يعاني قطاع الصحة من عدة مشاكل كبيرة على عدة مستويات :منها تقادم التجهيزات الطبية بالمؤسسات العمومية وضعف تمويل الدولة لهذا القطاع مما يجعل المواطن يؤدي تكلفة العلاج، كما أن ارتفاع تكاليف العلاج يجعل الفقراء يعانون من أمراض قد تتسبب في وفاتهم، بسبب وضعيتهم المالية والاجتماعية المزرية، أو يلجؤون إلى مد أيديهم للغير لإنقاذ حياتهم، وفي آخر ولاية تشريعية لمجلس النواب تمت المصادقة على مشروع مدونة التغطية الصحية،هذا الأخير الذي يهم مجموعة من الأطراف منهم المهنيين ، التقت التجديد بالدكتور عبد القادر طرفاي: طبيب جراح بمستشفى سيدي لحسن بمدينة تمارة، وحاصل علي الإجازة في القانون ، مهتم بالقوانين الصحية، وهو كاتب عام وطني للجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فكان معه الحوار التالي: لاشك أن مشروع مدونة التغطية الصحية مشروع مهم لأنه يهم جميع المواطنين ، ما هي الدوافع التي أدت إلى التفكير فيه ؟ مشروع التغطية الصحية الذي قدمته الحكومة مؤخرا هو مشروع قديم جديد، لأن فكرة المشروع ابتدأت منذ حوالي عشرين سنة، خاصة في بداية التسعينات، وما ينبغي أن نذكر به هو أن الفكرة كانت بإيحاء من البنك الدولي نتيجة تفاقم الوضع الاجتماعي، الذي كان نتيجة تطبيق سياسة التقويم الهيكلي بالدول المتخلفة والفقيرة منها المغرب، ولما تفاقم الوضع وكثر الفقر وتفاحشت الفوارق الاجتماعية، ووقع تدني في مستوى الخدمات الاجتماعية بخصوص قطاع الصحة، كان إملاء من البنك الدولي بوضع ما يسمى بشيكات أمنية les fillets de sucureté، الذي تضم نوعا من الاهتمام بالجانب الاجتماعي سواء في ميدان التعليم أو الصحة، لكسر الضغط على القواعد الشعبية، الذي قد يسبب بعض الانفجارات، وهكذا تم الحديث عن تعميم التغطية الصحية، فكان هناك خبراء من المنظمة العالمية للصحة، بتعاون مع وزارة الصحة، فتم القيام بدراسات ووضع مقترحات في نهاية 2991، فكل النقط المهمة الواردة في المشروع كانت من مقترحات الخبراء الدوليين بداية 3991، منها ما أطلق عليها الوكالة الوطنية للتغطية الصحية، وربما أن الحكومة تتباهى بأنها من الإبداعات التي أتت بها، في حين أن الفكرة قديمة.والمعطيات لازالت كما هي تدني في مستوى الخدمات الصحية وتراجع في العديد من الميادين، ارتفاع عديد من الأمراض كانت قد تراجعت خلال الثمانينات، مثلا داء السل الذي ظهر بنسبة مهمة، وعوامل متعددة تؤدي لذلك منها الفقر وسوء السكن، والأمية، كل هذا ينعكس سلبا على الحالة الصحية للسكان خصوصا الأمهات والأطفال، في ظل هذه الأوضاع المأساوية والكارثية كان ولا بد من التفكير في وسيلة لتسهيل الولوج إلى العلاج الذي أصبح مستحيلا على بعض فئات الشعب، هذا بإيجاز بداية التفكير في المشروع، كانت هناك مشاريع طرحتها الحكومات السابقة آخرها مشروع 6991 الذي صودق عليه في مجلس حكومي ووزاري، وما طرحته الحكومة الحالية لا يختلف عنه كثيرا. هل تم إشراككم كنقابة ومهنيين في إغناء هذا المشروع بالمقترحات؟ المشروع الحالي لم تكن مشاورة مع المتدخلين في قطاع الصحة سواء نقابات أو عاملين بالقطاع أو الجامعات، خاصة في السنتين الأخيرتين، معناه أنه تم الرجوع إلى ما نتجت عنه الاجتماعات السابقة، وكان يشارك فيها آنذاك كل من النقابات وشركات التأمين وممثلين عن صندوق الضمان الاجتماعي وممثلين عن منظمات الاحتياط الاجتماعي، كانت هناك اقتراحات لتعديل المشروع الحكومي ل 6991، كان من الأولى على حكومة التناوب مادام أن هذا العمل كان جاهزا أن تقدمه في بداية عهدها، وبالتالي تشرف على تنفيذ المشروع وتطبيقه على أرض الواقع.