إذا كانت العاصمة الاقتصادية قد أشعلت شموع الفرح داخل مركب محمد الخامس ليلتي السبت والأحد، بعد تحقيق فريقي الوداد والرجاء لانتصار تاريخي، فإن شوارع المدينة تحولت إلى مسرح للتدمير وإتلاف الممتلكات، وكانت الحصيلة تكسير 40 حافلة من طرف الجماهير. لقد تحدثنا في السابق عن المستوى الحضاري الذي عبر عنه الجمهور الغفير الذي حضر المركب، وشجع بكل ثقة وشجاعة وتحمل الأمطار والبرد القارس، وكان بحق مثالا للجمهور المتحضر الذي يقف بجانب اللاعبين، لكن للأسف لم ينطبق هذا السلوك على بعض الجماهير خارج الملعب، الذين فجروا كبتهم في الشوارع ودمروا الحافلات وكسروا الزجاج وكان يمكن أن تصبح الحصيلة أكبر لولا تدخل رجال الأمن وبكثافة، وقد أسفرت العملية عن خسائر جسيمة ستتحملها من دون شك الوكالة المستقلة للنقل الحضري التي وضعت رهن تصرف الجماهير البيضاوية حافلاتها لنقلها من المركب الرياضي، وهي بادرة تستحق التشجيع خصوصا وأن الوقت متأخر جدا، كما تم اعتقال عدة أشخاص تقل أعمارهم عن عشرين سنة بسبب أعمال شغب قاموا بها بعد نهاية مباراة يوم الأحد، وربما أنهم تأثروا بما تعرفه بعض الملاعب الأروبية من أعمال شغب شوهت سمعة اللعبة داخل الوطن. لقد تحدثنا مرارا وتكرارا على أن دور الجمعيات المحبين يجب ألا يقتصر على المدرجات، ولكن لا بد أن يطال الجمهور خارج الملعب، لتعمل هذه الجمعيات على تربية الجماهير على الروح الرياضية ونبذ العنف، خاصة المراهقين الذين يؤمنون بالعنف كحل لتفجير الكبت الداخلي، فهؤلاء لا يعترفون بالروح الرياضية خاصة حين ينهزم فريقهم، ويصبحون غير قادرين علي تجاوز خسارة فريقهم، فيكون الهدف هو تفجير وتدمير كل ما تصل إليه أياديهم غير واعين بحجم الأضرار التي يسببونها مرددين شعارهم الذين يقول: "الجمهور يهرس والمجموعة تخلص..."شعار يوضح بجلاء ما وصلت إليه عقلية بعض المشجعين الذين تجاوزا كل الأعراف إرضاء لشغبهم الجنوني، اللهم اهد عبادك يا رب.