رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصيلة العمل الحكومي في قضية المرأة ...شعارات براقة واستغلال لأوضاع المرأة المغربية من أجل العلمنة والانقلاب على الهوية الإسلامية للبلاد
نشر في التجديد يوم 21 - 09 - 2002

عبرت الحكومة الحالية منذ انطلاقها في أبريل 1998 عن سعىها ل"إنعاش الوضعية النسائية" كما التزمت "بالعمل لصالح المرأة المغربية في إطار احترام قيم الدين الإسلامي"، إلا أن الحصيلة بعد أزيد من أربع سنوات لم تتجاوز حدود الشعارات والوعود، باستثناء بعض المبادرات المحدودة، مع التركيز على بعض القضايا الهامشية التي فضحت الطبيعة العلمانية للحكومة وجرأتها على مخالفة المرجعية الإسلامية للبلاد ، وكذا عدم قدرتها علي إدارة حوار وطني لبلورة مشروع للنهوض بالمرأة المغربية. وتمثل الانتخابات الحالية محطة أساسية لمحاسبة ومساءلة الفاعل الحكومي عن حصيلة عمله ودوره في معالجة قضية المرأة، وذلك على ضوء رصد مجمل المبادرات ومحاور العمل الحكومي في هذا المجال.
مشروع الخطة الوطنية: علمنة للمجتمع المغربي و غياب للمشاكل الحقيقية للمرأة
أعلنت كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والطفولة في مارس 1999 وبحضور الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي عن >مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية< التي رفعت فيها عددا من الشعارات كرفع الحيف الحاصل على النساء في المجال القانوني والسياسي والمؤسساتي، وتشجيع تدريس الفتاة، ومحو الأمية والاهتمام بصحة المرأة، ، وتضمنت الخطة سلسلة من الإجراءات والاقتراحات أثار عدد منها اعتراضا حادا من قبل مختلف مكونات الشعب المغربي.
ففي الجانب القانوني من مشروع الخطة تم التركيز على تعديل المدونة باعتبارها عائقا أمام تنمية المرأة، و تم اقتراح تعديلات تخالف أحكاما شرعية تابثة بنصوص قرآنية، كتحديد الزواج في سن 18 ، وإلغاء الولاية في الزواج، و اقتراح الإلغاء الكلي لتعدد الزوجات، وإقرار التطليق القضائي كطريق وحيد لفسخ عقد الزواج، والنص على اقتسام ثروة الزوج مناصفة بعد الطلاق ودون اعتبار لدرجة مساهمة كل منهما في تكوين هذه الثروة.
ومما لا شك فيه أن تعديلات بهذا المستوى كان يجب أن تكون محل نقاش وطني لتحقيق وحدة التصور بين المكونات الوطنية وهذا ما لم يحدث، بل تم العمل على إسقاط التوصيات المقررة في مؤتمر بيكين (1995) و مجموعة من الإتفاقيات الدولية دون اعتبار لتحفظات المغرب على هذه التوصيات، أو مراعاة للهوية الإسلامية للمغرب، كما أن الرؤية المتحكمة في هذا المشروع كانت تتعامل مع المرأة بمعزل عن مؤسسة الأسرة، ودون حضور البعد الشمولي الذي يراعي مصلحة كافة مكونات الأسرة، أيضا نجد أن روح العدل تغيب في بعض المقترحات لأنها تلغي العديد من الحقوق والامتيازات يمكن الاحتفاظ بها بتفعيل النصوص الشرعية فمثلا عوض أن تقترح الخطة إقرار الطلاق القضائي كوسيلة وحيدة للطلاق، والذي يمثل وسيلة متعسفة على الزوجين، كان من الأولى المطالبة بإقرار طلاق الخلع الذي يتيح لكلا الطرفين حق إنهاء علاقة الزوجية. كما لم يتم الالتفات مطلقا إلى الاختلالات المرتبطة بالجوانب المسطرية في تطبيق المدونة. بالإضافة إلى كون الخطة عملت على التركيز على مشاكل جد محدودة وإغفال أخرى أكثر منها أهمية وخطورة من مثل اعتبار تعدد الزوجات تهديد للاستقرار الأسري بالمغرب
بينما عدد حالاته ضئيلة جدا (لا يتعدى 1%) في مقابل إغفال التطرق لحالات الخيانة الزوجية واتخاذ الخليلات والتي تمثل أحد الأسباب المركزية في التفكك الأسري بالمغرب، أيضا ضخمت الخطة من قضية رفع سن الزواج إلى 18 سنة دون أن يمثل ذلك ظاهرة متفشية أو خطيرة، لأن نسبة الفتيات اللاتي لا يتزوجن حتى سن 25 يمثل 53% وحتى سن 40 يمثلن 4%، والأولى هنا الحديث عن مشكل العنوسة والعزوف عن الزواج، و التفسير المطروح لهذا القصور البين في استيعاب مشكلات الواقع المغربي هو التبني اللامحدود للمرجعية الغربية في مشروع الخطةو إقصاء المرجعية الإسلامية في البحث عن حلول للإشكالات المطروحة.