وكانت لنا مقترحات سواء على مستوى منشورات أو بيانات أو على مستوى النشر عبر وسائل الإعلام، ولما كانت لي فرصة متابعة الموضوع منذ بداية التسعينات كانت هناك عدة مقترحات لإغناء جميع المشاريع التي تم تقديمها. في نظركم ما هي بعض نقط ضعف مشروع المدونة بعد المصادقة عليه بمجلس النواب؟ بعد دراسة لهذا المشروع يتبين أنه يتم تعميم التغطية على فئات ذات الدخل سواء كانوا موظفين أو عمال ، غير أن هناك فئات ذات دخل وتنتمي إلى قطاعات غير منظمة وأخرى كانت المناداة دائما بإدماجها في التغطيةلكن لازالت مقصية ،وإن كان المشروع يتحدث عن أنه سيأتي استقبالا قانون خاص يضمن تغطية للطلبة ولكن القانون الحالي لا ينص ولا يدقق فيها، كما أننا نجد نوعا من التمييز في الفئات، فالمشروع به قانونين، الأول مشروع قانون للتأمين الإجباري على الصحة والثاني مشروع المساعدة للفئات المحرومة، لكن هناك فئات لا تدخل ضمن المأجورين ولا موظفين مثل الفلاحين الذين يشتغلون في ضيعات صغيرة فهم ليسوا ملاكين حتى يلجؤوا إلى شركات التأمين والمشروع لم يتحدث عن هذه الفئة.وكيفما كان هذاالمشروع إلا وسوف يصطدم بواقع معروف، وأزمة قطاع الصحة ظاهرة ،لانعدام سياسة صحية متكاملة وعدم وجود استراتيجية واضحة بالقطاع الصحي. ومشروع التغطية الصحية ما هو إلا جزء صغير داخل المنظومة الصحية التي تستدعي معالجة ومراجعة شاملة لوضع استراتيجية صحية واضحة تشتمل على مراحل قصيرة الأمد ومتوسطة الأمد وطويلة الأمد، فالمهم هو تطبيق المشروع على أرض الواقع حتى تتبين نقط ضعفه وقوته، و كان على الحكومة ما دامت تأخرت في طرح المشروع كان عليها أن تهيء الأرضية لهذا المشروع حتى يتم تطبيقه وتؤهل جميع المؤسسات التي تدخل في تطبيق المشروع منها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لأنه سيؤطر المشروع ،وسيسهر على تقديم خدمات صحية، وسيشرف على تغطية المصاريف الصحية بالنسبة للمأجورين وكذلك الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والتعاضديات التابعة له، ثم المؤسسات الصحية العمومية، هذه الأخيرة وكما يعرف الجميع أنها غير مؤهلة لتدبير خدمات تكون في المستوى، وغير مستعدة للإسهام في هذا المشروع، وبالتالي فالمؤسسات الصحية العمومية لا يمكن لها أن تكون منافسا لمؤسسات ومصحات وخدمات القطاع الخاص، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أزمة المؤسسات الصحية العمومية ومادام هناك ممول وحرية اختيار بالنسبة للمريض للمؤسسة والطبيب المعالج، فالمريض سوف يبحث عن أحسن مرفق صحي، أما التمويل فالموارد المالية ستتجه إلى المرافق التي ستقدم أحسن الخدمات، فمنذ سنوات كنا نتحدث عن المجانية فلا وجود لها ما دام المريض أصبح مضطرا لشراء كل شيء من إجراء تحاليل وفحوصات خارج المستشفى وأيضا شراء لوازم العملية الجراحية، هذا الوضع هو الذي يستمر. كان على الحكومة أن تهيء الجو المناسب لتطبيق هذا المشروع. هل تتوقعون رصد ميزانية كافية لتطبيق مدونة التغطية الصحية؟ يتحدث المشروع عن رصد الميزانية فيما يخص المساعدة الطبية للأشخاص المعوزين من طرف الدولة والجماعات المحلية، أما فيما يتعلق بالتأمين الإجباري علي الصحة فستكون هناك مساهمة المواطن سواء الموظف أو الأجير بنسبة 05% والمشغل سواء مؤسسة خاصة أو الدولة ب 05 % ، وهنا يظهر بأنه فيما يتعلق بالتغطية الصحية ستبقى مجرد حلم لأن الميزانية تخصص سنويا، ونتائج الميزانية المخصصة يعرفها الجميع. ما هو أالحديد الذي جاءت به المدونة؟ أهم شيء هو تمرير المشروع، ونقط القوة التي أتى بها المشروع ستظهر مع التطبيق، لأنه لا يمكن الحكم على قوانين مسطرة، لأنه كم من القوانين ذات مضمون راقي لكن لم تر النور في أرض الواقع لأن المراسيم التطبيقية لم تصدر وإن صدرت فإنها لا تطبق، وسيكون إيجابيا إذا تم صدور هذه المراسيم، وإلا سيبقى حبرا على ورق. إلى ماذا ترجؤون تأخير مشروع مدونة التغطية الصحية إلى آخر الولاية؟ مرد التأخير واضح، جاء نتيجة حسابات سياسية وانتخابية وإذا رجعنا إلى الوراء، فمنذ سنتين قبل التغيير الحكومي، كان هناك صراع بين عبد الواحد الفاسي وزير الصحة ووزير التشغيل خالد عليوة أنذاك ، حول من سيشرف على المشروع وقد طلب تحكيم الوزير الأول، وكان تشكيل لجنة ومنذ ذلك الوقت تم إقبار المشروع، فهنا تتجلى الحسابات السياسية بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، أما الاحتفاظ بالمشروع حتى النهاية فيظهر أن هناك حسابات انتخابوية صرفة من وراء إخراج المشروع إلى حيز الوجود، ثم إن الكل يعرف على مستوى جميع الأجهزة المكلفة بالمشروع صعوبة تطبيق المشروع وأن الأرضية ليست مؤهلة وغير مستعدة لتطبيق المشروع من هذا النوع، وبالتالي الحكومة لم ترد أن تقوم بواجبها وتخرج المشروع وتشرف على تنفيذه خاصة أن هناك صعوبة في التنفيذ، والمهم هو أن يتم التغلب على هذه الصعوبات وتصحح تدريجيا خلال فترة التطبيق ويمكن مراجعة بعض البنود والفصول التي لا تناسب الواقع، مع كامل الأسف هذا لم يقع فسيطر الهاجس الانتخابي والسياسي، وسنرى في الأيام المقبلة استغلالهذا المشروع، و ادعاء أن الحكومة جاءت بقانون خارق للعادة ومكسب للشعب، وإن قدر الله أن الأغبلية الحالية تكون في المعارضة سوف يستغلون كل نقط الضعف التي يعرفونها في المشروع لضرب الحكومة المقبلة، فالمشروع مهم وستكون صعوبة في تطبيقه والمسألة تتطلب نزاهة والترفع عن الذاتية والحسابات السياسية الضيقة، والتفكير في المصلحة العامة ومصلحة الشعب. كلمة أخيرة خلال تتبعي لجميع ما ينشر وما يذاع، فجميع ما يقال عن المشروع، يتبين أن هناك تهويلا واستغلالا لمشروع كان من المفروض أن يكون مشروعا اجتماعيا يمكن تجاوز جميع الحساسيات السياسية والتفكير في مصلحة المواطن، والعمل على إنجازه لمصلحة العامة ،فكان الخطاب في وسائل الإعلام لا يغني في إثراء المشروع أو تنفيذه، فليست هذه نظرة إحباط أو يأس، ولكن أؤكد مرة أخرى أنه ستكون صعوبة في تطبيقه فهذا يبين أنهم يجهلون مشاكل القطاع الصحي وما يتخبط فيه من مشاكل،ما تتطلبه مشروع من حجم مدونة التغطية الصحية، والمغرب مع كامل الأسف يبقى متخلفا عن كل الدول العربية الجارية التي سبقت المغرب في تنفيذ التغطية الصحية منذ عشر سنوات ومرحلة التطبيق هي التي تبرهن العيوب، ومع كامل الأسف يبقى الضحية الأول والأخير هو المواطن البئيس الذي لا حول له ولا قوة. حاورته خديجة عليموسى