فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المثلية" جريمة إنسانية، واستهزاء بآيات الله ودينه!
نشر في التجديد يوم 25 - 05 - 2014

إننا أمام واقع إنساني غريب، اختلطت فيه الأمور والتبس فيه الحق بالباطل، وقلبت فيه الحقائق، وشاعت فيه الرذيلة وقلت فيه الفضيلة، وديست فيه الكرامة، وغيرت فيه الفطرة.
فهل يا ترى فقدت البشرية رشدها، فأصبحنا لا نرى إلا عربدة السفهاء، ولا نسمع إلا خنا الجواري والولدان؟
أم هل يا ترى جن جنونها فلا نرى إلا أفعال المجانين؟ ولا نسمع إلا هذيان المخبولين؟
إن مما يشيب له الولدان ويقظ مضاجع العقلاء، ما يريد بعض السفهاء من الناس فرضه في الهيئات الدولية على العالمين تحت شعار الحرية وحقوق الإنسان، مما يسمى بالمثلية الجنسية، بذريعة كونها تدخل في الحرية التي يكفلها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وكونها تنسجم مع روحه وتقتضيها مبادئه.
فتحايلوا على الناس وغيروا أصل تسمية هذه الفاحشة، الذي هو الشذوذ الخبيث أو اللواط والسحاق، ليكون ذلك داعيا إلى تقبلها وعدم رفضها، وأضفوا عليها صفة الإنسانية، فقدموها للناس على أنها من الحقوق التي يحق للإفراد أن يتمتعوا بها بكل حرية من غير تضييق ولا حرج، فوصفوها ب"المثلية" تخفيفا لوقعها في النفوس.
أصل التسمية:
اللواط يعني إتيان الذكور، لم يكن معروفا في أمة من الأمم قبل قوم لوط عليه السلام، الذين كانوا يمارسون نوعاً من الشذوذ لم تعرفه البشرية قبلهم، فأرسل الله إليهم نبيه لوطا عليه السلام، فنصحهم بأن يقلعوا عن ممارسة هذا الشذوذ وأنذرهم بطش الله وعقابه، لكنهم كذبوه وأنكروا نبوته ورسالته، وتمادوا في شذوذهم وغيهم حتى وقع عليهم ما أنذرهم به من العذاب، فلم ينج منهم إلا لوط ومن آمن معه، و هم لا يتعدون عدد أفراد الأسرة الواحدة إلا أن امرأة لوط كانت الهالكين.
وقد جاء في العهد القديم أن المنطقة التي أقام فيها لوط عليه السلام هي سدوم في منطقة البحر الميت، وقد كشفت الأبحاث أن الدمار قد لحق بها تماماً كما جاء في القرآن الكريم.
قال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى، أي على لسان لوط عليه السلام موبخا لهم: »ما سبقكم بها من أحد من العالمين« (سورة الأعراف: (80من لاستغراق الجنس ، أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط ، والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم ، والصدق ما ورد به القرآن .
قال: وحكى النقاش أن إبليس كان أصل عملهم بأن دعاهم إلى نفسه لعنه الله ، فكان ينكح بعضهم بعضا.
وقال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي، باني جامع دمشق : لولا أن الله ، عز وجل ، قص علينا خبر لوط ، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا .
ولكونهم هم المبتدعين لها اشتق العرب لها اسما من لوط فقالوا لاط به لواطة. ((1
اللواط من أقبح الجرائم وأفحشها:
وصف القرآن الكريم هذه الجريمة التي لم تعرف في العالمين من قبل قوم لوط، فذكرها باسم الفاحشة ليبين أنها زنى فقال تعالى على لسان لوط عليه السلام:« أتأتون الفاحشة » (سورة الأعراف: (80،كقول تعالى في الزنى :»ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ) «سورة الإسراء:32).
والفاحشة في اللغة العربية: القبيح الشنيع من قولٍ أو فعل ، قال تعالى:« قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفواحشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» (سورة الأعراف:(33، وقال عزوجل كذلك: « والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم» (أل عمران:(135، وكل شيء جاوز حده فهو فَاحش.
وإذا كان الإسلام يعتبر هذه الجريمة فاحشة، فذلك لأنها من أشنع الأفعال التي يتورع عنها حتى الحيوان، إلا أخسها وهما الخنزير والحمار، قال القرطبي : قال محمد بن سيرين،أي من التابعين : ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.
