تفكيك خلية "داعش الساحل" .. هل ينهي نواة تنظيم متطرف بالمملكة؟    رئيس الحكومة يستضيف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بالرباط    الصناعة التقليدية.. 19,17 مليون درهم من الصادرات نحو الدول الاسكندنافية برسم سنة 2024    رصد 893 مليون محاولة تصيد احتيالي في 2024 وسط تصاعد التهديدات السيبرانية    بركة يترأس بالحسيمة مجلس إدارة وكالة الحوض المائي اللوكوس    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يزور العيون لتأكيد دعم فرنسا لسيادة المغرب على الصحراء    الوزير قيوح يترأس حفل توشيح موظفين ومستخدمين بأوسمة ملكية (صور)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ابتكار زراعي في الصين: صنف جديد من بذور اللفت يضاعف الإنتاجية ويرفع نسبة الزيت إلى مستويات قياسية    النفط يصعد وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أمريكية على إيران    بايرو يطلع على الفلاحة المغربية    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    مهمة علمية جديدة تبحث عن مواقع المياه على سطح القمر    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر    "ألبوم صامت" ينبه لقلق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير دولة الكويت بمناسبة العيد الوطني لبلاده    إحباط محاولة إغراق الناظور بالأقراص المخدرة "قرقوبي" عبر مليلية    أعمال عنف تستنفر أمن البيضاء    اعتقال جزائري في المغرب متهم بارتكاب جرائم خطيرة    توقيف ثلاثة أشخاص بإنزكان يشتبه تورطهم في ترويج مواد صيدلانية مهربة    طنجة.. توقيف شخص يشتبه تورطه في السياقة الاستعراضية بالشارع العام    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    استمرار الأجواء الباردة في توقعات طقس الثلاثاء    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه يحل بالعيون بالصحراء المغربية    طنجة تحت النيران: أسبوعٌ من الحرائق المتتالية يثير الرعب!    البواري يستقبل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية في الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    العداؤون المغاربة يتألقون في ماراثون اشبيلية    الطالب الباحث مصطفى المحوتي يناقش رسالة الماستر حول البعد التنموي لقوانين المالية بالمغرب    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباطرونا والنقابات... وثمن الانزياح
نشر في التجديد يوم 14 - 05 - 2014

قبل سنة وبضعة أشهر، جرى اتفاق على غير المعتاد بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب وبين المركزيات النقابية في ظرفية سياسية جد ملتبسة. ومع أن جزءا من خلفيات هذا الاتفاق العجيب كانت واضحة، إلا أننا فضلنا أن نقرأ الحدث من زاوية متفائلة منبهين في الوقت ذاته من مخاطر الالتباس في المواقع والأدوار والسقوط في الوظائف التي تعاند إرادة الإصلاح والسير في الاتجاه المعاكس للتحولات الاقتصادية العميقة التي يقبل عليها المغرب.
كنا نرجو أن يكون ذلك الاتفاق نقلة بعيدة تساعد على تعزيز القدرة التنافسية للمقاولة المغربية وتوفير السلم الاجتماعي وذلك بصياغة المواثيق المشتركة لحل الملفات الاجتماعية التي تعرفها بعض المقاولات المغربية على قاعدة الوساطة والتوافقات بين الطرفين من غير حاجة إلى تدخل الحكومة.
لكن، للأسف، أبرزت الوقائع اللاحقة أن هذا الاتفاق كان فارغ المضمون الاجتماعي، إذ لم ينجح في دفع "الشريكين" إلى التوصل لأي نتيجة تعود على الطبقة العمالية ببعض المكاسب، بل العكس تماما هو الذي وقع، إذ دعيت الحكومة مرة أخرى لتقوم بنفس الدور، أي دور الوساطة، لإقناع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالرفع من الحد الأدنى للأجور، وهو ما وافقت عليه في طاولة الحوار أمام المركزيات النقابية قبل أن تضطر إلى التنصل من هذا الالتزام ببلاغ فضلت أن تصوغه في فاتح ماي وذلك خارج طاولة الحوار الاجتماعي.
