يقوم وزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى بزيارة رسمية لإسبانيا يوم غد الأربعاء 11 دجنبر 2002 يلتقي خلالها نظيرته آنا بالاثيو في مدريد لمدارسة المشاكل العالقة بين البلدين والتفكير في إيجاد حلول لها برغم استمرار السلوكات الإسبانية المعادية لوحدة المغرب الترابية وشعوره القومي، لعل آخرها تنظيم العديد من "المقاطعات الإسبانية المستقلة" أنشطة دعم ومساندة لجبهة انفصاليي البوليزاريو بدعوى حرية التعبير والحق في تقرير المصير. ولئن كانت الزيارة التي سيقوم بها غدا السيد محمد بنعيسى لمدريد بمثابة رد على الزيارة التي قامت بها نظيرته الإسبانية آنا بالاثيو إلى المغرب في 32 يوليوز الماضي عقب الاحتلال الإسباني لجزيرة تورة، وبمثابة تعويض واستدراك عن الزيارة التي كانت مبرمجة في 32 شتنبر 2002، فإن عدم الإفصاح لحد الآن عن جدول أعمال اللقاء بشكل واضح وإحاطة الموضوع من الناحية الرسمية بطابع السرية يجعلنا ننظر إلى اللقاء المنتظر برؤيتين مختلفتين: رؤية إسبانية وأخرى مغربية. يذهب العديد من المراقبين الإسبان إلى أن لقاء 11 دجنبر سيكون مآله الفشل، شأنه كشأن عدد من اللقاءات السابقة ما لم يسحب الطرف المغربي من مفاوضاته وجدول أعماله ملف سبتة ومليلية ويقتصر فقط على نقطة عودة السفيرين المغربي لمدريد والإسباني للرباط. ويذهب الطرف المغربي إلى أن الوقت حان لاستكمال وحدة المغرب الترابية والمطالبة بكل الثغور المستعمرة بما في ذلك المدينتان المحتلتان سبتة ومليلية وغيرهما من المستعمرات الإسبانية الأخرى، ولاشك أن الاحتلال الإسباني لجزيرة تورة المغربية في مطلع يوليوز الماضي كان الحدث الذي أجبر الطرفين على ضرورة تحديد طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تسود بين الرباطومدريد وهي كما وصفها بعض المحللين إما أن تكون علاقة من مستوى عال أو من مستوى متوسط أو من مستوى ضعيف. وللإشارة فإن وسائل إعلام إسبانية نقلت عن مصادر تابعة للحكومة الإسبانية أن لقاء 11 دجنبر بمدريد الذي سيجمع بين وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى ونظيرته الإسبانية آنا بالاثيو إنما هو نتيجة للضغط الممارس من طرف الاتحاد الأوروبي على المغرب خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها السيد محمد بن عيسى إلى بروكسيل قبل ثلاثة أسابيع، وليس رغبة من المغرب في الأخذ بمبادرة تحسين العلاقة بين الرباطومدريد، خاصة وأن إسبانيا مازالت متمادية في نهج سياستها المناوئة لوحدة المغرب الترابية ومصالحه الاقتصادية، ولم تعط السلطات الإسبانية المسؤولة أية إشارة نحو رغبتها في تحسين العلاقة، اللهم إلا ما كان من اتصالات هاتفية لتبادل التهاني والتعازي. وإلا فإن ممثلين عن أكثر من 18 مقاطعة إسبانية مستقلة أكدوا دعمهم لجبهة البوليزاريو، وفي سياق ذلك استقبلت مخيمات تندوف منذ الثاني من دجنبر الجاري أفواجا من قرابة 1800 شخص وصلوا إلى مخيمات تندوف عبر 16 رحلة جوية من مقاطعات عديدة منها بلاد الباسك وكاستيليا لامانش وغاليسيا وفالنسيا ومدريد وغيرها، كما كشفت عن ذلك جريدة الحياة اللندنية ليوم الإثنين 9 دجنبر 2002. وأوضحت بعض المصادر أن هؤلاء الأشخاص قضوا قرابة أسبوع في مخيمات تندوف تعبيرا منهم عن دعمهم وتضامنهم مع جبهة البوليزاريو، ومثل هذا السلوك الإسباني المعادي للمغرب لا يمكن أن يدفع بالمراقبين إلى التفاؤل من لقاء 11 دجنبر الجاري. وأشارت جريدة "الأيام" الأسبوعية في عددها الأخير إلى أن فرنسا لها دور في العلاقة المغربية الإسبانية، فجريدة لاراثون الإسبانية أشارت في عدد سابق إلى أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك استغل زيارته الأخيرة للمغرب لتقديم التعازي في ضحايا الفيضانات التي ضربت جزء من المغرب ل"يوصل مجموعة من المقترحات للعاهل المغربي محمد السادس حول سبل وضع حد للنزاع القائم مع إسبانيا". وأكدت الجريدة أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الحكومة الإسبانية خوسي ماريا أثنار بحثا خلال لقاء القمة الذي جمع بينهما يوم 26 نونبر الماضي في مدينة مالقا الأندلسية العلاقات مع المغرب وكيفية إرساء علاقات ممتازة بين الطرفين. تبقى الأنظار إذا معلقة ومنتظرة يوم غد الأربعاء، هل سيسفر اللقاء عن عودة السفيرين المغربي والإسباني لممارسة عملهما؟ أم هل سيسحب المغرب من جدول أعماله في المفاوضات مع إسبانيا ملف سبتة ومليلية كما لم تتم الإشارة إليهما في التصريح الحكومي؟ وهل سيكون اللقاء بداية لما بعده أم نهاية لما سبقه وبالتالي العودة من جديد لنقطة الصفر؟ عبد الرحمن الخالدي