وقد اتضح من خلال العودة إلى الانتقادات التي وجهت للخطة، عدم لجوئها للمرجعية الإسلامية في إيجاد حلول لمشكلات المرأة المغربية ،
قصور في الإصلاح القانوني ومعالجة الأوضاع التعليمية والصحية
وإلى جانب تلك الاختلالات فقد اختزلت الخطة معالجة أوضاع المرأة من الناحية القانونية في مدونة الأحوال الشخصية حيث تم إغفال العديد من الجوانب القانونية التي تستدعي الإصلاح والتغيير، ونذكر منها ما يتعلق بالقانون الجنائى مثلا فعقوبة جرائم القتل والجرح والضرب المرتبطة بتلبس أحد الزوجين بحالة زنى، تمنح عذرا مخفضا للزوج بينما لا تمنحه للزوجة، على مستوى قانون الوظيفةالعمومية، تحتاج المرأة إلى سن العديد من التشريعات التي تراعي خصوصية دورها الاجتماعي (الأمومة خصوصا) من قبيل سن أنظمة خاصة بالرخص والتقاعد، وفي قانون الجنسية الذي ينظم الزواج المختلط حيث يميز بين المرأة والرجل في اكتساب وفقدان مجموعة من حقوق الأطفال، وفي قانون الشغل الذي يحتاج إلى إصلاح العديد من بنوده لرفع معاناة المرأة العاملة التي لا تتمتع بأبسط الحقوق المخولة لها، و المتعلقة مثلا بالحد الأدنى من الأجر، والحق في بطاقة الشغل، وحق التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى وجود قوانين خاصة بالمرأة لا تعرف طريقها إلى التنزيل، وتبقى نصوصا قانونية مسطرة على الأوراق منها منع تشغيل النساء من العاشرة إلى الخامسة ليلا، وحظر
منع الأشغال التي تعرض المرأة للأخطار، وحماية الأخلاق والآداب في مقرات العمل، ومحاربة التحرش الجنسي. تم التركيزأيضا على القضايا
المرتبطة بالتربية والتعليم والصحة، فمجال التعليم تم التركيز عليه كمدخل لنشر ثقافة النوع الاجتماعي المكرسة لقيم الإباحية، عبر التربية على المساواة من خلال النوع لتخريج أجيال مبتوتة الصلة بعقيدتها، علمانية الهوية. وفي المجال الصحي ارتبطت جل المقترحات بالأساس بمجال الصحة الإنجابية وما يرتبط به من السعي للحد من النمو الديمغرافي بدل الحديث عن تنظيم النسل، والصحة الإنجابية مفهوم غير بريء تتضمن دلالاته مخالفات جسيمة للتصور الإسلامي من حيث دعوته لضمان الحق في الإجهاض، وهذا ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما توجد مقترحات أخرى تتعلق بمحاربة الأمراض المتنقلة جنسيا كاعتماد آلية التوزيع الأتوماتيكي للعازل المطاطي بما ييسر العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج وهوما يخالف الطرح الإسلامي الذي يعتمد على تقوية الوازع الديني ونشر ثقافة العفة. كما يسجل في مجال الأوضاع الصحية للمرأة استمرار المعاناة الصحية للمرأة المغربية وبروز العديد من الإشكالات الصعبة التي تم إهمالها أو تجاوزها على سبيل المثال، ووجود نقص كبير في البنية التحتية الاستشفائية خصوصا في القرى، وانعدام وضعف التغطية الصحية لدى الفئات الفقيرة،
والعجز عن تغطية نفقات بعض الأمراض الخطيرة، ونذكر ختاما إغفال الخطة للاتفاقية الدولية حول الدعارة والاتجار بالنساء لسنة 1949.
