إسرائيل تعلن اغتيال "السنوار" ومواصلة الحرب على غزة    هكذا علق بايدن وهاريس على مقتل السنوار    توقيع اتفاقية شراكة لتطوير منطقة صناعية جديدة بالجرف الأصفر بقيمة 1.4 مليار درهم        هلال: المبادرة المغربية للحكم الذاتي حل يتطلع للمستقبل وموقف الجزائر حبيس رؤية ماضوية أخبار سياسية    الإتحاد الأفريقي لكرة القدم يختار المغرب لاحتضان أضخم حدث احتفالي في القارة السمراء    المغرب يحتضن بطولة العالم للكراطي 2026    إيقاف عضوين في شبكة للاتجار بالبشر بالحسيمة    تجدد الاحتجاجات بالمدن المغربية للجمعة ال54 تواليا تضامنا مع فلسطين ولبنان    مبعوث الأمم المتحدة يقترح تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    أوروبا تشدد اللهجة في ملف الهجرة وسط خلافات حول "الاستراتيجية الإيطالية"    الجيش الإسرائيلي يعلن قتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار    الجولة السادسة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي والرجاء يفتحان باب التنافس تحت قيادة فرنسية وبرتغالية    المغرب يحتضن دوري أبطال إفريقيا للسيدات ما بين 9 و23 نونبر    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يبدي رأيه لمجلس النواب حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب ،وهذه توصياته    الحسين عموتة مرشح لتدريب المنتخب السعودي    توقيف 66 شخصا في عملية لمكافحة الإرهاب نسقها «الإنتربول» في 14 دولة من بينها المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    يغزل نخب حسنها    ترنيمةُ ساقطةٍ    عبد.المقصود السحيمي : مصوّر الملوك المغاربة العظماء يرحل عنا    فيلم جديد لمحمد باسو يستمد قصته من واقع الجنوب الشرقي    هزة أرضية بقوة 4.7 درجة تضرب وسط تركيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة        مزور تجتمع بوزير الذكاء الاصطناعي بالإمارات    توقيف عضوين في شبكة للاتجار بالبشر في الحسيمة    إثيوبيا تبرز تطور العلاقات مع المغرب    وفاة المغني البريطاني ليام باين جراء سقوطه من أحد الفنادق في بوينس آيرس    تحسن الوضعية الهيدرولوجية في 6 أحواض مائية يبشر ببداية جيدة للموسم الفلاحي    الفيلم المغربي "أرض الله".. عندما تتحدث روح الميت بسخرية إلى الأحياء!    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    الهاربون من تندوف.. فيلم مغربي جديد من قصة مؤثرة مستوحاة من الواقع        البرلمان الأوروبي يدخل على خط قرار المحكمة الأوروبية الخاص باتفاقيات الصيد مع المغرب    اكتشاف ‬نفطي ‬ضخم ‬بسواحل ‬الكناري ‬يطرح ‬من ‬جديد ‬مسألة ‬تحديد ‬الحدود ‬البحرية ‬مع ‬المغرب    فرنسا تمنع إسرائيل من المشاركة في معرض يورونافال    الشامي: شراكة القطاعين العام والخاص ضرورية لتطوير صناعة السفن بالمغرب    ياسين عدلي: "اللعب لفرنسا قرار نهائي ولن أمثل الجزائر.. ولو اتصلوا بي في سن أصغر كما يفعل المغرب ربما كانت ستتغير الأمور"    زياش يثير فضول الجميع بحذفه لصوره مع المنتخب المغربي من مواقع التواصل الاجتماعي    حكيمي وبن صغير في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة    زنيبر: المغرب ملتزم دائما بالدفاع عن قضايا حقوق الإنسان على المستوى الدولي    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى مصر في زيارة نادرة    الجديدة: زوج يجهز على زوجته ويرديها قتيلة    أكثر من مليار شخص في العالم يعانون الفقر "الحاد"    ماذا ‬بعد ‬خطاب ‬11 ‬أكتوبر؟    رئيس عمداء مدن أمريكا يشيد برؤية جلالة الملك في مجال التنمية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    خنيفرة تستعد لاحتضان الدورة الخامسة لمهرجان إيزوران    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة كيسنجر.. للصحافي الأميركي كرستفر هتشنز
