سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور محمد مصطفى القباج عضو المجلس الإداري للجمعية المغربية لحماية الطفولة ل"التجديد" : لا سبيل إلى إصلاح أوضاع الطفولة والأسرة إلا بإيجاد سياسة اجتماعية تعتمد المرجعية الإسلامية
يحدثنا الدكتور محمد مصطفى القباج عن ما يعانيه الطفل داخل المجتمع المغربي من مشاكل عديدة سواء في التعليم أو الرعاية الصحية و ماإلى ذلك من المشاكل التي يتخبط فيها الأطفال نتيجة الفقر وتراجع القيم، الشيء الذي يجعل الطفل معرضا لأي تأثير لأنه يفتقد للحصن المرجعي ، كما ينتقد الأستاذ القباج وثيقة الأممالمتحدة لحقوق الطفل ولما تتضمنه من أمور مخالفة للقيم الإسلامية، ويدعو في الوقت نفسه إلى وضع سياسة اجتماعية للنهوض بأوضاع الطفولة المغربية ، يرسم من خلالها مشروع الإنسان الذي نريده. والدكتور مصطفى القباج يعمل أستاذا جامعيا وباحثا،كما يحتل منصب مقر ر لأكاديمية المملكة المغربية. له عدة مؤلفات منها :"مقاربات نقدية وسياسية للشأن العربي" ، الأمية بالمغرب هل من علاج؟، التربية والتعليم في زمن العولمة ،من قضايا الإبداع المسرحي، الطفل المغربي وأساليب التنشئة الاجتماعية بين الحداثة والتقليد . وقع المغرب على وثيقة حقوق الطفل ما هي ملا حظتكم حولها ؟ وقع المغرب على وثيقة حقوق الطفل دون تحفظ، في حين أن السعودية تحفظت على المادة الرابعة عشرة، وأظن أن تحفظ السعودية أعطى ثماره، غير أن المغرب تعامل مع الوثيقة تعاملا صوريا، لأن المهم ليس هذه الحملات والتعريف بثقافة الطفل وحقوقه. المهم في كل وثيقة هو تطبيق بنودها وتفعيلها داخل أرض الوطن وترجمة الوثيقة الدولية إلى عناصر داخل الواقع، لكن للأسف لا نجد هذا ، حيث يمكن أن يرتكب أي جرم في حق الطفل ولا يعاقب بمقتضى نصوص الوثيقة، وتطبيق الوثيقة ينبني على إدخال جميع عناصرها في القانون الوطني. وحينها يمكن أن تلزم حقا من حقوق الطفل وتلزم واجبا مقابله، وتلزم عقوبات إذا لم يطبق هذا الحق، هذه الأمور لا توجد بالمغرب، ولذلك وجب بذل الجهود لتقنين هذه الحقوق وأخذ ما يناسب الإطار العقائدي والقيمي لدينا ، وليس معنى هذا أن المغرب إذا قام بإعمال الوثيقة في القانون الوطني أنه سيتبع كل ما هو موجود فيها، فلابد من الانتقاء لأننا دولة لدينا خصوصيتنا وقيمنا، ما دام المغرب ملزم بإعمال القوانين الدولية في القوانين الوطنية، عليه أن ينتقي ما يلائم الشريعة الإسلامية. ووثيقة حقوق الطفل لست أنا أول شخص ينتقدها، بل توفرها على ثغرات، جعلها تناقش على المستوى الدولي، مع أن أمريكا لم توقعها لأسباب معروفة، وتحتوي الوثيقة على ثغرات خطيرة جدا، وعلاقتنا بالوثيقة ليست علاقة عادية، ولم نفعلها بالشكل الضروري واللازم، وإذا قمنا بتفعيل الوثيقة، ينبغي أن تتغير سياستنا الاجتماعية. ذكرتم في بداية حوارنا معكم أن لكم انتقادات على اتفاقية الاممالمتحدة لحقوق الطفل ، هل لك أن تحدثنا عنها؟ إن الانتقادات الموجهةلهذه لوثيقة حقوق الطفل أصبحت واضحة و يتفق عليها الجميع في الغرب والشرق، والدليل على ذلك كتاب penser le droits de l enfantلصاحبه Dominique youf الذي صدر أخيرا الذي ينتقد الوثيقة نقدا لاذعا . فمن الغرب جاءت الوثيقة ومن الغرب جاء الانتقاد. ويبين هذا الكتاب أولا أن الحقوق التي أعطيت للطفل كانت على حساب الأسرة والمجتمع، كما أنه لا يمكن أن نعطي الحقوق لفئة دون أخرى، ثانيا الحقوق لها واجبات فأين هي الواجبات في هذه الوثيقة؟ فمثلا أعطي للطفل حق المناداة على الشرطي ليقول له تعال اقبض على أبي فإنه يضربني. بالفعل هناك أمور مقرفة في وثيقة الطفل، ولا ننسى أن هذه الحقوق هي شغل علاقة 30 سنة، منذ أن اقترحت بولينيا أن تحفظ حقوق الإنسان، ووقع نوع من معالجة الموضوع انطلاقا من الأنماط البشرية، فالأمور اختلطت علينا وأصبحت معدلة بطريقة مفرغة من إطارها القيمي، وكل أحد يقول ما بدا له.لهذا نص الوثيقة لا ينبني على أرضية قيمية، فتارة تشعر بأن الوثيقة مناقضة للإسلام، وأحيانا مناقضة للمسيحية،معني هذا أن الوثيقة لا لون لها.وهناك أشياء بالوثيقة فاقت التوازنات المنطقية، حيث ينادي المجتمع الأوروبي بأنه يمكن لرجلين أن يؤسسا أسرة، إنها أشياء لا يتقبلها العقل، مع الأسف هذه الأمور مسطرة في الوثيقة، وهذا الموقف هو الذي تحفظ عليه المسلمون والمسيحيون في مؤتمر القاهرة،.وثيقة حقوق الطفل تحتاج للتعامل معها باحتراس كبير جدا، وعلى الرغم من أننا وافقنا عليها لكن ينبغي أن تتماشي مع الأطر المرجعية والأخلاقية والروحية أما في ما يتعلق بعدم توقيع أمريكا عليها ، فأثناء حديثي مع أحد الأصدقاء في أحد المؤتمرات بأمريكا قال لي : إن أمريكا لديها مصالح وليس في مصلحتها التوقيع ولذلك لم توقع ، لكن أتيحت لي الفرصة في مؤتمر القمة الأخير بنيويورك وسألت أحد ممثلي المجتمع المدني بأمريكا، في الوقت الذي تنصب أمريكا نفسها دركيا للعالم موجهة للعمل لكنها لم توقع على وثيقة الطفل، فقال لي بأن بوش لا يمكن أن يوقع على شيء إلا إذا كانت جميع الولايات موافقة عليه، إذ أن بعض الولايات متشبثة باطارها الديني ، فرفضت السماح بالتوقيع على هذه الوثيقة نهائيا، إذن المشكلة أعقد بكثير، فأمريكا ليست مثلنا بالرغم من كوننا تحفظنا كانت لها الشجاعة بأن لا توقع، لذلك تم توكيل مهمة إقناع الولايات الرافضةللمجتمع المدني بأمريكا . كيف تنظرون إلى واقع الطفولة بالمغرب؟ الطفولة بالمغرب تعيش أزمات حقيقية، وقد أعطى الزميل محمد دريج في كتابه "الأطفال في وضعية صعبة" أرقاما حول هذا الواقع، هناك مشاكل كثيرة، فالطفولة المغربية تحرم من حقها في التعليم وحقها في الرعاية الصحية، وحقها في اللعب والترفيه، وإذا تفحصنا الواقع نجد بعض المحاولات والمجهودات، لكن مازلنا بعيدين عن الهدف المقصود، تجدنا نعطي أرقاما حول تعليم الأطفال والواقع غير ذلك، حيث إن الأمية أصبحت أبوابها مفتوحة، إذا لم نتدارك الأمر بإجبارية التعليم، كما أن تعرض الطفل للأمراض في البوادي والقرى دليل على حرمان الطفولة من حقها في الرعاية الصحية، رغم أن المغرب قام