معارضة وطنية شديدة للخطة
لقد كان من المؤمل أن تقدم حكومة التناوب نموذجا في تطوير التوافق الوطني من أجل إصلاح أوضاع المجتمع ككل وضمنه المرأة المغربية، إلا أنها قدمت نموذجا سيئا كرس الفرقة وأدى إلى خلق فتنة داخل البلاد لاسيما بعد إصرار الوزير المعني بالملف سعيد السعدي على السير في تنفيذ المشروع وتسويقه وتوظيف إمكانات الدولة في الدعاية له بدعم من حزبه التقدم والاشتراكية وتواطؤ من الحزب القائد للحكومة الاتحاد الاشتراكي، إلا أن الشعب المغربي وبتأطير من حزب العدالة والتنمية وقوى الأصالة والهوية بالبلاد استطاع أن يوقف هذا المشروع بعد فضح مخالفته للشريعة الإسلامية، وكشف التمويل الأجنبي المشبوه الذي يقف ورائه، كما اشتدت المعارضة له من داخل الحكومة نفسها، وتوج ذلك بالمسيرة المليونية بالدارالبيضاء وإلغاء اعتماد المقاربة حسب النوع من مشروع المخطط الخماسي ل2000-2004 ، وصدور توجيهات بإلغاء لجنة الحوار التي شكلها الوزير الأول حول المدونة الأحوال الشخصية والإعلان عن تشكيل لجنة ملكية خاصة بالموضوع. وبعد أن قوبل هذا المشروع برفض واسع، تم تغيير المسؤول السابق عن الوزارة المكلفة وحلت محله نزهة الشقروني وذلك في التعديل الحكومي
لشتنبر 2000.
مابعد سعيد السعدي والتطبيق الصامت والمتقطع لمشروع الخطة
بعد التعديل الحكومي لشتنبر2000 عملت الوزيرة الجديدة المكلفة بالقطاع على تنفيذ محاور مشروع النوع الاجتماعي والتنمية، ومن المحاور التي ركزت عليها الوزارة في عهدها الثاني نجد:
1 إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في التنمية، عن طريق التخطيط والمأسسة التي تعمل على خلق نقط ارتكاز النوع الاجتماعي في مختلف القطاعات الحكومية وذلك على المستوى الجهوي والمركزي.
2 إعداد استراتيجية وطنية لمحاربة العنف ضد النساء.
3 الدعم المؤسساتي ومن خلاله يتم تقييم مراحل إدماج مقاربة النوع على المستوى الوطني والجهوي.
وقد أوضحت الوزيرة المكلفة بأن المشروع "تم تبنيه في إطار دولي غير منغلق على ما هو وطني وديني"، وقد رصد لهذا المشروع مبلغ 50ألف دولار(أزيد من50 مليون ستنيم) من طرف الحكومة المغربية، و500 ألف دولار( أزيد من 500 مليون سنتيم ) من صندوق الأمم المتحدة للسكان (FNUAP) و 50 ألف دولار برنامج الأمم المتحدةالإنمائي(pnud)، و 25ألف دولار من طرف صندوق الأمم المتحدة للمرأة (UNIFEM)، وبتفحص بنود هذا المشروع يتضح أن الوزارة عملت على تمرير بنود الخطة إلى مختلف القطاعات الحكومية، ويمكن القول أن الفلسفة العامة التي توجه هذا المشروع كانت أهم نقط الخلاف الذي أثير حول الخطة، ويتعلق الأمر بالأساس بدلالات ثقافة النوع الاجتماعي، والذي يمثل تصورا فلسفيا غربيا غريبا عن مجتمعنا، يقوم على اعتبار الفروقات والاختلافات بين الرجل والمرأة ليست بيولوجية جنسية ولكنها بيئية، وثقافية، وحقوقية، واجتماعية وهي الأساس الذي ينبني علي الاعتراف بالأسرة المثلية، مما يجعل تعريف مؤسسة الأسرة يتسع ليشمل بالإضافة أسرا تتكون من امرأتين فقط أو رجلين فقط مما يمثل مسعي للتطبيع مع ثقافة الشذوذ الجنسي والإباحية والفاحشة، وهو الأمر الذي جعل
حزب العدالة والتنمية يعارض بشدة إدماج المقاربة حسب النوع في مشروع المخطط الخماسي لسنوات (2000 2004) بالإضافة إلى رفض التصويت على مشاريع قوانين المالية المتعلقة بهذا القطاع وخصوصا لسنتي 2001 و2002 فضلا عن امتناعه عن التصويت للميزانية المتعلقة بالنصف الثاني من سنة2000.
وقد برزت تناقضات فاضحة في المواقف الحكومية إزاء هذا الموضوع فمثلا صرحت المسؤولة عن الملف نزهة الشقروني برفضها لمصطلح النوع الاجتماعي أثناء جلسة مناقشة مشروع الميزانية الخاصة بقطاعها لسنة 2002 مؤكدة على كون الأمر لا يعدو أن يكون ترجمة غير صحيحة، وفي المقابل نجد أن الوزارة المسؤولة استمرت في الحديث عن النوع الاجتماعي والأخد به خلال الأنشطة والمبادرات العملية،و الالتفاف على هذاه الانتقادات باستعمال مصطلح المقاربة حسب الجنس، هذا بالرغم من وجود اتفاق لدى أحزاب الأغلبية على حذف النقط المتعلقة المقاربة حسب النوع.