نشر في التجديد يوم 21 - 10 - 2002

يصدر قريبا كتاب جديد عن دار قدمس للنشر والتوزيع عنوانه: "محاكمة هنري كيسنجر"، للصحافي الأميركي كرستفر هتشنز، ومن ترجمة د. فريد الغزي. وقد اختير المقطع التالي من المقدمة كما هو وفقا لصحيفة الشرق الأوسط :
سيكون من الواضح تمامًا، وبالأحرى أن يُصرّح بذلك منذ البداية، أن هذا الكتاب قد ألَّفه خصمٌ سياسي لهنري كيسنجر. ومع ذلك، وجدت نفسي مندهشًا باستمرار أمام كمية المادة الزاخرة بالخزي والعداء التي شعرت أنني مضطر إلى حذفها. إن جل اهتمامي في هذا الكتاب منصب فقط على تلك الإساءات (الكيسنجرية) التي يمكن، بل يجب، أن تشكل قاعدة وأساسا لمقاضاةٍ شرعيةٍ وقانونيةٍ: لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإساءات الموجهة للقانون العام أو العرفي أو الدولي، بما في ذلك التآمر والتواطؤ لاقتراف جرائم القَتل والخَطف والتَّعذيب.
وهكذا، ومن موقعي كخصم سياسي، كان بإمكاني أن أذكر تجنيد كيسنجر أكراد العراق وخيانته لهم، والذين غرر بهم من خلال تشجيعه لهم على حمل السلاح ضد صدام حسين خلال العامين 1974 و1975، ثم تخليه عنهم مما أدى إلى إفنائهم وإبادتهم فوق سفوح التلال، عندما عقد صدام حسين صفقة (دبلوماسية) مع شاه إيران، حيث مارس الكذب عليهم عمدا ثم تخلى عنهم. ما زالت استنتاجات تقرير (عضو الكونغرس) أوتيس بايك تسبب صدمةً لدى قراءتها، وتكشف لامبالاة هنري كيسنجر الشديدة تجاه الحياة البشرية وحقوق الإنسان. كان بإمكاني أن أفعل ذلك، لكن ذلك كله يقع ضمن مقولة الواقعية السياسية realpolitik الفاسدة، وبالتالي فهي لا تبدو أنها انتهكت أي قانون معروف. بالطريقة ذاتها، فإن ما قدمه كيسنجر من تغطية سياسية وعسكرية و(دبلوماسية) لسياسة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وما فعله لزعزعة الاستقرار في أنغولا، مع ما صاحب ذلك من عواقب ونتائج مرعبة، يضعنا أمام سجل مثير للاشمئزاز خُلقيًا. مع ذلك، فنحن ننظر إلى فترة قذرة من فترات الحرب الباردة والتاريخ الاستبدادي، وممارسة غير مسؤولة للقوة، أكثر مما ننظر إلى حدث لجريمة منظمة. بالإضافة إلى ذلك، على
المرء أن يأخذ في حسبانه الطبيعة المؤسساتية لتلك السياسة، التي كان اتباع خطها العام ممكنا في ظل أي إدارةٍ، أو أي مستشار للأمن القومي أو وزير للخارجية.
يمكن بالمقابل أن نطرح تحفظات مماثلة بشأن رئاسة كيسنجر للجنة الرئاسية لشؤون أميركا الوسطى Presidential Commission On Central America في مطلع الثمانينات، التي شكلها أوليفر نورث والتي عملت على تمويه نشاط فرقة الموت في البرزخ. أو بشأن الحماية السياسية التي قدمها كيسنجر، حين كان على رأس عمله، لسلالة بهلوي الحاكمة في إيران وآلة القمع والتعذيب التابعة لها. ومن الاعتدال القول إن القائمة يمكن أن تكون طويلة جدا. لكنه من غير المفيد أن ننحو بلائمة تلك الوحشية المفرطة والاستخفاف على مدى عقود، على شخص واحد. (ينتابنا أحيانا شعور بأن هناك خديعة، كما حدث مثلاً حين حرض كيسنجر الرئيس جيرالد فورد على ألا يستقبل ألكسندر سولجنتسن الذي كان مثار إزعاج، بينما كان يصفه طوال الوقت بأجرأ وأخطر عدو للشيوعية).