وتظهر شدة قبحه وفظاعته في عاقبة هؤلاء القوم الذين ابتدعوه، حيث خسف الله بهم الأرض، والخسف من أشد العذاب الذي يدل على عظم الذنب، بل عاقبهم بما لم يعاقب به أمة من الأمم، وجمع عليهم من أنواع العذاب ما لم يجمعه على غيرهم، لشدة قبحه وشناعته، فهو بهذا أفظع من الزنى.
قال الله تعالى في سورة الحجر:« فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ، فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ » (74-73).
وقد أورد الله تعالى قصتهم في عدة مواطن من كتابه العزيز لتكون عبرة يعتبر بها أصحاب النفوس الضعيفة تهويلا لهم، حتى يستشعروا قبح هذه الفاحشة فلا تسول لهم أنفسهم الوقوع فيها.
ومن هنا نعلم أن موقف الإسلام من هذه الجرم هو موقف صارم، فإن جرمه عند جميع أهل الإسلام أعظم من جرم الزنا، حيث يعتبرها من أعظم الفواحش وأقبحها، والتي لا تناسبها إلا أشد العقوبات، زجرا لمن يفكر فيها، وصيانة للمجتمع من آثارها وعواقبها الوخيمة التي تتمثل في الانحلال الأخلاقي الذي يؤدي إلى الهلاك والدمار.
روى ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» : إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ».
علة فظاعتها وتحريمها والتحذير منها:
1– مخالفتها للفطرة التي خلق الله عليها الخلق:
حيث أن الخالق الحكيم جعل السنة في هذا الكون التناسل والتوالد والتكاثر، وخلق لذلك طريقا واحدا فطر عليه جميع المخلوقات، من الكائنات الحية في البر البحر، فجعل من كل الكائنات الذكر والأنثى لتحقيق هذا المقصد و تثبيت هذه السنة، من أجل البقاء وضمان استمرار جميع أنواع المخلوقات.
فالزوجية قاعدة كونية عامة، قال الله تعالى تأكيدا لها:« ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون » )سورة الذاريات:49).
فالمراد بالزوج : الذكر والأنثى، وتثنية زوج هنا ؛ لأنه أريد به ما يزوج من ذكر وأنثى.
فالله تبارك وتعالى ، خلق لكل ما خلق من خلقه ثانيا له مخالفا في معناه ، فكل واحد منهما زوج للآخر ، ولذلك قيل : خلقنا زوجين.
وفي هذ المعنى قال مجاهد في معنى "زوجين" : الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والإنس والجن. (2)
وهذا استدلال على الكافرين بعظمة الخالق وقدرته وتنبيه لهم ولغيرهم إلى حكمته وحسن تدبيره في الخلق، حيث استدل بذلك بخلق يشاهدون كيفياته وأطواره كلما لفتوا أبصارهم، وقدحوا أفكارهم، وهو خلق الذكر والأنثى ليكون منهما إنشاء خلق جديد يخالف ما سلفه، (3) لتتكاثر الأنواع ويستمر نسلها ولا ينقطع.
وقد وصف الحق سبحانه عمل قوم لوط بالإتيان كناية عن الاستمتاع الذي عهد بمقتضى الفطرة بين الزوجين والذي تدعو إليه الشهوة ويقصد به النسل في قوله تعالى:"(إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ((سورة الأعراف: (80، لكنه علله هنا بالشهوة وتجنب النساء فبين بذلك خروجهم (اللوطيين) عن مقتضى الفطرة، وما اشتملت عليه هذه الغريزة من الحكمة التي يقصدها الإنسان العاقل والحيوان الأعجم.
فسجل عليهم بابتغاء الشهوة وحدها أنهم أخس من العجماوات وأضل سبيلا ، فإن ذكورها تطلب إناثها بسائق الشهوة لأجل النسل الذي يحفظ به نوع كل منها . . .
(1) وهؤلاء المجرمون لا غرض لهم إلا إرضاء حس الشهوة وقضاء وطر اللذة.
في إنكار الله تعالى على قوم لوط إتيان الذكران، مخالفين جميع العالمين من الأنواع التي فيها ذكور وإناث حيث لا يوجد فيها ما يأتي الذكور، تنبيه على أن هذا الفعل الفظيع مخالف للفطرة لا يقع حتى من الحيوان الأعجم كما سبق.
