في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز    قيادي انفصالي يدعو لاحتلال موريتانيا ويتنبأ بتقسيم الجزائر    في الذكرى الرابعة للقرار الأمريكي لاعتراف واشنطن بمغربية الصحراء :    غانا تعزز الشراكة مع المغرب بإلغاء تأشيرات الدخول    تدريب تلاميذ ضباط الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس.. تعزيز القدرة على التحمل وروح الفريق في بيئة صعبة    مجلة إسبانية: المغرب في طريق ليصبح 'وادي سيليكون فالي' المستقبل    مقتل 151شخصا على الأقل في تحطم طائرة أثناء هبوطها بمطار كوري جنوبي    مقتل صحافية فلسطينية بنيران صديقة    أبطال الكيك بوكسينغ والمواي طاي المغاربة يبصمون على موسم جيد خلال سنة 2024    أرضية ملعب العربي الزاولي تُعقد مهمة الرجاء أمام صن داونز    توقعات أحوال الطقس ليوم الأحد    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تحطم طائرة في كوريا إلى 174 قتيلا    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وموجة برد وزخات رعدية مرتقبة من الأحد إلى الأربعاء بعدد من المناطق    تقارير.. زيارة مرتقبة للملك محمد السادس إلى موريتانيا تعزز الشراكة الاستراتيجية    ماكرون يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار بغزة    الولايات المتحدة.. إلغاء أو تأخير آلاف الرحلات الجوية جراء سوء الأحوال الجوية    حصاد 2024.. خطوات حاسمة نحو دولة اجتماعية متكاملة في المغرب    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    تحولات جوهرية في قطاع التكنولوجيا المالية خلال سنة 2024    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا    تحطّم طائرة على متنها 181 شخصا أثناء هبوطها بكوريا الجنوبية    دراسة حديثة تظهر وجود تريليونات الأطنان من الهيدروجين تحت سطح الأرض    مجموعة IGMA SCHOOL بالجديدة تحتفي بالمتخرجين وذكرى 30 سنة على تأسيسها    وصول 30 مهاجرا ينحدرون من الريف الى ألميريا    اصطدام بين دراجتين ناريتين على الطريق بين امزورن وتماسينت يخلف إصابات    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    داخل جمعية!!.. محاولة فتاتين وضع حد لحياتهما بمادة سامة تستنفر السلطات بطنجة    الماص يقلب الطاولة على الوداد في البطولة الاحترافية    البطولة العربية للكراطي.. المنتخب المغربي ينهي المنافسات في المركز الثالث بمجموع 20 ميدالية    زياش يشترط على غلطة سراي مستحقاته كاملة لفسخ العقد    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    بوتين يعتذر لرئيس أذربيجان عن حادث تحطم الطائرة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطل فرنسا الحقيقي
نشر في التجديد يوم 21 - 01 - 2015

في ردة فعل غير متزنة انزلقت فرنسا على أكثر من مستوى إلى الخطأ القاتل. فتحت صدمة الإرهاب الدموي الذي أسقط في يومين 17 قتيلا، تمت رعاية توجه عام أعلن أسبوعية "شارلي إبدو" بطلة فرنسا، و"كلنا شارلي إبدو"، رغم أن صحيفة الكراهية، وهي تنتشل من بركة دم طاقمها الذي سفكه الإرهاب الذي أجمع العالم على إدانته، أعلنت "التحدي" بأنها سوف تستهدف الإسلام مجددا، وعلم الجميع أن عددها المتوقع سوف يحمل إساءة كبيرة للإسلام والمسلمين، ورغم ذلك لم نر جهدا لا رسميا ولا مدنيا يضع حدودا فاصلة بين دعم الإسلاموفوبيا والتضامن ضد الإرهاب، كما لم نر تأسفا لما فعلت تلك الصحيفة فعلتها.
لقد كان من الممكن غض الطرف عن هذا التوجه الإسلاموفوبي الفرنسي الصادم لو أن تلك الصحيفة في عددها الذي اعتبر "معجزة"، استهدفت من استهدفها. لكن صحيفة الإساءة و الكراهية وجهت سهام الانتقام نحو قرابة ملياري مسلم في العالم، وجعلت من غلاف عددها الذي لقي الدعم العمومي الفرنسي ودعم لوبيات الإعلام التجاري والإسلاموفوبيا والصهيونية في الغرب، رسما مسيئا لنبي الرحمة والسلام والمحبة. وأفرغت إناء حارقا من الكراهية على رؤوس كل المسلمين الذين تعاطفوا معها ضد عدوهم الأول المتمثل في الإرهاب الذي أذاقهم من الويلات أكثر مما أذاق الغرب بأجمعه إلى حد الساعة.
