اطلعت على ملف نشرته جريدة "أخبار اليوم" في عددها رقم 1343 ليومي 13 و14 ابريل 2014حول حركة الاصلاح والتوحيد وعلاقاتها بحزب العدالة والتنمية من اعداد الصحفي اسماعيل حمودي أحد أعضاء اللجنة التنفيذية سابقا لمنظمة التجديد الطلابي - التخصص الطلابي للحركة - والصحفي السابق بجريدة الحركة (التجديد) وقد استغربت لحجم التجني الذي حملته طيات الملف، وحياده عن طريق الانصاف وسلوكه مسلك المغالطة والتلفيق، ومجانبته للواقع والحقيقة... وقد استضاف الملف بعض الكتاب اثنان منهما اعضاء في الحركة ، وقد قالوا كلاما قد نتفق مع بعضه لكن المؤكد ان كثيرا منه مجانب للصواب ان لم نقل ان فيه تجنيا وقسوة على حركة يشهد الجميع بانفتاحها ومرونتها واعتدالها ووسطيتها سواء تجاه المسائل الدينية المثيرة للجدل أو في مواقفها من القضايا التي تهم الوطن والمواطن، والخلاصات التي يخرج بها القاريء عند قراءته للملف هي أن حركة التوحيد والإصلاح حركة جامدة ردئية لاتحسب لها حسنة واحدة. نعم ان النقد واجب وضروري لتقييم مسيرة أي حركة أو تجمع بشري كبيرا كان او صغيرا،لكن شرط أن يكون بناء وموضوعيا ومبنيا على أسس صحيحة تبرز الايجابيات وتقر بها كما تنبه الى السلبيات قصد معالجة مواطن الخلل وسد الثغرات التي قد تظهر في المسار العام للحركة، بعيدا عن التشهير وتصفية الحسابات، وإرواء غليل التشفي نقمة على شخص أو موقف هنا أوهناك. وفيما يلي وقفات هادئة مع أهم ما ورد في الملف المذكور: أولا: اتهام الحركة بانها سلفية، ومصطلح السلفية، كما هو معلوم من المصطلحات التي احيطت بقدر من الغموض،وعدم التحديد، وكل جهة تعتمد مفهوما مغايرا للأخر، فالبعض يعتز بالمصطلح ويعتبر السلفية مرحلة مباركة من تاريخ الأمة والبعض الآخر يحمل المصطلح أقسى معاني الثلب والتنقيص اذ يدل عنده على المحافظة والجمود، والرجعية، وهذا الوصف هو الذي تبناه المقال عندما وصم محاور الصحفي العضو في حركة التوحيد والاصلاح الدكتور محمد جبرون حركته بأنها "حركة كلاسيكية غير قادرة على تجاوز مسلمات العقل السلفي" مستدلا بموقفها من القيم والأسرة والإرث والاقتصاد، ولم يبين الاستاذ ما الذي يجب على الحركة ان تفعله بشان هذه القضايا، ولعله يشير الى الثوابت المعروفة يما يخص الاسرة كالحجاب وتبني الحركة لمفهوم الاسرة التقليدي، ورفضها لمقاربة النوع ودفاعها عن تفاوت نصيب البنت والإبن في الإرث ، أما الاقتصاد فربما يقصد مسألة تحريم الربا... كما يمثل الملف الصحفي - لتعزيز مزاعمه في اتهام الحركة بالسلفية بالمعنى القدحي، بقضييتين هما: الموقف من المرأة وحرية المعتقد، وهما قضيتان حساستان تحتاجان الى استقصاء كتابات ووقائع لمعرفة حيثيات الموقف، هل هو موقف ديني أم سياسي ؟ أعتقد أنه موقف سياسي بالدرجة الاولى لما لهاتين القضيتين من أثر في العلاقات الدولية، فطالما استغلت القوى الكبرى مقررات الأممالمتحدة ومؤتمرات المرأة والاتفاقات والمعاهدات الدولية للتدخل الخارجي في عملية التغيير المجتمعي والثقافي تحت شعارات الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، وتضغط هذه القوى على الدول من أجل إجراء تغييرات اجتماعية جوهرية،خاصة في مجال المرأة والأسرة، لذلك ففي إطار التدافع الحضاري للإسلاميين جميعا موقف صارم رافض لأي تدخل أجنبي في تغيير أو تعديل القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية، خاصة وأنها الوحيدة المتبقية المستمدة من الشريعة . والشيء نفسه يقال بالنسبة لحرية المعتقد، فالموقف منه سياسي بالدرجة الأولى حيت التوجس من التدخل الأجنبي بدعوى حماية الأقليات والخوف من اختراق المنظمات التنصيرية للنسيج الاجتماعي المغربي مستغلة الحاجة والفقر، ولا اظن الكاتب يتهم الدولة المغربية بالسلفية لأنها شرعت في القانون الجنائي(الفصل 220) معاقبة من يستعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة ... أما الموقف الديني والفكري،من المرأة خاصة، فمعروف أن الحركة تبنت اجتهادات المفكرين المسلمين المعاصرين كالشيخ محمد عبده ورشيد رضا، وقادة الحركة الاسلامية المعاصرين أمثال الغنوشي والترابي والقرضاوي وعبد الحليم أبو شقة... ولم تعترض لا عبر بياناتها أوثائقها أو اعلامها ،ولا من خلال أبحاث أو مقالات أو تصريحات منظريها أو قادتها أو حتى أعضائها العاديين علي أي من هذه الاجتهادات، بل العكس فقد رحبت بها وتبنتها، ونجحت في تنزيلها على الواقع ربما أفضل من الحركات الإسلامية التي ينتمي اليها المفكرون المذكورون. فقد أشركت الحركة المرأة في كل الأجهزة القيادية وطنيا وجهويا ومحليا، كما تجاوزت النظرة التقليدية للمراة، فعاملتها على قدم المساواة وساندت التوجهات المتقدمة في مدونة الأحوال الشخصية دون تحفظ...ولقيت أعمال القرضاوي والغنوشي والترابي وعبد الحليم ابو شقة الرواج والمدارسة في تجمعات الحركة الخاصة والعامة.. لكن الأكيد أن الحركة ترفض رفضا باتا الخروج عن الثوابت المنصوص عليها في القرآن والسنة ، وما أجمعت عليه الامة عبر اربعة عشر قرنا، والا لما كان هناك مبرر لوجودها أصلا، فتجاوز هذه الثوابت نظريا وعمليا في مجال القيم والأسرة والإرث والاقتصاد ...قد نهضت به الحركة العلمانية منذ انقلاب أتاتورك الى اليوم. يتصور الصحفي خلافا وهميا بين الحركة والعلامة الدكتور أحمد الريسوني، عندما قال بان الحركة تتحرج من اجتهاداته لأنها تتجاوز السقف الذي حددته لنفسها، وانا لا أعلم للدكتور الريسوني اجتهادات في تسوية الابن والبنت في الميراث، أو في تبنيه لمقاربة النوع في مجال الاسرة او في تحليله للربا...وكتبه ومقالاته معروفة للجميع كما أن تصريحات قادة الحركة معروفة ومنشورة، كما لم نعلم يوما أنه صار علمانيا يجتهد لتأويل الثوابت بدعوى الاجتهاد ، والا لما تعرض وما زال لحملات شرسة من قبل العلمانيين،و الدكتور الريسوني لازال عضوا في المكتب التنفيذي للحركة، وهناك احتمال كبير لرجوعه لرئاسة الحركة في المؤتمر المقبل،ولا يوجد بيان أو موقف معلن من الحركة ضد اجتهادات وأفكار الريسوني لانه تجاوز السقف الذي حددته لنفسها إن كان هناك سقف أصلا غير السقف الذي حدده