقض بشراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية أن العقار يلعب دورا حاسما في ضمان النمو الاقتصادي. من جهته قال مصطفى فارس الرئيس الأول للمجلس الأعلى بالرباط، إن الأمن العقاري يظل أحد العوامل الأساسية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المنشود. وأضاف أن الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية الأخرى من أهم الثروات التي يرتكز عليها النظام الاقتصادي، مشيرا أن "المنظومة القانونية المؤطرة للعقار، متنوعة ومتشعبة بتنوع واختلاف طبيعة هذا العقار ". وأكد أن تأسيس لعدالة في المجال العقاري والمنازعات المرتبطة لا يمكن أن يتم إلا بواسطة قضاء واع بمسؤوليته في حماية الثروة العقارية. وشدد فارس على أن تحقيق الأمن العقاري يحصن من مخاوف الوقوع في كبوات الكساد العقاري، كما تابعنا في بعض التجارب عبر العالم. وقدم الدكتور عبد الوهاب سيبويه رئيس مركز للبحوث والدراسات بالعيون في عرض مصور، مخطوطات تفيد أن النزاعات العقارية كانت موجودة في الصحراء المغربية قديما، وأن القضاة الذين تعينهم السلطة المركزية تصدوا لعدد من الخروقات التي مورست في حق "الرعايا"، وأعادوا الحقوق إلى أصحابها. وأشار أن الوثائق تكشف أن أحكاما قضائية قديمة في الصحراء بمختلف المناطق الصحراوية وفي نزاعات مختلفة صدرت باسم الدولة المغربية، وعلى نفس المذهب المالكي الموجود في باقي أطراف المملكة، مما يعزز القول بوحدة الأراضي المغربية في الشمال والجنوب (الصحراء) منذ قرون ، وعلى وحدة القضاء ووحدة المرجع. وأشار أن عدد من القضاة استطاعوا تكييف العادات والتقاليد المحلية من أجل حل مجموعة من النزاعات العقارية.