من كيد الشيطان ومن أعظم الضلال والغي، وتبديل الدين: -2
لا شك أن هذا العمل عمل من كيد الشيطان وإفساده، لتغيير سنة الخلق والتكوين، قال تعالى حكاية عنه:
« وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ »(سورة النساء /(119.
قال ابن قيم الجوزية:« ومن أبلغ كيد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور، انه يمني أحدهم أنه إنما يحب ذلك الأمرد، أو تلك المرأة الأجنبية لله تعالى، لا للفاحشة، ويأمره بمواخاته.
وهذا من جنس المخادنة، بل هو مخادنة باطنة،...، فيظهرون للناس أن محبتهم تلك الصورلله تعالى، ويبطنون اتخاذها أخدانا، يتلذذون بها فعلا، أو تقبيلا، أو تمتعا بمجرد النظر والمخادنة، والمعاشرة، واعتقادهم أن هذا لله، وأنه قربة وطاعة، وهذا من أعظم الضلال والغي، وتبديل الدين، حيث جعلوا ما كرهه الله سبحانه محبوبا له، وذلك نوع من الشرك، والمحبوب المتخذ من دون الله طاغوت،...
ثم قد يشتد بينهما الإتصال حتى يسمونه زواجا، ويقولون: تزوج فلان بفلان، كما يفعله المستهزئون بآيات الله تعالى ودينه من مجان الفسقة، ويقرهم الحاضرون على ذلك، ويضحكون منه، ويعجبهم مثل ذلك المزاح والنكاح، وربما يقول بعض زنادقة هؤلاء: الأمرد حبيب الله، والملتحي عدو الله، وربما اعتقد كثير من المردان أن هذا صحيح، وأنه المراد بقوله:«إذا أحب الله العبد نادى: يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه – الحديث»، وأنه توضع له المحبة في الأرض، فيعجبه أن يحب، ويفتخر بذلك بين الناس، ويعجبه أن يقال: هو معشوق، أو حظوة البلد، وأن الناس يتغايرون على محبته، ونحو ذلك.
وقد آل الأمر بكثير من هؤلاء إلى ترجيح وطء المردان على نكاح النسوان، وقالوا: هو أسلم من الحبل والولادة ومؤنة النكاح، والشكوى إلى القاضي، وفرض النفقة، والحبس على الحقوق.
وربما قال بعضهم: إن جماع النساء يأخذ من القوة أكثر مما يأخذ جماع الصبيان، لأن الفرج يجذب من القوة والماء أكثر مما يجذب المحل الآخر بحكم الطبيعة. (4)
3 – عمل قوم لوط يجمع بين الإسراف والجهل والسفه والطيش وسوء الخلق وانعدام الحياء:
قال تعالى موبخا قوم لوط على لسان نبيه لوط عليه السلام (سورة الأعراف:81):
- ( بل أنتم قوم مسرفون): أي لستم تأتون هذه الفاحشة المرة بعد المرة بعد ندم وتوبة عقب كل مرة ، بل أنتم مسرفون فيها وفي سائر أعمالكم لا تقفون عند حد الاعتدال في عمل من الأعمال.
- وفي سورة الشعراء ( 26 ): (بل أنتم قوم عادون): أي متجاوزون لحدود الفطرة وحدود الشريعة ، فهو بمعنى الإسراف.
- وفي سورة النمل( 55 ) : (بل أنتم قوم تجهلون): وهو يشمل الجهل الذي هو ضد العلم ، والجهل الذي هو بمعنى السفه والطيش .
ومجموع الآيات يدل على أنهم كانوا مرزئين (والرزيئة: المصيبة) بفساد العقل والنفس ، بجمعهم بين الإسراف والعدوان والجهل ، فلا هم يعقلون ضرر هذه الفاحشة في الجناية على النسل وعلى الصحة وعلى الفضيلة والآداب العامة ولا غيرها من منكراتهم - فيجتنبوها أو يجتنبوا الإسراف فيها - ولا هم على شيء من الحياء وحسن الخلق يصرفهم عن ذلك. (1)
والله سبحانه وتعالى حذر من جميع هذه الصفات، وجعلها من صفات أعدائه، وأنه يبغضها ولا يحبها، فهي صفات توجب العذاب للمصر عليها، ما لم يتدارك الجهل بالعلم والسفه بالعفاف والحشمة والطهارة والأدب والرزانة والوقار، و يتدارك الطيش بالإدراك والتعقل، والعدوان بالتوبة والاستغفار.