الشرع. أما الدكتورسمير بودينار الذي نقل عنه الكاتب تصريحات عامة يتهم فيها حزب العدالة والتنمية بأنه يعتمد منطق التلفيق والمساومة لأنه والحركة يفتقدان الى دينامية التفكير الاستراتيجي، والى المراجعة المستمرة للرؤية السياسية باجتهاد وجرأة، فأظن انه خالف الصواب، فالحزب والحركة دائما المراجعة والاجتهاد في المراقبة والتفاعل مع الساحة السياسية، لذالك نجح الحزب في قيادة وتسيير الحكومة في ظرف خطير ودقيق بالنسبة للمغرب والعالم العربي، ولو كان ما قاله بودينار صحيحا لما تجاوزت حكومة الاستاذ بنكيران سنة في الحكم، ولذهبت مثلما ذهب غيرها في ظرف وجيز، وسبب استمرارها هو ما اورده بودينار في عقب كلمته التي ناقض بآخرها أولها، وهي ان الحزب وكذلك الحركة يمتلكان "رؤية واقعية في مستوى منتج لمواقف مغايرة أو بديلة حتى وأن بدت مخالفة أو تراجعا عن شعار سياسي او مخالفة لمادة في البرنامج الانتخابي، فذلك مقتضى الاجتهاد الذي ينتج التغيير المجتمعي والحضاري الاعمق والابقى"، فحضيا - الحزب و الحركة - باحترام المراقبين المنصفين من داخل المغرب وخارجه، سوى بعض الاحزاب المنافسة أو بعض المثقفين المهاترين الذين لا يعرف أحد ماذا يريدون وربما هم أنفسهم لا يعرفون ماذا يريدون... ثانيا: تردد في الملف على لسان المستجوبين الثلاثة انتقادات عامة لحركة التوحيد والإصلاح حول ثلاث مسائل أساسية والمسألة الثقافية أوالمعرفية، والاجتهاد ثم التنظيم: أ- المسألة الفكرية: أقول: يتصور البعض أن الحركات الإسلامية يجب عليها أن تنحرف عن مسارها وتغير برامجها والاهداف الرئيسية التي كانت وراء تأسيسها وهي الدعوة والتأطير التربوي والتكوين لتتحول الى ناد فكري يساير تيه بعض الكتاب أمثال الاخوة الذين شاركوا في الملف، لتحلق معهم في اجواء فكرية نظرية صورية، وتتماهى مع نزوات فردية تكونت لدى بعض الطلبة والاكاديميين من خلال متابعتهم للحركة الفكرية الحديثة فاستنتجوا بعض الآراء والنظريات التي تفتقد إلى التنظيم والتنسيق،وتحكمها غالبا المزاجية والنظرة الضبابية للاحداث والأفكار،فكلما قرا أحد كتابا أو اطلع على نظرية تماهى معها حالما بتنزيلها على الواقع، وغالبا ما تجد أمثال هؤلاء الكتاب لا يعرف ماذا يريد،فيعيش الاضطراب والتخبط والتناقض يرقص بين الحبال الفكرية فاقدا للبوصلة، فتجده تارة يساريا، وتارة ليبراليا، وتارة صوفيا، وتارة سلفيا...، وهي حالات تنتهي به غالبا الى العزلة والتيه الفكري... ولا قيمة للأفكار إن بقيت حبيسة الابراج العاجية، وأسيرة نوازع ذاتية وأماني مثالية في ذهن المفكر ولم تتحول الى حركة عملية من أجل إنقاذ الإنسان من براثن الضياع والاستلاب والقهر والاستبداد والفساد، ونقله الى عالم تسوده القيم النبيلة وتوجهه المعاني الفاضلة، وهذه هي مهمة الدعوة كما تمارسها الحركات الإسلامية عموما وضمنها حركة التوحيد والإصلاح ... إن الافكار والتأملات والانطباعات، المتداولة في المنتديات أو في المقالات والصحف، لإن شفت غليل البعض ، فإنها لن تطعم جائعا ولن تكسي عاريا ولن تحقق