اشتد النقاش هذه الأيام ومباشرة بعد الإعلان عن النتائج الرسمية التي أفرزها استحقاق 27 شتنبر 2002، وبعد بروز الملامح الأولية المحلية للخريطة السياسية رغم ما يشوش عليها من حركية الرحيل النيابي من فريق لآخر، على تركيبة الحكومة الجديدة وأصبحت موضوع حديث الرأي العام وتحليل المتتبعين للشأن السياسي المغربي داخليا وخارجيا. وينصب الاهتمام أكثر إلى الموقف الذي سيخرج به حزب العدالة والتنمية بصدد المشاركة في الحكومة المقبلة، وإذا كانت بعض التصريحات الأولية قد استبعدت خيار المشاركة في حكومة يقودها الاتحاد الاشتراكي ولم تنف إمكانية مساندة حكومة يقوده حزب الاستقلال مثلا بتحالف مع أحزاب أخرى، فإن الهيئات القيادية لحزب العدالة والتنمية لم تلغ نهائيا خيار المشاركة خاصة إذا تغيرت معطيات الخريطة السياسية بعد حركة الرحيل المشار إليها، أو أعيد تقييم الموقف الأولي الذي عبرت عنه بعض قيادات العدالة والتنمية في اتجاه المشاركة، وهو أمر يبدو مستبعدا ولكنه ليس مستحيلا. ومهما يكن من أمر فإن قرارا من مثل هذا الحجم يقتضي تعميقا للنقاش داخل هيئات الحزب، كما يقتضي إشراك القاعدة العريضة التي صوتت لفائدة حزب العدالة والتنمية على اعتبار أن الثقة التي نالها الحزب تقتضي تعميق التعاقد مع ناخبيه. وأدنى درجات هذا التعاقد هو إشراكها في النقاش الجاري أو الذي سيجري وإبراز كل الآراء والتوجهات وحسابات الربح والخسارة الوطنية أولا قبل حسابات الربح والخسارة الحزبين في هذا الشأن حتى يستند أي خيار كان على اعتبار آراء أوسع قاعدة للحزب. على هذا الأساس ارتأت جريدة "التجديد" أن تفتح نقاشا حول موقع حزب العدالة والتنمية ضمن المشهد السياسي المقبل، وأيهما أنفع وأجدى لمصلحة البلاد والعباد: هل المشاركة في الحكومة المقبلة؟ وضمن أية تحالفات؟ وعلى أساس أي برنامج؟ أم في المساندة النقدية؟ أم في المعارضة؟ وفي حالة إذا كان الأمر هو الثاني فبناء على أي اعتبارات وترجيحات؟ في هذا العدد تنشر مساهمة للأستاذ مصطفى الخلفي على أمل أن نتوصل بمشاركات أخرى