بخطوات مهمة في ما يخص صحة الأم والطفل، أما اللعب فتفاوت الطبقات يجعل جل الأطفال لا يلعبون. و إذا عرفنا أن الفقر منتشر بالمغرب بنسبة كبيرة، فلا يمكن أن تؤمن للطفل حقوقه، فإذا أخذنا مثلا البناء المعماري نجد غياب أماكن للعب الأطفال، فكيف يمكن لهذا الطفل أن يعيش في جو جيد. عموما الطفولة بالمغرب مازالت أوضاعها غير عادية فيما؛ يخص حقوق اللعب والرعاية الصحية والتعليم وحمايته من الاستغلال، واستغلاله في الشغل، هناك من يقول أن أخف الضررين أن يشتغل الطفل ولكن ليس دائما الشغل يأتي بالإيجابيات بل أحيانا يعود بالسلبيات. فالطفل يستغل في العمل وفي التسول ويستغل في أشياء كثيرة، حيث أن إحدى السيدات جاءت من منظمة دولية وجلست إلينا بالعصبة المغربية لحماية الطفولة، وأخبرتنا أن هناك شبكات كبيرة بالمغرب لاستغلال الطفل جنسيا داخل وخارج المغرب، وهناك جمعية بطنجة أنجزت تحقيقا حول أطفال الشوارع و وجدت حقائق مهولة، وأنا أقول إذا أردنا أن نخطط سياسة اجتماعية حقيقية، ينبغي أن نصغي إلى الواقع، ومنه نضع سياسة اجتماعية، ويمكن أن نضع تدابير صارمة لما يمكن أن يكون عليه الإنسان، وتوجد بمرجعيتنا الإسلامية كل المبادئ الأساسية، ونجد كل ما هو في الوثيقة الدولية، باستثناء الأمور غير العادية مثل الحياة الجنسية وانحلال الأسرة، وتجاوز دور الأم والأب التقليدي، فالمرجعية الإسلامية كافية لإيجاد سياسة اجتماعية متوازنة للإنسان والأسرة والمجتمع. هل بنظركم عرفت الأسرة تراجعا في أداء دورها التربوي؟ الفقر، و اكتساح وسائل الإعلام بكل أشكالها ومضامينها، أدى إلى أن تخلت الأسرة عن دورها، سواء الفقيرة منها أوالغنية، فالأسر الغنية -من باب الموضة-تعتبر أن للطفل حقوقه، والأسر الفقيرة ليس لها إمكانيات للقيام بواجباتها اتجاه أطفالها سواء في التعليم أو الصحة، نعيش لحظة تردي لدور الأسرة الاجتماعي والاقتصادي واللغوي، فاليوم أطفالنا أصبحوا يتكلمون بلغة هجينة، حيث يسود اعتقاد أن اللغة الأجنبية تساهم في رفع المستوى الاجتماعي، والصواب أن هذا يؤثر على تطور الطفل على المستوى الوجداني والعقلي، كل هذا يدل على أن الأسرة أصبحت لا تقوم بواجبها، ولهذا أرى أنه في إطار السياسة الاجتماعية التي أنادي بها ينبغي أن ندرس الأسر، ففي أوروبا لاحظوا تردي دور الأسرة فقاموا بإنشاء مدارس للأسرة للقيام بتوعية الأسرة لتقوم بواجباتها الأساسية اتجاه الطفل، و المدرسة ليست بديلة للطفل عن الأسرة، لأن الأسرة لها دور في الحياة الوجدانية وخلق شعور الارتباط بمجموعة من القيم، و إن تحرر الطفل يبقى دور الأسرة حاضرا سواء الأسرة الواسعة أو النووية، ففي العالم الثالث والمتقدم أصبحت الأسرة تتخلى عن واجباتها، وهذا يؤدي إلى كثير من المخاطر، إذ يصبح الطفل عرضة لأي تأثير كان، مثلا بالمغرب نتكلم عن أناس يأتون للتبشير نجدهم ينجحون، و ينشرون مجموعة من القيم ممنوعة في القانون الدولي، ونجاحهم دليل على أن الطفل لا يتوفر على سند قيمي عقائدي ليواجه المبشرين، فيقنع المبشر الطفل بما يروج وينشر في العالم على اعتبار أنه من سلبيات الإسلام، مثل قطع يد السارق، وهذا يؤثر على الطفل، لكن لو كان للطفل سند عقائدي قوي فإنه يتصدى لذلك، ولما يكون الشاب لا يتوفر على إطار مرجعي يدافع به فإنه لا محالة سيتأثر بأي شيء يقال. ما هو الدور المفترض للمجتمع المدني للمساهمة في تنشئة الطفل؟ المجتمع المدني بالمغرب قام بدوره، ولكن هناك أمور خطيرة بالمجتمع المدني ينبغي الانتباه لها ويمكن تلخيصها في أربعة نقاط: أولها الميل إلى الشكلانية، حيث نجد البهرجة والمظاهر في عمل المحتمع المدني، فليس من شيمنا المباهاة بالصدقة، فقد علمنا الإسلام أن نعطي الصدقة باليمنى ولا تعلم اليسرى ماذا أنفقت اليمنى، فأصبحت لدينا المفاخرة والمباهاة، وبهذه الكيفية نساهم في أن يصبح الفقيرذليلا في نظر المجتمع. وقليل من جمعيات المغرب التي تشتغل ميدانيا فجلها يعمل بشكل صوري، ثانيا النزوع إلى أن يكون عمل الجمعيات بديلا للدولة، ويدخل في صراعات ومواقف معارضة. والنقطة الثالثة وهي الأخطر، الارتزاق في مجال محو الأمية ومجال الطفل طمعا في جمع الأموال ا، فكيف يعقل أن تعطى ميزانية لمحو الأمية مقابل تشغيل المعطلين فيصبح العامل بمحو الأمية يبحث عن مصدر للعيش... والشيء الخطير والأخير هو استغلال الجمعيات من قبل بعض المنظمات الدولية، للمس بقرارات البلاد، فتصبح الجمعيات تشوه صورة المغرب وتتكلم عن الاستغلال بالمغرب سواء بحق أو بغير حق. حقيقة لدينا مشاكلنا، لكن ينبغي ألا ننشر غسيلنا على الملء، فلا ينبغي المبالغة في الأوضاع أمام الأجانب. لا ننكر أن هناك مجهودات ينجزها المجتمع المدني، و أنا مرتاح لما يقوم به المجتمع المدني، لكن علينا أن ننتبه للمخاطرالتي تحف هذا العمل. كما ينبغي أن تشتغل الجمعيات في الميدان. هل هناك تأثير للمناهج الغربية على المناهج التربوية المغربية للأطفال؟ المناهج التربوية التي كانت معتمدة سالفا، كانت المدرسة تقوم بدورين بالتربية والتعليم، عكس ما أصبح عليه الحال، حيث أصبح المعلم يقول أنا أعلم و لا أربي، وهذا مشكل. فالمناهج التربوية تحتاج إلى إصلاحات في المضامين، حيث إن هذه الأخيرة نجدها منسلخة من الإطار القيمي، فلا يوجد احترام لمبادئ قيمنا العقدية، ونجد تعليمنا مرقع لا ينبني على الأساليب المتينة، لهذا أصبحت المدرسة في أزمة حقيقية، فإذا محصنا المناهج التربوية المغربية نجدها لاتعبر عن خصوصية المغرب. فلا لغة تدرس جيدا و لا تاريخ ولا قيم، صحيح أن هناك إصلاح التربية والتكوين، ولكن يبقى هذا مجرد شكليات، علينا أن نجعل المنهج التربوي منهج معاصر يجيب حقيقة عن مشاكل المغرب، بتكوين المعلم النزيه. ماذا يمكن أن نقول عن برلمان الطفل والوزارة المكلفة بالطفولة ؟ كل هذه مجرد شكليات ومجرد خطب، جميل أن يعبر الطفل عن واقعه ويتكلم، لكن الدور الفعال ما هو؟ كل الحقائق لا يمكن أن تقال داخل هذا البرلمان . فعلى الأقل لو أجريت دراسة للبرلمان سنجد أن الحصيلة هزيلة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب. فنحن نتباهى أن لدينا برلمان الطفل فقط!... يمكن أن نخلق ألف وزارة، لكن في غياب سياسة اجتماعية يأتي بهاالبرنامج الحكومي فلا فائدة من هذه الوزارة أو تلك ، كما أنه لا يمكننا أن نصوغ مشروع الإنسان المغربي الذي نريد في القرن 21 إذا لم ننظر إلى الإنسان نفسه ولم نفعل شيئا لصالحه. هل التأليف في مجال الطفولة استوفى حقه؟ لم يستوف التأليف للطفل حقه، إذ أن ما ننتجه للطفل غير كافي.فالدراسات الأكاديمية لم تعط أكلها، كما أنه ليست لدينا رؤية للتربية وخصوصيات التربية. هناك أبحاث أكاديمية تعمق في نظريات معروفة في الشرق والغرب، من بياجي إلى التحليل النفسي، لكن كل هذا لا يكفي، فالبحث العلمي لازال قاصرا.فأحيانا نجد تأليفا للأطفال، لكن ما يؤلف لا يكون مطابقا لسن الأطفال، إضافة إلى أن هناك مؤلفين للأطفال لكنهم فئة قليلة، من أمثال بنجلون ومبارك ربيع والبقالي ، كما لا ننسى أننا نجد إبداعات طفولية، لكن لا نطلع عليها. إذن الكتابة عن الطفل وللطفل مازلنا لم نصل فيها إلى ما ينبغي سواء على المستوى المدني أو المستوى الرسمي، ولا أعتقد أن الكتابة للأطفال يمكن أن تهتم بها الوزارات مثل وزارة الثقافة، وإذا وجدنا كتابات للأطفال فسنجد أن ثمنها باهض وعرضها محدود كما أن من يقرؤها هم أطفال العائلات الميسورة. هذا جانب من الأمور التي ينبغي الاهتمام بها في إطار منظور وتصور منظم بشكل جيد ومؤسسي في غياب إمكانيات كافية، مع الأسف المؤسسات الحكومية لا تعير لهذا الميدان أي اهتمام. ماذا عن إعلان الرباط المنبثق عن "الندوة الدولية لحقوق الطفل من منظور إسلامي"؟ إعلان الرباط خجول إلى حد ما، ولأسباب صحية لم أتمكن من الحضور لمناقشته.إننا نسعى كلما ظهر شيء عند الغرب كي نجد له مكانا عندنا، وهذا منطق غير مفيد، بل ينبغي أن تكون هناك مجموعة تخلق منظومة حقيقية انطلاقا من المرجعية الإسلامية، وعندما نلاحظ أن هناك عنصرا من العناصر رئيس في هذه المنظومة، حينها نراجع ما هو موجود بالخارج من مواثيق وكتب وأبحاث ونستند لإدراجه كعنصر مؤطر، وبالتالي عندما نضع حقوق هذا الطفل في القانون الوطني فلا يجب أن نكتفي بالقانون الوطني بل ينبغي أن ننطلق من مرجعيتنا الإسلامية، وننطلق من منظور إسلامي متكامل، كما إننا نحتاج إلى مجموعة من الحقوق لوضع مجموعة من التدابير.مع كامل الأسف نحن لا نقوم بهذا المجهود، و لم نصل بعد إلى الإبداع في نسق إسلامي لحقوق الطفل المسلم، فهناك وثيقة "الحقوق الإسلامية للطفل" الذي سبق لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن أعدته ،لكننا دائما نشتغل بهاجس أن ما عند الغرب يوجد عندنا، ونحن السباقين إليه، وهذا شيء غير معقول، وعلينا أن نجتهد، والجميع يجمع على أن الاجتهاد أصبح ضرورة ملحة في الوقت الراهن وفق شروطه طبعا، أي أن يكون الاجتهاد في دائرة المذاهب الإسلامية، ونحطم بذلك الحدود الجغرافية، ويتم وفقا لهذا الاستفادة من كل المذاهب، مادامت فيهاحجة واضحة لا تخالف الأحكام الأساسية في الإسلام. أعتقد أن إعلان الرباط كان ضعيفا، فهو إعلان ببعض التمنيات وليس ببدائل واقتراحات. ماذا تقول عن الاستغلال الجنسي للأطفال؟ وهل الأرقام المعلن عنها رسميا حقيقية ؟ الحالات التي يتم الإعلان عنها رسميا هي الحالات التي تصل إلى القضاء، أما الواقع فشيء آخر، فهويفوق بكثير الأرقام المعلن عنه ، فالمجتمع المغربي يعيش القهر الجنسي،حيث أصبحت الآن زنا المحارم منتشرة بشكل لا يتصور، فهناك قضايا تصل إلى المحكمة بالمقابل ألف قضية لا تصل لأن العائلات لا ترضى بالواقع وتخشى من حديث الناس ، فبشكل بشع يتم استغلال الأطفال، كما أن القضاء المغربي يعيش ضغوطات لأنه غير مستقل، واجتهادات القضاة مرتبطة بنزاهتهم. > ما هي المعالم الكبرى للسياسة الاجتماعية التي تحدثتم عنها؟ >> عندما نقول سياسة اجتماعية من منظور اجتماعي، نتحدث عن النظم الاستشرافية بحيث نسعى للقضاء على كل سلبيات المجتمع، انطلاقا من معرفتنا بالميدان والواقع، ونستخلص منه صورة الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والقيمية، ونخطط أهداف الأسرة المنشودة، وحقوق كل أفرادها، ، ونتحدث عن مجتمع الغد و مواصفاته السياسية والاجتماعية، ونجد في النهاية مجموعة من العناصر تسجل وتكتب، تشكل في ما بعد استراتيجية متكاملة تشتغل بها كل القطاعات.والسياسة الاجتماعية هي الأساس الذي يبنى عليه كل شيء، هذه السياسة محتاجة إلى استشارات وإلى باحثين ووقت سريع، فالزمن يمر، وإذا لم نضع لأنفسنا موضع قدم في هذا العالم برؤيتنا ومنظورنا فسنذوب.لأن العالم لا ينتظر أحد، فيجب أن نقوم بالتوعية وإعداد ما يلزمنا، كما أنه يمكن لأي فرد أن يشارك في هذه السياسة، فالمواطن العادي سواء أكان أميا أو مثقفا سيقترح الحلول لأنه يعاني.فينبغي أن نقترب من الواقع، حتى يشتغل المجتمع ب هذه السياسة الاجتماعية، لأن الدول الأخرى مثل فرنسا وألمانيا لها سياسة اجتماعية ، وأي وزير يكلف بهذه السياسة يكلف بدوره شخصا خاصا يطلب منه إعداد مشروع سياسة اجتماعية ثم يكون فريق بحث لمناقشة المشروع . ماذا عن الإعلام؟ ما يقوم به الإعلام هو شيء سلبي، على مستوى الإنتاج والبرامج المقدمة، وكذا فعاليته وقنواته، حيث لا نتعامل مع الإعلام بشكل واعي، بل نقدم ما بدا لنا، والرقابة التي تقوم بها الدولة غير كافية، أي إذاعة ليس لديها سياسة اجتماعية و لاتمتلك صورة عن الهدف فإنها ستقدم ما بدا لها، وأخطر ما في الدولة هو القصور الاجتماعي. كلمة أخيرة ما هي النصيحة التي توجهونها للمهتمين بالشأن الطفولي؟ أن يوقف الناس الشكاوي ويفكروا في الحلول، فليست الشكوى هي المهمة، وكل فرد من المجتمع عليه أن يعي ما هي مسؤوليته ويلتزم بها، وهذا ينطبق على كل المواطنين استنادا إلى الحديث المعروف "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، ولينتقل كل فرد من المجتمع من الشكوى والكلام إلى التفكير فيما سيفعله. فالزوج الذي يشتكي من زوجته أنها لا تقوم بمسؤوليتها يجب أن يطرح السؤال على نفسه ماذا عملت أنا. حاوره خديجة عليموسى محمد أفزاز