أقر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف ميثاق الطفل في الإسلام، الذي أصدرته اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التابعة للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ردا على ميثاق الأممالمتحدة للطفولة، الذي شملت بنوده، بحسب الأزهر، مخالفات صريحة للشريعة الإسلامية من أهمها إعطاء الحرية الجنسية وحق الإجهاض للأجنة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة الأحد الموافق الثالث من غشت الجاري بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة. ويحتوي الميثاق الذي شارك في إعداده نخبة من علماء الشريعة والقانون والتربية والاجتماع بينهم الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور محمد عمارة، والدكتور علي جمعة، والدكتور أحمد العسال، والدكتورة سعاد إبراهيم صالح، والدكتور فتحي لاشين على 33 مادة في 137 صفحة، موزعة حول سبعة محاور أهمها العناية بالطفل منذ بدء تكوين الأسرة، والحريات والحقوق الإنسانية العامة وحقوق الأحوال الشخصية، وإحسان تربية الطفل وتعليمه. وأكد الميثاق على أهمية الأسرة بالنسبة للطفل، مشددا على أن الإسلام حرص على أن ينشأ الطفل في أسرة ممتدة الروابط، تعمل على حمايته ورعايته وتربيته، بحيث تكون المدرسة الأولى التي ينشأ فيها على القيم الإنسانية والأخلاقية والروحية والدينية، محذرا من خطورة الاتجاهات المعاصرة في الغرب المؤدية إلى تفكيك الأسرة. وإلى جانب حفاظ الإسلام على هوية الطفل بما في ذلك اسمه وجنسيته وصلاته العائلية وكذلك لغته وثقافته وانتماؤه الحضاري والديني، شدد الميثاق على حق الطفل منذ تخلقه جنينا في الحياة والبقاء والنماء، وتحريم إجهاض الجنين إلا إذا تعرضت حياة الأم لخطر محقق لا يمكن تلافيه إلا بالإجهاض. كما حرمت مواد الميثاق الإضرار بالجنين وعقاب من يعتدي عليه، وتوفير الرعاية الصحية والتغذية الملائمة من خلال رعاية أمه الحامل، وينطبق ذلك حتى في حالة الحمل الحرام من الزنى، مشيرا إلى أنه لا يجوز لأمه إسقاطه، لأنه لا ذنب له فيما جناه أبواه. وفي محاولة للحفاظ على الأنساب التي تعد من مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاج الآثار السلبية التي أدخلتها الحركات الأنثوية المتطرفة في الغرب على القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة، أشار الميثاق إلى أن للطفل الحق في الانتساب إلى أبيه وأمه الحقيقيين،، مشددا على حرمة كل الممارسات التي تشكك في انتساب الطفل إلى أبيه،، كاستئجار الأرحام. وأضاف أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز نظام التبني، ولكنها تكفل حقوق الرعاية الاجتماعية للأطفال بكافة صورها، ولكافة فئات الأطفال، كالأيتام واللقطاء والمعوزين وذوي الحاجات الخاصة. ولمواجهة ظواهر العنف ضد الأطفال دعا الميثاق إلى حماية الطفل من العنف وإساءة المعاملة، وغير ذلك مما يمس كرامته، سواء وقعت من الوالدين أو ممن يتعهده أو يقوم برعايته كالمدرس في المدرسة أو المربية في المنزل، أو المشرف في النادي، وغيرهم ممن لهم حق التهذيب والتوجيه من إيقاع الجزاءات المقبولة تربويا. لكن الميثاق استنكر في الوقت نفسه ما نصت عليه المواثيق الغربية لحماية الطفل والتي أدت إلى انفلات الأطفال من نظام الأسرة ورفع دعاوى قضائية ضد ذويهم، وفقدان التوازن