"المثلية" تتنافى مع كرامة الإنسان:
إن اتصاف المثليين بهذه الصفات الجامعة لمعاني الخسة والدناءة، من جهل وإسراف وسفه وطيش وتعد لحدود الفطرة الكونية والإنسانية، إنما يدل على زيغهم عن الحق وسلوكهم سبيل الغواية والفساد، بعيدا عن الرشد والصلاح اللذان هما أساس بناء المجتمع وصلاحه.
فهذه الصفات تتنافى مع كرامة الإنسان التي تنشدها الأمم والتي أسسوا عليها ميثاق حقوق الإنسان، تلك الكرامة التي جعلوها سببا لتمتيع الإنسان بجميع الحقوق التي تتوافق مع إنسانيته، وتسمو به عن مرتبة البهائم التي لا تعقل ولا تميز إلى مرتبة الإنسان العاقل الراشد، ومن مذلة العبودية والاضطهاد إلى شرف الحرية والعزة والكرامة، تلك الكرامة التي تقتضي تشريف الإنسان وتنزيهه عن كل ما يخل بمروءته وينقص من قدره ويفقده شهامته و عزته ورزانته.
إن المثلية إذا إخلال بكرامة الإنسان وحط من إنسانيته وتقويضلأسس بناء المجتمع، فهي معول لهدم الأسرة التي هي نواة المجتمع، تلك الأسرة التي لا يمكن أن تتشكل إلا من ذكر وأنثى، وذلك المجتمع الذي لا يمكن أن يقوم ولا أن يبقى إلا بتلك الأسرة، المكونة من الرجل والمرأة.
"المثلية" جريمة في حق المجتمع الإنساني:
إن المثلية إذا جريمة في حق المجتمع الإنساني، وذلك على اعتبار أن مدار جميع الحقوق التي جاء الميثاق العالمي لحقوق الإنسان للمناداة بها هو تحقيق الكرامة الإنسانية، وعلى اعتبار أن المثلية إخلال بهذه الكرامة وتجريد للإنسان من فطرته الإنسانية وتقويض لمجتمعه البشري، وإخلال بقيمه ومبادئه وفضائله التي تضمن له السلامة والاستمرار.
ومما يجب التنبيه إليه أن جرم "المثلية" الإنساني لم ينشأ فقط انطلاقا من كونه إخلالا بكرامة الإنسان، حيث يجرده من فطرته الإنسانية ويقوض مجتمعه البشري ويخل بقيمه ومبادئه وفضائله، التي تضمن له السلامة والاستمرار، كما لم ينشأ انطلاقا من انطباق مواصفات الجرائم ضد الإنسانية التي جاءت في نظام المحكمة الجنائية الدولية، التي حددتها في كل الأفعال المحظورة التي ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وإنما منشؤه ما يلي:
- كون المثلية تتضمن الفعل الفاحش (أو ما يسمى في القانون الجنائي بالعنصر المادي للجريمة) الذي يتنافى مع الفطرة الإنسانية المنسجمة مع الفطرة الكونية، التي تشترك فيها الإنسانية كلها، حيث أن المثلية تغير بهذا الفعل الفطرة الإنسانية وتشوهها.
- يضاف إلى هذا ما يلازم هذا الفعل الفاحش من انحلال أخلاقي يؤدي حتما إلى الانهيار الاجتماعي "الإنساني"، و معلوم أن الانحلال الخلقي جريمة أخلاقية ضد النظام العام، في أي مجتمع إنساني، وذلك وفق الفطرة التي جبل عليها الإنسان، في طبيعته الإنسانية .
- كون هذا الفعل يشكل خطرا جسيما على المجتمعات والكيانات الإنسانية، من حيث كونه يهدد نظام الأسرة "الإنسانية" التي لا يمكن أن تتكون إلا من جنسين مختلفين، أي اجتماع الذكر والأنثى، مما يفضي إلى الإخلال بنظام التناسل "الإنساني" الذي يؤول بالمجتمع "الإنساني" إلى الانهيار والفناء، إذا حرف السبيل الذي يؤدي إلى ازدياد النوع البشري.