نعم لقد جعلت فرنسا رمز الإسلاموفوبيا الإعلامي بطل فرنسا، و(منحتها "المواطنة الفخرية" التي نادرا ما تعطى، وكانت تمنح في السابق فقط "للمقاومين العظماء ضد الدكتاتورية والهمجية" على حد قول رئيسة بلدية باريس، كأن الصحيفة، برسمها المسيء لنبي الإسلام، تمارس تلك "المقاومة المقدسة". وتجلى ذلك الانحياز أيضا في الدعم المالي العمومي البالغ مليون يورو الذي قدمته الحكومة الفرنسية لتلك الصحيفة "كي يمكنها الاستمرار الأسبوع المقبل والأسابيع التالية"، على حد قول وزيرة الثقافة الفرنسية، كأنه دعم لاستمرارية خط تحريها في نشر الكراهية والعنصرية والاستفزاز ضد المسلمين. و في المقابل تلقى العدد الأخير للصحيفة الذي أعاد الإساءة للمسلمين، دعما خياليا لم يسبق له مثيل في عالم الصحافة والإعلام، وكشف الفرنسيون والعديد من المؤسسات الإعلامية وغيرها، مُؤطَّرين بخطاب الكراهية واللامسؤولية، أنهم ضحايا التضليل الإعلامي الإسلاموفوبي المتخفي وراء شعارات حرية التعبير، وأقبلوا بشكل كاريكاتيري على اقتناء النسخة التي تقطر بدم الكراهية والتعصب ضد المسلمين، في إشارة إلى أنهم جميعا يساندون خط تحرير يتحمل جزءا كبيرا في جلب اهتمام الإرهاب بفرنسا).
لو تخلصت فرنسا من عمى الإسلاموفوبيا لرأت أن بطلها الحقيقي في هذه النازلة ليس "شارلي" بل هو المواطن المالي "لاسانا باتيلي"، فهذا المهاجر الإفريقي، الذي كاد أن يطرد من فرنسا سنة 2009، أنقد ستة يهود في المتجر الذي هاجمه الإرهابيون وقتلوا فيه أربعة يهود بعد اتخاذهم رهائن، وكان من الممكن أن يكون عدد ضحايا ذلك المتجر 10 يهود بذل أربعة. وهذا البطل دفعه إيمانه بكون الإرهاب، الذي أذاق دولته مالي الويلات لا علاقة له بالدين، وحسه الإنساني الذي عبر عنه بالقول: "لا فرق بين نصراني ويهودي ومسلم .. فكلنا إخوة" إلى المجازفة بحياته، فأخفى هؤلاء اليهود في قاعة التبريد في المتجر الذي يشتغل فيه، وقطع عنها الكهرباء وأرشدهم إلى مخرج خلفي يمكنهم مغادرة المتجر من خلاله بسلام. وبعد خروجه هو اتجه مباشرة إلى الشرطة وأرشدهم إلى مكان هؤلاء اليهود الستة، الذين رفضوا بسبب الخوف مغادرة مخبئهم، ورسم لهم خطاطة المتجر حتى لا يصابوا من جراء تدخل قوات الأمن. ألا يصلح هذا الإنسان أن يُعْلن بطل فرنسا الحقيقي بدل صحيفة الكراهية؟ ما المانع من ذلك؟ هل لكونه مسلما؟ هل لكونه أسود البشرة؟ أم لأنه مهاجر ترى الإسلاموفوبيا أنه لا مكان له على الأراضي الأوروبية؟
نعم لقد اتصل الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" ب "لاسانا باتيلي" وشكره، كما أعلن الخميس الماضي متأخرا أن "أول ضحايا التعصب والأصولية وعدم التسامح هم المسلمون"، لكنه لا يفعل شيئا ذي بال لحمايتهم من متطرفي الإرهابي الدموي والإرهابي الإسلاموفوبي المتعصب، ولا لجعلهم طرفا حيويا في الدفاع عن وطنهم فرنسا ضد الإرهاب والتطرف.
لقد أعطت ألمانيا درسا عميقا لفرنسا في التوازن و المسؤولية في حربها على التطرف سواء تعلق الأمر بالتطرف الديني الذي يتخفى وراء الإسلام أم تعلق بالتطرف الاسلاموفوبي الذي يهدد أوروبا بعودة الديكتاتورية ومجازر حقوق الإنسان. ورغم التنامي السرطاني لحركة الكراهية في ألمانيا فالمستشارة الألمانية "ميركل" لم تتردد هي وفريقها الحكومي من النزول إلى الشارع في مسيرة شعبية ضد كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا، فهل "ميركل" لا تخشى على شعبيتها كما هو حال "هولاند"؟ أم أن هذا الأخير يبدو أنه "رأى" في موجة الإسلاموفوبيا ظهرا انتخابيا آمنا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.