في عدد "التجديد" ليوم الخميس الرابع والعشرين من شهر أكتوبر الحالي أدلى السيد علا العياشي الكاتب العام للمكتب الوطني للسياحة بتصريح قال فيه "إن زمن السياحة اللاأخلاقية (أي الجنسية) قد تراجع بشكل كبير وفي طريقه للانقراض، وأكد أن ما يجلب السياح الأجانب للمغرب هو موروثه الثقافي والحضاري والإنساني". لكن السيد أحمد شوقي بنيوب نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وعضو المرصد الوطني لحقوق الطفل، قال عكس ذلك في تصريحه ل"التجديد" عقب اختتام أشغال المنتدى الأورومتوسطي حول حقوق الطفل والأمن الإنساني، الذي انعقد بمراكش أيام الثاني والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين من أكتوبر نفسه، إذ أكد أن هناك قرائن بوجود شبكات مرتبطة بالسياحة الجنسية والاستغلال الجنسي للأطفال ببلادنا. وحملت الأخبار في اليوم نفسه صورة موجعة لدعارة الأطفال بمدينة الصويرة، برعاية أبوية من طرف أحد سكان المدينة ورعاية إدارية من السلطات المحلية، وذلك لما تعاقد أب مغربي أعماه الفقر والطمع مع سائح ألماني معروف بشذوذه الواضح، وسلم له ولده ليتخذه صاحبا ونديما في جولاته السياحية عبر تراب المملكة المغربية. والعقد مسجل بمصلحة الإمضاءات التابعة لبلدية الصويرة بتاريخ 19 دجنبر 2001، والثمن الذي تسلمه الوالد الأعمى البصيرة هو شقة سكنية بحي السقالة. وكانت "التجديد" قد نشرت منذ أكثر من أسبوع خبرا قصيرا عن قيام بعض الأجانب الأمريكيين بجولات مشبوهة في منطقة البهاليل بعمالة صفرو، وترددت الأخبار عن قيامهم باغتصاب فتاة بدوية قاصرة هناك.ونشرت الجرائد يوم الجمعة خبر الحكم بالإعدام في حق مجرم وجدة الذي اغتصب الطفلة ليلى المحجوبي ثم قتلها بعد ذلك. ولو أن الجاني في هذه الحالات المذكورة كان ذا لحية أو قريبا من المتدينين والمساجد لقامت الدنيا ولم تقعد، ولنشرت ملفات مطولة فيها التهويل والتضخيم واتهام جميع الحركات الإسلامية بتنظيم الاغتصاب والاستغلال الجنسي، لكن لأن الأمر متعلق بالرجل الأبيض القادم من وراء البحار فحلال عليه العرض المغربي والشرف المغربي، بل يا أهلا وسهلا، ويا مرحبا بقدومه، وليفعل فينا ما يشاء، فهو المتحضر ونحن المتخلفون البدائيون لا فهم لنا ولا ذكاء ولا إنسانية. وتأتي هذه الأحداث المؤلمة على بعد أيام من شهر رمضان المبارك حيث تسلسل الشياطين المردة وتغلق أبواب جهنم وتفتح أبواب الجنة ويقال يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. فهل يريد ائتلاف الشر وجماعات الخمور والفجور قطع الطريق على المغاربة المسلمين لصدهم عن سبيل الله وعن الصيام والصلاة؟ كما يحدث هذا في وقت تقوم فيه جهات أمنية دولية بمراقبة ومتابعة شبكات دولية للاستغلال الجنسي للأطفال، ففي سويسرا مثلا نشرت جرائدها في الأسبوع الماضي المتابعات الأمنية والقضائية لحوالي 1300 شخص فيهم قضاة ومدراء مؤسسات تربوية وأطباء وسياسيون وآخرون متورطون في استهلاك أشرطة البيدوفيليا، ومعلوم أن رأس الحربة المدبر للتجارة الخبيثة هو الأمريكي "طوماس ريدي" الذي باع البضاعة المحرمة لحوالي 250.000 شخص فيما بين عامي 1997 و1999، انطلاقا من "فورت وورث" بولاية تكساس، وبمساعدة دولية خاصة في كل من روسيا وأندونيسيا. وفي الثامن من شهر شتنبر 1999 ألقي القبض عليه وصدر في حقه حكم بالسجن وصل إلى 1335 عاما. وفي شهادة بليغة ستنشرها "التجديد" لاحقا، اعترفت إحدى النساء المغربيات المتخصصات في هذا المجال بما كانت تفعله بأطفال الشوارع من الفقراء واليتامى والمساكين وأبناء السبيل والمحتاجين، وكيف كانت تنظم شبكتها الخاصة بذلك، والأثمنة المعروضة لكل سلعة، والزبناء الأوفياء والعابرين في سوق العرض والطلب. الفقر كاد أن يكون كفرا، وهو من أهم الأسباب التي تدفع الناس إلى إكراه أبنائهم وبناتهم على البغاء ليبتغوا عرضا من الحياة الدنيا، ويزداد الأمر خطورة وإجراما عندما يقابله غنى فاحش أشد طغيانا وكفرا، وجاهلية جهلاء عمياء لا تميز بين حلال وحرام وصغير وكبير وقريب وبعيد، وعفة وميوعة، ويتوج كل هذا سكوت أولي الأمر من آباء وأولياء انسحبوا من واجباتهم، وتربويين لا تربية لديهم، وسياسيين عابدين للكراسي الدافئة، وإعلاميين همهم الإثارة والتجارة. وسينمائيين فنهم الخمور والفجور، وعلماء ستندلق أقتابهم يوم القيامة ويلجمون بلجام من نار جراء سكوتهم المطبق وعجزهم التام، ودعاة أهمتهم أنفسهم وجماعاتهم يقولون نحن الأقوى والأوسع والأثقل، تجري من تحتهم ومن أمامهم وخلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم المنكرات، وهم عنها غافلون.