عبّرت قوى المقاومة الفلسطينية عن قلقها من نتائج الزيارة التي قام بها وفد فلسطيني رسمي لواشنطن، في الوقت الذي توقع فيه مراقبون فلسطينيون مواجهة مرتقبة بين قوى المقاومة وقوات الأمن الفلسطينية في حالة استجابة السلطة الفلسطينية لأي ضغوط أمريكية. فقد أوضح د. محمود الزهار عضو قيادة حماس السياسية أن هناك "ترتيبات أمنية وخططا تصوغها أمريكا حالياً من شأنها أن تخفف الضغط عن رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون وتزيد الضغوط على المقاومة الفلسطينية"، وأضاف متسائلا: "ما الذي يفعله وزراء فلسطينيون في واشنطن غير وضع خطط للقضاء على المقاومة بشقيها الوطني والإسلامي؟". وأكد الزهار أن السلطة الفلسطينية "تقبل أي شيء يُطرح عليها وكأنها في وضع لا يسمح بالمناقشة والرفض وعليها القبول فقط، وهو ما يشكل خطورة على القضية الفلسطينية". وعبر عن مخاوفه من أن تضع السلطة الفلسطينية نفسها "في موضع المواجهة، ليس فقط مع قوى المقاومة بل أيضاً مع الشارع الفلسطيني الذي لن يسمح بعودة زج المقاومين في السجون والمعتقلات". ويؤكد عبد الله الشامي القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي على القلق الذي تشعر به قوى المقاومة من نتائج المباحثات التي أجراها الوفد الفلسطيني برئاسة وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات في واشنطن، فيقول: "إن المجتمع الفلسطيني كله قلق من النتائج المترتبة على هذه الزيارة التي تسعى لتمزيق المجتمع الفلسطيني بأسره وزرع التوتر داخله". ويوضح الشامي أن "إسرائيل بعدما فشلت في قمع الانتفاضة تسعي الآن لإلقاء عبء قمعها على السلطة الفلسطينية". لكنه أكد أنه لا يعتقد نشوب صراع بين السلطة والمعارضة، موضحا "أن الشعب الفلسطيني محصن من الوقوع في مأزق الصراع مع السلطة، وأن العاملين في الأجهزة الأمنية لن ينفذوا سياسة تضر بشعبنا وقضيته". ودعا الشامي السلطة إلى عدم التعجل وجعل مصلحة الشعب هي الهدف، وألا تنهي انتفاضة الأقصى كما انتهت الانتفاضة الأولى. وتشارك القوى اليسارية الفلسطينية نظيراتها الإسلامية في الحديث عن خطورة ما بحثه الوفد في واشنطن، إلا أنها لم تتحدث عن مخاوف من نتائج تلك الزيارة. يقول جميل المجدلاوي أبرز قياديي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في غزة: "لا نتحدث عن مخاوف، ونحن ننطلق في تقييمنا للموقف الأمريكي من خلال ما يُمارس على أرض الواقع، حيث يتضح الانحياز الأمريكي السافر للعدو الإسرائيلي". وأضاف "أن الجميع على الساحة الفلسطينية يقظ من الوقوع في فخ الصراع الداخلي الذي تسعى إليه أمريكا وإسرائيل من خلال هذه الخطط والمشاريع". أما صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين فقد اعتبر أن الزيارة "لن تكون مفيدة للشعب الفلسطيني في هذا الوقت". وأكد زيدان أن الإصلاح المطلوب من السلطة هو الإصلاح الذي يقوي الساحة الداخلية ويوفر مقومات الصمود للشعب الفلسطيني، وليس الإصلاح الذي تطلبه أمريكا. ويشير زيدان إلى أن السلطة لن تستطيع من خلال هذه الزيارات والخطط وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وقال: "إن السياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، وتفتح شهية الأمريكان والإسرائيليين للمزيد من الابتزازات والتنازلات". ومن جانبها انتقدت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في بيان أصدرته الأحد 11-8-2002 "توجه الوفد الفلسطيني للبيت الأبيض، في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل من عدوانها على الشعب الفلسطيني، ويصرح جنرالاته أنهم أعلنوا حربا لا هوادة فيها على الشعب الفلسطيني". وتعد زيارة الوفد الفلسطيني الأخيرة للولايات المتحدة أعلى لقاء يتم بين مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين منذ دعوة الرئيس بوش لاستبدال القيادة الفلسطينية في 24 يونيو وأن يحل محلها قيادة لا تتهاون مع الإرهاب، على حد وصفه. يذكر أن الوفد الفلسطيني يضم إلى جوار عريقات وزيري الداخلية عبد الرزاق اليحيى، والاقتصاد ماهر المصري