يعاني قطاع الصحة من عدة مشاكل كبيرة على عدة مستويات :منها تقادم التجهيزات الطبية بالمؤسسات العمومية وضعف تمويل الدولة لهذا القطاع مما يجعل المواطن يؤدي تكلفة العلاج، كما أن ارتفاع تكاليف العلاج يجعل الفقراء يعانون من أمراض قد تتسبب في وفاتهم، بسبب وضعيتهم المالية والاجتماعية المزرية، أو يلجؤون إلى مد أيديهم للغير لإنقاذ حياتهم، وفي آخر ولاية تشريعية لمجلس النواب تمت المصادقة على مشروع مدونة التغطية الصحية،هذا الأخير الذي يهم مجموعة من الأطراف منهم المهنيين ، التقت التجديد بالدكتور عبد القادر طرفاي: طبيب جراح بمستشفى سيدي لحسن بمدينة تمارة، وحاصل علي الإجازة في القانون ، مهتم بالقوانين الصحية، وهو كاتب عام وطني للجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فكان معه الحوار التالي: لاشك أن مشروع مدونة التغطية الصحية مشروع مهم لأنه يهم جميع المواطنين ، ما هي الدوافع التي أدت إلى التفكير فيه ؟ مشروع التغطية الصحية الذي قدمته الحكومة مؤخرا هو مشروع قديم جديد، لأن فكرة المشروع ابتدأت منذ حوالي عشرين سنة، خاصة في بداية التسعينات، وما ينبغي أن نذكر به هو أن الفكرة كانت بإيحاء من البنك الدولي نتيجة تفاقم الوضع الاجتماعي، الذي كان نتيجة تطبيق سياسة التقويم الهيكلي بالدول المتخلفة والفقيرة منها المغرب، ولما تفاقم الوضع وكثر الفقر وتفاحشت الفوارق الاجتماعية، ووقع تدني في مستوى الخدمات الاجتماعية بخصوص قطاع الصحة، كان إملاء من البنك الدولي بوضع ما يسمى بشيكات أمنية les fillets de sucureté، الذي تضم نوعا من الاهتمام بالجانب الاجتماعي سواء في ميدان التعليم أو الصحة، لكسر الضغط على القواعد الشعبية، الذي قد يسبب بعض الانفجارات، وهكذا تم الحديث عن تعميم التغطية الصحية، فكان هناك خبراء من المنظمة العالمية للصحة، بتعاون مع وزارة الصحة، فتم القيام بدراسات ووضع مقترحات في نهاية 2991، فكل النقط المهمة الواردة في المشروع كانت من مقترحات الخبراء الدوليين بداية 3991، منها ما أطلق عليها الوكالة الوطنية للتغطية الصحية، وربما أن الحكومة تتباهى بأنها من الإبداعات التي أتت بها، في حين أن الفكرة قديمة.والمعطيات لازالت كما هي تدني في مستوى الخدمات الصحية وتراجع في العديد من الميادين، ارتفاع عديد من الأمراض كانت قد تراجعت خلال الثمانينات، مثلا داء السل الذي ظهر بنسبة مهمة، وعوامل متعددة تؤدي لذلك منها الفقر وسوء السكن، والأمية، كل هذا ينعكس سلبا على الحالة الصحية للسكان خصوصا الأمهات والأطفال، في ظل هذه الأوضاع المأساوية والكارثية كان ولا بد من التفكير في وسيلة لتسهيل الولوج إلى العلاج الذي أصبح مستحيلا على بعض فئات الشعب، هذا بإيجاز بداية التفكير في المشروع، كانت هناك مشاريع طرحتها الحكومات السابقة آخرها مشروع 6991 الذي صودق عليه في مجلس حكومي ووزاري، وما طرحته الحكومة الحالية لا يختلف عنه كثيرا. هل تم إشراككم كنقابة ومهنيين في إغناء هذا المشروع بالمقترحات؟ المشروع الحالي لم تكن مشاورة مع المتدخلين في قطاع الصحة سواء نقابات أو عاملين بالقطاع أو الجامعات، خاصة في السنتين الأخيرتين، معناه أنه تم الرجوع إلى ما نتجت عنه الاجتماعات السابقة، وكان يشارك فيها آنذاك كل من النقابات وشركات التأمين وممثلين عن صندوق الضمان الاجتماعي وممثلين عن منظمات الاحتياط الاجتماعي، كانت هناك اقتراحات لتعديل المشروع الحكومي ل 6991، كان من الأولى على حكومة التناوب مادام أن هذا العمل كان جاهزا أن تقدمه في بداية عهدها، وبالتالي تشرف على تنفيذ المشروع وتطبيقه على أرض الواقع.