نشرة إنذارية تتوقع رياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من أقاليم المملكة    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستقبل أردوغان على المحك    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    هذه مواعيد مباريات المنتخب المغربي في نهائيات كأس الأمم الإفريقية لأقل من 17 سنة    جوليان المصباحي ينضم لمعسكر الأسود لأقل من 20 سنة    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    البرلماني السابق سعيد شعو يعلن خلال محاكمته بتهم مخدرات في هولندا: "لدي الكثير من المال في المغرب"    تأجيل محاكمة الوزير الأسبق مبديع إلى الثامن من أبريل    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    خط جوي جديد يربط الرباط بمدينة مانشستر    اجتماع وزاري إفريقي يرأسه المغرب يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا    المربون يتهمون وزارة الفلاحة بغض الطرف عن تلاعب السماسرة بسوق الكتاكيت مما يؤدي لغلاء الدجاج    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مثقفون: سياسات عمومية تنهي توارث الفقر.. والإيديولوجيا تدور حول الشمس    أمطار رعدية مرتقبة اليوم بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتراجع في ترتيب الدول الأكثر سعادة إلى أدنى رتبة له على الإطلاق    جيش إسرائيل يبدأ عمليات برية في غزة    عمر هلال يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    إيران: رسالة ترامب "أقرب إلى تهديد"    أساتذة الزنزانة 10 يعتصمون أمام الوزارة    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    القافلة الطبية أزير تحط رحالها بالجديدة لأربعة أيام    سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة (وزارة التجهيز والماء)    المغرب والكاميرون يعززان التعاون العسكري باتفاق جديد يشمل تدريبات مشتركة    تحطم الطائرات في الجزائر.. خلل في المعدات أم صراع في الكواليس؟    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    الصين تكشف عن تدابير جديدة لضمان تكافؤ الفرص في السوق    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    ‬المغرب يلجأ للدفاع الدولي ضد "رسوم أوروبية" لصون حقوق المُصدرين    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    إدانة انتهاكات حقوق النساء بتندوف من قلب الأمم المتحدة بنيويورك    أنفوغرافيك | من ضمنهم الزفزافي.. 11 بطل للديمقراطية حول العالم    المنتخب الوطني يختتم استعداداته قبل مواجهة النيجر وتنزانيا في وجدة (فيديو وصور)    65% من الفرنسيين يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة والصرامة في التعامل مع النظام الجزائري    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    ندوة تتناول الزراعة بإقليم الناظور    ‬الحكومة والهروب الكبير    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    أخبار الساحة    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    تماسك المغرب الجديد    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسجد عبر التاريخ الإسلامي
نشر في التجديد يوم 25 - 12 - 2003

تحولات تاريخية وثقافية نقلت المسجد من البساطة إلى الزخرفة والترف
كان المسجد الإسلامي عند إنشائه لأول الأمر بسيطا للغاية، ولم ينفق رسولنا الكريم وقتا كثيرا ولا مالا طائلا في مجرد البناء، فكيف بالزخرفة والتزين. كان الحرص شديدا على تأسيس البيت الجامع للمؤمنين ليكون ملتقى لهم ومنتدى يتداولون فيه الأمور العامة والخاصة. وبذلك احتل المسجد بؤرة الاهتمام والمدينة والحياة. كيف انتقلت بيوت الله من البساطة إلى الترف والزخرفة؟ وما أثر الثقافات الأصلية على تصميم المسجد وشكله؟ وما موقف العلماء من التحول؟ وكيف استجاب له المسلمون؟ حول هذه الأسئلة يدور هذا المقال الطريف المأخوذ عن موقع خيمة كوم.