خلاصة تحليلية: التبعية للغرب حكمت سياسة الحكومة تجاه المرأة والضحية هو المجتمع بنسائه ورجاله
باستعراض كلا الفترتين في عمل الوزارة المعنية بشؤون المرأة يتبين وجود رؤية مشتركة تتحكم في صياغة محاور العمل الحكومي وأدت لتجاهل مصلحة المرأة المغربية تحديدا والمجتمع المغربي إجمالا، وأول ما يمكن ملاحظته هو وجود ترابط شديد بين البنود والاجراءات الوطنية وبين الإجراءات الدولية والتي تتضمنها توصيات المؤتمرات وبنود الاتفاقيات الدولية وخصوصا مؤتمر بيكين لسنة 1995 ووجود ضغط خارجي أجنبي يعمل على تطويع البرامج الوطنيةللمرجعية الدولية واستعمال ورقة التمويل الأجنبي، الذي يقنن تنفيذ البرامج عبر آليات المراقبة والمتابعة، وذلك في إطار مخطط دولي يهدف إلى فرض النموذج العلماني في تنظيم العلاقات الاجتماعية، وهو ما يجعلنا نتساءل إلى أي حد يمكن للتوصيات والقوانين الدولية أن تلغي إلزامية القوانين الداخلية؟ وما هي الأسباب الكامنة وراء سلبية الحكومة في الدفاع عن التحفظات الذي أبداها المغرب على مجمل الاختيارات الدولية؟ مع الإشارة إلى أن المغرب حرص على التحفظ على عدد من البنوء الواردة في توصيات تلك المؤتمرات إلا آن الحكومة عملت على تجاوزها وعدم احترامها بل وصل الأمر بسعيد السعدي إلى رفع تقرير بإسم الحكومة
المغربية إلى الأمم المتحدة في إطار دورة بيكين+5 في يونيو2000 يعتبر فيه تلك التحفظات عائقا .
إلا أن انطلاق هذه المبادرات لم يكن ممكنا في غياب وجود جهات داخلية متعاطفة مع هذا الطرح الغربي التي احتل البعض منها مراكز القرار السياسي وعمل على الدفع بالعديد من المقترحات الغربية للتنفيذ العملي بعد أن جاء الكثير منها في مشاريع طرحت سابقا ولم تحظ بالقبول، إنها النخب العلمانية التي تهيمن على توجيه ثقافة المجتمع أو تحتل مواقع السلطة الرسمية مما يمنحها نفوذا أكبر من حجم التوافق المجتمعي مع آرائها وتصوراتها، ويمكنها من نشر فهم علماني لاديني يمس أدق جوانب الحياة الاجتماعية ويختفي وراء أهداف نبيلة وعبارات براقة.
والخلاصة أن برامج الحكومة إزاء قضايا المرأة عوض أن تكون وفية للهموم الحقيقة للمرأة المغربية حرصت على الوفاء للتوصيات الخارجية التي لا هم لها إلا توظيف قضية المرأة المجتمعات العربية والإسلامية، كما اتسم عمل الحكومة بالانتقائية والجزئية في تشخيص المشاكل وطرح الحلول، والعجز عن وضع تصورات وحلول نوعية منسجمة مع المرجعية الإسلامية للبلاد وقادرة على الحل الشامل لقضايا المرأة ، وإقصاء وتهميش العديد من القوى الوطنية، وغياب فعل جماعي موسع لجميع الهيآت المهتمة بالموضوع، بالإضافة إلى كون عمل الوزارة لم تؤسسه خلفية إحصائية دقيقة حول المعطيات الميدانية، وهذا ما جعل الوزارة تفشل في ملامسة العديد من المشاكل العميقة التي تعيشها المرأة المغربية، بدءا بظاهرة الدعارة والاتجار بجسد النساء، وانتشار السياحة الجنسية والابتزاز الجنسي للمرأة، والتوظيف المبالغ فيه لجسدها إعلاميا، و تفشي ظاهرة الطلاق، والعزوف عن الزواج، وتفشي ظواهر الانحراف الأخلاقي و استشراء الفساد بمؤسسة القضاء مما يؤدي إلى إهدار عدد من حقوق المرأة في التقاضي، وعدم التقدم في معالجة وضعية المرأة العاملة، واستمرار تفشي الأمية في أوساط النساء.
إن مسؤولية تحسين أوضاع المرأة والنهوض بدورها تتطلب من القوى الوطنية المتشبتة بالخصوصية الحضارية إيجاد حلول للإشكالات الأساسية للمرأة والعمل على مد جسور التواصل مع الجهات المخالفة بهدف إيجاد أرضية للتفاهم تصب في مصلحة المرأة المغربية، والعمل على رفع الوعى الجماهيري بقضايا المرأة باعتبار ذلك ضمانة أساسية لتصحيح الوضعية النسائية كما يستدعي الأمر وتمكين المرأة المغربية من أجواء سليمة لاتخاذ قرار حر و مسؤول للإسهام بفعالية في مشروع النهضة الشاملة لبلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.