لا نريد أن نتشفى في اتفاق السنة الماضية بين النقابات والباطرونا، فقد تفاءلنا في تقييمه مع أن جميع المؤشرات كانت تؤكد بأن الخلفية السياسية كانت هي الغالبة، وأن الاتفاق من حيث المضمون الاجتماعي ولد ميتا، لكن المفارقة التي نريد تسجيلها اليوم، هي أنه في السنة الماضية وقع اللقاء بين الخصمين الشريكين لعزل الحكومة، واليوم، تبخر الاتفاق بين يدي طاولة الحوار الاجتماعي بشهادة الحكومة بسبب تنصل الاتحاد العام لمقاولات المغرب من التزاماته، هذا في الوقت الذي التزمت فيه الحكومة بقرارها رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع العام إلى 3000 درهم!
اليوم، وبعد الخروج الإعلامي لنائب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب السيد صلاح الدين القدميري على صفحات الزميلة "المساء" وضحت خيوط المفارقة، وبرز بشكل واضح السر في هذا الاضطراب في مواقف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إذ دفعت النتيجة التي آل إليها الحوار الاجتماعي، والوضعية الحرجة التي وضع فيها الاتحاد العام لمقاولات المغرب والتي ألجأت قيادته للتعبير عن التزامات اعتبر رجال الأعمال المنضوون تحته أنها تضر بمصالحهم، قيادات في الاتحاد مثل صلاح الدين القدميري إلى ممارسة النقد الشديد للنهج الذي تورط فيه الاتحاد العام لمقاولات المغرب وذلك حين انزاح عن موقعه ووظيفته كفاعل اقتصادي، وبدأ يمارس الفعل السياسي، لا فرق بينه وبين بقية الفاعلين السياسيين.
بعبارة واضحة، فإن السيد القدميري، يريد القول، بأن وظيفة هذه الهيئة هي الدفاع عن مصالح رجال الأعمال المنضوين تحتها، وأن قيادة الاتحاد، بدل أن تضع نصب عينها تقوية القدرة التنافسية للمقاولة المغربية، وإنقاذ الصناعة المغربية، والضغط على الحكومة لتطبيق توصيات مناظرة الصخيرات حول الإصلاح الجبائي، فإنها انحرفت عن دورها، وبدأت تبحث عن ممارسة الضغط باستعمال آليات الفاعل السياسي، وهو ما ورطها في أخطاء دفع الاتحاد العام لمقاولات المغرب ثمنها من صورته التي تهشمت في الحوار الاجتاماعي بسبب وضعية الارتباك والتراجع في الموقف بعد إبرام الاتفاقات بحضور الشركاء الثلاثة.
صحيح أن الخلاف داخل الاتحاد العام لمقاولات المغرب وارد، لكن، أن يصل الخلاف إلى حد التعبير عن التزام ينتفض عليه رجال الأعمال المنضويين للاتحاد، ويتم تدبيج بلاغ سريع ينقضه بهذه السرعة، ثم يأتي حوار من نائب السيدة مريم بن صالح بهذه الجرأة في النقد والصراحة في الحجة، فالأمر لا يمكن تفسيره إلا بكونه إقرار بفشل مقاربة تحويل الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى فاعل سياسي، إذ لم تجن هذه المقاربة إلا اهتزاز صورة هذا الاتحاد أمام النقابات التي أبرمت معه اتفاقا تشاركيا في السنة الماضية، وأمام الحكومة التي تم التعهد أمامها بتطبيق التزام الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص على مرحلتين ب 5 في المائة كل مرحلة، وأمام الرأي العام، الذي صار يتساءل عن الجدوى من إبرام الاتفاق السابق مع النقابات إن لم يكن هو النجاح في تحقيق هدف الرفع من الحد الأدنى من الأجور الذي يشكل مطلبا مركزيا لشريكها الاجتماعي.
على العموم، توجد النقابات اليوم على محك الاختبار، وسننظر كيف ستتعامل مع موقف الباطرونا، وهل ستنحرف هي الأخرى عن مواقعها ووظيفتها للتحول إلى فاعل سياسي يؤثث استراتيجيات نهج التحكم، فتخسر ما خسرته الباطرونا أو أكثر، أم أنها ستضطر إلى إعادة تقييم الموقف، والبحث عن التموقع الذي يخدم انحيازها إلى الطبقات الشعبية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.