تعريف المسجد
المسجِد بالكسر اسم لمكان السجود ، والمسجَد بالفتح جبهة الرجل حيث يصيبه السجود والمِسجد بكسر الميم الخُمرة وهي الحصير الصغير. ويفسر الزركشي السبب في اختيار كلمة مسجد لمكان الصلاة فيقول لما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه اشتق اسم المكان منه فقيل مسجد ولم يقولوا مركع. فالمساجد يعمرها الزاهدون والمتصوفون، والذاكرون الله كثيراً، والعارفون بالله وتعمرها حلقات الدرس من فقه وحديث ومنطق وكلام ومجالس الأدب من نحو وبلاغة ونقد وندوات الاجتماع التي تتعرض لسائر العلوم. ويعمرها العلماء والفقهاء والأئمة والأدباء ويقوى بها الضعيف والغريب ويأنس إليها ابن السبيل والمسكين ويرفع صوته فيها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى الخير.
محور المدينة والحياة
ومن يتتبع تاريخ الاسلام يلاحظ أهتمام المسؤولين باستحداث المدن مع حركة التوسع لنشر الدين خارج شبه الجزيرة العربية، من أجل أن يكون معسكراً ومقراً للجند فى البلاد المفتوحة: وقد كانت المدن المستحدثة على نوعين من المدن المعسكرات البصرة والكوفة والفسطاط والقيروان، وهذه المدن التى سكنها أولاً جماعة عسكرية تحولت فيما بعد الى حواضر مشهورة. ونلاحظ فى المدن المعسكرات أن المسجد هو أول ما يقام في المدينة وقربه تشاد دار الإمارة، وهذان البناءات يقعان عادة فى وسط المدينة. ففى بناء البصرة جعل عتبة بن غزوان المسجد الجامع المحور والأساس فى تخطيط المدنية، وقد تم بناء المسجد سنة 14 ه وجاءت دار الإمارة قربه، ومن حولهما اقام الجند وعيالهم دورهم ومساكنهم واتبع الاسلوب نفسه سعد بن ابى وقاص عندما بنى الكوفة سنة 17 ه، فقد بين حدود المسجد اولا وبجواره اقام دار الإمارة.
وبعد فتح الاسكندرية اختار عمرو بن العاص موقع الفسطاط سنة 21 ه وجعل مسجدها وسطا من حوله تفرعت الطرقات. وفى القيروان أهتم عقبة بن نافع قبل كل شئ بالمسجد ودار الإمارة، وجهد فى تحديد القبلة نحو مكة المكرمة وبيتها الحرام لأن جميع أهل المغرب سيضعون قبلتهم على مثل مسجده، وما تزال القبلة الاولى لهذا المسجد قائمة حتى اليوم
والذى نستنتجه ان المسجد الجامع كان المركز الذى تدور من حوله الحياة الاجتماعية والدينية والفكرية والاقتصادية.
المساجد الجامعة
واللافت فى المساجد التى كانت محورا فى المدن أنها كانت مساجد جامعة. والمعروف أن المساجد الجامعة كانت فى معظم الأحيان أكبر مساحة وأكثر شهرة وأبعد أثرا فى مختلف ميادين الحياة، من المساجد العادية الأخرى. فالمسجد الجامع أهم معالم المدينة الاسلامية وهو صاحب الفضل فى اضفاء صفة المدينة على اى مركز اسلامى ، وقد كان الخليفة بنفسه، أو من ينوب عنه، مؤهلا لإمامة المسلمين وقت الصلاة فى هذه المساجد، خصوصا يوم الجمعة. والمسجد أكتسب صفة الجامع من اجتماع المسلمين فيه لأداء هذه الفريضة وما يتبعها من مراسيم.
من البساطة إلى الترف
وتجدر الإشارة إلى أن تشييد المساجد الضخمة والقصور الشامخة لم يظهر إلا بعد انتقال الخلافة إلى دمشق سنة 41 ه (661م) على يد معاوية مؤسس الدولة الأموية. وقد حرص الخلفاء الراشدون، كما حرص النبى عليه السلام على تجنب مظاهر البذخ والترف فلما تسلم معاوية أمر الخلافة رأى أن الأمر يتطلب تشييد مساجد لا تقل فخامة عن معابد أصحاب الديانات الأخرى، وأن تكون له قصور لا تقل روعة عن قصور بيزنطية، وعندما رأى المسامون أن الخليفة فى دمشق بنى مسجدا ضخما وجعل فيه النقوش وزينه بالرسوم، راحوا يقلدونه فى الأمصار. والمعروف أن عبد الملك بن مروان حرص على أن يكون مسجد الصخرة المشرفة أعظم من الكنيسة التى كانت للنصارى.
