جدد الملك محمد السادس التأكيد على صيانة الوحدة الترابية للمملكة وعدم التفريط في أي شبر منها مشددا جلالته على الرفض المطلق لكل طرح تجزيئي يستهدف النيل من سيادة المغرب ووحدته الترابية المقدسة " في خطاب وجهه يوم الثلاثاء إلى الأمة بمناسبة عيد العرش الذي يصادف الذكرى الثالثة لاعتلاء جلالته العرش "وكما أكدنا ذلك للعالم أجمع أثناء زيارتنا المباركة لمدينة العيون فإننا نجدد الإعلان عن عزمنا الراسخ على صيانة وحدتنا الترابية وعدم التفريط في أي شبر منها" وأضاف أن للمغرب مثله مثل سائر الدول حقوقا ثابتة ومصالح حيوية لا يمكنه التفريط فيها أو التساهل بشأنها مهما كلفه ذلك من تضحيات وفي مقدمتها الحفاظ على سيادة الوطن وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة وفي إطار احترام الشرعية الدولية . وأكد جلالة الملك أن المغرب الذي حرص على الدوام على أن يكون بلدا مستكملا لوحدته الترابية وعضوا فاعلا في محيطه الجهوي والدولي مجسدا لفضائل السلم والتعاون وحسن الجوار في إطار الاحترام المتبادل يرفض ما قامت به الحكومة الإسبانية من اعتداء عسكري على جزيرة تورة التي تؤكد الحقائق التاريخية والجغرافية والمستندات القانونية أنها ظلت دوما جزءا من التراب الوطني تابعا لسيادة المملكة المغربية. وقال صاحب الجلالة بهذا الخصوص وبقدر تشبثنا برجوع الوضع في هذه الجزيرة المغربية إلى ما كان عليه ورفضنا للتصعيد وفرض الأمر الواقع بالقوة فإننا حريصون على ضمان السلم والاستقرار وحسن الجوار في منطقة جبل طارق الاستراتيجية. لذلك ننتظر من إسبانيا توضيح نوع العلاقة التي تريد إقامتها مع المغرب بما يستلزمه التطور الذي يعرفه بلدانا وتقتضيه متطلبات الرهانات الحيوية الحالية والمستقبلية لعلاقاتهما"وذكر جلالته في هذا السياق بمطالبة المغرب منذ استقلاله بإنهاء الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية والجزر المجاورة المغتصبة في شمال المملكة سالكا في ذلك سبيل التبصر والنهج السلمي الحضاري الذي يجسده الاقتراح الحكيم لجلالة الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه بإنشاء خلية مشتركة مغربية إسبانية للتفكير والتأمل لإيجاد حل لمشكل هذه المناطق المحتلة. وفي معرض تطرق جلالة الملك إلى التأهيل الاقتصادي للمملكة أكد جلالته أن الديمقراطية ستظل هشة ما لم يتم تعزيزها بتنمية اقتصادية وتضامن اجتماعي مشيرا إلى أن المغرب يعاني " معضلة عدم الإنتاج وخلق الثروات وسوء توزيعها اجتماعيا . وهذا ما يحتم علينا خوض معركة الإنتاج وحفز الاستثمار بهدف تأهيل اقتصادنا الوطني وتقوية إنتاجيته ومردوديته. وشدد جلالة الملك أن هذا يقتضي نهج سياسة اقتصادية ومالية متنافسة ذات منظور واضح وأسبقيات محددة في برامج تعاقدية بين السلطات العمومية والقطاع الخاص مع مواصلة نهوض صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بدور الرافعة القوية في هذا المجال . وأكد صاحب الجلالة أن من شأن الإسراع بتأهيل الاقتصاد الوطني وتحويله من اقتصاد ريعي انتظاري إلى اقتصاد السوق أن يجعل المغرب يكسب رهان اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوربي والولاياتالمتحدةالأمريكية ودول جنوب المتوسط الموقعة على إعلان أكادير، ويدعم دوره كقطب محوري لمبادلات القارات الثلاث. وبخصوص اتحاد المغرب العربي أشار صاحب الجلالة إلى أن المغرب كان يأمل أن يؤدي بناء هذا الاتحاد إلى الالتزام بمنطوق وروح معاهدة مراكش . وفي مقدمتها احترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية لأعضائه غير أن الواقع المر -يقول صاحب الجلالة - يدلنا على أن موقف اللبس قد انكشف على حقيقته في الاتجاه السلبي المتبني جهارا لتمزيق الوحدة الترابية للمملكة المغربية في الجنوب وتأييد الاعتداء على التراب الوطني في ثغوره الشمالية. وقال جلالته " إن تفعيل الاتحاد المغاربي لن يتأتى إلا بتجاوز الاختلافات والمواقف المتعارضة ونبذ التآمر والتجزئة والخذلان وتحقيق الانسجام في الرؤى والوضوح في الأهداف واحترام الثوابت وسيادة روح الإخاء والثقة والتضامن والتشبع بروح الوحدة والحكمة والتوافق وانتهاج التدرج والعقلانية في توظيف الطاقات المشتركة لتحقيق تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية مؤكدا استعداد المغرب "للحوار البناء والعمل الجدي مع كل أشقائه من أجل بناء الاتحاد المغاربي الذي نعتبره خيارا استراتيجيا لامحيد عنه". وفي ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط ذكر صاحب الجلالة بانشغال المملكة بالأوضاع المتفجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبجهودها المتواصلة من أجل إحلال السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة. كما ذكر بتبني المغرب إلى جانب أشقائه العرب خلال قمة بيروت مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي " تلك المبادرة التي أكدت أسس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والحق المشروع للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولة وطنية مستقلة تتمتع بكل مقومات الاستمرار وتكون عاصمتها القدس الشريف"وفي معرض تناوله لموضوع الإرهاب ذكر صاحب الجلالة أن المغرب كان في طليعة الدول التي أدانت بشدة اعتداءات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت الولاياتالمتحدةالأمريكية انطلاقا من كون المغرب البلد المتشبع بقيم الحرية والديمقراطية والسلام والتسامح والتعايش قبل وقوع تلك الأحداث الآثمة وسقوط جدار برلين وانهيار دكتاتورية الحزب الوحيد .وأكد جلالته أن المغرب الحريص على انفتاحه واستمراره ملتقى لتفاعل الحضارات سيتصدى بقوة القانون لكل محاولة للمس باستقراره" كما سنوطد بالمزيد من ترسيخ الديمقراطية وإنجاز التنمية سلامة النسيج الاجتماعي والسياسي الوطني الذي نعتز بمناعته ضد كل أشكال التطرف أوالعنف أو الإرهاب. وفي معرض جلالته عن أوضاع المرأة قال جلالته:" كما أولينا اهتماما خاصا لقضية النهوض بأوضاع المرأة في مختلف مجالات تدبير الشان العام محددين أجلا لا يتعدى نهاية هذه السنة للجنة المكلفة لاقتراح مشروع مدونة جديدة للأحوال الشخصية يراعي مقاصد شريعتنا السمحة والتزاماتنا الدولية في هذا الشأن.