عدلا في الأرض ما لم تلقى من يحملها الى المجتمع، ويحولها الى عناصر فاعلة، تمتزج بمناهج التربية والاعلام في المجتمع، فصناعة الأفكار الكبرى ، مهمة المفكر،لكن صناعة نقلها من عقل وقلب المثقف الى المجتمع وعامة الناس من الأمة، فهي من اختصاص الداعية،كما يقول الاستاذ محمد طلابي. هذه الوظيفة التي بخسها ملف "أخبار اليوم" حقها، وصورها ناقصة متخلفة... كما أن الدعوة تنبني على مباديء ثابتة تتفرع عنها عقائد تضعف في النفوس فتحتاج الى من يعيد إحياءها عبر التذكير بها، وهذه مهمة الدعاة والوعاظ والمرشدين، والمفكرين أيضا ، وكذلك المبادئ الأخلاقية الثابتة والآداب والسنن الإجتماعية الفطرية ، تتعرض لعملية زعزعة واسعة، حيث تختفي معايير الفضيلة والتقوى والتطهر الأخلاقي وتحل محلها الرذائل، والممارسات المنحرفة والأخلاق السيئة ، فيحتاج الامر الى مصلحين اجتماعيين ومربين ربانيين يذكرون الناس بالفضيلة ويحذرونهم من الرذيلة وسوء الاخلاق المنذرة بانحراف الأفراد المؤدي الى خراب المجتمعات. وهذه المهام النبيلة لا تحتاج الى كثير تفلسف، ولا الى انزواء في مختبرات لصنع نظريات، بل يحتاج الى جهود ثلة من النساء والرجال والشباب الذين يهبون انفسهم لله، لا يبخلون بصحتهم وراحتهم وأموالهم وأولادهم في سبيل غرس القيم النبيلة، والدعوة الى معاني الخير في المجتمع، فبمثل هؤلاء تستقيم وتتقدم الأمم وتعالج أمراض النفوس وعلل المجتمعات. وهذا ما تقوم به حركة التوحيد والإصلاح حسب قدراتها وإمكاناتها المتاحة وظروفها المحيطة. ب - الاجتهاد: أما الاجتهاد الفقهي والتشريعي فليس بالبساطة والسذاجة التي تم الحديث عنه في الملف، فهو ليس من صلب أعمال الحركة ولا من مهامها الرئيسية، ولا يجوز بناء على ذلك تحميلها ما لم تلزم بها نفسها فضلا عن عدم قدرتها على ذلك ، فالحركة تنظيم حركي دعوي ، وفعالية من فعاليات المجتمع المدني، يسهم في تأطير المجتمع في أطار رؤيته للدعوة والتربية والتكوين ، هذا الاخير بمعناه البسيط وليس بالمعنى الاكاديمي المتخصص، والذي أغفله المتحدثون في ملف أخبار اليوم عن الاجتهاد هو انه مهمة كبرى،ومسؤولية عظمى يهم الامة بأسرها وليس وظيفة حركة او تنظيم بعينه، يجب ان ينهض بها الاكاديميون والعلماء والمؤسسات العلمية الرسمية وغير الرسمية المشهود لها بالكفاءة والقدرة والتخصص، لكن لا عذر للحركة إن لم تمتح من أحدث الاجتهادات الحقيقية المبنية والمؤسسة على أصول تابثة عير منبثة، وهو ما نظن أنها فعلته وتفعله باستمرار. والاجتهاد الذي تحتاجه الامة هو الاجتهاد الذي يعيد الى المعرفة الإسلامية حيويتها وتقدمها المستمر في طريق إنتاجها، وليس الاجتهاد الذي يكرس التبعية والتقليد، وترديد مقولات الآخرين واجترار ما عندهم من أفكار ومعارف وأساليب في الحياة. ج التنظيم: من خصائص الحركة الاسلامية الحديثة هو تبنيها لمفهوم التنظيم بوصفه جماعة من الناس ينسقون جهودهم وقدراتهم ومواهبهم ويعملون معاً نحو غاية مشتركة لضمان تحقيق الأهداف التي من أجلها نشأت المنظمة أو الحركة أو الجماعة