- ويعظم جرم "المثلية" بمحاولة نشرها بهذه الصورة بين الأمم تحت ذريعة الحرية الشخصية، التي تدخل في إطار حقوق الإنسان الواجبة للأفراد، حيث يتم بذلك إلحاق الضرر بالمجتمعات الإنسانية كلها، فلا تسلم المجتمعات البشرية كلها من هذا الخطر الذي يهدد وجودها، حيث يلحق الخلل والفساد أسس نظمها الاجتماعية، كنتيجة لنشر هذه الفاحشة فيها.
- وعظم الجريمة يتجلى أكثر في وصفها بأنها حق من حقوق الإنسان، حيث أن هذا التمويه يصير الضرر حقا والمفسدة منفعة،لأن الحال هنا أنها بعيدة عن روح الحقوق الواجبة للإنسان، فهي مبنية على ميول شاذ مذموم يؤدي حتما إلى مفاسد صحية واجتماعية للأفراد والجماعات، في حين أن مناط الحقوق هو كل ما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة، ويحقق الكرامة الإنسانية.
- وتمويه هذا الفعل الإجرامي الذي هو الشذوذ وتبديله باسم "المثلية" دليل علي وجود القصد الجنائي في هذه الجريمة، فإرادة الجاني (وهو من ابتدع هذه التسمية الجديدة) إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها ونتائجها متوفرة، فيكون العنصر المعنوي للجريمة متوفرا، ويتمثل في عنصري العلم والإرادة.
- ولا شك أن هذه الجريمة عند المسلمين جناية عظيمة تترتب عليها عقوبة شديدة تناسب فظاعتها.
إن جرم "المثلية" جدير بأن يوصف بالجريمة الإنسانية اعتبارا لخطورتها الكونية، التي تتجلى في تهديد الكيانات الاجتماعية الإنسانية، وذلك نظرا لإضفاء البعد الإنساني عليها، فهي أكثر فتكا بالإنسان من الجرائم الإنسانية التي حددها نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، لأنها تمس نواة الكيانات الإنسانية.
ويكفينا دليلا على كونها جريمة وجناية إنسانية، تدمير الله تعالى لقوم لوط الذين ابتدعوا أصل هذه الجريمة، لأنها تخالف الفطرة الإنسانية.
والأحرى بالأمم التي تسعى إلى صيانة كرامة الإنسان أن تستنكر هذه الفاحشة النكراء، وأن تقف في وجه هؤلاء السفهاء الذين يلبسون المثلية ثوب الإنسانية ويعملون على نشرها بين العالمين، وذلك انتصارا للحق ودفاعا عن كرامة الإنسان وحفاظا على فطرته التي تضمن استمرار نوعه وبقاءه.
ولعمري إن هذا الدور منوط بالمسلمين، الذين كلفوا بتبليغ رسالة الحق إلى العالمين، رسالة دين الفطرة التي ترشد إلى الخير وتحث عليه وتنهى عن الشر وتحذره منه، فهي السبيل الوحيد لإنقاذ الإنسانية من الهلاك، لأنها هي الفرقان الذي يميز الحق من الباطل والفضيلة من الرذيلة والعفاف من الفحشاء والمعروف من المنكر.
وقد أثنى الله تعالى على هذه الأمة بهذه الخصلة فقال سبحانه:« كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» (سورة آل عمران:110).
بل يجب على كل الشرفاء في كل العالم أن يتظارفوا ويصدعوا في منبر الأمم باستنكار هذه الجريمة (الكونية)، التي يحاول السفهاء من الناس إشاعتها ونشرها في الكون، وأن يقوموا في مجتمعاتهم بالتوعية الشاملة بمخاطرها الاجتماعية والدينية والأخلاقية، وعواقبها الوخيمة، وأن يستعينوا بالوعاظ والمنصفين من الأطباء وعلماء الاجتماع، ومن أصحاب الرأي والفكر.
والله المستعان على ما يصفون وهو ولي التوفيق.
________________________________________
(1) تفسير المنارللشيخ محمد رشيد رضا بشيء من التصرف، في تفسير قوله تعالى:
«ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين » (سورة الأعراف:80-81).
( (2تفسير الطبري بتصرف.
(3) التحرير و التنوير لمحمد الطاهر بن عاشور بتصرف.
(4) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن قيم الجوزية رحمه الله:(ج2 :/ 41/ (43 بشيء من التصرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.