قررت جمعية " أو إس موروكو "، الكائن مقرها بميامي في ولاية فلوريدا الأمريكية، تنظيم مسيرة بيضاء في مدينة مراكش الصيف القادم للتنديد بالسياحة الجنسية والاستغلال الجنسي للأطفال المغاربة تحت شعار" لا للسياحة الجنسية للأطفال بالمغرب". ويأتي تنظيم المسيرة بعد أن كشف، مؤخرا، تقرير ل "الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال" أن ما يربو عن 80 في المائة من حالات استغلال القاصرين هي اعتداءات جنسية. وقال خالد الشرقاوي السموني، المنسق العام للائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال إن المسيرة تبغي تحسيس الرأي العام والسياح الأجانب والسلطات وكل الفاعليين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين بخطورة الظاهرة وبمسؤوليتهم للتجند لمناهضتها. وأوضح المنسق العام للائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال في حوار خص به "الرأي" أن من الأسباب الرئيسة لانتشار ظاهرة السياحة الجنسية الفقر والحاجة والتشرد، وانفتاح المغرب وتوافد أعداد كبيرة من السياح في غياب قانون خاص بمعاقبة المتورطين في السياحة الجنسية. ووصف الشرقاوي السموني الإجراءات التي تتخذها السلطات المغربية في حق المتورطين الأجانب المتهمين في قضايا الاعتداءات الجنسية ب"المحدودة في الزمان والمكان"، مضيفا" رغم أن السلطات تتخذ إجراءات ضد هذه الظاهرة، فإنها تبقى محدودة بالنظر إلى تفاقمها وانتشارها في غياب تشريعات فعالة و إجراءات حازمة للحد من انتشارها كمرحلة أولى والقضاء عليها كمرحلة ثانية. كما أن العلاقات الدبلوماسية تؤثر أحيانا على سير العديد من الملفات أمام المحاكم والتي تهم سياح أجانب متورطين". ودعا المنسق العام للائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال إلى تشديد العقوبات وإعادة النظر في القانون الجنائي وتوسيع قاعدة التوعية لدى وكالات الأسفار والسياح عن طريق وسائل الإعلام. وفيما يلي نص الحوار: لماذا مسيرة بيضاء ضد الاستغلال الجنسي للأطفال بمراكش في 4 غشت القادم؟ - للآسف، أصبحت السياحة الجنسية منتعشة أكثر بمدينة مراكش مقارنة مع باقي المدن السياحية وأضحت قبلة تقصدها فئة من الشواذ جنسيا من المهووسين بالاستغلال الجنسي للأطفال. تنامي هذه الظاهرة دفع بنا إلى تنظيم مسيرة بيضاء خلال شهر غشت المقبل بتنسيق مع منظمات غير حكومية أخرى تعمل في نفس المجال، وذلك من أجل تحسيس الرأي العام والسلطات العمومية والمحلية بخطورة الظاهرة والضغط على الجهات المسؤولة لمناهضتها على جميع الأصعدة الأمنية والإدارية والقضائية. وتجدر الإشارة إلى أن أكبر نسبة من ضحايا السياحة الجنسية هم من الأطفال والقاصرين ومنهم من يستخدم لإنتاج "أفلام بورنوغرافية. ومن بين حالات الاعتداءات المسجلة في السنوات الأخيرة توقيف السلطات الأمنية في سنة 2005 لفرنسيين يشرفان على مطعم بمراكش بسبب استغلالهما الجنسي لنحو 50 طفلا أغلبهم من القاصرات . هل تعتقدون أن مثل هذه المسيرة قادرة على الحد من ظاهرة السياحة الجنسية التي تنامت بشكل ملفت في المغرب وفي كثير من دول العالم؟ - دورالمسيرة هو تحسيس الرأي العام والسياح الأجانب والسلطات العمومية والمحلية وكل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والجمعويين بخطورة الظاهرة وبمسؤولية الجميع للتجند قصد مناهضتها . بماذا تفسرون تنامي ظاهرة السياحة الجنسية في بعض المدن السياحية؟ -من الأسباب الأساسية لانتشار ظاهرة السياحة الجنسية نذكر الفقر والحاجة والتشرد، إذ أن الأطفال المشردين، الذين يملأ ون شوارع بعض المدن، يكونون عرضة أكثر للاعتداءات سواء الجسدية أو الجنسية، وهم يلجأون إلى فضاءات خارج المنزل بسبب التفكك الأسري والفقر المدقع. وأيضًا ما يزيد من ارتفاع حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال، انفتاح المغرب وتوافد أعداد كبيرة من السياح في غياب قانون خاص بمعاقبة المتورطين في السياحة الجنسية، كما أنه – حسب تجارب العالم - عندما تتحول بعض المدن إلى قبلة مفضلة للسياح تكون هناك انزلاقات وسلوكات غير عادية لا بد من مواجهتها وذلك في إطار احترام الحريات الفردية. كيف تقيمون دور المرصد المغربي لحقوق الطفل في محاربة هذه الظاهرة؟ - دور المرصد يبقى مهما في النهوض بحقوق الطفل، لكنه بقي محدودا على مستوى البرامج والأنشطة ويغلب عليه الطابع الرسمي مما جعله غير منفتح بما فيه الكفاية على باقي منظمات المجتمع المدني. وهذا الطابع الرسمي للمرصد - في اعتقادي - هو الذي حال دون إثارته لمواضيع حساسة مثل موضوع السياحة الجنسية. إن كنتم في الائتلاف تتحدثون عن السياحة الجنسية في المغرب، فإن المغرب الرسمي ينفي وجودها؟ - السياحة الجنسية توجد في كثير من دول العالم، وإن كانت النسب تختلف من بلد لآخر، خاصة في دول العالم الثالث التي تعرف انتشارا لهذه الظاهرة بشكل أكثر من الدول المتقدمة. وفيما يخص المغرب هناك سياحة جنسية، غير أنها ليست منتشرة بالحدة نفسها التي تعيشها بعض البلدان السياحية، ويرجع هذا إلى عدة عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية وتربوية. لقد كان موضوع السياحة الجنسية يصنف في خانة الطابوهات في المغرب، غير أنه حاليًا بات موضوع حديث المغاربة، ولاسيما بعد طفو تجاوزات بعض السياح على السطح. كما أن الحكومة استشعرت خطورة هذه الظاهرة، وقامت في سنة 2006، في عهد وزير السياحة السابق عادل الدويري، بوضع ما يسمى ب "ميثاق من أجل سياحة مسؤولة"، وفي الآن ذاته اتخذت السلطات المعنية إجراءات في حق السياح الأجانب. يرى البعض أن السلطات المغربية تتساهل مع المتورطين الأجانب المتهمين في قضايا الاعتداءات الجنسية والدعارة؟ - ليس هناك تساهل، وإنما هناك إجراءات محدودة في الزمان والمكان. فرغم أن السلطات تتخذ إجراءات ضد هذه الظاهرة، فإنها تبقى محدودة بالنظر إلى تفاقمها وانتشارها في غياب تشريعات فعالة و إجراءات حازمة للحد من انتشارها كمرحلة أولى والقضاء عليها كمرحلة ثانية. كما أن العلاقات الدبلوماسية تؤثر أحيانا على سير العديد من الملفات أمام المحاكم والتي تهم سياح أجانب متورطين. إلى أي حد تساهم التشريعات المغربية المتساهلة مع مرتكبي تلك الاعتداءات مقارنة بتشريعات دول أخرى ، في تشجيعها وتشجيع الدعارة؟ - ما نطمح إليه في الائتلاف هو تشديد العقوبات، وهذا يقتضي إعادة النظر في القانون الجنائي، ولما لا يكون قانونًا خاصًا للسياحة الجنسية، كما هو الشأن في بعض الدول، إذ إنها تنزل عقوبات حبسية وغرامات صارمة، مع ضرورة اتخاذ إجراءات تحسيسية وتدابير وقائية للحد من انتشار الظاهرة وضمان حقوق الطفل. وإلى جانب هذه الخطوات، يتعين توسيع قاعدة التوعية لدى وكالات الأسفار والسياح عن طريق وسائل الإعلام حتى يكون النقاش حول الموضوع عاديا ولا يبقى كما كان في السابق من الطابوهات، وكل هذا من أجل القضاء على هذه الظاهرة دون المساس بالحقوق الفردية للسياح الأجانب. فالمغرب بلد منفتح ومضياف، كما أن أغلب السياح الوافدين عليه نزهاء، لكن هناك قلة ترتكب مثل هذه الجرائم باتفاق مع مغاربة، الذين يلعبون دور الوسيط ويسهلون لهم المأمورية.