بأقل ما يمكن من التنافر أو التضارب، وقد اعتمدت الحركة الاسلامية التنظيم بهذا المفهوم عموما كآلية عملية لتنسيق وترشيد وتنظيم الدعوة الى الاسلام في العصر الحديث، والتنظيم كما هو معروف يخضع لقواعد وأنماط سلوكية وقوانين معروفة داخل اطر نظرية وعملية بهدف ترشيد العمل وتوظيف الطاقات البشرية والمادية لتحقيق الاهداف المسطرة في برنامجه وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجهزة الشورية والتقريرية، وكون مهندس أو مفكر أو فقيه أو شيخ هو الذي يقود التنظيم في نظري أمر ثانوي، لأن المهم في التنظيم هو الأهداف المسطرة والمباديء الحاكمة ،وآليات التنفيذ العملية. وكأني بإثارة هذه الاشكالية يستحضر طارحها نموذج الجماعات الصوفية التي تلقي بقيادها الى شيخ له أتباع ومريدون يفكر نيابة عنهم وينظر لهم، وقد قطعت الحركة مع هذا النمط من التنظيمات عندما حلت ما يسميه الاستاذ عبد الاله بنكيران بعقدة النبوة عند المسلمين، وتبنت الانتخاب في المسؤوليات والشورى في اتخاذ القرارات، وأبدعت الحركة في قضايا التنظيم، اذ انتقلت من التنظيم البديل والشمولي المهيمن الى التنظيم الرسالي المفتوح الذي يتوزع الى مشاريع فرعية مبنية على الاستقلالية والمبادرة المسؤولة، يجد كل عضو أومتعاطف نفسه فيه، كل حسب تخصصه ورغباته. والأكيد أن الحركة لن تمنع المتهتمين بالفكر وطرح الأسئلة المعرفية من تنظيم أنفسهم والمبادرة في اطار المشروع العام للحركة ، وقد خطت الحركة لحد الآن خطوات يمكن أن يقف عليها كل منصف، وما المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة،الذي يشتغل في اطاره ثلة من الباحثين الالمعيين من اعضاء الحركة وغيرههم وكذلك مركز "مقاصد" للدراسات والبحوث الذي يشغل أحمد الريسوني منصب مديره العلمي. الا نموذجين يفنذان الكثير من الادعاءات التي وردت في ثنايا الملف.إضافة الى استحداثها للقسمين العلمي والفكري الذين يحتاجان الى مزيد من التفعيل والدعم. حتى وان سلمنا جدلا بأن ما قيل في الملف صحيح، فالسؤال الذي ينبغي ان يطرح ليس هو: لماذا لم تنجز تراكما في المعارف والاجتهادات لأنها كما قلنا ليست منتدى فكريا ولا مجمعا فقهيا بل السؤال الصحيح هو: هل وقفت ضد الاجتهاد والاشتغال بالفكر والعمل الثقافي والأكاديمي، ونبذته ووجهت ابناءها ضده، أم أنها تواضعت واعتبرت نفسها جزءا من مشروع عام وممتد عبر الزمان والمكان، تتدخل عدة جهات عالمية ومحلية، رسمية وغير رسمية ، في الإسهام في انجازه والحركة لا تمثل الا طرفا صغيرا داخله. ذلك ما لم يدركه المتحدثون في ملف أخبار اليوم ، فهم يظنون أن ترديد الأفكار حتى ولو كانت رائدة وتكثيف النقد الى جهة معينة كفيل بتحويلها الى عناصر فاعلة في المجتمع، ذلك لعمري وهم كبير، لأن الأفكار والنظريات مهما سمت، وأصابت الحقيقة تحتاج الى أطر عملية وتنظيمية تكثف الجهود وتنسقها لتصبح تيارا يسري في أوصال المجتمع بأسره، والقاعدة أن الداعين الى فكرة ما هو الذي يجب أن يكون أول العاملين لها والواهبين حياتهم في سبيل تحقيقها.