لتسليط مزيد من الضوء في موضوع الاجتهاد حول قضايا المرأة والأسرة والمشاركة الانتخابية التقت "التجديد " الدكتور عبد الرحمان العمراني، أستاذ الفقه الاسلامي بكلية الآداب بمراكش،وأجرت معه هذا الحوار القصير حول هذه القضايا العلمية والدعوية. وغم انشغالاته الكثيرة فقد اغتنمت "التجديد" وجود الدكتور عبد الرحمن العمراني قريبا من أهله وذويه بمدينة القصر الكبير خلال العطلة الصيفية لتجري معه حوارا حول بعض القضايا العلمية والدعوية للذكر فالدكتور عبد الرحمن العمراني يعمل أستاذا لمادة الفقه الإسلامي بكلية الآداب بمراكش بصفتكم تعملون أستاذا للفقه الإسلامي بكلية الآداب وباعتبار الفقه الإسلامي يقبل حركية الاجتهاد ويستوعبها، فما هي المجالات التي يمكن أن يطالها الاجتهاد الفقهي في عصرنا؟ لقد كان موضوع الأطروحة التي ناقشتها هو الاجتهاد الفقهي المعاصر في أحكام الأسرة، وقد أوضحت فيها صورتين للاجتهاد في هذا العصر إحداهما اجتهاد انتقاء يهتم بعرض المسائل التي تعددت فيها آراء الفقهاء قديما، فعمد الفقهاء المعاصرون إلى اختيار واحد منها ينسجم ومعطيات واقعهم ومن هذه المسائل مسألة ولاية التزويج وتوثيق عقد الزواج وتحديد المقدار المحرم من الرضاع وزواج المسلم بالمرأة من أهل الكتاب والنفقة ومجموعة صيغ الطلاق وهكذا بعد عرض المسألة مع ذكر آراء وأدلة الفقهاء فيها ومناقشتها وقفت عند سبب الاختلاف فيها ثم رجحت اعتمادا على قواعد الترجيح واحدا منها مع ذكر من اختاره من الفقهاء المعاصرين وقوانين الأحوال الشخصية العربية والثاني اجتهاد إنشاء يعالج مسائل مستجدة في أحكام الأسرة منها مسألة التعويض عن الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة وحكم تحديد أكثر الصداق ومنع تعدد الزوجات وضوابط زواج المسلمة بغير المسلم وحكم تحديد سن الزواج ومسألة إسناد الطلاق إلى القاضي فهذه المسائل لم يسبق أن ناقشها الفقهاء قديما لأنها لم تقع في عصرهم وقد اجتهد فيها الفقهاء المعاصرون جاء رأيهم بناء على مجموعة أدلة وقواعد عامة في الشريعة الإسلامية وأنشؤوا لها أحكاما كانت موضوع دراستنا? وإن من فوائده اجتهادات المعاصرين ودراستها أملا في الإسهام في حل مجموعة مسائل معروضة في هذا المجال، ثم الكشف عن أن كثيرا من الأفكار التي توردها وسائل الإعلام في موضوع الأسرة لا ترقى إلى درجة الاجتهاد، فالاجتهاد مصطلح فقهي له مدلوله وضوابطه وأهله نعلم أنك أنجزت دبلوم الدراسات العليا ضمن تخصص الحديث النبوي الشريف فكيف تم الانتقال من الحديث إلى الفقه في موضوع الأطروحة؟ حقيقة إني اشتغلت في بحث رسالة الدراسات العليا في تخصص علم الحديث، في موضوع ?حركة النقد الحديثي في البصرة خلال القرن الثاني الهجري? تحت إشراف الدكتور فاروق حمادة حفظه الله، وهو بحث مهم من حيث الفترة المبكرة التي اختص بدراستها وكذلك من حيث المنطقة التي اشتهرت بنقادها الكبار وكثرة الوضع فيها ولقد كانت الفكرة بعد مناقشته أن أوسعه في بحث الأطروحة لدراسة حركة النقد الحديثي في العراق في القرن الثاني الهجري، لكن بعد مجموعة استشارات مع فضيلته ومع مجموعة أساتذة سبقوني في البحث استقر الرأي على دراسة اجتهادات الفقهاء المعاصرين في موضوع معين، حيث الفترة محددة وأهلها معروفون وكتبهم في غالبها متوفرة، ووقع الاختيار على البحث المذكور. وفعلا تطلب هذا التحول في التخصص بعض الجهد من أجل تجاوز صعوبة الانطلاقة فيه، ثم سرعان ما تبددت الصعوبات الطارئة بعد تحمل مسؤولية تدريس مادة الفقه الإسلامي "أحكام المناكحات" وهو لصيق بموضوع بحثي، وهكذا تم الارتباط بالبحث من حيث دراسته وتدريسه. ارتباطا بعلم الحديث، نقول إنه قد ظهرت حركة بئيسة تحاول الطعن في صحيح البخاري، كيف تقيمون ذلك؟ الطعن في صحيح البخاري ليس وليد اليوم، فقد ظهر في العشر سنوات السادسة من القرن الماضي بمصر مع المدعو عبد الوارث سعيد الذي نشرت له مجلة العربي الكويتية في سنة ? مجموعة مقالات تحت عنوان "ليس كل ما في البخاري صحيحا"، وتولى الرد عليها آنذاك عدد من علماء الأزهر منهم الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله. ومثل الطعن في الإمام البخاري وصحيحه سبق الطعن في الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه من طرف الشيعة الروافض في فترة مبكرة من تاريخ الإسلام ثم تبعهم المستشرقون ومن تأثر بهم وإني مقتنع أن الطعن في ثوابت الإسلام الثابتة بالنص وفي أهله وعلمائه لن يزيد هذا الدين إلا تمكنا في نفوس المسلمين والتفافهم حول عدوله "فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، غير أني أشير إلى أنه ليست كل شبهة تستحق الرد عليها، ومفكرو الإسلام ينبغي أن يربؤوا عن الرد على كثير منها، وأن لا يستجيبوا لتوجيه أعدائهم ويتبعوا ما يرسمونه لهم لإلهائهم. أخيرا ماذا يمكن أن تقولوا عن الانتخابات من وجهة نظر دعوية؟ المشاركة في الانتخابات في رأيي هي الوضع العادي والطبيعي للحركة الدعوية يفرضها مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوجبها ضرورة المخالطة بما تقتضيه من صبر على الأذى، وتمليه سنة التدافع والتزاحم والحال أن أهل الفساد ومحبيه يريحهم الإقصاء الذاتي لمن يريد الإصلاح ثم إنها أي المشاركة السياسية بها تتأكد شمولية العمل الإسلامي الصحيح في فترة من أبرز سمات غالب أهلها إبعاد الإسلام عن السياسة وتحجيم دوره وأيضا إنها تكشف من يرغب فيها ويتقدم إليها وهو حريص عليها، ومن يزهد فيها إحساسا بثقلها ويود الإعفاء منها حاوره أحمد العبودي القصر الكبير