استغرب عبد الحق العربي دعوة النقابات إلى الإضراب العام في اليوم الذي عقد فيه المجلس الوزاري (14 أكتوبر 2014) حيث تناقش في هذا الاجتماع توجهات قانون المالية. كما أكد أن الحكومة لم تغلق باب الحوار مع النقايات. ودعا مستشار رئيس الحكومة المكلف بالملف الاجتماعي، النقابات إلى تحمل مسؤولياتها في الاصلاح الذي يهدف إلى إنقاذ جميع أنظمة التقاعد وتحقيق المساواة والعدل و الإنصاف بين جميع العمال والمستخدمين والموظفين بمختلق القطاعات. وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه الزميل محمد لغروس . كيف تلقيتم خبر إعلان النقابات عن الإضراب العام المرتقب نهاية الشهر الجاري وسياق خروجه؟ بداية لا بد من الإشارة إلى أن الإضراب حق دستوري ومن حق النقابات الدعوة إليه للدفاع عن حقوق العمال والمستخدمين والموظفين. لكن هذا لا يمنع من مناقشة القرار وحيثياته وظرفيته. في هذا الإطار لابد من تقديم الملاحظات التالية؛ أولا جاءت الدعوة للإضراب بدعوى إغلاق باب الحوار علما أن آخر اجتماع مع النقابات كان في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد يوم 16 يونيو 2014. كما أن الحكومة قبل ذلك عقدت دورة أبريل من سنة 2014. وفي ما يخص دورة شتنبر-أكتوبرالحالية، فهي تكون عادة لمناقشة توجهات قانون المالية والذي لم يعرض على المجلس الوزاري إلا يوم 14 أكتوبر أي يوم الإعلان عن تاريخ الإضراب وهو بمثابة استباق من جانب النقابات نحو التصعيد. تأتي أيضا الدعوة للإضراب في الوقت الذي لا زال فيه المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، والذي به تمثيلية معتبرة لمختلف المركزيات النقابية، لم يدل برأيه في إصلاح التقاعد، حيث طلب المجلس مدة إضافية لتقديم رأيه الذي كان من المفترض تقديمه نهاية شتنبر و كانت الحكومة عازمة على فتح الحور مع النقابات بعد التوصل به، لكن النقابات مرة أخرى تستبق الأحداث وتعلن عن تاريخ الإضراب حتى قبل معرفة رأي المجلس. ماذا عن الحيثيات التي بنت عليها النقابات الثلاث دعوتها للإرهاب وعلى رأسها استفراد الحكومة بإصلاح أنظمة المعاشات المدنية؟ في ما يخص دواعي الإضراب، وعلى عكس ما تروجه النقابات الداعية له، فإن باب الحوار لم يغلق أبدا بل إن الحكومة التزمت بتنفيذ أهم بنود اتفاق 26 أبريل 2011 رغم التكلفة الباهظة له ورغم الظرفية الاقتصادية الصعبة. والأكثر من ذلك أن الحكومة رفعت من الحد الأدنى للأجور بالقطاع العمومي ليصل إلى 3000 درهم واتخذت الزيادة في الحد الأدنى للأجر رغم المعارضة الشديدة لأرباب المقاولات. ناهيك عن "التعويض عن فقدان الشغل" الذي ظل مجمدا لسنوات طويلة بالإضافة إلى العديد من القرارات التي تهم الحد الأدنى من المعاشات وكذا ما يعرف بمسألة شرط 3240 يوم للحصول على المعاش بالقطاع الخاص. أما ما يتعلق بإصلاح نظام المعاشات المدنية، فإن النقابات وهي ترفض المقترح الحكومي، والذي لا زال لحد الآن مقترح لم يتم الحسم فيه من قبل الحكومة في صيغته النهائية، فإن النقابات الداعية للإضراب عبرت عن رفضه مطلقا، بل ترفض حتى مناقشته ولم تقدم أي تصور بديل لمعالجة الاختلالات التي أصبحت تهدد مستقبل الموظفين الحاليين وخاصة الأجيال التي ستحال على المعاش بعد 2021. بل ظلت تردد نفس شعاراتها منذ 10 سنوات. ثم إن النقابات الداعية للإضراب وهي ترفض إصلاح نظام المعاشات المدنية وتمارس الهروب إلى الأمام بدعوى ضرورة الإصلاح الشامل، وهي بذلك تتنصل من مسؤولياتها التاريخية أمام الأجيال المقبلة وتكتفي بالدفاع عن فئة محدودة من الموظفين المقبلين على التقاعد في السنوات القليلة المقبلة، وهي بذلك تعبر عن تخوفها من فقدان شعبيتها ومن تم الاستعداد المبكر للاستحقاقات الانتخابية ل 2015 ليس إلا. لكن النقابات تتحدث عن إجراءات حكومية تهدد مستقبل الموظفين؟ إن الموضوع الرئيسي الذي تحرك به النقابات دعوتها لإضراب عام، هو الإصلاح المقياسي لأنظمة المعاشات المدنية علما أن المعنيين بهذا الموضوع حوالي 660 ألف موظف، منهم عدد هام لن يستفيدوا من المعاش قبل 2021. فكيف تدعو النقابات إلى إضراب عام يهم جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، فهل هي دعوة لتضامن وطني مع بعض الموظفين وضد مصلحة أجيال من المتضررين من عدم الإصلاح -لا قدر الله-. ثم كيف تدافع النقابات عن عدم المس بجزء يسير من أجر و معاش المستفيدين من أنظمة التقاعد، وهي تعرف أن هناك مستخدمون عموميون تمت دعوتهم لخوض الإضراب ينخرطون في صناديق تمكن منخرطيها من الاستفادة من معاشات لا تتجاوز حتى نصف ما يتقاضاه نظرائهم من نظام المعاشات المدنية .؟ ومن الغريب أيضا أن تدعو النقابات عمال القطاع الخاص للتضامن مع "الموظفين" ،الذين تعتبر أن معاشاتهم ستعرف بعض التراجع، وهي تعلم أن هؤلاء يتقاضون ما بين 1000 و4200 درهم كمعاش من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أمام من قد يفوق معاشه آخر أجرة كان يتقاضاها قبل مغادرته للوظيفة. أخيرا إن موضوع إصلاح نظام المعاشات المدنية ليس موضوع مزايدات سياسية ولا نقابية ولا انتخابية، هو موضوع يتعلق بمصلحة الموظف ومصلحة البلاد، و نأمل أن تتحمل النقابات مسؤولياتها بكل جرأة و شجاعة في هذا الإصلاح الذي هو لبنه أساسية للإصلاح الشامل الذي يهدف لإنقاذ جميع أنظمة التقاعد وتحقيق المساواة والعدل و الإنصاف بين جميع العمال والمستخدمين والموظفين بمختلق القطاعات.