تحولت مجموعة من المقابر في مدينة مراكش عن وظيفتها الأساسية، التي هي دفن الأموات، إلى مشاريع تنموية ليس لها من التنمية غير الإسم ، ونذكر على الخصوص: مقبرة حي سيدي بوعمرالتي تحولت إلى مزبلة، عرفت على إثرها احتجاجات للسكان الذين أرسلوا عدة شكايات في الموضوع إلى السلطات المحلية، حفاظا على هذة المقبرة، وتفاديا لتأثير وجود النفايات على صحة المواطنين. وبدل إيجاد حل لهذه المشكلة، بات مسلسل حرمان المدينة من مقابرها متواصلا، فقد تحولت مقبرة أخرى في حي الملاح إلى حديقة عمومية صغيرة، يقال إنه بدل توفيرها مكانا للسكان للترويح عن النفس، ستسهل عملية وقوف البغايا اللواتي سيجدن فيها مكانا آمنا للقاء الزبائن، مستعيضات بها عن الوقوف في الشارع العام، مثلها مثل حديقة "عرصة البيلك"، التي، ومنذ فتحها للعموم، بدأت تعج بالبغايا عارضات اللحوم البشرية للبيع، بل منهن لا تستحيي بالمرور بها في أوضاع مخلة بالحياء أمام أعين المارة وفي غفلة من رجال الأمن. ومن جهة أخرى تعرف مقبرة توجد قرب فندق المرابطين عملية تحويل، حيث من المنتظر أن تحول إلى 13 رياضا ستبنى على الطراز القديم، ليس حبا في إحياء معمار المدينة، ولكن لتحويلها إلى منازل للاستقبال، يستفيد منها مستثمرون أجانب بدأ نفوذهم يزداد في المدينة يوما بعد يوم. وهناك مقبرة توجد خلف واد إيسيل تتحول إلى بقع أٍضية صالحة للبناء لا يعرف بالضبط من الجهات التي تقف وراء ذلك. وهكذا تعرف هذه المقابر، بدعوى مرور أربعين سنة على أقدميتها، عملية تحويلها إلى مشاريع لم يجد منفذوها غير أماكن الأموات ليقيموا فيها مشاريعهم بعدما استنزفوا أماكن الأحياء، وبعدما تعرضت العديد من الأماكن العومية، وخاصة الحدائق، لعملية تفويت أو ماشابهه لإقامة مشاريع، نذكر منها ما عرفته الحديقة الموجودة أمام مركز البريد الرئيسي بكيليز، وتحويلها إلى مقر ثالث ل"ماكدونالز" بمراكش، والذي سيستفيد حتما وبالمجان من الأغراس المحيطة به ، وجاء ذلك بعدما علم كذلك أن حديقة "جنان الحارتي" ستحول إلى مستثمرين أجانب لإقامة مدينة للألعاب فريدة من نوعها في المنطقة، وبعدما طردت العديد من الهيئات المدنية والمهنية منها وخربت مقراتها . فمتى يتم توقيف مسلسل حرمان مدينة مراكش من حدائقها، وخاصة من مقابرها؟ وهل يعي المسؤولون انعكاسات هذه العملية على المدى المتوسط والبعيد، حيث سيصعب على الساكنة إيجاد مكان قريب لدفن أمواتهم، وسيضطرون إلى سلوك طرق ملتوية من أجل ذلك، أوالذهاب إلى مناطق بعيدة من أجل الدفن، كما يحدث الآن في مدن أخرى كالداراليبضاء والرباط. عبد الغني بلوط