حاولت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" يوم الأربعاء 26 نونبر 2014 في فيينا تخطي انقساماتها عشية أهم اجتماعاتها منذ سنين، في حين تعارض خفضا محتملا لإنتاجها من النفط لوقف تدهور أسعار الذهب الأسود. وصرح وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة لدى وصوله إلى فيينا أن السوق النفطية تسجل فائضا في التموين، مؤكدا أن الوضع سيتفاقم العام المقبل ويترتب على منظمة الدول المصدرة للنفط أن تعالج المسالة بمساعدة من الدول المنتجة غير الأعضاء في اوبك. وقال زنقانة إن "جميع الخبراء يعتقدون أن هناك فائضاً في العرض في السوق النفطية، وأن الفائض سيزداد العام المقبل". وقد تدهورت أسعار النفط الخام بنسبة تزيد على 30%، منذ الربيع، وسجلت أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات بسبب الاختلال المتنامي بين العرض والطلب. فمن جهة زاد الانتاج العالمي مع ارتفاع العرض الأميركي للنفط بفضل ازدهار استغلال الموارد غير التقليدية مثل النفط الصخري. ومن جهة أخرى فان التوقعات بشأن زيادة الطلب العالمي على الذهب الأسود تشير بعد مراجعتها إلى انخفاض هذا الطلب في الأشهر الاخيرة. وفي هذا السياق دعا زنقانة اوبك الى "اتخاذ قرار لمراقبة السوق" معربا عن امله "في مساهمة دول منتجة اخرى من خارج اوبك". وكان أعلن "علينا ان نتناقش ونقابل وجهات نظرنا ونتخذ قرارا لضبط السوق". واضاف انه "من اجل التعامل مع هذا الوضع يجب ان نحصل على مساهمة من الدول المنتجة من خارج اوبك". وإن لم يتقرر أي تخفيض منسق للإنتاج أثناء هذه المحادثات الرباعية فإن الدول الأربع اتفقت على الاجتماع مجددا في فبراير. واعلنت شركة روسنفت الروسية العامة عن خفض رمزي لإنتاجها (25 الف برميل في اليوم فقط)، ما يعتبر نقطة في بحر بالنسبة لروسيا التي تنتج قرابة 11 مليون برميل في اليوم. لكن أوبك تبقى منقسمة حول الموقف الواجب اعتماده لمواجهة انخفاض الأسعار. وسيعيد وزراء الدول الاثنتي عشرة الأعضاء في اوبك الخميس في فيينا النظر في سقف انتاجهم الجماعي المجمد منذ ثلاث سنوات عند 30 مليون برميل في اليوم، أي نحو ثلث النفط الخام المستخرج يوميا في العالم. وتباحث زنقانة بعيد الظهر مع نظيره السعودي علي النعيمي المعارض لأي خفض في الإنتاج. وقال للصحافيين "لقد أجرينا محادثات جيدة" و"لم نتحدث فقط عن خفض (محتمل لسقف الانتاج)، وانما ايضا عن الوضع العام في السوق ومواقفنا متقاربة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المشاورات بين الوزراء ستتواصل. ومساء الأربعاء أعلن النعيمي ايضا "أثق في ان اوبك قادرة على اتخاذ قرار بطريقة موحدة"، من دون ان يحدد ما هو اتجاه هذه القرار. وقال إن دول مجلس التعاون الخليجي (الذي يضم السعودية والامارات والكويت وقطر، وهذه الدول الاربع اعضاء في اوبك) تبنت موقفا مشتركا قبل اجتماع اوبك، من دون تعليقات اضافية. من جهته، قال وزير الطاقة الجزائري يوسف اليوسفي مساء الاربعاء أن أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) الذي سيجتمعون الخميس في فيينا لمراجعة سقف الانتاج، سيبحثون عن "حل توافقي" لمواجهة تدهور أسعار النفط. وصرح الوزير للصحافيين لدى وصوله الى العاصمة النمساوية "نعمل على إيجاد حل توافقي ومستقر يحمل التصحيحات الضرورية (أمام) الخلل في الأسواق". وأضاف اليوسفي "نعتقد أن الوضع الحالي مضر للدول المصدرة للنفط سواء الاعضاء في اوبك او من خارج اوبك، وللصناعة النفطية عموما، وكذلك بالنسبة الى المستهلكين في المستقبل". لكن بشكل ملموس، فإن المملكة العربية السعودية لا تغير مواقفها. وصرح علي النعيمي صباحا ملمحا إلى لأنه سيدافع عن الإبقاء على سقف إنتاج أوبك على حاله. من جهته أعرب وزير الخارجية الفنزويلي رافائيل راميريز الذي تباحث على انفراد مع زنقانة، عن قناعته بأن اوبك ستقوم "بما هو أفضل لأعضائها". وعلق المحللون في مصرف كومرزبنك بالقول إنه نظرا الى هذه التصريحات "لم يعد هناك الكثير من الفرص ليتقرر خفض للانتاج اثناء اجتماع اوبك". وفي غياب التفاهم حول تدبير كهذا يرى هؤلاء المحللون ان اوبك التي يتجاوز انتاجها بوضوح هذا السقف، قد تتعهد على الاقل بتطبيقه بانضباط اكبر، موضحين ان تصريحات الوزير السعودي "تعزز رأينا بان اوبك ستكتفي فقط باحترام افضل لسقفها الحالي". وفي أكتوبر انتجت أوبك 30,6 مليون برميل في اليوم في الاجمال، بحسب ارقام وكالة الطاقة الدولية، و30,3 مليون برميل يوميا بحسب تقديرات اخرى نقلها الكارتل.