أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن غازي المكناسي ت 919 ه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني المكناسي شيخ الجماعة العلامة الحافظ الحجة المحقق خاتمة علماء المغرب وآخر محققيهم. قال ابن غازي في الروض الهتون مترجما لنفسه: العثماني نسبة لأبي عثمان قبيلة من كتامة. نشأت بمكناسة وقرأت بها ثم رحلت لفاس لطلب العلم سنة ثمان وخمسين وأقمت بها زمنا ولقيت بها جماعة من الأشياخ ثم عدت لمكناسة زمانا ثم رحلت لفاس مستوطنا. ولد شيخ العصر الوطاسي في القراءات أبو عبد الله ابن غازي سنة 841 ه بمكناس وبها نشأ وتعلم وكان لوالدته رحمة بنت الجنان الفضل الأكبر في تنشئته على حب العلم والأخلاق الفاضلة. وكانت تحفظ الكثير من صحاح الأحاديث وجيد الأخبار تدرس القرآن العزيز في المصحف، كان لها إلمام واسع بقصص القرآن وأخباره أخذت كل ذلك عن زوجها الأول العالم المحدث والشيخ المجود أبي عبد الله محمد بن عزوز الصنهاجي حل إلى المشرق وأفاد من أعلامه وعاد ثانية فتوفي هناك فتزوجت أرملته بنت الجنان هذه أبا العباس أحمد ابن غازي فولد لها منه أبو عبد الله محمد مترجمنا. فنشأته على غرار زوجها وأستاذها ابن عزوز في سيرته وعلمه. رحل ابن غازي إلى فاس وأنهى بها دراسته العليا فلقي جمهرة من المشايخ. ومن الشيوخ الذين اعتمدهم في علوم القرآن أبو عبد الله محمد بن قاسم القوري، وأبو الحسن علي بن منون الحسني المكناسي وأبو عبد الله محمد الصغير النيجي وغيرهم وهناك شيوخ آخرون أخذ عنهم مختلف العلوم والفنون ضمنهم فهرسته. كرس ابن غازي حياته لطلب العلم ونشره وتقييده وألف في القراءة والحديث والفقه والعربية والفرائض والحساب وغيرها تآليف نبيلة، وانتهت إليه الرئاسة في عصره وتخرج على يديه عامة طلبة فاس وغيرها، وشدت إليه الرحال وتنافس الناس في الأخذ عنه، وكان عذب المنطق فصيح اللسان حسن الإيراد عارفا بصناعة التدريس والإقراء. قال فيه تلميذه أبو محمد عبد الواحد الونشريسي: (شيخنا الإمام العالم الأثير، كان إمام مقرئا مجودا صدرا في القراءات متقنا فيه عارفا بوجوهها وعللها طيب النغمة قائما بعلم التفسير والفقه والعربية متقدما فيها متبحرا في الحديث حافظا له واقفا على أحوال رجاله وطبقاتهم ضابطا لذلك كله ذاكرا للسير والمغازي والتواريخ والآداب فاق في كل ذلك أهل عصره قال: (وعلى الجملة فهو آخر المقرئين وخاتمة المحققين). تتلمذ له من شيوخ القراءات: أبو العباس الدقون وأبو عبد الله شقرون الوهراني، وأبو عبد الله الهبطي، والقاسم بن محمد بن إبراهيم الدكالي المشترائي، وأبو الحسن علي بن عيسى الراشدي وسواهم كثير. وكان ابن غازي إلى ذلك من دعاة الإسلام خطيبا مفوها تولى الخطابة بمكناس بلده وبفاس الجديد ثم الإمامة والخطابة بجامع القرويين باذلا النصح للعباد، محرضا على الجهاد وقد أعطى المثال من نفسه فرابط على ثغور الهبط التي كان يتهددها الاحتلال البرتغالي عدة مرات، فكان له اليد الطولى في إنقاذ بلده من التسلط الأجنبي، ولقد خرج في أخريات حياته إلى الغزو بقصر كتامة فمرض وحمل إلى فاس على الأعناق فتوفي رحمه الله شهيدا سنة 919 ه ودفن بالكغادين من عدوة الأندلس وكثر الناس في جنازته وحضرها السلطان فمن دونه وتبعه ثناء حسن وعظم التأسف عليه. خلف ابن غازي مؤلفات في الفقه والحديث والعربية والقراءات والتاريخ والفرائض والحساب وسواها منها: شفاء الغليل في حل مقفل خليل، وتكميل التقييد وتحليل التعقيد على المدونة كمل به تقييد أبي الحسن الزرويلي مع حل مقفل عقائد ابن عرفة، وحاشية على الألفية، ومنية الحساب، وذيل الخزرجية في العروض، ونظم مشكلات الرسالة وحاشية لطيفة على البخاري، وإنشاد الشريد في ضوال القصيد على الشاطبية، وفهرسة شيوخه والروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، والمطلب الكلي في محادثة الإمام القلي، والمسائل الحسان المرفوعة لحبر فاس وتلمسان، والجامع المستوفي لجداول الحوفي، ونظم مراحل الحال وشرحه، واستنبط من حديث: >يا أبا عمير ما فعل النغير< مائتي فائدة وترجمها في ورقتين