لقد قصرت نفسي على جرائم سافرة والتي يمكن، لا بل يجب أن توضع على لائحة اتهام مناسبة، سواء أكانت تلك الأفعال منسجمة مع خط +سياسة؛ عامة، أم لا. تتضمن هذه الأفعال:
1 القتل الجماعي المتعمد للسكان المدنيين في الهند الصينية.
2 التواطؤ المتعمد في القتل الجماعي في بنغلاديش، ومن ثَمَّ في الاغتيال.
3 التّخطيط والتّحريض شخصيا على قتل المسؤول الدستوري الأول في دولة (ديمقراطية) هي تشيلي، التي لم تكن واشنطن في حالة حرب معها.
4 التورط الشخصي في خطة لقتل رئيس دولة قبرص (الديمقراطية).
5 التّحريض والتسهيل لعمليات الإبادة الجماعية في تَيمور الشَّرقية.
6 التورط الشخصي في خطة لاختطاف وقتل صحافي يعيش في واشنطن العاصمة.
ليست تلك الادعاءات المذكورة أعلاه كاملة. ويمكن بناء بعضها كمجرد بديهيات، حيث إن كيسنجر، فيما يمكن أن يُعدّ إعاقة متعمدة ومبيّتة للعدالة، تسبب في إتلاف شرائح كبيرة من الأدلة، أو إنه امتنع عن تقديمها.
نحن ندخل الآن عصرا أصبح الدِّفاع فيه عن حصانة الحاكم Sovereign immunity لجرائم الدولة لاغيًا. وكما سأعرض لاحقًا، نجد أن هنري كيسنجر فهم هذا التّغير الحاسم، حتى وإنْ لم يفهمه كثيرون من نقاده. لقد قضى حكم المحلفين على أوغستو بينوشيه في لندن، والنشاط الرائع للقضاء الإسباني، وأحكام المحكمة الدولية في لاهاي، قضى ذلك كله على الحماية التي كانت تحصّن الجرائم المرتكبة تحت ذريعة مصلحة البلد. ليس هناك الآن سبب يمنع صدور مذكرة لمحاكمة كيسنجر في إحدى المحاكم العديدة، أو إجباره على الاستجابة لها. هناك الآن فعلاً عدد من السلطات القضائية، بدأ القانون فيها، بعد طول انتظار، يتناول تلك الأدلة. على أية حال، بين أيدينا اليوم حادثة سابقة مماثلة هي محاكم نورمبرغ التي عدتها الولايات المتحدة ملزمةً قانونيا.
إنَّ الإخفاق في إقامة الدعوى سوف يُلحق بالعدالة إساءة مضاعفة. فأولاً، سينتهك مبدأ جوهريا لا نِزاع عليه الآن، وهو أن ليس ثمة أحد فوق القانون، مهما كانت قوته أو سلطته. وثانيًا، سيوحي هذا أن المقاضاة لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مقصورة على الخاسرين، أو على الأقلية المستبِدَّة في دولٍ مهملةً نسبيا. وسيؤدِّي هذا بدوره إلى تسييس رديء لما كان يمكن أن يكون عملية نبيلة، وإلى شك له ما يسوّغَه بوجودِ معاييرَ مزدوجة. إن عددا من شُركاء كيسنجر في الجريمة، إن لم نقل معظمهم، في السجن الآن، أو أنهم لا يزالون بانتظار المحاكمة، أو أنهم عوقبوا ولحق بهم الخِّزي. أما حصانته الشخصية الموحشة فهي فاسدة، إذ فاحت رائحتها لتصل إلى السماء. فإذا أتيح لها أن تستمر فسنكون عندئذ ندافع بشكل مخجل عن الفيلسوف القديم آناخارسيس الذي قال إن القوانين شبيهةٌ ببيت العنكبوت: + قوي بما يكفي لاحتجاز الضّعيف فقط، وأضعف من أن يستطيع احتجاز القوي; حان الوقت كي تتخذ العدالة مجراها باسم الضحايا المعروفين والمجهولين الذين لا يمكن حصرهم.
* محاكمة هنري كيسنجر
* الناشر: دار قدمس للنشر
* تأليف: كرستفر هتشنز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.