نشرت جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 10 أبريل 2003 مقالا في الصفحة 7 تحت عنوان: "الإصلاح يبدأ من مؤسسات الشباب"، قدمت فيه كاتب الدولة "محمد لكحص" في صورة عمر بن الخطاب، حيث أنه، كما قال صاحب المقال الذي لاشك أنه حرر في مكتب ديوان الوزير وربما بأجهزته بالحرف: "في سابقة شجاعة لم تشهدها وزارة الشبيبة والرياضة على مر تاريخ المغرب المعاصر، ولم تسجل لأي وزير سابق، رغم كل ما نسمعه من فوضى وسوء التسيير والتدبير والمحسوبية واللامبالاة التي تعرفها بعض أقسام الوزارة، والتي سبق أن أشارت لبعضها وسائل الإعلام، أقدمت كتابة الدولة المكلفة بالشباب على إعفاء أصحاب المسؤوليات التالية من مهامهم"، ثم ذكر المقال المناصب التي تم إقالة أصحابها. وذكر أيضا أن "المفتشية العامة قامت بتحرياتها، فتمكنت من ضبط ورصد العديد من التصرفات ذات الصبغة الجنائية بالنسبة لهؤلاء المسؤولين، وأخرى لها طابع جنحي بالنسبة للبعض الآخر، ومخالفات ذات صبغة إدارية"، كما أشار المقال إلى أن نفس التحريات كشفت عن إلحاق بعض الموظفين الأشباح، من بينهم زوجات بعض المدراء المركزيين وبعض رؤساء الأقسام، وتساءل صاحب المقال عما سيكون عليه الحال لو تم تعميم هذا "الفتح العمري"، أي "لو أن كل وزارة شكلت لجنة ذات حس وطني وضمير مهني، وكلفتها بالبحث في ما يحدث بالوزارة من مخالفات وجنايات، خاصة في الوقت الذي تتحدث كل مؤسسات الدولة ورجالاتها عن الإصلاح والعدل وحقوق الإنسان". وإلى هنا لا يمكن للمرء إلا أن يتفق مع "هادن الصغير"، كاتب المقال، ويتساءل في نفس الوقت لماذا لا يعمل رفاق "الكحص" في الحكومة، ومنهم وزراء اتحاديون بهذه "المنهجية العمرية". كما لا يمكن للمرء إلا أن يدعو إلى إحالة كل من ثبتت عليه خيانة الأمانة العامة على القضاء، بدل مجرد التلويح بذلك، كما جاء في المقال، ربما تخويفا للمعنيين وضغطا عليهم من أجل الصمت على الوجه الآخر من العملية. والوجه الآخر هو هذه الكلمات التي تتردد في دهاليز الوزارة المنتدبة لدى وزير التربية الوطنية المكلفة بالشباب: المحسوبية ثم المحسوبية، والزبونية الحزبية والنقابية، والانتقام وتصفية الحسابات، وهي الآفات التي نخرت جسد الإدارة المغربية وأفرغتها من الكفاءات، حيث يتم تقريب الموالين والمحزبين، ولو كانوا قليلي الكفاءة أو انعدمت فيهم شروط المروءة، بل حتى لو كانت لدى البعض منهم سوابق في استغلال موارد الوزارات والتلاعب بمنشآتها، بل حتى ولو كانوا من الأميين. التعيينات الأخيرة التي شهدتها مندوبيات الوزارة في عدة مدن، مثل المحمدية والصخيرات وإفران ومكناس الإسماعيلية، وكذا مجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة، وأيضا التعيينات التي تمت على المستوى المركزي، والتي مست بعض الأقسام ورؤساء المصالح، مثل قسم الشؤون النسوية بالوزارة وبعض المصالح التابعة له، وقسم الشباب وبعض المصالح التابعة له، مثل مصلحة دور الشباب ومصلحة حماية الطفولة، وبعضهم (بعضهن) صاحب حقيبتين بالمعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة، في حين الآخر فضل امتيازاته الحالية على منصب رئيس قسم التجهيز والمعدات الذي عرض عليه... هذه التعيينات كلها خضعت لمنطق الحزبية والزبونية والمحسوبية، إذ أن أصحاب هذه المناصب "مناضلون" بالاتحاد الاشتراكي وبنقابة الفيدرالية الديموقراطية للشغل، وهو ما دفع ببعض المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان المغرب أصبح فقط للاتحاديين، وعما إذا كان الشرط الوحيد للكفاءة والأمانة هو أن تكون اتحاديا، بل أن تكون اتحاديا من المقربين من كاتب الدولة "محمد لكحص". أما عن الامتيازات فحدث ولا حرج، فعلاوة على الرواتب العالية، يتحدث العارفون عن الامتيازات التي تم إغداقها على رفاقه في الديوان مثل سيارتين لمدير الديوان، وسيارة لكل عضو بالديوان، وبطاقة ركوب في القطار (الدرجة الأولى) قيمة كل واحدة منها 1200 درهم، وتعويضات كيلومترية شهرية بمبلغ 2000 درهم، وتعويضات جزافية شهرية حسب التراتب (رئيس الديوان 2500 درهم، و2000 درهم للأعضاء الآخرين)، بالإضافة إلى تجهيز مسكن رئيس الديوان بخط هاتفي من ميزانية الإدارة، وكميات غير محدودة من شبكات البنزين. كان من الممكن أن نصفق لهذه الخطوة لو كانت خطوة تطهيرية حقيقية لرد الأمور إلى نصابها.. لكن أن نستبدل فسادا، إذا صحت الدعوى، بفساد آخر، فذلك ما لا يمكن أن ينطلي على أحد، ويحتاج إلى تدخل من الوزير الأول لإعادة الأمر إلى نصابه.