ينتظر أن تشرع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في مدارسة مشروع قانون المالية 2003 بعدما عرضه وزير المالية فتح الله ولعلو أمام أنظار مجلس النواب الجمعة الماضية. وتوقع مشروع قانون المالية 2003 بلوغ معدل للنمو في حدود 5.4 بالمائة على فرضية سنة فلاحية متوسطة وسعر نفط في حدود 24 دولار للبرميل الواحد، كما توقع المشروع أيضا ضبط نسبة التضخم في حدود 2 بالمائة ونسبة عجز في 3 بالمائة. وبلغ مجموع التحملات ما يناهز 163 مليار درهم، منها 139,5مليار درهم خصص للميزانية العامة بانخفاض قدره 1,8% عن سنة 2002. وتوقع المشروع أن تصل الموارد إلى 160,7 مليار درهم بارتفاع طفيف قدره 0,5% مقارنة مع سنة 2002 منها 136,8مليار درهم كموارد برسم الميزانية العامة. وبخصوص نفقات ميزانية الدولة فقد بلغت نفقات التسيير 78,2 مليار درهم مقابل 75,44 مليار درهم سنة 2002، بزيادة قدرها 3,7 بالمائة، ونفقات التجهيز 19,5مليار درهم مقابل 19,925مليار درهم هذه السنة بانخفاض قدره 2%، ونفقات الدين العمومي 41,8 مليار درهم مقابل 46,7مليار درهم برسم قانون المالية 2002 بانخفاض نسبته 10,58بالمائة. ولم يخصص مشروع قانون المالية 2003 سوى 6955 منصب شغل مقابل 10845منصب شغل برسم قانون المالية 2002 دون ذكر ل 6000 منصب شغل لترسيم المؤقتين والعرضيين برسم السنة الحالية. وما فتئ الوزير الأول في خطابه أمام مجلس النواب الجمعة الماضية يؤكد في فقرات متعددة على أن مشروع قانون المالية 2003 بمثابة صلة وصل بين ما تحقق لبلادنا من إصلاحات من خلال حصيلة التناوب، وأنه يأتي في إطار مواصلة الإصلاحات الكبرى، وأنه يرتبط بالتوجهات العامة التي أفرزها المخطط الخماسي، لكن العديد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين أشاروا بالمقابل إلى أن حكومة جطو التقنوقراطية قد وضعت قطيعة وحدا فاصلا مع حكومة التناوب، وطلقت العمل بالمخططات وعلى رأسها المخطط الخماسي 2000 2004. وحدد فتح الله ولعلو في خطابه المقاصد الكبرى لمشروع قانون المالية والمتمثلة في إنعاش المبادرة الاستثمارية الخاصة، ومحاربة مظاهر الفقر والفروق الاجتماعية والجهوية، وتحسين التدبير العمومي وتقوية صيغ الشراكة، ومواكبة الإصلاحات الهيكلية للنسيج الاقتصادي. ونبه فتح الله ولعلو إلى ضرورة بدل الجهود لتوفير الموارد العمومية اللازمة أمام التقلص في التحصيل الضريبي الذي لا يتجاوز 60% من الموارد العمومية، وميل إيرادات الاحتكارات والاستغلالات والمساهمات المالية للدولة إلى الانخفاض بنسبة 17,5%، وتقلص المداخيل الاستثنائية المرتبطة بعمليات الخوصصة سنة عن سنة. وأكد فتح الله ولعلو أن التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية 2003 تجد مرتكزها في المسار الإصلاحي العام الذي تعرفه البلاد مستندة في ذلك على التوجهات التي بلورتها مبادرات وإشارات جلالة الملك محمد السادس والتي تضمنها خطابه بمناسبة افتتاح الولاية التشريعية الجديدة. وفيما يتعلق بتنفيذ قانون المالية 2002 أشار فتح الله ولعلو إلى أن المغرب سيحقق نموا خلال هذه السنة في حدود 4,5%، ومعدلا للاستثمار في ما يقارب من 23%، ومستوى للتضخم في حدود 2,5% خلال النصف الأول من سنة 2002، وتراجع للعجز التجاري بنسبة 10%. وأشار وزير المالية إلى أن تردي معاملات السوق الدولي لقطاع المواصلات وتدهور الشريك VIVENDIلم يكن له أي انعكاس سلبي على اتصالات المغرب التي ظل أداؤها جيدا. وفي تعليق له على مضامين مشروع قانون المالية 2003 قال مصطفى الرميد رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب >إن المشروع قدم بمنطق إداري صرف، إذ عمل على تجميع النفقات التي تحتاج إليها الدولة في شؤونها الجارية دون النظر إلى ما يحكم الميزانية من أولويات قصد الاستجابة إلى الأهداف المسطرة<، وأَضاف في تصريح ل"التجديد": >وهذا المشروع يحمل بصمات الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد بشكل واضح<، مستدلا في ذلك بما عرفته نفقات الاستثمار من تراجع بنسبة 2% حيث انتقلت من 19,92مليار درهم سنة 2002 إلى 19,51مليار درهم برسم مشروع سنة 3002، وما شهدته نفقات التسيير من ارتفاع بنسبة 3,7% إذ انتقلت من 75,44 مليار درهم برسم قانون المالية 2002 إلى 78,23مليار درهم في المشروع الحالي، فضلا على المستوى المرتفع الذي ما تزال تحتله نفقات الدين العمومي في بنية الميزانية حيث بلغت ما قدره 41,75 مليار درهم. وعلى هذا الأساس أكد الرميد أن بنية الميزانية تظل ضعيفة ولا يمكن أن تساعد إطلاقا على خلق نمو اقتصادي واجتماعي، وقال "فالنسب التي تتعلق30 % وتبقى النسبة المخصصة للاستثمار في حدود 14% وهي نسبة متدنية جدا". وأوضح رئيس فريق العدالة والتنمية أن الحكومة أرادت أن تسد عجز ميزانية 2003 بما كانت تريد أن تسد به عجز الميزانية لسنة 2002، من خلال الاعتماد على مداخيل الخوصصة بما قدره 12,5مليار درهم، عبر تفويت نفس المؤسسات العمومية التي كانت مقررة في قانون المالية 2002 ولم تفوت. واستفسر الرميد عن الأسباب التي حملت الحكومة على تقليص عدد مناصب الشغل من حوالي 17000 منصب شغل سنة 2002 إلى زهاء 7000 منصب شغل فقط خلال مشروع قانون المالية 2003، قائلا "نتساءل ما الذي يميز سنة 2002 عن سنة 2003 حتى تكون لدينا هذه الأرقام المتباينة بشكل جذري، أي تخفيض مناصب الشغل بما حجمه الثلثين. فإذا كانت ميزانيتنا تستطيع أن تتحمل التوظيف الواسع، لماذا تم التخفيض؟، وإذا لم تكن تتحمل ذلك فلماذا تم التوسع في المشروع المالي سنة 2002؟". وحول حقيقة التعديلات التي بشر بها وزير المالية بشأن موافقة مشروع قانون المالية 3002 مع ما تضمنه التصريح الحكومي الأخير قال الرميد "لحد الآن لم نتوصل بأية تعديلات والحكومة نفسها لا أعتقد أنها أنجزت أي تعديل في هذا الشأن إلى غاية الجمعة". محمد أفزاز