المطلوب بين سلطة الأسرة وبين عدم إساءة استعمال هذه السلطة. وأكد الميثاق على حق الطفل في أن يلقى من والديه ومن غيرهما المعاملة الحانية العادلة المحققة لمصلحته، وحقه في تكوين آرائه والتعبير عنها وطلب المعلومات والأفكار، بشرط أن تكون قويمة ولا تتنافى مع مبادئ الأخلاق والدين والوطنية. ودعت مواد الميثاق مؤسسات المجتمع وأولياء الأمور إلى توفير مستوى معيشي ملائم لنمو الأطفال بدنيا ونفسيا ودينيا واجتماعيا، وذلك بتنظيم نفقة الطفل التي تقع أولا على والديه ثم الأقرب فالأقرب فإن لم يستطيعوا وجب على الدولة تأمين نفقات الطفل، ويمتد حق النفقة حتى يصبح قادرا على الكسب وتتاح له فرصة عمل، وللبنت حتى تتزوج،، أو تستغني بكسبها. كما طالب الميثاق بعدم مشاركة الأطفال في الحروب قبل بلوغ السن المقررة، مشددا على أن للطفل في حالات الطوارئ والكوارث والمنازعات المسلحة أولوية الحماية والرعاية الخاصة بالمدنيين من حيث عدم جواز قتله أو جرحه أو إيذائه أو أسره، وله أولوية الوفاء بحقوقه في المأوى والغذاء والرعاية الصحية والإغاثة، انطلاقا من أدب الإسلام في الحروب عموما. وفى تعليقه على هذا الميثاق أكد الدكتور علي جمعة عضو اللجنة الإسلامية للمرأة والطفل والأستاذ بجامعة الأزهر خلال المؤتمر الصحفي أنه يأتي في إطار دور المؤسسات الإسلامية لمواجهة المواثيق الدولية المخالفة للشريعة، مشيرا إلى ميثاق الأممالمتحدة حول حقوق الطفل والذي شملت بنوده مخالفات صريحة لتقاليد الإسلام، مثل إعطاء الحرية الجنسية، وحق الإجهاض للأجنة. وقال علي جمعة: إن دور المؤسسات الإسلامية ينحصر في توضيح الموقف الإسلامي من أي اتفاقية، وإصدار التحذير المناسب من خطورة تطبيق ما يخالف الشريعة الإسلامية، مؤكدا أنه لا بد أن تتحرك الأمة لتقف وراء المنظمات الإسلامية غير الحكومية وأن تضع البديل لكافة الاتفاقيات التي تهدف إلى هدم ثوابت الإسلام. في الوقت نفسه حذر الدكتور مازن المطبقاني أستاذ التربية بجامعة المدينةالمنورة من انحسار التربية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي نتيجة الأخذ بالنظريات التربوية الغربية، معتبرا أن التربية في العالم العربي أصبحت ملوثة إلى حد كبير بأفكار غربية لا تتناسب مع القيم الإسلامية. وقال المطبقاني في كلمته بالمؤتمر الصحفي حول الميثاق: إن الغرب يخطط للنيل من الطفل المسلم، وإن ما ساعده على ذلك هو وجود عدد كبير من المبتدعين من العالم الإسلامي يدرسون في الغرب النظريات والمناهج التربوية. من جانبه أكد الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر أن إصدار ميثاق للطفل من منظور إسلامي يعد بريق أمل يؤكد للعالم أجمع أن الإسلام وضع الأسس والقواعد في بناء المجتمعات المتقدمة عن طريق الاهتمام بالطفولة، وتحقيق الرعاية اللازمة لها، وليس كما يدعي البعض بأنه دين عنف وأنه سبب تأخر المسلمين. وأشارت المهندسة كاميليا حلمي مديرة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل إلى أنه ينتظر أن يتم تسجيل ميثاق الطفل في الإسلام في منظمة المؤتمر الإسلامي تمهيدا لتسجيله في الأممالمتحدة، خاصة أن اللجنة تُعد إحدى اللجان الاستشارية المعتمدة من الأممالمتحدة، وذلك حتى يبقى للوفود الإسلامية المشاركة في المحافل الدولية الخاصة بالطفل، مرجعية دولية يستندون إليها. وكالة الأنباء الإسلامية