وكانت لنا مقترحات سواء على مستوى منشورات أو بيانات أو على مستوى النشر عبر وسائل الإعلام، ولما كانت لي فرصة متابعة الموضوع منذ بداية التسعينات كانت هناك عدة مقترحات لإغناء جميع المشاريع التي تم تقديمها. في نظركم ما هي بعض نقط ضعف مشروع المدونة بعد المصادقة عليه بمجلس النواب؟ بعد دراسة لهذا المشروع يتبين أنه يتم تعميم التغطية على فئات ذات الدخل سواء كانوا موظفين أو عمال ، غير أن هناك فئات ذات دخل وتنتمي إلى قطاعات غير منظمة وأخرى كانت المناداة دائما بإدماجها في التغطيةلكن لازالت مقصية ،وإن كان المشروع يتحدث عن أنه سيأتي استقبالا قانون خاص يضمن تغطية للطلبة ولكن القانون الحالي لا ينص ولا يدقق فيها، كما أننا نجد نوعا من التمييز في الفئات، فالمشروع به قانونين، الأول مشروع قانون للتأمين الإجباري على الصحة والثاني مشروع المساعدة للفئات المحرومة، لكن هناك فئات لا تدخل ضمن المأجورين ولا موظفين مثل الفلاحين الذين يشتغلون في ضيعات صغيرة فهم ليسوا ملاكين حتى يلجؤوا إلى شركات التأمين والمشروع لم يتحدث عن هذه الفئة.وكيفما كان هذاالمشروع إلا وسوف يصطدم بواقع معروف، وأزمة قطاع الصحة ظاهرة ،لانعدام سياسة صحية متكاملة وعدم وجود استراتيجية واضحة بالقطاع الصحي. ومشروع التغطية الصحية ما هو إلا جزء صغير داخل المنظومة الصحية التي تستدعي معالجة ومراجعة شاملة لوضع استراتيجية صحية واضحة تشتمل على مراحل قصيرة الأمد ومتوسطة الأمد وطويلة الأمد، فالمهم هو تطبيق المشروع على أرض الواقع حتى تتبين نقط ضعفه وقوته، و كان على الحكومة ما دامت تأخرت في طرح المشروع كان عليها أن تهيء الأرضية لهذا المشروع حتى يتم تطبيقه وتؤهل جميع المؤسسات التي تدخل في تطبيق المشروع منها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لأنه سيؤطر المشروع ،وسيسهر على تقديم خدمات صحية، وسيشرف على تغطية المصاريف الصحية بالنسبة للمأجورين وكذلك الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والتعاضديات التابعة له، ثم المؤسسات الصحية العمومية، هذه الأخيرة وكما يعرف الجميع أنها غير مؤهلة لتدبير خدمات تكون في المستوى، وغير مستعدة للإسهام في هذا المشروع، وبالتالي فالمؤسسات الصحية العمومية لا يمكن لها أن تكون منافسا لمؤسسات ومصحات وخدمات القطاع الخاص، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أزمة المؤسسات الصحية العمومية ومادام هناك ممول وحرية اختيار بالنسبة للمريض للمؤسسة والطبيب المعالج، فالمريض سوف يبحث عن أحسن مرفق صحي، أما التمويل فالموارد المالية ستتجه إلى المرافق التي ستقدم أحسن الخدمات، فمنذ سنوات كنا نتحدث عن المجانية فلا وجود لها ما دام المريض أصبح مضطرا لشراء كل شيء من إجراء تحاليل وفحوصات خارج المستشفى وأيضا شراء لوازم العملية الجراحية، هذا الوضع هو الذي يستمر. كان على الحكومة أن تهيء الجو المناسب لتطبيق هذا المشروع. هل تتوقعون رصد ميزانية كافية لتطبيق مدونة التغطية الصحية؟ يتحدث المشروع عن رصد الميزانية فيما يخص المساعدة الطبية للأشخاص المعوزين من طرف الدولة والجماعات المحلية، أما فيما يتعلق بالتأمين الإجباري علي الصحة فستكون هناك مساهمة المواطن سواء الموظف أو الأجير بنسبة 05% والمشغل سواء مؤسسة خاصة أو الدولة ب 05 % ، وهنا يظهر بأنه فيما يتعلق بالتغطية الصحية ستبقى مجرد حلم لأن الميزانية تخصص سنويا، ونتائج الميزانية المخصصة يعرفها الجميع. ما هو أالحديد الذي جاءت به المدونة؟ أهم شيء هو تمرير المشروع، ونقط القوة التي أتى بها المشروع ستظهر مع التطبيق، لأنه لا يمكن الحكم على قوانين مسطرة، لأنه كم من القوانين ذات مضمون راقي لكن لم تر النور في أرض الواقع لأن المراسيم التطبيقية لم تصدر وإن صدرت فإنها لا تطبق، وسيكون إيجابيا إذا تم صدور هذه المراسيم، وإلا سيبقى حبرا على ورق. إلى ماذا ترجؤون تأخير مشروع مدونة التغطية الصحية إلى آخر الولاية؟ مرد التأخير واضح، جاء نتيجة حسابات سياسية وانتخابية وإذا رجعنا إلى الوراء، فمنذ سنتين قبل التغيير الحكومي، كان هناك صراع بين عبد الواحد الفاسي وزير الصحة ووزير التشغيل خالد عليوة أنذاك ، حول من سيشرف على المشروع وقد طلب تحكيم الوزير الأول، وكان تشكيل لجنة ومنذ ذلك الوقت تم إقبار المشروع، فهنا تتجلى الحسابات السياسية بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، أما الاحتفاظ بالمشروع حتى النهاية فيظهر أن هناك حسابات انتخابوية صرفة من وراء إخراج المشروع إلى حيز الوجود، ثم إن الكل يعرف على مستوى جميع الأجهزة المكلفة بالمشروع صعوبة تطبيق المشروع وأن الأرضية ليست مؤهلة وغير مستعدة لتطبيق المشروع من هذا النوع، وبالتالي الحكومة لم ترد أن تقوم بواجبها وتخرج المشروع وتشرف على تنفيذه خاصة أن هناك صعوبة في التنفيذ، والمهم هو أن يتم التغلب على هذه الصعوبات وتصحح تدريجيا خلال فترة التطبيق ويمكن مراجعة بعض البنود والفصول التي لا تناسب الواقع، مع كامل الأسف هذا لم يقع فسيطر الهاجس الانتخابي والسياسي، وسنرى في الأيام المقبلة استغلالهذا المشروع، و ادعاء أن الحكومة جاءت بقانون خارق للعادة ومكسب للشعب، وإن قدر الله أن الأغبلية الحالية تكون في المعارضة سوف يستغلون كل نقط الضعف التي يعرفونها في المشروع لضرب الحكومة المقبلة، فالمشروع مهم وستكون صعوبة في تطبيقه والمسألة تتطلب نزاهة والترفع عن الذاتية والحسابات السياسية الضيقة، والتفكير في المصلحة العامة ومصلحة الشعب. كلمة أخيرة خلال تتبعي لجميع ما ينشر وما يذاع، فجميع ما يقال عن المشروع، يتبين أن هناك تهويلا واستغلالا لمشروع كان من المفروض أن يكون مشروعا اجتماعيا يمكن تجاوز جميع الحساسيات السياسية والتفكير في مصلحة المواطن، والعمل على إنجازه لمصلحة العامة ،فكان الخطاب في وسائل الإعلام لا يغني في إثراء المشروع أو تنفيذه، فليست هذه نظرة إحباط أو يأس، ولكن أؤكد مرة أخرى أنه ستكون صعوبة في تطبيقه فهذا يبين أنهم يجهلون مشاكل القطاع الصحي وما يتخبط فيه من مشاكل،ما تتطلبه مشروع من حجم مدونة التغطية الصحية، والمغرب مع كامل الأسف يبقى متخلفا عن كل الدول العربية الجارية التي سبقت المغرب في تنفيذ التغطية الصحية منذ عشر سنوات ومرحلة التطبيق هي التي تبرهن العيوب، ومع كامل الأسف يبقى الضحية الأول والأخير هو المواطن البئيس الذي لا حول له ولا قوة. حاورته خديجة عليموسى