ملامح فنية
من أجل إبراز الملامح الفنية فى المسجد فإن المسلمين لم تعوزهم الوسيلة للتعبير عما كان محرما، إذ انهم لجأوا إلى الطبيعة المجردة فنقلوا منها ما يبدوا جميلا وصوروها بدقائق الفسيفساء التى علقوها فى قباب المساجد وجدرانها وأعمدتها. وقد أنفقوا فى هذا السبيل الجهود الكبيرة والأموال الكثيرة. والمتاحف الإسلامية وغير الإسلامية غنية بنماذج من قطع الفسيفساء التى تعود إلى أيام الامويين والعباسيين والدول الإسلامية الأخرى.
والمعروف أن العناصر الزخرفية استمدت من الفنين الساسانى والبيزنطى، إذ اقتبس المسلمون منها ما يلائم دينهم وذوقهم. فقد استخدمت الأشكال الهندسية المربعة والمثلثة والمستديرة، كما برزت العناصر البنائية فى السقوف والجدران، واتخذ المسلمون من الخطوط العربية أداة لزخرفة المساجد. واختاروا من القران الكريم والحديث الشريف نصوصا معينة ورقموها فى المساجد منقوشة بحرف بارز أو مجوف، أو مرسومة بالأصبغة الملونة أو بماء الذهب، وأثبتوها فى القباب وفوق المحاريب وعلى جوانب الجدران.
وبديهي، وقد أصبح المسجد يؤدي خدمات ووظائف متعددة تختلف باختلاف الشعوب والبيئات، أن تتعدد الأساليب المعمارية في بناء المساجد وإن اتخذت جميعها مقومات العمارة الإسلامية وجوهرها. فقد كانت معظم المساجد حتى القرن الرابع الهجري تحتوي على صحن مكشوف تحيطه الأروقة من ثلاث جهات أو من جهتين، على أن يكون أكبر الإيوانات هو رواق القبلة لأهميته، كما احتوى كل مسجد على محراب أو أكثر ومنبر ومئذنة وفي كثير من الأحيان على ميضأة.
أما تخطيط المسجد ، فكان غالباً مربعاً في العراق وإيران ومستطيلاً في مصر والشام وشمال أفريقيا. وتعليل ذلك سهل ميسور، فأماكن العبادة السابقة على الإسلام في بلاد ما بين النهرين كانت ذات تخطيط مربع ونعني بها ( الآتش جاه ) أي بيت النار. أما في غرب العالم الإسلامي حيث كانت تسوده المسيحية فكانت كنائسهم معظمها ذات تخطيط مستطيل.
مواقف متنوعة للعلماء
وتجدر الإشارة إلى أن العلماء كانت لهم مواقف متنوعة من مسألة الزخرفة. فقد شن بعضهم حملة عنيفة على الزخرفة واعتبروا أن صرف الأموال على الفقراء والمحتاجين أولى من صرفها على التزيين، كما أن منظر الزخارف من شأنه أن يلهى عن الصلاة. وكان لبعضهم الآخر موقف مغاير، فتزيين المسجد فى رأيهم عمل يريح النظر ويساعد المؤمن على التأمل والتعبد. ومهما يكن فإن المسلمين لم يستطيعوا احتمال بقاء مساجدهم عاطلة عن الزينة والزخرفة فى حين أن معابد سائر الأديان ترفل بأبهى الزخارف. ولقد ذكر أن تميما الدارى كان أول من علق القناديل فى مسجد الرسول الذى ارتاح لهذا العمل، وأن عمر بن الخطاب أمر بفرش المساجد بالبسط وبتعليق المصابيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.